الدول الداعية لمكافحة الإرهاب: لا تسامح مع الدور التخريبي لقطر

وزراء خارجية السعودية والإمارات ومصر والبحرين وضعوا 6 مبادئ لمواجهة تمويل التطرف... وأكدوا تهاون الدوحة مع جذور المشكلة

وزراء خارجية السعودية ومصر والإمارات والبحرين خلال مؤتمرهم الصحافي في القاهرة أمس (إ.ب.أ)
وزراء خارجية السعودية ومصر والإمارات والبحرين خلال مؤتمرهم الصحافي في القاهرة أمس (إ.ب.أ)
TT

الدول الداعية لمكافحة الإرهاب: لا تسامح مع الدور التخريبي لقطر

وزراء خارجية السعودية ومصر والإمارات والبحرين خلال مؤتمرهم الصحافي في القاهرة أمس (إ.ب.أ)
وزراء خارجية السعودية ومصر والإمارات والبحرين خلال مؤتمرهم الصحافي في القاهرة أمس (إ.ب.أ)

أعرب وزراء خارجية الدول الداعية لمكافحة الإرهاب، السعودية ومصر والإمارات والبحرين، أمس، عن أسفهم للرد القطري السلبي على مطالبهم المتعلقة بوقف دعم الجماعات الإرهابية وزعزعة الاستقرار في المنطقة، مؤكدين أن الدوحة «أظهرت تهاونا وعدم جدية في التعاطي مع جذور المشكلة... وأنه لم يعد ممكنا التسامح مع الدور التخريبي الذي تمارسه» بعد الآن، وأعلنوا عن جلسة مشاورات مقبلة في البحرين.
واجتمع الوزراء الأربعة في القاهرة أمس، لدراسة الرد القطري على مطالب أرسلتها دولهم للدوحة عبر الكويت التي تتوسط لحل الأزمة. وقطعت الدول الأربع علاقاتها مع قطر الشهر الماضي متهمة إياها بدعم وتمويل الجماعات المتشددة. ووضع الوزراء أمس 6 مبادئ لمواجهة تمويل التطرف والإرهاب، تضمنت التزام الدوحة بمكافحة التطرف، وإيقاف عمليات التحريض على العنف والإرهاب، والالتزام بمواثيق اجتماع الرياض 2014، والالتزام بمقررات قمم الرياض التي عقدت في مايو (أيار) الماضي بمشاركة أميركية، كما أكدوا على المسؤولية الدولية في التصدي للإرهاب ومموليه. وأكد الوزراء أن الرد القطري سلبي، ويفتقر إلى أي مضمون، ولا يضع أسسا للتراجع، مشيرين إلى أن بلدانهم «لن تتسامح مطلقا مع الدور التخريبي لقطر».
وقال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، خلال مؤتمر صحافي مشترك عقد أمس في ختام الاجتماع المغلق، إن «المقاطعة مع قطر مستمرة لحين الالتزام بالصف العربي»، مشيرا إلى أن المشاورات في هذا الشأن ستستمر، «وسيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة في حينها». وحول علاقة قطر بإيران قال: «هذا ليس بمستغرب... فإيران الراعي الأول في العالم للإرهاب»، مشددا على أن «أي دولة ستتعامل معها ستكون النتيجة سلبية»، وتابع: «لا توجد أي مصلحة في التعامل مع إيران، هي دولة راعية للإرهاب وهي شبه خارجة على القانون الدولي ومعزولة في العالم، فلا نستغرب أنها تحاول التقرب إلى قطر».
وأضاف وزير الخارجية السعودي أن «هناك علاقات متينة مع كثير من دول العالم، استطاع العرب من خلالها إيقاف كثير من المؤامرات ضد دول مختلفة»، مؤكدا أن «المملكة ستستغل إمكاناتها في مجال مكافحة الإرهاب، ووضعت إجراءات للسيطرة على تمويل الإرهابيين، ووضع رقابة عليها»، متابعا: «راقبنا كل الأموال الموجهة للدول التي تحدث فيها أعمال قتال، وأوقفنا كل التمويلات المقدمة للإرهابيين، واتهمنا كثيرا من الجهات التي تقدم دعما للإرهاب».
