كازاخستان... «دبي» جديدة في قلب آسيا الوسطى

افتتاح مركز مالي في آستانة لجذب مزيد من الاستثمارات

كازاخستان... «دبي» جديدة في قلب آسيا الوسطى
TT

كازاخستان... «دبي» جديدة في قلب آسيا الوسطى

كازاخستان... «دبي» جديدة في قلب آسيا الوسطى

تواصل كازاخستان اعتماد مزيد من القوانين والتشريعات واتخاذ خطوات جديدة نوعية، بغية خلق أجواء للاستثمارات في البلاد ترقى إلى المستويات العالمية. وفي هذا الإطار من المقرر أن يتم افتتاح «مركز آستانة المالي» في العاصمة الكازاخية، بعد انتهاء معرض «إكسبو 2017»، ذلك أن المركز المالي سيتخذ من منشآت المعرض مقراً له.
وسيقدم ذلك المركز شروطاً إيجابية غير مسبوقة للمستثمرين، تشمل الإعفاء من الضرائب، وتسهيلات خلال الحصول على تأشيرات سفر وتصاريح عمل، وتقديم مكاتب للمستثمرين دون مقابل، وضمان المعايير الدولية لحماية الاستثمارات.
ويرى مراقبون أن «مركز آستانة المالي الدولي» سيكون مطابقاً لـ«مركز دبي المالي» الذي تم افتتاحه عام 2004، وتعمل فيه حاليا أكثر من ألفي شركة دولية في مجال المال والتأمينات.
وبعد افتتاح ذلك المركز، فإن آستانة ستكون أمام فرصة واقعية لتكرار نجاحات دبي، وتشير توقعات الخبراء الماليين إلى أن أجمالي الأثر التراكمي لافتتاح ذلك المركز في العاصمة الكازاخية، وتوسعاته الإقليمية، قد يصل حتى 40 مليار دولار خلال السنوات العشر المقبلة.
وأشار تقرير صادر عن المؤتمر العالمي للتجارة والتنمية إلى نمو كبير من جانب المستثمرين بالبلدان التي يمر اقتصادها بمرحلة انتقالية، وذلك على الرغم من تراجع عام بحجم الاستثمارات المباشرة خلال العام الماضي. ويؤكد التقرير أن الاستثمارات في اقتصادات تلك البلدان ارتفعت بنسبة 38 في المائة، وبلغت أحجامها نحو 58 مليار دولار أميركي، بما في ذلك تضاعف الاستثمارات في الاقتصاد الكازاخي من 4 مليارات دولار عام 2015 إلى 8.1 مليار خلال العام الماضي.
ويتوقع خبراء المؤتمر العالمي زيادة الاستثمارات في كازاخستان خلال العام الحالي بنسبة 5 في المائة. ومؤخراً أصدر البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية توقعاته للاقتصاد الكازاخي لعامي 2107 و2018. ووفق التقرير، فإن الناتج المحلي الإجمالي في كازاخستان سيحقق عام 2018 نموا بنسبة 3.5 في المائة، كما تأكدت التوقعات لنمو الاقتصاد الكازاخي عام 2017 بنسبة 2.4 في المائة.
وقال أغريس بريمانيس، مدير ممثلية البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية في كازاخستان، إن «الاقتصاد الكازاخي يتعافى بشكل جيد جدا بعد التباطؤ الناجم عن هزات خارجية. وتمكن من خلق أرضية مناسبة لمواصلة النمو، بفضل عملية الإصلاحات».
وعلى الرغم من الظروف التي يمر بها الاقتصاد العالمي، والوضع الذي تعاني منه روسيا، الشريك التجاري الأكبر لكازاخستان، بسبب العقوبات الغربية عليها، فإن المؤشرات الموضوعية تؤكد أن الاقتصاد الكازاخي يشكل مركزا إقليميا لجذب رؤوس الأموال. وفي عام 2016 وحده زادت قيمة رؤوس الأموال التي تدفقت على كازاخستان على 21 مليار دولار.
