«حماس» تطلق تهمة «إساءة استخدام التكنولوجيا» لاعتقال المعارضين

اعتقال صحافيين في الضفة وغزة يسلط الضوء على واقع الحريات في فلسطين

TT

«حماس» تطلق تهمة «إساءة استخدام التكنولوجيا» لاعتقال المعارضين

أطلقت حركة حماس في الضفة الغربية حملة جديدة لاعتقال ناشطين ومعارضين لها، تحت بند الاعتقال بتهمة «إساءة استخدام التكنولوجيا»، وهو اتهام جديد وجهته الأجهزة الأمنية التابعة للحركة، ضد ناشطين وصحافيين ينتقدونها عبر شبكات التواصل الاجتماعي.
وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن أجهزة أمن «حماس» استدعت مؤخرا عددا من الصحافيين والناشطين، ووجهت لهم اتهامات من هذا القبيل، بالإضافة إلى تهمة القدح بالمقامات العليا. وكان أبرز الذين اعتقلتهم الحركة الناشط عامر بعلوشة، الذي دأب على انتقادها، واعتقل قبل ذلك قبل أن يطلق سراحه، لكنه يواجه هذه المرة اتهام «إساءة استخدام التكنولوجيا». ويأتي اعتقال بعلوشة ليضيفه إلى آخرين تحتجزهم «حماس»، بينهم فؤاد جرادة مراسل تلفزيون «فلسطين»، المسجون لدى «حماس» منذ نحو شهر، فيما تجري مطاردة آخرين.
وقالت مصادر إن الأجهزة الأمنية للحركة تطارد عددا من الناشطين بسبب منشورات وآراء على مواقع التواصل الاجتماعي. فيما يقول ناشطون إن قانون «حماس» الجديد يسلط الضوء أكثر على الانتهاكات ضد الحريات داخل الأراضي الفلسطينية.
وتضاعفت بشكل ملحوظ الانتهاكات بحق الصحافيين والناشطين منذ بداية شهر يونيو (حزيران) الماضي وحتى بداية الشهر الحالي، مقارنة بالأشهر الأخيرة، ليسجل أكثر من 57 انتهاكا في هذه الفترة الصغيرة.
وإضافة إلى الإجراءات في غزة، أثارت حادثة اعتقال صحافي في الضفة الغربية جدلا واسعا، وكذلك توقيف السلطات الصحافي جهاد بركات، مراسل فضائية «فلسطين اليوم» المحلية، في طولكرم أثناء وجوده بمقربة من موكب رئيس الوزراء رامي الحمد الله، الذي كان يمر بحاجز عسكري إسرائيلي في المنطقة، بتهمة أنه حاول تصوير الموكب في تلك اللحظة، ووجهت له النيابة العامة تهمة «الوجود في أماكن مشبوهة»، وأمرت بتمديد فترة اعتقاله 48 ساعة لحين استكمال التحقيقات، وهو ما أثار موجة غضب كبيرة، حيث اعتصم عشرات من الصحافيين أمام مقر مجلس الوزراء في رام الله، احتجاجا على ما وصفوه بـ«ازدياد الانتهاكات والتضييق على الصحافيين، واعتقال عدد منهم في الضفة الغربية وقطاع غزة»، ومن بينهم بركات الذي دشن له الصحافيون عبر شبكات التواصل الاجتماعي وسماً حمل اسم «وين جهاد؟».
وطالب الصحافيون الذين تظاهروا ضد حكومة التوافق الوطني بالضفة وأجهزة الأمن في غزة، بالإفراج الفوري عن 4 صحافيين معتقلين بالضفة وغزة، رافعين شعارات تطالب بالإفراج الفوري عنهم، خصوصا الصحافي بركات الذي اعتقل خلال عمله.
وشدد الصحافيون المحتجون على رفضهم الانتهاكات بحق الصحافيين، والاعتقال السياسي في كل الأراضي الفلسطينية، وطالبوا بمقابلة رئيس الحكومة رامي الحمد الله، إلا أن هذا الطلب قوبل بالرفض التام.
وقال الصحافي فارس الصرفندي إنه «من غير الممكن أن نصل إلى الحرية ونحقق أهدافنا الوطنية، دون أن نكون قادرين على إعطاء الحرية للصحافيين الفلسطينيين، ودون أن تكون لنا صحافة قادرة على أن تنقل ما يحدث بشكل حقيقي»، مؤكدا أن نقابة الصحافيين ترفض اعتقال أي صحافي تحت بند تهمة العمل الصحافي، أو اختراق الحريات، موضحا أن أي صحافي يرتكب جرما يحاسب عليه القانون يجب تحويله إلى القضاء والنيابة العامة.
وإضافة إلى بركات، تعتقل السلطة أحمد الخطيب، مصور فضائية «الأقصى» التابعة لحركة حماس.
ورصد «المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية (مدى)»، «حالة نادرة الحدوث جدا بعدد الانتهاكات الفلسطينية من قبل الأجهزة الأمنية»، موضحا أنها أكثر من انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي. كما رصد المركز خلال شهر يونيو الماضي 51 انتهاكا، ارتكبتها جهات فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، في حين ارتكب الاحتلال الإسرائيلي 10 انتهاكات فقط.
وقال المركز إن الارتفاع الملموس في عدد الانتهاكات الفلسطينية ضد الحريات الإعلامية جاء جراء حملة حجب واسعة استهدفت مواقع إخبارية مقربة أو تتبع أو تؤيد حركة حماس، والقيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان، نفذتها السلطة الوطنية الفلسطينية في الضفة الغربية، مشيرا إلى أنه تم حجب نحو 29 موقعا من دون أي قرار فلسطيني رسمي صدر للعلن، مشيرا إلى أن المواقع التي تم حجبها لم تتلق أي بلاغات رسمية أو شفهية بذلك، وفوجئت بالحجب.



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.