رغم تمديد العقوبات... السودان يعلن مواصلة تعاونه الأمني مع أميركا

غندور: لا تعاون مع كوريا الشمالية استجابة لقرارات مجلس الأمن

TT

رغم تمديد العقوبات... السودان يعلن مواصلة تعاونه الأمني مع أميركا

أعلنت الحكومة السودانية عن استمرار تعاونها مع الولايات المتحدة الأميركية عبر الأجهزة والمؤسسات، مثل الخارجية والأمن والدفاع، مبرزة أن التعاون بين البلدين لن ينقطع بسبب القرار الرئاسي الذي جمد لجنة التفاوض، وأن قرار تمديد العقوبات لن يغلق الباب بين واشنطن والخرطوم، ولن يقطع العلاقات بينهما، كما أعلنت التزامها التام بقرارات مجلس الأمن الدولي بشأن كوريا الشمالية، وأنها أوقفت علاقاتها بهذه الدولة باعتبار الأمر شأناً أممياً.
وقال وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور في مؤتمر صحافي بالخرطوم أمس إن القرار التنفيذي الذي مدد بموجبه الرئيس دونالد ترمب أجل رفع العقوبات لن يقود إلى إغلاق باب العلاقات بين البلدين، موضحا أن التعاون بينهما سيتواصل عبر المؤسسات السودانية والأميركية، ولن يتوقف إلاّ بقطع العلاقات بين البلدين. وأرجع غندور القرار الذي اتخذه الرئيس عمر البشير أول من أمس بتجميد عمل لجنة التفاوض السوداني برئاسته حتى 12 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، إلى عدد من الأسباب، من بينها أنه قرار احتجاجي على التأجيل غير المبرر، وقال في هذا السياق «إن تجميد عمل لجنة التفاوض الحكومية له ثلاثة أسباب تتمثل في أن عمل اللجنة قد انتهى ولم يعد لديها ما تقدمه، وإن الرئيس ترمب حذف من الأمر التنفيذي الذي أصدره سلفه أوباما المادة التي تتفاوض اللجنة بموجبها، إضافة إلى أن التجميد قرار احتجاجي صحيح على التأجيل غير المبرر».
وأوضح غندور أن شطب المادة الـ11 من الأمر التنفيذي يجعل القرار بيد الرئيس ترمب وحده، وأن المؤسسات الأميركية، مثل المخابرات والخارجية والخزانة، لم يعد مطلوباً منها تقديم تقييم دوري للحالة السودانية للرئاسة، وتابع موضحا أن «القرار أصبح بيد الرئيس الأميركي بعد ثلاثة أشهر، والجهات التي كنا نتفاوض معها من خلال اللجنة المشتركة لم يعد مطلوباً منها تقديم التقارير، وبالتالي فإن قرار التجميد من جانب السودان لا يعني وقف التعاون».
وأكد رأس الدبلوماسية السودانية استمرار التعاون بين الأجهزة السودانية والأميركية، وقال بهذا الخصوص «للسودان سفارة في واشنطن، ولدى واشنطن سفارة في الخرطوم، ولدينا ملحق أمني هناك، ولديهم ملحق أمني في العاصمة السودانية، وكل هذه الأجهزة تمكن من التعاون... وجهاز الأمن والمخابرات السوداني والبنتاغون، مثال لهذه المؤسسات التي ستستمر في التعاون ولن يتوقف التعاون بيننا إلاّ بقطع العلاقات»، مشددا على أن الرئيس البشير جمد عمل اللجنة، ولم يجمد عمل المؤسسات.
وأبرز غندور أن حكومته تأمل في إلغاء العقوبات كلياً في أكتوبر المقبل، معتبراً مهلة الثلاثة أشهر فرصة لإدارة الرئيس ترمب لاتخاذ قرار برفعها، مشددة على أن حكومته ملتزمة بخطة المسارات الخمس خلال هذه الفترة، لأنها أصبحت أجندة وطنية والالتزام أصبح واجباً وطنياً وأخلاقياً، ولن تتوقف الأجهزة المعنية عن التعامل معها، وتابع موضحا «لكن التعاون فيها مع الطرف الآخر مرتبط بمسؤوليته، ولذلك أفرق بين المسارات الخمسة كمسؤولية وطنية وأخلاقية، وبين التعاون مع طرف آخر بشأنها».
وأوضح غندور أن العقوبات الأحادية أدت لحرمان المواطن السوداني الفقير الذي لا يستطيع تحويل مائة دولار لأهله، وحرمانه من الاحتياجات الضرورية، «دون أن يتأثر بها كبار المسؤولين إلى قدر كبير»، وأن المواطن السوداني حرم من احتياجات أساسية مثل قطع الغيار، والأجهزة الطبية، ومياه الشرب النقية، وتوقف العمل في أكثر من 66 بئر نفط، الأمر الذي جعل اللجان المشتركة تصل إلى أن العقوبات الأحادية أثرت على المجتمع السوداني.
وانتقد غندور إدراج ملف حقوق الإنسان ضمن المسارات الخمسة من قبل الخارجية الأميركية بقوله إن «حقوق الإنسان مسؤولية أخلاقية سودانية، وهي مكفولة... لدينا عدد من المعتقلين لا يتجاوز الخمسة، فيما يوجد ببعض دول في العالم الثالث معتقلون بعشرات الآلاف بل بالمئات، ونحن نفتخر بسجلنا في حقوق الإنسان، وبالتالي فإن قضية حقوق الإنسان وردت لإرضاء بعض الجهات التي تلفق ملف السودان، وللأسف بعضها من بيننا».
ووصف غندور علاقة السودان بأميركا أنها «علاقات دبلوماسية يشوبها التوتر بسبب العقوبات الاقتصادية»، بيد أنه قال إن حكومته ستحافظ على علاقتها مع واشنطن، ولن تحدد موقفاً إلى الثاني عشر من أكتوبر المقبل، قاطعاً بأن الخرطوم لن تسعى لتأجيج الشارع السوداني على خلفية تمديد العقوبات، وتابع قائلا: «لن تنزلق الأمور لمربع المواجهة على الأقل من جهتنا»، وذلك في إشارة لسخرية في وسائط التواصل الاجتماعي من قبول الحكومة السودانية للشروط الأميركية كافة.
كما جدد غندور دعوته لأميركا بالتراجع عن تأجيل العقوبات بقوله «نحن نتطلع إلى أن تراجع حكومة الولايات المتحدة قرارها، وأن تلتزم بما اتفقنا عليه»، نافياً أن يكون التزام السودان نابعاً من اعتبارات تمس سيادته.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.