وبشكل عام، بلغت قيمة الاستثمارات الأجنبية في الاقتصاد الكازاخي نحو 242 مليار دولار خلال العقد الماضي. ولم تعد الاستثمارات تقتصر على مشاريع في مجالات الطاقة مثل النفط والغاز، وإنما تحولت نحو مشاريع في مجال البنى التحتية والمنشآت الصناعية، والإنتاجية، والعقارات، والمواصلات... وكثير من المجالات الأخرى.
ومعروف أن كازاخستان تعتمد إلى حد كبير في اقتصادها على الخامات الطبيعية، لا سيما عائدات النفط والغاز والصناعات التعدينية، ولذلك اعتمدت خلال السنوات الماضية استراتيجية للتحول نحو تنويع مصادر الاقتصاد.
ويبدو أن تلك الاستراتيجية قد حققت نتائج ملموسة، وتشير التصنيفات الأخيرة الصادرة عن مؤسسة «دوينغ بيزنس»، Doing Businees، لقياس ممارسة أنشطة الأعمال، إلى تقدم كازاخستان 16 نقطة، حيث حلت في المركز 35 على قائمة الدول الأكثر سهولة لممارسة الأعمال. بينما تقدمت 22 نقطة على قوائم البنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية الخاصة بالدول التي شهدت أهم التغيرات، والدول التي توفر حماية للاستثمارات.
ومنذ عام 2016 تعمل في كازاخستان محكمة استثمارات، تتيح للمستثمرين إمكانية حل النزاعات بسرعة وفعالية، والحصول على ضمانات قانونية لحماية استثماراتهم ورؤوس أموالهم.
ويشكل تأسيس محكمة خاصة للمستثمرين والاستثمارات تجربة فريدة من نوعها في «الفضاء السوفياتي» السابق.
وخلال العام الأول من عملها، نظرت تلك المحكمة بأكثر من 95 قضية. ولا يقتصر عملها على النظر في شكاوى المستثمرين الأجانب، بل تستقبل كذلك طلبات المستثمرين المحليين، ذلك أن التشريعات الكازاخية الخاصة بالأعمال لا تصنف المستثمرين إلى أجنبي ومحلي، وتمنح الجميع حقوقا متساوية. وإلى جانب تلك المحكمة، يمكن للمستثمرين التوجه إلى «ديوان المظالم» الخاص لحماية حقوقهم ومصالحهم.
من جانب آخر، قدمت السلطات الكازاخية كثيرا من التسهيلات للمستثمرين؛ منها مثلا الإعفاء من عدد من الرسوم الضريبية لفترة ما بين 8 و10 سنوات، وكذلك التعويض جزئياً عن النفقات، وامتيازات وتسهيلات في المناطق الاقتصادية الخاصة، هذا فضلا عن افتتاح «كوة موحدة»، وهي عبارة عن مركز يمكن للمستثمر أن يحل فيه كل القضايا التي تهمه، والحصول على أي تصريحات ووثائق بعيداً عن البيروقراطية.
وبالنسبة للمستثمرين، فإن اهتمامهم بالمساهمة في مشاريع في كازاخستان يعود إلى جملة عوامل؛ منها تفرد التجربة الكازاخية في الفضاء السوفياتي، لا سيما بقاء البلاد محافظة على استقرارها منذ التسعينات، في الوقت الذي ما زالت فيه بعض الجمهوريات السوفياتية السابقة أسيرة أزمات تلك المرحلة.
وساعد الاستقرار السياسي والاجتماعي على استقرار اقتصادي نسبي، وحافظ الاقتصاد الكازاخي على مستويات جيدة من النمو، على الرغم من كل الأزمات الاقتصادية والمالية العالمية. من جانب آخر، فإن الموقع الجيو - اقتصادي لكازاخستان يشكل بحد ذاته عامل جذب استثماري، فهي تقع بين روسيا والصين، وتشكل جزءا رئيسيا من الطريق التجارية ومحطة مهمة في التعاون بين البلدين، ناهيك بتعاونها مع كليهما، فضلا عن مكانتها المميزة التجارية والاقتصادية بين جاراتها في آسيا الوسطى، مما يجعل من آستانة مؤهلة لتكرار نموذج «دبي» في المنطقة.



هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
TT

هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)

في ظلّ الضغوط المتزايدة التي فرضتها العقوبات الغربية وارتفاع أسعار الفائدة بشكل مذهل، تتزايد المخاوف في الأوساط الاقتصادية الروسية من احتمال حدوث موجة من الإفلاسات التي قد تهدّد استقرار الكثير من الشركات، لا سيما في ظل استمرار الرئيس فلاديمير بوتين في التمسّك بحربه في أوكرانيا.

وفي كلمته خلال مؤتمر الاستثمار الذي نظمته مجموعة «في تي بي» هذا الشهر، لم يفوّت بوتين الفرصة للتفاخر بما عدّه فشل العقوبات الغربية في إضعاف الاقتصاد الروسي، فقد صرّح قائلاً: «كانت المهمة تهدف إلى توجيه ضربة استراتيجية إلى روسيا، لإضعاف صناعتنا وقطاعنا المالي والخدماتي». وأضاف أن النمو المتوقع للاقتصاد الروسي سيصل إلى نحو 4 في المائة هذا العام، قائلاً إن «هذه الخطط انهارت، ونحن متفوقون على الكثير من الاقتصادات الأوروبية في هذا الجانب»، وفق صحيفة «واشنطن بوست».

وعلى الرغم من التصفيق المهذّب الذي قُوبل به الرئيس الروسي، فإن التوترات بدأت تظهر بين النخبة الاقتصادية الروسية بشأن التأثيرات السلبية المتزايدة للعقوبات على الاقتصاد الوطني. فقد حذّر عدد متزايد من المسؤولين التنفيذيين في الشركات الكبرى من أن رفع البنك المركزي أسعار الفائدة لمكافحة التضخم -الذي تفاقم بسبب العقوبات والنفقات العسكرية لبوتين- قد يهدد استقرار الاقتصاد في العام المقبل. وقد تتسبّب هذه السياسة في تسارع موجات الإفلاس، لا سيما في القطاعات الاستراتيجية الحساسة مثل الصناعة العسكرية، حيث من المتوقع أن يشهد إنتاج الأسلحة الذي يغذّي الحرب في أوكرانيا تباطؤاً ملحوظاً.

حتى الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، أشار في منشور على شبكته الاجتماعية «تروث سوشيال» إلى أن روسيا أصبحت «ضعيفة جزئياً بسبب اقتصادها المتداعي».

تحذيرات من الإفلاس

ومع تزايد توقعات أن «المركزي الروسي» سيضطر إلى رفع الفائدة مرة أخرى هذا الشهر، انضم بعض الأعضاء المعتدلين في الدائرة الداخلية لبوتين إلى الانتقادات غير المسبوقة للسياسات الاقتصادية التي أبقت على سعر الفائدة الرئيس عند 21 في المائة، في وقت يستمر فيه التضخم السنوي في الارتفاع ليصل إلى أكثر من 9 في المائة. وهذا يشير إلى احتمالية حدوث «ركود تضخمي» طويل الأمد أو حتى ركود اقتصادي في العام المقبل. وبالفعل، يتوقع البنك المركزي أن ينخفض النمو الاقتصادي بشكل حاد إلى ما بين 0.5 في المائة و1.5 في المائة في العام المقبل.

كما تسبّبت العقوبات الأميركية الجديدة التي شملت فرض عقوبات على 50 بنكاً روسياً، بما في ذلك «غازبروم بنك»، وهو قناة رئيسة لمدفوعات الطاقة، في زيادة تكاليف المعاملات بين المستوردين والمصدرين الروس. وقد أسهم ذلك في انخفاض قيمة الروبل إلى أدنى مستوى له مقابل الدولار منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022. وقد أدى هذا الانخفاض في قيمة الروبل إلى زيادة التضخم، حيث ارتفعت الأسعار بنسبة 0.5 في المائة بين 26 نوفمبر (تشرين الثاني) و2 ديسمبر (كانون الأول)، وفقاً للبيانات الرسمية.

