ضجة في إسرائيل بعد إدراج الخليل في لائحة «يونيسكو» للتراث العالمي

الخارجية الفلسطينية اعتبرت الخطوة نجاحاً لدبلوماسيتها... ونتنياهو يراها «قراراً سخيفاً»

منظر عام من مدينة الخليل (رويترز)
منظر عام من مدينة الخليل (رويترز)
TT

ضجة في إسرائيل بعد إدراج الخليل في لائحة «يونيسكو» للتراث العالمي

منظر عام من مدينة الخليل (رويترز)
منظر عام من مدينة الخليل (رويترز)

في الوقت الذي رحب فيه الفلسطينيون بقرار لجنة التراث في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو)، أمس، إدراج مدينة الخليل الواقعة جنوب الضفة الغربية المحتلة، على لائحة التراث العالمي، هاجم المسؤولون الإسرائيليون السلطة الفلسطينية واتهموها بـ«عمل كل شيء في سبيل إفشال الجهود لاستئناف عملية السلام»، واعتبروا مبادرتها إلى هذا القرار «استفزازاً عدائياً للتوراة ولليهود». فيما انتقد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو القرار واعتبره «سخيفاً».
وأعلنت «يونيسكو» عن البلدة القديمة في الخليل كـ«منطقة محمية» بصفتها موقعاً «يتمتع بقيمة عالمية استثنائية». وصوّت لصالح القرار خلال الجلسة، التي عقدت في مدينة خاركوف البولندية، 12 عضواً في «لجنة التراث العالمي» التابعة للمنظمة الأممية، مقابل معارضة 3 فقط، وامتناع 6 عن المشاركة في عملية التصويت.
وعممت وزارة السياحة الفلسطينية بياناً قالت فيه إن هذا التصويت، الذي جرى ضمن الدورة الحادية والأربعين لـ«اليونيسكو»، يجعل البلدة القديمة في الخليل رابع ممتلك ثقافي فلسطيني على «لائحة التراث العالمي» بعد القدس (البلدة العتيقة وأسوارها)، وبيت لحم (كنيسة المهد ومسار الحجاج) وبتير.
ووصفت رُلى معايعة، وزيرة السياحة والآثار الفلسطينية، الحدث بأنه «تاريخي»، لأنه يؤكد الهوية الفلسطينية لمدينة الخليل والحرم الإبراهيمي، ويثبت أنها تنتمي بتراثها وتاريخها إلى الشعب الفلسطيني، ويدحض الادعاءات الإسرائيلية التي طالبت صراحة بضم الحرم الإبراهيمي إلى الموروث اليهودي، بالإضافة إلى حماية الحرم الإبراهيمي ومحيطه من الاعتداءات الإسرائيلية والتهويد المستمر.
من جانبه، قال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، إن «هذا التصويت يعد نجاحاً لمعركة دبلوماسية خاضتها فلسطين على الجبهات كافة، في مواجهة الضغوطات الإسرائيلية والأميركية على الدول الأعضاء، وترويج الأكاذيب والإشاعات، وفشلاً وسقوطاً مدوياً لإسرائيل وحلفائها وماكينتها أمام تاريخ وأصالة مدينة الخليل الفلسطينية باعتبارها من أقدم مدن العالم المأهولة، التي سكنها الفلسطينيون منذ أكثر من 4 آلاف سنة قبل الميلاد».
وأضاف المالكي أنه «على الرغم من الحملة الإسرائيلية المحمومة وإشاعة الأكاذيب، وتشويه وتزييف الحقائق حول الحق الفلسطيني، فإن العالم أقر بحقنا في تسجيل الخليل والحرم الإبراهيمي تحت السيادة الفلسطينية وعلى لائحة التراث العالمي»، مشيراً إلى أن «احتلال إسرائيل لدولتنا لا يمنحها سيادة على أي بقعة من أرضنا بأي شكل من الأشكال».
في المقابل، عبر المسؤولون في إسرائيل عن سخطهم من هذا القرار، واعتبروا أن «اليونيسكو» منظمة معادية لإسرائيل ولليهود، ومنحازة للفلسطينيين على الدوام، وأن الخليل والحرم الإبراهيمي مرتبطان بالموروث الديني اليهودي، إذ قال وزير التربية والتعليم نفتالي بينيت، الذي شغل منصب عضو اللجنة الإسرائيلية لـ«اليونيسكو»، إن «قرار اليونيسكو معيب، فالرابط اليهودي للحرم الإبراهيمي أقوى من أي تصويت، وعلينا رفض القرار والعمل على تقوية مدينة الآباء»، واتهم المنظمة الأممية بإنكار التاريخ مرة تلو الأخرى، وأنها «تخدم من يحاول محو الدولة اليهودية عن الخارطة»، معلناً أن إسرائيل لن تعاود العمل مع «اليونيسكو».