وأضاف الجبير أن «السعودية لديها رؤية شاملة لوقف التطرف»، لافتا إلى أن «ذلك يتم من خلال التعليم ودور المساجد والبرامج الخاصة بإعادة التأهيل، وإنشاء مركز عالمي لمكافحة الإرهاب، والتعاون مع الدول الأخرى، والوصول إلى وسيلة لمحاربة الفكر المتطرف، ولا يمكن أن يكون لدينا أي جوانب ضعف في مكافحة الإرهاب، وعلى الجميع الاضطلاع بمسؤولياته». وتابع الوزير: «كل دولة بالعالم لديها قوانين لمكافحة الإرهاب، ويجب تطبيق القانون وتبادل المعلومات الخاصة، وفي الرياض عام 2005 استضفنا مؤتمرا لمكافحة الإرهاب، وتم إنشاء مركز تحت مظلة الأمم المتحدة، مولته المملكة بمبلغ 120 مليون دولار»، موضحا أن أهداف الإرهابيين كانت مهاجمة الأماكن المقدسة، والقضاء على الرؤية التي يتشاركها مليار ونصف مليار مسلم، مؤكدا أن الدول الأربع لا تريد أذى لقطر، وقال: «نحن نحاول مساعدة قطر وأن نساعد أنفسنا، والدول الأوروبية بدأت تدرك أن الموضوع ليس تطرفا فقط».
من جانبه، قال وزير الخارجية المصري سامح شكري، إنه تم عقد جلسة مشاورات مغلقة وأخرى مفتوحة مع الوفود لمناقشة الأزمة القطرية والتعامل مع التغيرات في هذا الصدد، مضيفا: «نعمل على التنسيق والتشاور فيما بيننا لتعزيز الموقف العربي». وأكد أن موقف الدول الأربع، مصر والمملكة السعودية والإمارات والبحرين، يقوم على المواثيق الدولية والقانون الدولي، مشدداً على ضرورة الالتزام بمكافحة الإرهاب وإيقاف كافة خطابات الكراهية، كذلك التزام قطر باتفاق الرياض 2014. وقال: «إننا أصدرنا بيانا مشتركا ليس ردا على رد الدوحة، وإنما للتأكيد على أنه لا تسامح مع أي دولة ترعى الإرهاب، ولا مكان لها في المجتمع الدولي».
وأكد شكري أن الدول الأربع تعمل على تكثيف مشاورات للحفاظ على الأمن القومي العربي، موضحا أنه تمت صياغة بيان لتحديد موقف الدول الأربع تجاه الأزمة، يتحدث عن الدعوة لتجفيف الإرهاب ووقف خطاب الكراهية والالتزام باتفاق الرياض 2013 - 2014، والالتزام بمخرجات القمة العربية والإسلامية الأميركية، والتوقف عن دعم الجماعات الخارجة على القانون. وأشار شكري إلى أن المطالب التي قدمت لقطر جاءت لحفظ السلم والأمن الدوليين ومكافحة الإرهاب، مؤكدا عدم إمكانية التسامح مع الدور التخريبي لقطر التي تدعم التطرف والإرهاب. وقدم وزير الخارجية المصري الشكر على جهود أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد لحل الأزمة، مؤكدا أنه لم يكن هناك مجال لدعم الإرهاب والتطرف، وعلى المجتمع الدولي محاربة الإرهاب. وأشاد بموقف الرئيس الأميركي دونالد ترمب في محاربة الإرهاب، مؤكدا أن شعب مصر يتعرض للإرهاب الذي ينال من جيش مصر وشرطتها ويستهدف المدنيين، موضحا أن مصر تواجه الإرهاب المدعوم والممول لاستهداف شعب مصر، وأن الدماء المصرية غالية ولن تذهب هدرا. وأكد أن مصر تعمل على أمنها واستقرارها والحفاظ على الأمن القومي العربي، مشيرا لتضامن مصر مع الدول الشقيقة في محاربة الإرهاب. وقال إن رد قطر على مطالب الدول الأربع سلبي، مؤكدا أن قطر مستمرة في سياستها، وهو ما ينم عن عدم إدراك قطر لخطورة الموقف، ويفتقر لأي مضمون ويعبر عن رفض تراجعها عن دعمها للإرهاب.
