«التحالف الوطني» يطالب بتأجيل مؤتمر السُنّة

تمسك بموقفه الرافض لاستفتاء إقليم كردستان

TT

«التحالف الوطني» يطالب بتأجيل مؤتمر السُنّة

عقد التحالف الوطني الشيعي برئاسة عمار الحكيم وحضور رئيس الوزراء حيدر العبادي اجتماعا موسعا مساء أول من أمس، دعا فيه القوى المشرفة على مؤتمر «سنة العراق» إلى تأجيل المؤتمر المزمع عقده في بغداد منتصف الشهر الحالي تحت ذريعة «تهيئة أجواء وظروف مناسبة بعد استكمال تحرير الحويجة والأنبار». وجددت قوى التحالف الشيعي المجتمعة تمسكها بموقفها الرافض لأجراء استفتاء إقليم كردستان في سبتمبر (أيلول) المقبل، ورفضها تأجيل الموعد المحدد لإجراء الانتخابات المحلية والعامة.
ويرصد مراقبون محليون ملامح «القلق الشيعي»، من المؤتمرات التي تعقدها القوى السنيّة عموما، سواء في داخل البلاد أو خارجها. ويعبر عن ذلك القلق من خلال مواقف علنية رافضة يطلقها برلمانيون وساسة شيعة، تهاجم تلك المؤتمرات، بحجة «الخيانة والتآمر» في حال انعقادها خارج العراق، وبحجة حضور «مطلوبين» للقضاء العراقي في حال انعقادها في بغداد. كما يرصد كثيرون، أن «القلق» والخلاف حول مؤتمرات «سنة العراق» لا يقف عند حدود البيت الشيعي، بل يتعداه ليصل إلى البيت السني الذي ينقسم هو الآخر حول تلك المؤتمرات بين مؤيد ورافض. ويكشف عن ذلك «القلق» إعلان رئيس مجلس النواب السابق محمود المشهداني عن مؤتمر مماثل لسنة العراق يعقد الخميس المقبل، في موازاة مؤتمر 15 يوليو (تموز) برعاية رئيس مجلس النواب سليم الجبوري.
وكان المشهداني، قال أول من أمس، إن مؤتمر الخميس المقبل هو «مؤتمر عراقي بحت ينطلق تحت شعار نعم لدولة المواطنة وكلا لدولة المكونات، ولا يخضع لإرادات خارجية وهو هدية لجماهيرنا في المناطق المنكوبة»، بينما أشار رئيس مجلس النواب سليم الجبوري، في وقت سابق، إلى أن المؤتمر «يستهدف الوصول إلى تفاهم وحلول حقيقية للبلاد».
وكشفت مصادر قريبة من «اتحاد القوى» السني، لـ«الشرق الأوسط» عن «خلافات عميقة بين مكوناته، وتنافس حاد بين شخصيات بارزة فيه لتصدر المشهد السني بعد مرحلة (داعش)»، ويقول المصدر، إن «القوى السنية منقسمة في هذه الأيام إلى اتجاهين رئيسين، الأول يمثله رئيس مجلس النواب، ويشمل صالح المطلك ورافع العيساوي وآخرين، في مقابل اتجاه (قريب من القوى الشيعية) يمثله محمود المشهداني ومشعان الجبوري وآخرين». ويشير إلى أن مؤتمر 15 يوليو يحظى برعاية أميركية ودولية لتوحيد صفوف سنة العراق لمرحلة ما بعد «داعش».
إلى ذلك، قال النائب محمد نوري العبد ربه، إن «تحالف القوى» يدرس طلب تأجيل المؤتمر الذي تقدم به «التحالف الوطني»، لكنه يرى أن «الطلب غير ملزم». وقال: «اتحاد القوى يرغب في تأجيل المؤتمر في حال وجود مؤتمر آخر مواز، نحن لا نريد ذلك، ونسعى لعقد مؤتمر يكون خيمة للجميع بعد تحرير الموصل بالكامل». مضيفا: «نفكر في المستقبل بإقامة مؤتمر تشارك فيه جميع القوى السياسية العراقية».
وكانت مصادر صحافية أشارت إلى اجتماع عقد، الجمعة، بين رئيس مجلس النواب سليم الجبوري مع النائب والرئيس السابق لمجلس النواب محمود المشهداني تناول وضع «آلية لدمج المؤتمرين، والخروج بنسخة واحدة ترضي جميع الأطراف». من جهته، أكد القيادي في المجلس الإسلامي الأعلى فادي الشمري، أن اجتماع «التحالف الوطني» ناقش، أول من أمس «باستفاضة» موضوع المؤتمرات السنية وطالب بتأجيلها في المرحلة الحالية. وقال الشمري لـ«الشرق الأوسط»: «البيت الشيعي يدعم في الإطار العام المؤتمرات التي تعقد في بغداد، وينصح الشركاء بعدم الاستقواء في الخارج»، لكنه يرى أن توقيت المؤتمر في هذه الفترة «غير مناسب» لجهة أن «البلاد على أبواب نصر كبير، وقد بذلت الكثير من الدماء في هذا المسعى، ولا ينبغي أن نعود إلى مربع المؤتمرات الفئوية الممثلة لهذا المكون أو ذاك».
وأشار الشمري إلى أن «التحالف الوطني لا يفرض رأيه على بقية الشركاء، إنما يقدم لهم نصيحة وهم أحرار في قبولها أو رفضها ولا يقف حجرة عثرة في اتجاه أي مسعى».
وبشأن استفتاء إقليم كردستان المزمع، ذكر الشمري أن «موقف التحالف الوطني ثابت باتجاه رفضه، كما يرفض محاولات فرض الأمر الواقع، خاصة أن المجتمع الدولي والدول الإقليمية أبلغت الحكومة العراقية رفضها لموضوع الاستفتاء». كما أكد الشمري أن التحالف الوطني متمسك بموعد إجراء الانتخابات المحلية والعامة في موعدها ويرفض «مساعي البعض لتأجيلها».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.