وزير بريطاني عن اتفاق تجاري بعد «بريكست»: أميركا وحدها لا تكفي

ترمب قال إن البلدين يعملان على اتفاقية كبيرة وقوية جداً

رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي و الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ب)
رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي و الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ب)
TT

وزير بريطاني عن اتفاق تجاري بعد «بريكست»: أميركا وحدها لا تكفي

رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي و الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ب)
رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي و الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ب)

قال وزير العدل البريطاني ديفيد ليدينغتون أمس الأحد، إن إبرام اتفاق تجاري مع الولايات المتحدة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لن يكفي وحده لتعويض أثر الانفصال.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب التقى السبت مع رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، وقال إنه يأمل بأن تبرم الولايات المتحدة اتفاقاً تجارياً ثنائياً مع بريطانيا سريعاً.
وقال ليدينغتون لبرنامج «آندرو مار شو» الذي تبثه هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي): «لن يكفي ذلك وحده... لكنه سيكون أمراً جيداً جداً، وكذلك (إبرام) اتفاقات تجارية مع الاقتصادات الناشئة في آسيا وأميركا اللاتينية».
وهناك ضرورة للسعي للتوصل لاتفاق جديد بسبب خروج بريطانيا الوشيك من الاتحاد الأوروبي.
وليس هناك أي اتفاق تجارة منفصل بين أميركا وبريطانيا، حيث إن الأمور التجارية يتم التعامل بشأنها من قبل الاتحاد الأوروبي، منذ فترة طويلة بوصف بريطانيا عضوا فيه. ولم يقدم ترمب أي تفاصيل بشأن ما سينص عليه الاتفاق، لكنه كان ينتقد معظم الاتفاقيات التجارية.
وثمة خلافات بين ترمب والدول الاقتصادية الكبرى بسبب «أجندة أميركا أولا» التجارية.
وكان قد أعرب ترمب سابقا عن تفضيله لاتفاقيات تجارية ثنائية، بدلا من اتفاقيات واسعة متعددة الجنسيات، التي دفعت، على سبيل المثال لانسحاب أميركا من اتفاقية «الشراكة عبر المحيط الهادي» بعد وقت قصير من توليه منصب الرئاسة هذا العام.
وقالت رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، إن تعهد الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، يوم السبت، باتفاق تجاري سريع مع بريطانيا يعد «تصويتا قويا على الثقة» في مستقبل البلاد بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وقد عقدت ماي محادثات ثنائية مع كل من ترمب، ورئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، وزعماء آخرين، على هامش قمة مجموعة العشرين في هامبورغ بألمانيا.
وقالت ماي في بيان: «لقد عقدت عددا من اللقاءات مع زعماء العالم الآخرين خلال هذه القمة، وقد أثار إعجابي رغبتهم القوية في إقامة علاقات تجارية ثنائية جديدة طموحة مع المملكة المتحدة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي».
واعتبرت أن «هذا تصويت قوي على الثقة في السلع البريطانية، والخدمات البريطانية، والاقتصاد البريطاني، والشعب البريطاني، ونتطلع إلى البناء على هذه المحادثات في الشهور المقبلة».
وصرحت للصحافيين بأن حكومتها «لا تزال تعمل» على موعد لزيارة ترمب هذا العام، مضيفة أنه «حريص جدا على المجيء إلى لندن».
وتعهد ترمب بزيارة بريطانيا، رغم المعارضة البريطانية القوية لحظر دخول الولايات المتحدة لمواطني كثير من الدول ذات الغالبية الإسلامية، وانتقاداته الأخيرة لرد عمدة لندن صادق خان على الهجمات الإرهابية.
وقال رداً على سؤال حول زيارة محتملة: «سأذهب إلى لندن نعم»، وبسؤاله عن الموعد أضاف: «سنعمل على ذلك».
وذكر ترمب أنه أجرى «محادثات رائعة» مع ماي. وقال: «ليس هناك بلد يمكن أن يكون أقرب من بلدينا». وتابع أن البلدين «يعملان على اتفاق تجاري. اتفاق كبير جدا. اتفاق قوي جداً»، وأضاف أنه سيكون «عظيماً لكلا البلدين».
يأتي هذا في وقت نقلت فيه صحيفة «أوبزرفر» البريطانية عن مسؤولين في قطاع الأعمال قولهم في مقابلات نشرت الأحد إن الصناعات الألمانية ستمنح الوحدة الأوروبية أولوية على التجارة مع بريطانيا بعد بريكست.
وكان الوزير البريطاني المكلف شؤون بريكست ديفيد ديفيس أشار إلى أن قطاع الأعمال الألماني، بما في ذلك مصنعو السيارات، سيضغطون على الحكومة الألمانية لإبقاء التجارة مفتوحة مع أحد أهم أسواقهم في الخارج.
ولكن اثنتين من أكبر المجموعات الصناعية الألمانية دحضت ادعاءاته.
وقال ديتر كمف، رئيس اتحاد الصناعات الألمانية (بي دي آي) للصحيفة إن «الدفاع عن السوق الموحدة، بصفته مشروعا أوروبيا رئيسيا، يجب أن يكون في مطلع أولويات الاتحاد الأوروبي».
وأضاف: «يقع على عاتق الحكومة البريطانية مسؤولية الحد من الأذى على طرفي القناة» التجارية التي تربطها بالتكتل، مشيرا إلى أنه «خلال الشهور المقبلة، سيكون من الصعب بشكل استثنائي تجنب الآثار السلبية على قطاع الأعمال البريطاني تحديدا».
ومن جهته، أكد انغو كريمر رئيس اتحاد رابطات أرباب العمل الألمان أن الحصول على منفذ إلى السوق الموحدة «يتطلب قبول (مبدأ) الحريات الأربع» التي تكفلها وتتضمن حرية انتقال البضائع والأشخاص والخدمات ورؤوس الأعمال عبر الحدود.
وأضاف أن «المملكة المتحدة ستبقى شريكا غاية في الأهمية بالنسبة إلينا لكننا بحاجة إلى اتفاق عادل بالنسبة للطرفين يحترم هذا المبدأ». وأكد أن «تماسك باقي أعضاء الاتحاد الأوروبي الـ27 هو الأولوية القصوى».
وبدأت بريطانيا الشهر الماضي مفاوضات مع الاتحاد الأوروبي لوضع شروط خروجها من التكتل وتحديد جدول زمني محتمل لمناقشة اتفاق مستقبلي متعلق بحرية التجارة.
وتسعى رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي إلى إخراج بريطانيا من السوق الأوروبية الموحدة والاتحاد الجمركي للحد من حرية حركة الأشخاص عبر الحدود وعقد اتفاقات تجارية مع دول أخرى.
وعزز الرئيس الأميركي دونالد ترمب موقفها السبت عندما أعلن أن بلاده ستبرم اتفاقا تجاريا «قويا للغاية» مع لندن «بشكل سريع جدا» بعد بريكست.
وتواجه ماي ضغطا شديدا محليا بعد خسارة حزبها الغالبية المطلقة في البرلمان إثر انتخابات كارثية الشهر الماضي وسط شائعات بأنها تواجه دعوات إلى الاستقالة.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.