الحكومة الإسرائيلية تطرح مشروع قانون لعرقلة الانسحاب من القدس

TT

الحكومة الإسرائيلية تطرح مشروع قانون لعرقلة الانسحاب من القدس

صادقت اللجنة الوزارية للتشريع في الحكومة الإسرائيلية، أمس، على مشروع القانون الأساس المسمى «القدس الموحدة»، وينص على أن أي مفاوضات حول تقسيم القدس أو الانسحاب من أي بقعة منها، تحتم مصادقة غالبية أعضاء الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، تصل إلى 80 نائبا من مجموع 120.
ويشترط مشروع القانون الذي قدمه حزب المستوطنين «البيت اليهودي»، موافقة ثلثي النواب في الكنيست على أي قرار للانسحاب من الشطر الشرقي للقدس المحتلة، حتى في إطار اتفاق سلام.
وجاء التسريع بالمصادقة على القانون، الذي كشف عن تباين في المواقف واختلاف وجهات النظر، بين الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحكومي، لدوافع سياسية واعتبارات انتخابية، فيما كانت القدس المحتلة في حالة توتر واحتقان لليوم الثالث على التوالي، بعد إغلاق المسجد الأقصى أمام الفلسطينيين، عقب الاشتباك المسلح الذي وقع في ساحات الحرم، وأدى على مقتل ثلاثة شبان من أم الفحم ومقتل شرطيين إسرائيليين، جميعهم من فلسطينيي 48.
وتبنت اللجنة الوزارية المقترح الذي قدمه وزير التعليم، نفتالي بينيت، بشأن تعديل «قانون أساس: القدس»، الذي يهدف أساسا، إلى وضع عراقيل لتقسيمها مستقبلا، وإفشال أي محاولة لتحقيق السلام على أساس الدولتين للشعبين. وعقب الوزير بينت على مصادقة اللجنة الوزارية على مشروع القانون، بالقول: «عبر إقرار هذا القانون سنمنع الوصول إلى وضع مثلما كان بالعام 2000 عندما أراد إيهود باراك، أن يسلم لعرفات المسجد الأقصى وأجزاء كبيرة من القدس القديمة».
وكان بنيت قد أعد الاقتراح سوية مع الوزير زئيف إلكين، من حزب الليكود، وهما اللذان يتنافسان على من يكون أسبق إلى إفشال حل الدولتين. واعتبر بينيت أن مشروع القانون سيمنع أي تقسيم للقدس، وكذلك سيمنع حتى تقسيمها بعد طرح استفتاء عام قد يوافق من خلاله الشعب على تسوية سياسية تقتضي تقسيم القدس. وجرى التصويت على القانون في اللجنة الوزارية، أمس، بعد التفاهمات التي توصل إليها حزب الليكود وحزب «البيت اليهودي»، والمتعلقة بالتصويت على القانون وإجراءات تشريعه في لجان الكنيست، والاستجابة لطلب عضو الكنيست موشي غافني، من «يهدوت هتوراه»، بأن تتم مناقشة مشروع مقترح القانون في جلسة خاصة للأحزاب المشاركة في الائتلاف، كون الحديث يدور عن قانون أساس.
يذكر أن مقترح مشروع قانون «القدس الموحدة» وإجراء الاستفتاء، يعتمد بالأساس، على المقترح الذي قدمه وزير سابق متطرف من الليكود، هو غدعون ساعر، في العام 2007. في زمن حكومة إيهود أولمرت. وقد حظي يومها بتوقيع الكثير من أعضاء حزب الليكود، وأيضا بنيامين نتنياهو، الذي كان رئيسا لكتلة المعارضة في حينه. وسيتم طرح المشروع على الكنيست في وقت لاحق، باسم حكومة نتنياهو، مما يعني إلزام الأكثرية الائتلافية بالتصويت عليه.
وترى أوساط سياسية إسرائيلية، أن من شأن مقترح القانون الجديد حول «القدس الموحدة»، أن يؤدي إلى توتر مع الإدارة الأميركية والرئيس دونالد ترمب، الذي يحاول تحريك المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، بحيث إن مقترح القانون يجعل التفاوض مع الجانب الفلسطيني حول القدس مسألة صورية.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.