النظام وروسيا ينتزعان «اتفاقات مصالحة» في القلمون

نشر نقاط عسكرية قرب خط الغاز في جيرود أبرز عوائق توقيع الاتفاق

صورة نشرها فصيل «أسود الشرقية» لمقاتليه وهم يواجهون «داعش» في القلمون الشرقي الصيف الماضي
صورة نشرها فصيل «أسود الشرقية» لمقاتليه وهم يواجهون «داعش» في القلمون الشرقي الصيف الماضي
TT

النظام وروسيا ينتزعان «اتفاقات مصالحة» في القلمون

صورة نشرها فصيل «أسود الشرقية» لمقاتليه وهم يواجهون «داعش» في القلمون الشرقي الصيف الماضي
صورة نشرها فصيل «أسود الشرقية» لمقاتليه وهم يواجهون «داعش» في القلمون الشرقي الصيف الماضي

وسّع النظام السوري دائرة التفاوض مع مقاتلي المعارضة السورية في ريف دمشق إلى القلمون الشرقي، حيث فرض شروطاً جديدة على المعارضة في جيرود، تمهيداً لاتفاق نهائي يشبه الاتفاقات السابقة في أحياء مدينة دمشق وريفها.
وقال مصدر سوري معارض لـ«الشرق الأوسط»، إن روسيا تقود المفاوضات و«تضغط لإتمام صفقات التفاوض في المنطقة»، لافتاً إلى أن الهدف هو «إعادة سلطة النظام إلى سائر المناطق في محيط العاصمة، وتوسيع رقعة الاتفاقات المحلية، وإبعاد مقاتلي المعارضة الرافضين للمصالحات إلى شمال البلاد»، مشيراً إلى أن ضباطاً روساً يشاركون في المفاوضات بشكل مباشر. وقال المصدر إن النظام «يضغط على المعارضة بالقبول عبر إجراءات أمنية وعسكرية، بينها إقفال الطريق الوحيد المؤدية إلى جيرود، أمس، إثر رفض ممثلين عن الفصائل التفاوض مع النظام في الاجتماع الذي كان مقرراً أمس الأربعاء، قبل أن تفتح قواته الطريق مرة أخرى إلى البلدة الواقعة في القلمون الشرقي».
وبعد يومين على اجتماع ضم وفداً من أهالي جيرود وممثلين عن الفصائل في دمشق، تسلم خلالها الوفد شروط النظام لإتمام الاتفاق، تعثرت المفاوضات صباح أمس، مما دفع النظام للتصعيد عبر إغلاق المنفذ إلى البلدة من جهة، والتصعيد العسكري من جهة أخرى، حيث استهدف النظام نقاطاً عسكرية لمقاتلي الجيش السوري الحر في منطقتي بئر الأفاعي وجبل الضبع في القلمون الشرقي.
ويشترط النظام إخراج جميع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة من المدن وإلغاء جميع المظاهر المسلحة فيها، وتفعيل الدوائر الحكومية، والسماح لجميع العمال والموظفين المفصولين أمنيا وطلاب الجامعات بتسوية أوضاعهم والعودة إلى عملهم وجامعاتهم، إضافة إلى القبول بتفكيك الحواجز والمقرات العسكرية النظامية والسماح للمهجرين بالدخول إلى المدينة، على أن تكون إدارة البلدة من خلال البلدية ولجنة مدنية صاحبة كفاءات تمثلها بالتشاور. كما يشترط النظام في البنود عدم السماح لأي مسلح غير راغب بالتسوية بالبقاء في المدينة بصفة عسكرية، مع احتفاظه بحق البقاء بوصفه مدنيا، وتفعيل كل من يرغب من المتخلفين أو المنشقين بحفظ أمن البلدة بإشراف السلطة المحلية وتشكيل مجموعات أمنية وحراسة لحماية المدنيين والدوائر الحكومية بإدارة السلطة المدنية.
وفي حين أعلن «مجلس القيادة الثورية» في مدينة جيرود، الموافقة على بعض البنود المتعلقة بتفعيل الدوائر الحكومية وإلغاء المظاهر المسلحة وحصرها في الجرود والجبل، بقيت نقاط خلافية عالقة، تمثلت في نشر قوات النظام نقاطاً عسكرية حول خط الغاز الذي يغذي محطة الناصرية الحرارية. وقال الناشط عبدو السيد لـ«الشرق الأوسط»: «طرحت البنود ولم يتم توقيع الاتفاق بعد»، لافتاً إلى أن المعارضة «ترفض بشكل قاطع أي مسعى لتهجير الناس من جيرود، سواء أكانوا مدنيين أو عسكريين»، كما «يرفضون أي وجود عسكري للنظام في داخل المدينة أو حول خط الغاز». وقال إن تفعيل التفاوض في هذا الوقت رغم وجود اتفاق مبدئي سابق وقع بين الطرفين قبل عامين «يأتي بعد 5 أشهر على طرد قوات الجيش السوري الحر لعناصر تنظيم داعش من القلمون الشرقي».
