الكونغرس أمام تحدي إعادة صياغة «أوباماكير»

اعتقال أحد المتظاهرين ضد إلغاء «أوباماكير» (إ.ب.أ)
اعتقال أحد المتظاهرين ضد إلغاء «أوباماكير» (إ.ب.أ)
TT

الكونغرس أمام تحدي إعادة صياغة «أوباماكير»

اعتقال أحد المتظاهرين ضد إلغاء «أوباماكير» (إ.ب.أ)
اعتقال أحد المتظاهرين ضد إلغاء «أوباماكير» (إ.ب.أ)

يسعى الجمهوريون للتوصل إلى تسوية بشأن مشروع قانون الرعاية الصحية الذي طلب الرئيس دونالد ترمب من أعضاء الكونغرس تمريره قبل مطلع أغسطس (آب) المقبل لكنه يواجه مأزقا بسبب خلافات داخل معسكره.
وعاد أعضاء مجلس الشيوخ أمس (الاثنين) بعد عطلة عيد الاستقلال في 4 يوليو (تموز) الحالي، والتي دامت أسبوعا وعلى جدول أعمالهم صيغة جديدة من المشروع تقضي بإلغاء بعض مواد قانون الرعاية الصحية «أوباماكير» الذي أقر في عهد الرئيس السابق باراك أوباما.
وكانت صيغة أولى من مشروع القانون أقرت من قبل مجلس النواب في يونيو (حزيران) الماضي، لكن مناقشة صيغة معدلة منه في مجلس الشيوخ أرجئت في اللحظة الأخيرة بسبب معارضة عدد من أعضائه المحافظين والمعتدلين.
وافتتح زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل الجلسة أمس (الاثنين) من دون أن يكشف ما إذا كانت تمت تسوية الخلافات بين مختلف تيارات الجمهوريين. وقد فضل إدانة معارضة الأقلية الديمقراطية. وقال: «أشعر بالأسف لأن زملاءنا الديمقراطيين أظهروا أنهم لا يريدون العمل معنا».
وكان ترمب دعا الكونغرس إلى تمرير مشروع القانون قبل بداية أغسطس المقبل. وكتب على حسابه على «تويتر» «لا يمكنني تخيل أن يجرؤ الكونغرس على مغادرة واشنطن دون الموافقة كليا على قانون الرعاية الصحية الجميل». وهو يشير بذلك إلى العطلة الصيفية للكونغرس طوال أغسطس المقبل. وبذلك يكون لدى أعضاء الكونغرس مهلة من ثلاثة أسابيع قبل استئناف عطلهم، لكن عددا كبيرا منهم دعوا إلى إلغاء العطل الصيفية لتبني قانون بأي ثمن.
وذكر موقع «بوليتيكو» الإلكتروني أن صيغة جديدة من خطة الإصلاح التي يطرحها الجمهوريون يمكن أن تكشف الخميس في مجلس الشيوخ، على أن تناقش ويتم التصويت عليها الأسبوع المقبل. ولم يعرف ما إذا كان نحو عشرة من الأعضاء الجمهوريين المعارضين للخطة قد تراجعوا عن رفضهم هذا، بينما وعد الأعضاء الديمقراطيون بالتصويت ضده. وبما أن الجمهوريين يشغلون 52 مقعدا في المجلس والديمقراطيون 48 مقعدا، يبدو هامش المناورة ضيقا جدا.
وجعل ترمب من تعديل وتغيير قانون الرعاية الصحية المعروف باسم «أوباماكير» هدفا رئيسيا على أجندته. وبعدما صدرت عنه إشارات متناقضة، أصبح الرئيس الجمهوري يدعم تبني قانون يعدل النظام بالكامل. وكان قبل عشرة أيام يؤيد العمل على مرحلتين أولهما إلغاء القانون الديمقراطي الذي صدر في 2010 مما يؤثر على عشرات الملايين من الأميركيين، ثم صياغة قانون لإصلاح النظام الصحي وتبنيه. لكن الديمقراطيين يعارضون فكرة الإلغاء ولو جزئيا واقترحوا على الجمهوريين التخلي عن وعدهم هذا للتعاون بشأن قانون يصحح الثغرات في نظام «أوباماكير».
وقال زعيم الكتلة الديمقراطية تشاك شومر: «بعد أسابيع من العمل يبدو أن أصدقاءنا في الحزب الآخر لم يحصلوا على الأصوات الضرورية ليحققوا تقدما في مشروع قانونهم».
إلى ذلك، اعتقلت شرطة الكونغرس الأميركي في واشنطن أمس (الاثنين) 80 شخصا لتظاهرهم من دون ترخيص في مبان تابعة للكابيتول احتجاجا. وتوزع المتظاهرون على مجموعات صغيرة في أكثر من 13 موقعا في محيط الكابيتول فيها مبان تضم مئات المكاتب التابعة للبرلمانيين ومساعديهم. وأشارت شرطة الكابيتول في بيان إلى أنها اعتقلت 32 رجلا و48 امرأة لمشاركتهم في «مظاهرة غير قانونية».



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.