مشروع قانون للحكومة الإسرائيلية يضم 150 ألف يهودي إلى القدس

TT

مشروع قانون للحكومة الإسرائيلية يضم 150 ألف يهودي إلى القدس

طرح حزب الليكود الحاكم في إسرائيل، أمس، مشروع قانون يقضي بضم 150 ألف مستوطن يهودي إلى سكان مدينة القدس، ويتخلص من 100 ألف فلسطيني فيها، وذلك في إطار خطة تفضي إلى ضم أراض فلسطينية جديدة من المنطقة المحتلة عام 1967، وضمها إلى مساحة القدس الحالية، تمهيدا لضمها إلى إسرائيل.
ومع أن هذه الخطوة جاءت في إطار الصراع بين الليكود وبين حليفه حزب «البيت اليهودي» على أصوات اليمين الإسرائيلي، إلا أن الأرض الفلسطينية وأصحابها سيكونون الضحية.
وكان رئيس حزب البيت اليهودي، وزير المعارف نفتالي بينت، قد طرح تعديلا لقانون أساس القدس، الذي سيحبط التخلي عن أجزاء من المدينة في المستقبل. وبموجب اقتراحه لا يجري الانسحاب من أي بقعة من القدس في أي اتفاق سلام، إلا إذا حصل على 80 صوتا في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، من مجموع 120 نائبا. ولم يستطع الليكود السماح لنفسه بالبقاء في المؤخرة، ورد بمبادرة خاصة - مشروع قانون «القدس الكبرى» الذي يدعو لضم مستوطنات كبيرة إلى المدينة.
وقال خبير سياسي، إن قادة الليكود فهموا أن ضم مستوطنات إلى إسرائيل هو خطوة إشكالية سيواجهون صعوبة في اجتيازها في الوقت الحالي، محليا وعالميا. ولذلك عثروا على طريقة التفافية: ضمها إلى القدس. وقد طرح وزير المواصلات، يسرائيل كاتس والنائب يوآب كيش، على طاولة الكنيست، أمس، مشروع قانون يحول القدس إلى مدينة ضخمة ويضم إلى منطقة نفوذها 150 ألف مستوطن إسرائيلي ممن يعيشون في خمس مستوطنات تقع في مناطق الضفة الغربية: معاليه أدوميم، غبعات زئيف، غوش عتصيون، أفرات وبيتار عيليت. ولا يلغي القانون المقترح السلطات المحلية والآليات البلدية في هذه المستوطنات، بل على العكس، يحدد بشكل واضح، أنها ستبقى سلطات محلية مستقلة، ستواصل إدارة شؤونها بنفسها، بما في ذلك إجراء انتخابات لرئاستها، ولكن كل واحدة منها ستعتبر، في المقابل، بمثابة «مدينة متفرعة» عن القدس، ويمكن لسكانها المشاركة في انتخابات بلدية القدس. وهكذا، عمليا، لن يتم ضم هذه المستوطنات إلى إسرائيل، لكن سيتم ضمها إلى القدس.
وإلى جانب ترقية مكانة هذه المستوطنات، يمس القانون بأكثر من 100 ألف مواطن عربي في القدس الشرقية المحتلة، حيث يحدد مشروع القانون أن سكان مخيم اللاجئين شعفاط، وبلدتي كفر عقب وعناتا، سيخرجون من مسؤولية بلدية القدس ويتحولون إلى سلطات محلية مستقلة. وهذا يعني أن سكانها سيفقدون حقهم في التصويت لرئاسة بلدية القدس وعضويتها (وهو حق لا يستغله غالبية سكان القدس الشرقية حاليا). وقد بادر الوزير كاتس إلى هذه الفكرة قبل نحو عشر سنوات، والآن قرر النائب كيش تبنيها بعد فشله المتكرر هو والنائب بتسلئيل سموطريتش من تمرير اقتراح بضم معاليه أدوميم إلى إسرائيل.
والهدف الذي يسعى إليه كاتس وكيش، هو البدء بربط المصالح والموارد، على أمل أن يتمكنا من ضم 150 ألف يهودي إلى إسرائيل، وإخراج 100 ألف عربي منها. وعلم أن كاتس وكيش التقيا أخيرا، مع المستشار القانوني للكنيست، وتعاونا معه على صياغة القانون بشكل يصمد في اختبار المحكمة العليا. وقال الوزير كاتس، أمس، إن «الواقع السياسي لا يسمح لنا بفرض سيادتنا في هذه المناطق الآن، ولذلك سنقوم الآن بضمها إلى منطقة نفوذ القدس. وأنا أنوي الصراع بكل قواي شخصيا وبكل قوة أخرى، لكي يتم تمرير هذا القانون من دون أي تسوية».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.