وفي هذا السياق، حذّر رئيس هيئة الرقابة المالية الروسية، نجل أحد أقرب حلفاء بوتين، بوريس كوفالتشوك، من أن رفع أسعار الفائدة «يحد من إمكانات الاستثمار في الأعمال، ويؤدي إلى زيادة الإنفاق في الموازنة الفيدرالية». كما انتقد الرئيس التنفيذي لشركة «روسنفت» الروسية، إيغور سيتشين، البنك المركزي بسبب ارتفاع أسعار الفائدة، مؤكداً أن ذلك أسهم في زيادة تكاليف التمويل للشركات وتأثر أرباحها سلباً.

وفي تصريح أكثر حدّة، حذّر رئيس شركة «روس أوبورون إكسبورت» المتخصصة في صناعة الأسلحة، سيرغي تشيميزوف، من أن استمرار أسعار الفائدة المرتفعة قد يؤدي إلى إفلاس معظم الشركات الروسية، بما في ذلك قطاع الأسلحة، مما قد يضطر روسيا إلى الحد من صادراتها العسكرية.

كما شدّد قطب صناعة الصلب الذي يملك شركة «سيفيرستال»، أليكسي مورداشوف، على أن «من الأفضل للشركات أن تتوقف عن التوسع، بل تقلّص أنشطتها وتضع الأموال في الودائع بدلاً من المخاطرة بالإدارة التجارية في ظل هذه الظروف الصعبة».

وحذّر الاتحاد الروسي لمراكز التسوق من أن أكثر من 200 مركز تسوق في البلاد مهدد بالإفلاس بسبب ارتفاع تكاليف التمويل.

وعلى الرغم من أن بعض المديرين التنفيذيين والخبراء الاقتصاديين يشيرون إلى أن بعض الشركات قد تبالغ في تقدير تأثير أسعار الفائدة المرتفعة، في محاولة للحصول على قروض مدعومة من الدولة، فإن القلق بشأن الوضع الاقتصادي يبدو مشروعاً، خصوصاً أن مستويات الديون على الشركات الروسية أصبحت مرتفعة للغاية.

ومن بين أكثر القطاعات تأثراً كانت صناعة الدفاع الروسية، حيث أفادت المستشارة السابقة للبنك المركزي الروسي، ألكسندرا بروكوبينكو، بأن الكثير من الشركات الدفاعية لم تتمكّن من سداد ديونها، وتواجه صعوبة في تأمين التمويل بسبب ارتفاع تكاليفه. وقالت إن بعض الشركات «تفضّل إيداع الأموال في البنوك بدلاً من الاستثمار في أنشطة تجارية ذات مخاطر عالية».

كما تحدّث الكثير من المقاولين علناً عن الأزمة الاقتصادية المتزايدة في روسيا. ففي أوائل نوفمبر، أشار رئيس مصنع «تشيليابينسك» للحديد والصلب، أندريه جارتونغ، خلال منتدى اقتصادي إلى أن فروعاً رئيسة من الهندسة الميكانيكية قد «تنهار» قريباً.

وفي الثالث من ديسمبر (كانون الأول)، أفادت وكالة «إنترفاكس» الروسية بأن حالات عدم السداد انتشرت في مختلف أنحاء الاقتصاد، حيث تأخرت الشركات الكبرى والمتوسطة بنسبة 19 في المائة من المدفوعات بين يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول)، في حين تأخرت الشركات الصغيرة بنسبة 25 في المائة من المدفوعات في الفترة نفسها.

وحسب وزارة التنمية الاقتصادية الروسية، فقد انخفض الاستثمار في البلاد، وتسببت العقوبات في ارتفاع تدريجي لتكاليف الواردات والمعاملات المالية، مما أدى إلى زيادة التضخم. كما قال مسؤول مالي روسي كبير سابق، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الموضوع: «ما يحدث هو صدمة إمداد نموذجية في البلاد».

صناعة الدفاع مهددة

تأتي هذه التحديات في وقت حساس بالنسبة إلى صناعة الدفاع الروسية. فعلى الرغم من ضخ بوتين مبالغ ضخمة من التمويل الحكومي في هذا القطاع، مع تخصيص 126 مليار دولار في موازنة العام المقبل، فإن معظم الزيادة في الإنتاج كانت ناتجة عن تعزيز القوة العاملة لتشغيل المصانع العسكرية على مدار الساعة وتجديد مخزونات الحقبة السوفياتية. ومع ذلك، ومع استمرار الحرب ودخولها عامها الثالث، وارتفاع خسائر المعدات العسكرية، فإن القوة العاملة في القطاع قد وصلت إلى أقصى طاقتها، وإمدادات الأسلحة السوفياتية تتضاءل بسرعة.