من جانبه، قال عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية الإماراتي، إن بلاده صبرت كثيراً على ممارسات قطر التخريبية والإرهابية في المحيط العربي منذ 20 عاما ماضية، وتابع: «صبرنا طويلاً على أشقائنا في قطر، والسؤال الذي يجب أن تجيب عليه قطر هو: لماذا تريد قطر هذه الفوضى والتخريب والتدمير؟». وأضاف: «إننا نواجه أزمة مع قطر، ولكن هناك مشكلة أكبر، وهي مواجهة الإرهاب والتطرف والتحريض وتمويل هذه الجماعات»، موضحاً أنه «من المهم أن نقوم بكل جهد ممكن، خاصة بوجود الآليات التي ذكرها وزير خارجية مصر».
وأشار إلى أن الآليات التي صدرت من قمة الرياض طالبت بأهمية القيام بأفضل جهد ممكن لإخلاء هذه المنطقة من كل ما يؤدي إلى التدمير والفوضى وضياع الفرص، وأشار إلى أن المنطقة العربية، أمامها كثير من آمال الشباب والشعوب والقيادات لإنجاح مستقبل أفضل للأبناء والأحفاد، وذلك من خلال جهد أكبر لمواجهة الإرهاب في المنطقة العربية. وأكد أن المنطقة عانت من التدمير والفوضى، مشيرا لمقتل كثير من الشباب الأبرياء. وأضاف الوزير الإماراتي أن قطر أثبتت خلال العقدين الماضيين أن هوايتها هي رسم الحزن في وجوه الناس والدم والخراب، وتابع: «لماذا لا تسعى قطر إلى رسم الابتسامة على وجوه الناس؟ على قطر أن تعدل عن مسار الخراب إلى مسار الإعمار».
من جانبه، قال وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، إن النقاط الصادرة في البيان المشترك تتفق عليها دول العالم، مؤكدا على مواجهة الإرهاب الذي جاء من «داعش» وإيران. وأكد وزير خارجية البحرين أن «الإخوان المسلمين» جماعة إرهابية استباحت دماء المصريين وأبناء الخليج، موضحا أن من سيتعاطف مع «الإخوان» سيحاكم بتهمة الإرهاب. وحول ما تردد عن تجميد عضوية قطر في مجلس التعاون الخليجي، أوضح أن هذا الأمر سيتم بحثه خلال أول اجتماع للمجلس، وستكون في صدارة الأجندة.
وردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول دعم كل من تركيا وإيران لقطر المتهمة بدعم وإيواء وتمويل الإرهاب، قال وزير الخارجية السعودي: «بالنسبة لتركيا، أبلغتنا بأن موقفها على الحياد، ونأمل أن تستمر تركيا كذلك وأن تبتعد عن مواقف دعم واحتضان الإرهاب والتطرف والتدخل». فيما علق وزير الخارجية المصري بأن «قطر ليست متهمة بدعم الإرهاب، وإنما هي متورطة بالأدلة، وما حدث في ليبيا دليل قاطع على رعايتها للإرهاب، والشواهد كثيرة ومرصودة، وبالتالي فإن تعاطف تركيا مع قطر هو التشابه في المواقف».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.