من جهته، اتهم أفيغدور ليبرمان، وزير الدفاع الإسرائيلي، «اليونيسكو» بأنها منظمة معيبة ومعادية للسامية، وأن القرارات التي تتخذها مثيرة للجدل ومنحازة للفلسطينيين. فيما قال يائير لبيد، رئيس حزب «يوجد مستقبل» المعارض، إن «القرار ينكر التوراة. فهي التي تحدثت عن شراء أبينا إبراهيم منطقة الخليل».
أما نتنياهو فقال بنبرة غاضبة: «هذا قرار سخيف آخر اعتمدته منظمة اليونيسكو. وهذه المرة قررت اليونيسكو أن مغارة (المخبيلا) في مدينة حبرون (الخليل) عبارة عن موقع فلسطيني، أي أنه غير يهودي، وأن هذا المكان يتعرض للخطر». وأضاف متسائلاً: «أليس هذا موقعاً يهودياً؟! فمن هو الذي دفن هناك؟ أبراهام ويتسحاق ويعقوب وسارا وريفكا وليئا. هؤلاء هم آباؤنا وأمهاتنا. هذا الموقع يتعرض للخطر! في الأماكن التي توجد فيها إسرائيل، مثل الخليل، حرية العبادة مكفولة للجميع. وفي الشرق الأوسط يتم تفجير المساجد والكنائس والكنس، ويتم القيام بذلك في أماكن أخرى... سنواصل صون مغارة المخبيلا وضمان حرية العبادة للجميع وسنواصل أيضاً صون الحقيقة».
وصرحت وزارة الخارجية الإسرائيلية بأن قرار إدراج مدينة الخليل على لائحة التراث العالمي يشكل «وصمة عار» للأمم المتحدة، معتبرة أنه ينكر التاريخ اليهودي للمدينة، إذ كتب الناطق باسم الخارجية الإسرائيلية إيمانويل نحشون في تغريدة بعيد التصويت، أن قرار اليونيسكو حول الخليل «وصمة عار. فهذه المنظمة التي لا أهمية لها تروج للتاريخ الزائف... عار على اليونيسكو».
وكانت إسرائيل قد بذلت جهوداً كبيرة لتقليص حجم التأييد للقرار، وحاولت عرقلته عن طريق تجنيد عدد من الدبلوماسيين، وعلى رأسهم السفيرة الأميركية نيكي هايلي، وتمكنت من جعل التصويت سرياً، وهو ما اعتبرته إسرائيل السبيل الوحيدة لتحقيق الأغلبية، لكن نجاحها في جعل التصويت سرياً لم ينعكس على النتيجة إيجابياً، إذ صوتت أغلبية الدول مع القرار.
ويقطن مدينة الخليل ما لا يقل عن 200 ألف فلسطيني مقابل بضع مئات من المستوطنين الإسرائيليين، وتُعدّ واحدة من أقدم المدن العريقة التي ما زالت مأهولة في العالم، ويمتد تاريخها إلى أكثر من 6 آلاف عام. وتعاني البلدة القديمة فيها من إجراءات تعسفية إسرائيلية خانقة، تسببت في إغلاق شارع الشهداء، وكل المنطقة العربية المحيطة بالحرم، وطرد أصحابها منها، فيما يتاح لحفنة من المستوطنين اليهود التحرك بكامل الحرية، حتى عندما ينفذون اعتداءات على الفلسطينيين.
وفي أول ردود الفعل العربي حول هذا القرار، رحب الأردن بقرار «اليونيسكو»، إذ قال محمد المومني، وزير الدولة لشؤون الإعلام والناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية، في بيان أمس، إن القرار الذي تم تقديمه من المجموعة العربية في اليونيسكو، وبدعم عدد من الدول العربية والإسلامية والصديقة، يؤكد عدم شرعية الإجراءات والانتهاكات التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي في مدينة الخليل، مثلما تؤكد مواجهة المحاولات الإسرائيلية فرض وقائع جديدة في مدينة الخليل القديمة، وهي انتهاكات مرفوضة وغير قانونية. وأوضح المومني أن قرار وضع مدينة الخليل على لائحة مواقع التراث العالمي، سيسهم في حمايتها من المخاطر التي تهدد تراث المدينة من قبل الاحتلال الإسرائيلي، وقال إن الحكومة الأردنية تهنئ العرب والمسلمين في كل مكان بالعالم، مثلما تهنئ السلطة الوطنية الفلسطينية والشعب الفلسطيني بقرار لجنة التراث العالمي إدراج مدينة الخليل والحرم الإبراهيمي على قائمة التراث العالمي المهدد بالخطر.



اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.