وتقول جانيس كلوغ، من المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، إن التكاليف المتزايدة والعقوبات المشددة على واردات المعدات تجعل من الصعب على قطاع الدفاع الروسي بناء الأسلحة من الصفر. ووفقاً لتقرير صادر هذا العام عن الباحثَين في المعهد الملكي للخدمات المتحدة بلندن، جاك واتلينغ ونيك رينولدز، فإن 80 في المائة من الدبابات والمركبات القتالية المدرعة التي تستخدمها روسيا في الحرب ليست جديدة، بل جُدّدت من المخزونات القديمة. ويضيف التقرير أن روسيا «ستبدأ في اكتشاف أن المركبات بحاجة إلى تجديد أعمق بحلول عام 2025. وبحلول عام 2026 ستكون قد استنفدت معظم المخزونات المتاحة».

ثقة الكرملين

على الرغم من هذه التحديات يبدو أن الوضع لا يثير قلقاً في الكرملين. وقال أكاديمي روسي له علاقات وثيقة مع كبار الدبلوماسيين في البلاد: «لا يوجد مزاج ذعر». وأضاف أن المسؤولين في الكرملين يعدّون أن «كل شيء يتطور بشكل جيد إلى حد ما». ووفقاً لهذا الرأي، فإن روسيا تواصل تحقيق تقدم عسكري، وفي ظل هذه الظروف، لا يرى الكرملين حاجة إلى تقديم أي تنازلات جادة.

وتزيد الاضطرابات السياسية في العواصم الغربية -بما في ذلك التصويت بحجب الثقة في فرنسا، مع التصويت المرتقب في ألمانيا، بالإضافة إلى اعتقاد الكرملين أن ترمب قد يقلّل من دعمه لأوكرانيا- من الثقة داخل روسيا.

وقد تصدّى بوتين لانتقادات متزايدة بشأن زيادات أسعار الفائدة ورئيسة البنك المركزي، إلفيرا نابيولينا، قائلاً في مؤتمر الاستثمار إن كبح جماح التضخم يظل أولوية بالنسبة إليه. ومع الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل البطاطس التي ارتفعت بنسبة 80 في المائة هذا العام، يواصل بوتين دعم نابيولينا وزيادات أسعار الفائدة، رغم شكاوى الشركات الكبرى. وقالت كلوغ: «من وجهة نظر بوتين، لا يمكن السماح للتضخم بالخروج عن السيطرة، لأنه يمثّل تهديداً لاستقرار النظام السياسي، ولهذا السبب منح نابيولينا تفويضاً قوياً».

لكن المستشارة السابقة للبنك المركزي، ألكسندرا بروكوبينكو، ترى أن الضغط من الشركات الكبرى لن يهدأ. وقالت: «عندما يكون التضخم عند 9 في المائة، وسعر الفائدة عند 21 في المائة، فهذا يعني أن السعر الرئيس لا يعمل بشكل صحيح، ويجب البحث عن أدوات أخرى. أولوية بوتين هي الحرب وتمويل آلتها، ولا يمتلك الكثير من الحلفاء، والموارد المتاحة له تتقلص». وأضافت أنه من المحتمل أن تتعرّض نابيولينا لمزيد من الضغوط مع استمرار الوضع الاقتصادي الصعب.

ومع تزايد الضغوط على بوتين، أصبحت الصورة في الغرب أكثر تفاؤلاً بشأن فرص التغيير في روسيا، وفقاً لمؤسسة شركة الاستشارات السياسية «ر. بوليتيك» في فرنسا، تاتيانا ستانوفايا.

وأضافت: «بوتين مستعد للقتال ما دام ذلك ضرورياً... لكن بوتين في عجلة من أمره. لا يستطيع الحفاظ على هذه الشدة من العمل العسكري والخسائر في الأرواح والمعدات كما كان في الأشهر الأخيرة».