لبنان يرحّل ثلاثة نمور سيبيرية بقرار من مجلس الوزراء

بعد أن هُربت من أوكرانيا عبر مطاره الدولي

تعد النمور الثلاثة من أضخم أنواع القطط عبر التاريخ
تعد النمور الثلاثة من أضخم أنواع القطط عبر التاريخ
TT

لبنان يرحّل ثلاثة نمور سيبيرية بقرار من مجلس الوزراء

تعد النمور الثلاثة من أضخم أنواع القطط عبر التاريخ
تعد النمور الثلاثة من أضخم أنواع القطط عبر التاريخ

وكأن لبنان لا يكفيه ما لديه من مشاكل بيئية وسياسية واجتماعية، لينشغل في الفترة الأخيرة بإيجاد حل لثلاثة نمور سيبيرية تم تهريبها من أوكرانيا عبر مطاره الدولي منذ مارس (آذار) الماضي.
هذا الموضوع الذي تابعه الرأي العام اللبناني، ولا سيما الجمعيات المهتمة بحماية الحيوانات في لبنان، منذ نحو خمسة أشهر، كان قد شغل أيضا السراي الحكومي، وبالتحديد رئيس مجلس الوزراء اللبناني سعد الحريري الذي أخذ على عاتقه إيجاد حل سريع له، خصوصا أن لبنان كان قد وقّع في عام 2013 على معاهدة الطيران الجوي، واتفاقية «سايتس» التي تتعلق بالتجارة الدولية والحفاظ على أنواع الحيوانات المهددة بالانقراض، وكذلك بالنباتات البرية. وبعد جهود حثيثة، صدر قرار عن مجلس الوزراء يقضي بترحيل النمور الثلاثة إلى فرنسا، وبالتحديد إلى محمية حيوانات تقع في مدينة ليون الفرنسية، على أن تتكفل شركة «طيران الشرق الأوسط» بإيصالها إلى هناك سليمة ومعافاة.
وكانت النمور الثلاثة، وهي من نوع «الهِرمَاس»، ولا يتجاوز عمرها سبعة أشهر، قد وصلت مطار بيروت الدولي من أوكرانيا، قبل نحو خمسة أشهر عبر شركة طيران أجنبية مقرها كييف في الرحلة التي تصل كل يوم ثلاثاء إلى بيروت. واللافت، أن بوليصة شحن النمور الثلاثة لم تذكر نوعها، بل اكتفت بالإشارة إلى أنها «حيوانات حية» ومستوردة لصالح أحد السوريين، عن طريق تاجر لبناني عُلم أنه تعهد بنقلها بالترانزيت إلى مطار اللاذقية في سوريا لصالح حديقة حيوانات يملكها أحد السوريين في ريف دمشق.
والنمور الثلاثة كانت موضوعة في صندوق خشبي بالكاد تستطيع الوقوف داخله؛ إذ يبلغ ارتفاعه 40 سنتمترا، في حين يبلغ ارتفاع كل نمر 60 سنتمترا. يومها نجحت جمعية «أنيمالز ليبانون» في الحصول على قرار من قاضي العجلة في بعبدا حسن حمدان، يقضي بتسليمها النمور الثلاثة؛ وذلك نتيجة وضعها الصحي وظروف الحجز القاسية داخل صندوق خشبي في عنبر الشحن داخل مطار بيروت؛ ما قد يؤدي إلى نفوقها.
وتعد هذه الهراميس وهي من نوع «النمر السيبيري»، أضخم سنّور حي عبر التاريخ ويبلغ سعر الواحد منها نحو 10000 دولار.
في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أكد جايسون، أحد المسؤولين في جمعية «أنيمالز ليبانون»، إلى أن الجمعية شعرت منذ البداية بأن هذه النمور وصلت لبنان بطريقة ملتبسة. مشيرا إلى أن المعضلة تكمن في عدم وجود أي أوراق رسمية مرافقة لها. موضحا: «إن ما تم ادعاؤه في هدف استقدام النمور لصالح حديقة حيوانات في ريف اللاذقية، لهو أمر مشكوك فيه؛ كون هذه المنطقة تعيش حالة حرب ودمار لا تخولها استضافة هذا النوع من الحيوانات الذي يتطلب عناية كبيرة». مضيفا: «استطاعت الجمعية فقط أن تعرف اسم من رافق النمور من أوكرانيا، في حين أنها لم تصل إلى الاسم الحقيقي لمصدرها، كما أننا نشكر رئيس الوزراء سعد الحريري، على اهتمامه بهذه المسألة بحيث إنه لم يوفر جهدا لإيجاد حل لها». وعما إذا كان هناك من إمكانية لاحتفاظ لبنان بهذه النمور، أجاب: «لا مجال لذلك؛ كونه لا يملك حديقة حيوانات حقيقية تستوفي الشروط المطلوبة لاستقبال حيوانات من هذا النوع؛ ولذلك كان من الأفضل ترحيلها إلى محمية تقع قرب مدينة ليون الفرنسية».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».