فصائل الجنوب ترحّب بالاتفاق الأميركي ـ الروسي

TT

فصائل الجنوب ترحّب بالاتفاق الأميركي ـ الروسي

يدخل اليوم الاتفاق الأميركي الروسي لوقف إطلاق النار في جنوب سوريا، حيّز التنفيذ. ورغم أن فصائل المعارضة السورية في الجنوب، لم تتخذ موقفاً موحداً من هذا الاتفاق بعد، فإنها رحّبت «بكل اتفاق يؤدي إلى وضع حدّ للمجازر وشلال الدماء، وتخفيف معاناة الشعب السوري»، مؤكدة أن يدها «ستبقى على الزناد، وعلى جهوزية تامة للردّ على أي خرق من جهة النظام وحلفائه».
الاتفاق الذي يشمل محافظات درعا والقنيطرة والسويداء برعاية أميركية - روسية - أردنية، يتضمّن «خفضاً دائماً للتصعيد في الجنوب السوري، وإنهاء الأعمال القتالية، على طول خطوط التماس بين فصائل المعارضة المسلّحة، وقوات النظام والمسلحين الموالين لها، وانسحاب الأخيرة من هذه الخطوط إلى ثكنات تابعة للنظام، وتجهيز مناطق لعودة اللاجئين من الأردن تباعاً إلى جنوب سوريا، وإيصال المساعدات الإنسانية إلى هذه المناطق التي تلتزم بوقف إطلاق النار».
وعشية سريان الاتفاق، اعتبر العقيد الركن خالد النابلسي، القائد العسكري لـ«جيش الثورة»، أن «اتفاق وقف إطلاق النار، والمنطقة الآمنة يتطابقان مع رغبة الثوار، الهادفة إلى الحفاظ على أرواح المدنيين، الذين يطالهم قصف نظام الأسد وحلفائه». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نثمن كل الجهود الدولية التي تهدف إلى تخفيف معاناة الشعب السوري وتجنبه مزيداً من الدمار والدماء»، مضيفا: «نأمل أن يشكل هذا الاتفاق فرصة لعودة المهجرين واستقرار الحياة ولو مؤقتاً». لكنه أوضح أن فصائل الجبهة الجنوبية «لم تتخذ موقفاً من الاتفاق». وأوضح أن الفصائل «تتابع الأمور لمعرفة تفاصيل وأهداف هذا الاتفاق، الذي لا بد أن يرتبط بجدول زمني وجهود لدفع عجلة الانتقال السياسي، وتحريك جمود محادثات جنيف، والعمل الجاد ليشمل كل الأراضي السورية، وإخراج إيران والقوات الأجنبية من كامل سوريا».
وأعلن قيادي في جبهة القنيطرة لـ«الشرق الأوسط»، أن «موقف الثوار من الهدنة التي ستنطلق غدا (اليوم) لا يختلف عن المواقف التي اتخذت حيال الهدن السابقة». ورحّب القيادي، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، بـ«أي أمر يؤدي إلى إيقاف المجازر وشلال الدم من شعبنا السوري، لكن إصبعنا على الزناد، وجاهزون للرد على أي خرق من جهة النظام وحلفائه، تماماً كما تصرفنا في جميع المرات التي كان النظام وحلفاؤه يخرقون الهدن»، مؤكداً أن «الهدنة المزمع انطلاقها ما كانت لتقبل بها روسيا، لولا صمودنا بوجه أشرس حملة منذ انطلاق الثورة، التي لم يجن النظام منها سوى جثث لجنوده وضباطه».
وأضاف القائد العسكري لـ«جيش الثورة»، أن «أصدقاءنا يحاولون جهدهم تجنيبنا دمار ما أمكن، ودعمنا ضمن ما يقره المجتمع الدولي، ونحن بدورنا نلتزم بكل القوانين والمواثيق الدولية، ونبحث عن تقليل الأضرار»، لافتاً إلى «عدم وجود موقف صريح أميركي حيال بشار الأسد ونظامه، في حين يقدّم الأميركيون أولوية مكافحة الإرهاب الذي يصنعه ويصدّره النظام ونحاربه، والآن يأتي اتفاق أميركي روسي، لوقف إطلاق نار لم يسمع بهذا الاتفاق حتى الاتحاد الأوروبي وغيره لم يسمعوا به»، لافتاً إلى أن «هذا الاتفاق في حال جرى تنفيذه، لم يكن لبصر النور، لو لم نلقّن النظام وحلفاءه ويلات محاولاتهم التقدم في درعا».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.