مصر بين «الذئاب المنفردة» ضد الأقباط والأجانب واستهداف الشرطة

خبراء أمنيون: ارتفاع وتيرة الإرهاب لتشتيت السلطات

فندق «صني دايز» بالغردقة على البحر الأحمر الذي شهد حادثة طعن سائحتين ألمانيتين (رويترز)
فندق «صني دايز» بالغردقة على البحر الأحمر الذي شهد حادثة طعن سائحتين ألمانيتين (رويترز)
TT

مصر بين «الذئاب المنفردة» ضد الأقباط والأجانب واستهداف الشرطة

فندق «صني دايز» بالغردقة على البحر الأحمر الذي شهد حادثة طعن سائحتين ألمانيتين (رويترز)
فندق «صني دايز» بالغردقة على البحر الأحمر الذي شهد حادثة طعن سائحتين ألمانيتين (رويترز)

خلال الأيام الماضية ارتفعت وتيرة الهجمات الإرهابية في مصر بشكل كبير، ما بين هجمات بالأسلحة الآلية على كمين للشرطة المصرية، وصولا لهجمات ضد الأقباط والأجانب بـ«سكين المطبخ وشفرات الحلاقة»، فخلال يومين قتل وأصيب شرطيون وسياح أجانب، ومدنيون، في استهداف لسيارة شرطة في البدرشين، ومنتجع سياحي في الغردقة، وكنيسة في الإسكندرية.
وبينما أرجع مراقبون تزايد النشاط الإرهابي إلى احتمال انضمام عناصر غير معروفة أمنيا للمجموعات الإرهابية، سواء مما يعرفون بـ«الذئاب المنفردة» أو أولئك العائدين من المناطق التي تعرضت فيها التنظيمات المتطرفة لضربات مؤثرة في ليبيا. قال خبراء أمنيون لـ«الشرق الأوسط» إن «تزايد موجة التطرف في مصر مؤخرا هدفها تشتيت انتباه السلطات المصرية، عن طريق القيام بأكثر من استهداف في أماكن متعددة في توقيتات متزامنة... وردا على موقف مصر الأخير الرافض للإرهاب وللتنظيمات المتطرفة».
وقطعت مصر والمملكة العربية السعودية والبحريين وعدد من الدول العلاقات مع قطر... وتقول القاهرة إن «قرار مقاطعة الدوحة جاء بعد تمسكها وإصرارها على اتخاذ مسلك مناوئ للدول العربية».
واعتبر العميد السيد عبد المحسن الخبير الأمني، إن «موقف مصر من الأزمة القطرية هو أحد أسباب انتشار الإرهاب». مؤكدا أن «ارتفاع موجة الإرهاب هدفه بث الرعب في نفوس المواطنين، وأن الجماعات المتطرفة تتبع استراتيجية (النكاية والإنهاك) حتى تسبب خسائر فادحة لمصر، خصوصا مع صعوبة تحديد الأماكن المستهدفة بالعمليات الإرهابية، وهو ما يسبب وقوع الكثير من العمليات الإرهابية التي تهز كيان الدولة ويضرب استقرارها ويهدد مواردها الاقتصادية... فضلا عن دفع الاستثمارات الأجنبية والسياحة للهروب، خوفا من تعرض مواطني الدول لتلك العمليات».
من جهته، قال اللواء كمال المغربي الخبير الأمني والاستراتيجي، إن «تزايد موجة التطرف في مصر مؤخرا هدفه تشتيت انتباه السلطات المصرية، عن طريق القيام بأكثر من استهداف في أماكن متعددة في توقيتات متزامنة»، مضيفا: أي نشاط مناهض له هدف وتخطيط، والهدف هنا هو التأثير على الرأي العام الداخلي والدولي والتأثير على أسر رجال الأمن، بحيث يكون هناك انطباع عام بأن الدولة لا تقوم بإجراءات الحماية العامة للمواطنين والمرافق، وهناك استهداف لأسر رجال الأمن أيضا».
وتأتي الهجمات الجديدة في وقت تواجه فيه مصر صعوبات في مجال إنعاش قطاع السياحة، الذي تأثر بتهديدات أمنية وسنوات من الاضطراب السياسي منذ عام 2011. بعد نحو عامين من إسقاط الطائرة الروسية فوق سيناء بعد إقلاعها من مطار شرم الشيخ، وهو الحادث الذي راح ضحيته 224 شخصا كانوا على متنها أغلبهم من السائحين الروس، وأعلن تنظيم داعش الإرهابي مسؤوليته عن الهجوم.
وفجر حادث اعتداء طالب على أجنبيات في الغردقة، وآخر اعتدى على حارس كنيسة في الإسكندرية، ترجيحات وجود «ذئاب منفردة» لـ«داعش» أو غيرها في مصر، وقال اللواء المغربي إن «كل التنظيمات التكفيرية والتيارات المنحرفة تتحرك لتجنيد الشباب، وتدفعهم إلى الزج بأرواحهم في وسط العمليات التفجيرية والوقوف في وجه كل مخالف حتى ولو كانوا آباءهم، فما يهمهم هو الحصول على درجة عالية من الشهادة المزعومة والجنة المكذوبة». وقام طالب (الجمعة) الماضي بالتعدي بسكين على 6 سائحين ما أدى إلى مقتل ألمانيتين، وإصابة آخرين من جنسيات مختلفة. وقام طالب آخر باقتحام كنيسة القديسين في سيدي بشر بمحافظة الإسكندرية، واعتدى على الحارس بـ«شفرة حلاقة» ما أسفر عن إصابته بجرح سطحي في رقبته.
ويشار إلى أن وزارة الداخلية في مصر أعلنت مؤخرا سيطرتها على 1350 صفحة إلكترونية حرضت على العنف. وأكدت مصادر أمنية أن «هذه الحسابات تخص أعضاء جماعة الإخوان الإرهابية ومناصرين لتنظيم داعش الإرهابي، يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي لترويج الأفكار الإرهابية المتطرفة، والتحريض على القيام بعمليات إرهابية منفردة ضد الأقباط والأجانب والشرطة والجيش».
ويشار إلى أن معظم التنظيمات الإرهابية تتواصل مع الشباب عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» و«تويتر»، للقيام بعمليات إرهابية بشكل مفرد دون الرجوع إلى التنظيم الأم، وهو ما يعرف باستراتيجية «الذئاب المنفردة».
وسبق أن دعا تنظيم داعش الإرهابي مناصريه والمتعاطفين معه للقيام بعمليات منفردة في دولهم ولو بسكين المطبخ دون الرجوع إلى قيادة التنظيم، وذلك عبر رسائل على الإنترنت. ويرى مراقبون أن «مخاطر جرائم الإنترنت تكمن في تداول المعلومات الخاصة بتكدير الأمن العام والدعوة إلى القيام بأعمال الإرهاب والعنف والشغب، واستهداف رجال الشرطة والجيش والقضاء والتحريض عليهم، والتدريب على صناعة المتفجرات».



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.