القبض على عصابة سطت على بنك في عدن

القطاع البنكي أوقف إضرابه والحكومة تعهدت بتوفير الحماية

TT

القبض على عصابة سطت على بنك في عدن

قرر القطاع البنكي في العاصمة المؤقتة لليمن عدن أمس فتح أبوابه والتوقف عن الإضراب الذي بدأه أول من أمس عندما أطلق صرخات استنجاد مطالبا الحكومة بتوفير الحماية الأمنية اللازمة، وهي الصرخات التي وجدت تجاوبا حكوميا سريعا.
وجاءت عودة العمل في القطاع المصرفي بعد التأكد من أن الأجهزة الأمنية التابعة للحكومة الشرعية ألقت القبض على عناصر أساسية في عصابة السطو المسلح التي هاجم أفرداها فرعا للبنك الأهلي في عدن الخميس الماضي. وصدر، خلال اجتماع جرى في عدن أمس بحضور القائم بأعمال البنك المركزي، نائب وزير المالية، ونائب وزير الداخلية، قرار بعودة العمل في البنك ومؤسسات الصرافة، وذلك «بناء على تجاوب الحكومة مع طلبات البنوك»، وتفعيل المتطلبات الأمنية.
وأكدت وزارة المالية اليمنية أنها باشرت تحركا سريعا لضمان عودة العمل في قطاع البنوك والصرافة، وهو ما تم فعلا قبل نهاية دوام أمس، متعهدة بإعادة بتوفير الحماية الأمنية اللازمة وإعادة المياه إلى مجاريها. وقال نائب وزير المالية الدكتور منصور البطاني لـ«الشرق الأوسط» إن عدن تتعرض لأعمال تخريبية وإرهابية تستهدف زعزعة الأمن والاستقرار في المناطق المحررة، لإيصال رسالة مفادها أن الحكومة الشرعية المدعومة من دول التحالف العربي عاجزة عن فرض الأمن». وأضاف أن ذلك لن يثني الحكومة الشرعية عن المضي قدما في بناء اليمن. وتابع أن «الأجهزة الأمنية التي تعمل حاليا على كشف جميع المتورطين في أعمال السطو المسلح، ستتولى توفير الحماية اللازمة للبنوك ومؤسسات الصرافة». وشدد على أن «البنوك عادت لمزاولة أعمالها المصرفية بنهاية الاجتماع الذي تم في البنك المركزي».
في هذه الأثناء، أكدت الحكومة الشرعية في عدن العمل على تنفيذ خطط أمنية عاجلة عبر تفعيل غرفة عمليات مشتركة تم تشكيلها بقرار من رئيس الدولة عبد ربه منصور هادي، فضلا عن تفعيل أقسام الشرطة والنيابات العامة والمحاكم، ومحاكمة كل المتهمين والمطلوبين، ومطاردة العناصر التي تريد زعزعة الأمن والاستقرار في عدن وباقي المحافظات. وأوضحت الحكومة أن رجال الأمن يبذلون جهوداً كبيرة في الميدان، قائلة إن الأمن أحبط عمليات إجرامية وألقى القبض على عناصر خطيرة، متعهدة بالقبض على كل أفراد عصابة السطو المسلح التي سطت الأسبوع الماضي على البنك الأهلي وتقديم المتورطين للعدالة.
وكانت الحكومة قد اجتمعت في وقت سابق باللجنة الأمنية العليا بحضور كبار قادة الجيش والأمن لمناقشة الجوانب الأمنية والاختلالات التي تحدث بين الحين والآخر، بهدف وضع خطط وآلية لضمان استتباب الأمن.
وتأتي هذه التطورات بعد أن قررت البنوك العاملة في عدن غلق أبوابها أمام عملائها، احتجاجا على ما قالت إنها أعمال سطو مسلح شهدتها، فيما أعلن مالكو محلات الصرافة بالعاصمة المؤقتة إضراباً شاملاً تضامناً مع البنك الأهلي. والتحقت شركات الصرافة بعدد من البنوك التي أغلقت أبوابها بعد دقائق من فتح أبوابها صباح أول من أمس، مطالبة بالحماية الأمنية لها من أعمال السطو المسلح.
وكانت عصابة مسلحة قد قامت بمحاولة فاشلة لتنفيذ عملية سطو مسلح على فرع البنك الأهلي بحي عبد العزيز بمديرية المنصورة في عدن، وقبل نحو شهر نفذت عصابة مسلحة عملية سطو على فرع شركة العمقي بمديرية الشيخ عثمان، وتمكنت من سلب 40 مليون ريال يمني (الدولار يساوي 350 ريالا يمنيا).
وأوضح الدكتور محمد حلبوب، رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي في اليمن، لـ«الشرق الأوسط» أن عصابة مسلحة مكونة من 10 أفراد يرتدون الزي الرسمي لقوات مكافحة الإرهاب تحملهم حافلة بيضاء من نوع «هايس» ولا تحمل لوحة أرقام، عمدوا لتنفيذ عملية للسطو المسلح على فرع البنك الأهلي في حي عبد العزيز عبدو الولي، في نحو الساعة السابعة و45 دقيقة من صباح الخميس الماضي. وبحسب حلبوب، فقد طلبت العصابة من الموظفين الانبطاح على الأرض ليتمكنوا من الدخول لمدير الفرع عبد الله سالم النقيب، وعند مواجهتهم للمدير طلبوا منه فتح الخزنة التي بها المبالغ المالية، لكنه رد عليهم بأن الخزنة لا يمكن فتحها إلا بثلاثة مفاتيح وأنه لا يملك سوى مفتاح واحد فقط، فأطلق المسلحون النار عليه وأصابوه في رأسه، كما أصابوا حارس الأمن غسان زيد المشوشي بطلقة نارية في رقبته، ولاذوا بالفرار بعد أن فشلت عملية السطو.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.