وأعلنت صفحة «قناة جيرود» أمس، تحديد موعد لاحق للاجتماع بين ممثلي البلدة والفصائل مع ممثلي النظام وروسيا. وأشارت إلى أن اجتماعاً عقد مساء أول من أمس ضم قادة الفصائل وأعضاء من «مجلس القيادة الثورية» والوفد المدني، وتم الاتفاق على تسليم النظام بنود الاتفاق، وأن مجلس القيادة والمدنيين موافقون على جميع البنود إلا البند المتعلق بانتشار الجيش عند خط الغاز، لأن هذا البند غير متعلق بجيرود فقط إنما متعلق بالجبل ومنطقة القلمون الشرقي بشكل كامل. ولفتت إلى أن هذا البند دفع الفصائل لمقاطعة الاجتماع مع النظام أمس، لأن النظام كان قد أخبرهم في وقت سابق بأنهم إن لم يوافقوا على البند المتعلق بالجيش، فإن الاتفاق كله ملغى. وأضافت: «لكن النظام والمسؤولين الروس لم يقابلوا الوفد المدني أمس، وأعلموهم بأن التفاوض على بند انتشار الجيش، يكون مع العسكريين».
ولاحقاً، أعلن ناشطون عن أن هناك «اجتماعات جارية من أجل تحديد موعد جديد للمفاوضات».
وكان النظام قبل عامين توصل إلى تسوية مع الفصائل في جيرود، وهي قوات «أحمد العبدو» و«جيش الإسلام»، لتأمين وصول الغاز من القلمون الشرقي إلى محطة الناصرية الحرارية التي تغذي جزءاً من العاصمة السورية ومحيطها بالكهرباء، وذلك عبر منع قطع الغاز في الأنابيب التي تمر عبر جيرود. ونشط النظام وروسيا المفاوضات حالياً بعد تقدم النظام في المنطقة والسيطرة على نقاط واسعة في البادية السورية، ومحاصرة جيرود والضمير، آخر مناطق سيطرة المعارضة في القلمون الشرقي، وهي مناطق محاصرة وخاضعة لاتفاقات سابقة مع النظام.
في غضون ذلك، من المقرر خروج عشرات المقاتلين المعارضين من بلدة الهامة بريف دمشق إلى الشمال السوري مطلع الأسبوع المقبل؛ «بناء على طلبهم»، كما قالت مصادر المعارضة لـ«الشرق الأوسط»، مشيرة إلى أن أعدادهم تتراوح بين 120 و150 مقاتلاً مع عائلاتهم «اتخذوا القرار بالخروج من المنطقة رغم الاتفاق الذي تم توقيعه قبل أشهر».
وقالت المصادر إن هؤلاء «لا يرغبون بالمصالحة مع النظام، بينما هناك مقاتلون وافقوا على أن يكونوا ضمن عداد اللجان الشعبية التابعة للنظام في المنطقة» التي تأسست ضمن بنود التسوية، وتضم مقاتلين معارضين يتولون الأمن الداخلي ويأتمرون من النظام.



مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
TT

مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)

بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في سلطنة عمان، الاثنين، ملفَ التوترات الأمنية في البحر الأحمر، مؤكداً أهمية سلامة الملاحة البحرية وحرية التجارة الدولية، وارتباط ذلك بشكل مباشر بأمن الدول المشاطئة للبحر الأحمر.

وحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية، أشار عبد العاطي إلى «تأثير تصاعد حدة التوترات في البحر الأحمر على مصر، بشكل خاص، في ضوء تراجع إيرادات قناة السويس».

وأدى تصعيد جماعة «الحوثيين» في اليمن لهجماتها على السفن المارة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، بداعي التضامن مع الفلسطينيين في غزة، إلى تغيير شركات الشحن العالمية الكبرى مسارها من البحر الأحمر، واضطرت إلى تحويل مسار السفن إلى طرق بديلة منها مجرى رأس الرجاء الصالح.

وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار (الدولار الأميركي يساوي 50.7 جنيه في البنوك المصرية) خلال العام المالي (2022 - 2023)، إلى 7.2 مليار دولار خلال العام المالي (2023 - 2024)، حسب ما أعلنته هيئة قناة السويس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وخلال لقاء الوزير عبد العاطي مع فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء، أشار إلى تقدير مصر الكبير للقيادة الحكيمة للسلطان هيثم بن طارق، وللدور الإيجابي الذي تضطلع به سلطنة عمان على المستويين الإقليمي والدولي.

وأكد عبد العاطي أهمية التعاون المشترك لتعزيز الأمن العربي، وحرص مصر على التنسيق والتشاور مع السلطنة لتثبيت دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة، لا سيما في ظل الاضطرابات غير المسبوقة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط على عدة جبهات.

وطبقاً للبيان، تناول اللقاء مناقشة عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، على رأسها القضية الفلسطينية واستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والجهود المصرية لاحتواء التصعيد في المنطقة، والتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، كما تم تبادل الرؤى حول الأوضاع في سوريا واليمن والسودان وليبيا.

وخلال لقائه مع بدر البوسعيدي، وزير خارجية سلطنة عُمان، في إطار زيارته الرسمية إلى مسقط، ناقش عبد العاطي مجمل العلاقات الثنائية والتنسيق المشترك حيال القضايا الإقليمية محل الاهتمام المشترك.

مباحثات سياسية بين وزير الخارجية المصري ونظيره العماني (الخارجية المصرية)

تناول الوزيران، حسب البيان المصري، أطر التعاون الثنائي القائمة، وسبل تعزيز مسار العلاقات بين مصر وسلطنة عُمان، والارتقاء بها إلى آفاق أوسع تنفيذاً لتوجيهات قيادتي البلدين.

وزار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مسقط، في يونيو (حزيران) 2022، بينما زار السلطان هيثم بن طارق القاهرة في مايو (أيار) 2023.

وأكد الوزيران على أهمية التحضير لعقد الدورة السادسة عشرة للجنة المشتركة بين البلدين خلال الربع الأول من عام 2025، لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات.

وشدد عبد العاطي على الأهمية التي توليها مصر لتطوير وتعزيز علاقاتها مع سلطنة عُمان، مشيداً بالعلاقات الوطيدة والتاريخية التي تجمع بين البلدين. وأشار إلى الاهتمام الخاص الذي توليه مصر للتعاون مع أشقائها في الدول العربية في مجال جذب الاستثمارات والتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، مستعرضاً برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الجاري تطبيقه في مصر، والخطوات التي تم اتخاذها لتهيئة المناخ الاستثماري وتوفير الحوافز لجذب الاستثمارات الأجنبية.

كما أشار إلى أهمية العمل على تعزيز التعاون بين المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وهيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بـالدقم، وكذلك الربط البحري بين ميناءي «الدقم» و«صلالة»، والموانئ المصرية مثل ميناء الإسكندرية وميناء العين السخنة وغيرهما، بما يعزز التبادل التجاري بين البلدين، ويساهم في تعميق التعاون بينهما في مجالات النقل الملاحي والتخزين اللوجستي، في ضوء ما تتمتع به مصر وعُمان من موقع جغرافي متميز يشرف على ممرات ملاحية ومضايق بحرية استراتيجية.

وفيما يتعلق بالأوضاع الإقليمية في ظل التحديات المتواترة التي تشهدها المنطقة، ناقش الوزيران، وفق البيان المصري، التطورات في سوريا، والحرب في غزة، وكذلك الأوضاع في ليبيا ولبنان، وتطورات الأزمة اليمنية وجهود التوصل لحل سياسي شامل، وحالة التوتر والتصعيد في البحر الأحمر التي تؤثر بشكل مباشر على أمن الدول المشاطئة له، كما تطرق النقاش إلى الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي والتطورات في السودان والصومال.

وأكد البيان أن اللقاء عكس رؤيةً مشتركةً بين الوزيرين للعديد من التحديات التي تواجه المنطقة، وكيفية مواجهتها، وأكدا على أهمية تعزيز التعاون بين البلدين والحرص على تكثيف التشاور والتنسيق بشأن مختلف القضايا، كما اتفق الوزيران على تبادل تأييد الترشيحات في المحافل الإقليمية والدولية.