السيسي يؤكد لعباس ضرورة إنهاء الانقسام وإحياء مسار السلام

اتفاق فلسطيني مع الجامعة العربية على عقد اللجنة المعنية بالمفاوضات قريباً

السيسي لدى استقباله عباس في القاهرة أمس («الشرق الأوسط»)
السيسي لدى استقباله عباس في القاهرة أمس («الشرق الأوسط»)
TT

السيسي يؤكد لعباس ضرورة إنهاء الانقسام وإحياء مسار السلام

السيسي لدى استقباله عباس في القاهرة أمس («الشرق الأوسط»)
السيسي لدى استقباله عباس في القاهرة أمس («الشرق الأوسط»)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال استقباله نظيره الفلسطيني محمود عباس في القاهرة أمس ضرورة إنهاء الانقسام الفلسطيني والاتفاق على رؤية موحدة لاستئناف مسار عملية السلام في الشرق الأوسط.
وقال السفير علاء يوسف المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية إن اللقاء شهد استعراضا لآخر تطورات القضية الفلسطينية وسبل إحياء عملية السلام، حيث أكد الرئيس السيسي موقف مصر الثابت وسعيها للتوصل إلى حل عادل وشامل يضمن حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة على حدود الرابع من يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
ونوه السيسي إلى أن القضية الفلسطينية تأتي دائماً على رأس أولويات مصر، وأن التوصل إلى حل لها يعد ركيزة أساسية لاستعادة الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، كما سيسهم في تهيئة المناخ اللازم لتحقيق التنمية والتقدم الاقتصادي بما يلبي طموح شعوب ودول المنطقة.
وأطلع الرئيس الفلسطيني خلال اللقاء الرئيس السيسي على الجهود التي تقوم بها فلسطين لحشد التأييد الدولي لموقفها الساعي إلى التوصل إلى حل الدولتين وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، مستعرضاً في هذا الصدد الجهود الأميركية لإحياء عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وأكد السيسي أهمية دفع الجهود الرامية للتوصل إلى تسوية للقضية الفلسطينية، مشيراً إلى أن مصر ستواصل جهودها لاستئناف المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
من جهته، أعرب الرئيس الفلسطيني تقديره للجهود التي تقوم بها مصر لدعم الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، مؤكداً أن مصر لم تدخر وسعاً من أجل إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، ودعمها التام لتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية وإنهاء الانقسام.
كما قدم خالص تعازيه لمصر في ضحايا الهجوم الإرهابي الأخير في سيناء، مؤكداً وقوف فلسطين إلى جانب مصر في حربها ضد الإرهاب وضد كل من يحاول المساس بأمنها واستقرارها.
بدوره، شدد وزير الخارجية المصري سامح شكري، خلال لقائه أبو مازن، على الموقف المصري الداعم للقضية الفلسطينية وأنها تأتي في مقدمة أولويات الدبلوماسية المصرية واتصالاتها على مختلف المستويات.
وأكد الوزير أن مصر ستواصل جهودها الرامية إلى إحياء المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي بهدف التوصل إلى حل عادل وشامل للقضية، يحفظ للشعب الفلسطيني حقوقه في إطار القرارات الدولية ذات الصلة.
وخلال اللقاء أطلع أبو مازن الوزير المصري على نتائج اتصالاته الأخيرة مع الجانب الأميركي خلال زيارة المبعوث الأميركي جرينبلات ومستشار الرئيس ترمب جيرارد كوشنير إلى رام الله مؤخرا، والجهود المبذولة لإحياء عملية السلام.
على صعيد متصل، بحث الأمين العام لجامعة الدول العربية والرئيس الفلسطيني آخر تطورات الاتصالات الجارية بشأن استئناف العملية السياسية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، كما عرض الرئيس الفلسطيني الموقف وأبعاد المواقف الدولية الحالية، بما في ذلك الاتصالات التي جرت مع الإدارة الأميركية.
وقال محمود عفيفي المتحدث الرسمي باسم الأمين العام إن أبو الغيط أشار إلى دقة الموقف عموما خلال المرحلة الحالية، مشددا على أهمية التمسك بثوابت الموقف الفلسطيني والعربي، وجوهره الالتزام بمبادرة السلام العربية دون تغيير لأولوياتها التي تقضي بإنهاء الاحتلال أولا قبل إقامة علاقات طبيعية بين الدول العربية وإسرائيل.
واستعرض الأمين العام أيضا خلال اللقاء أهم نتائج الاتصالات التي أجراها بشأن القضية الفلسطينية خلال زياراته الخارجية الأخيرة، خاصة إلى روما وموسكو، مؤكدا أهمية العمل على حشد أكبر قدر ممكن من التأييد الدولي للموقف الفلسطيني ولحل الدولتين، مضيفا أن المساعي الإسرائيلية لتطبيع علاقاتها الدولية، بما في ذلك مسعاها للانضمام لمجلس الأمن الدولي في العامين 2019 - 2020 يجب أن تقابل بإجماع دولي رافض، لا سيما في ضوء ما تظهره إسرائيل من استهانة مستمرة بمقررات الشرعية الدولية، بل وبالأمم المتحدة وما تمثله. واتفق خلال اللقاء على أهمية عقد اجتماع للجنة المبادرة العربية خلال الفترة القريبة المقبلة في إطار السعي للحفاظ على استمرارية التشاور والتنسيق العربيين حول الموضوع.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم