نجوم جامحة تعد أسرع نجوم درب اللبانة

شاردة من مجرة مجاورة

آلاف من النجوم التي تحوم بسرعة هائلة عبر مجرة درب اللبانة (رويترز)
آلاف من النجوم التي تحوم بسرعة هائلة عبر مجرة درب اللبانة (رويترز)
TT

نجوم جامحة تعد أسرع نجوم درب اللبانة

آلاف من النجوم التي تحوم بسرعة هائلة عبر مجرة درب اللبانة (رويترز)
آلاف من النجوم التي تحوم بسرعة هائلة عبر مجرة درب اللبانة (رويترز)

قال باحثون من بريطانيا إن أسرع نجوم مجرة درب اللبانة الذي تتبعه شمسنا هي نجوم شردت عن مجرة صغيرة مجاورة.
وحسب باحثين في علم الفلك تحت إشراف دوجلاس بوبرت من جامعة كامبريدج في دراستهم التي تنشر اليوم (الأربعاء) في مجلة «مانثلي نوتسيس» التابعة للجمعية الملكية لأبحاث الفلك في بريطانيا، فإن هناك آلافا من مثل هذه النجوم التي تحوم بسرعة هائلة عبر مجرة درب اللبانة.
من المعروف لدى علماء الفلك أن النجوم لها حركة خاصة بها ولكن هذه الحركة لا تلاحظ غالبا سوى عبر فترات متباعدة جدا وذلك بسبب المسافات الهائلة في الكون.
ومع ذلك فهناك عدد صغير من النجوم لاحظ علماء الفلك حركتها بسرعة عالية
بشكل مفاجئ. بعض هذه النجوم تسير عبر مجرة درب اللبانة بسرعة 8.‏1 مليون كيلومتر في الساعة.
وهذه «النجوم فائقة السرعة» سريعة لدرجة لا تستطيع الجاذبية في مجرتنا، درب التبانة، وقفها.
لذلك فإن هذه النجوم ستغادر مجرة درب اللبانة في المستقبل. كشف الباحثون عن نحو 20 من هذه النجوم حتى الآن.
وأوضح بوبرت في بيان عن جامعته أن «النجوم فائقة السرعة توجد بشكل رئيسي في برجي الأسد والسدس». أضاف بوبرت: «تساءلنا عن سبب ذلك وهناك محاولات مختلفة لتفسير سبب وصول النجوم السريعة لهذه السرعة، ولكن ليس هناك من يستطيع تفسير سبب شق هذه النجوم السريعة هذه المنطقة السماوية».
يعتقد علماء الفلك بأن النجوم السريعة تكونت من سحابة ماجلان الكبرى وهي مجرة قزمية تحوم حول مجرة درب اللبانة بسرعة نحو 4.‏1 مليون كيلومتر في الساعة حيث كانت هذه النجوم تتبع على الأرجح أنظمة مزدوجة.
فعندما ينفجر شريك في نظام بهذا الشكل فإن الشريك الآخر يشرد من مداره السابق بسرعة هائلة وكأنه ضرب بمقلاع.
ورغم أن النجوم لا يمكن أن تصل إلى السرعة التي رصدت للنجوم فائقة السرعة إلا أنها تصبح سريعة بشكل كاف للإفلات من قوة الجذب الخاصة بسحابة ماجلان الكبرى.
وعندما تشرد النجوم باتجاه الطيران من المجرة القزمية فإن سرعة هذه المجرة تضاف إلى السرعة الخاصة بالنجم، تماما كما يحدث مع حجر يقذف باتجاه سير القطار.
عن ذلك يقول روب إيزارد المشارك في الدراسة: «هذه النجوم قفزت لتوها من قطار سريع، فلا عجب أنها بهذه السرعة».
أضاف إيزارد: «هذا هو ما يفسر أيضا موقعها في السماء لأن النجوم الأكثر شرودا يقذف بها بامتداد مدار سحابة ماجلان الكبرى باتجاه برجي الأسد والسدس».
قام الباحثون بمحاكاة تطور النجوم في المجرة القزمية المجاورة باستخدام برامج حاسوب خاصة وتابعوا خلال ذلك مدارات طيران جميع النجوم الشاردة «ونعتقد بناء على ذلك بأن نحو 10 آلاف نجم شارد موزعة في السماء» حسبما أوضح بوبرت، مشيرا إلى أن نصف هذه النجوم كانت خلال المحاكاة سريعة بشكل يكفي للإفلات من قوة الجاذبية الخاصة بمجرة درب اللبانة مما يجعلها تصنف ضمن النجوم فائقة السرعة.
غير أن معظم النجوم الجامحة انفجرت خلال المحاكاة وقتا ما أثناء طيرانها وخلفت خلال ذلك نجما نيوترونيا أو ثقبا أسود.
لذلك فإن الباحثين يعتقدون بأنه إضافة إلى هذه النجوم العشرة آلاف فإن نحو نصف مليون نجم نيوتروني وكذلك ثقوب سوداء من سحابة ماجلان الكبرى شاردة بسرعة فائقة خلال مجرة درب اللبانة.



مرايا تتعدَّى دورَها الوظيفي نحو الجمال الفنّي في غاليري بيروتيّ

مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)
مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)
TT

مرايا تتعدَّى دورَها الوظيفي نحو الجمال الفنّي في غاليري بيروتيّ

مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)
مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)

يُطلق المهندس اللبناني عبد الله بركة فكرةَ المرآة أبعد من وظيفتها الآلية. ليستْ هنا محصورةً في عَكْس وجوهٍ وأشياء تتقاطع ضمن حدودها، فتنتهي الحاجة إليها باطمئنان الرائي إلى مظهره، أو إدخال تعديل عليه، أو بلملمة انعكاسات خارجية. بمَنْحها وَقْعاً جمالياً، تتحوّل إلى عمل فنّي يملك تَرْك الأثر في العابر، فيستوقفه ليتساءل عن ماهيتها: أهي مرآة أو لوحة فنّية، وماذا لو كانت الاثنتين معاً؟ في «ذا ميرور بروجيكت» بمنطقة مار مخايل البيروتية، مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق.

تتحوّل المرآة إلى عمل فنّي يملك تَرْك الأثر في العابر (ذا ميرور بروجيكت)

نُسِجت علاقةٌ بالمرايا في داخل الشاب البالغ 37 عاماً منذ المرة الأولى التي تسلَّم فيها مشروعاً وتعذَّر إيجاد مرآة بملامح فنّية. رفض الاكتفاء بزجاج يتيح للآخر رؤية نفسه من خلاله؛ فالمسألة بالنسبة إليه تتخطّى الدور المُعدّ سلفاً، والمَهمَّة الجاهزة. المرايا «فنّ وظيفي»، لا مجرّد وظيفة تؤدّي الغرض منها وتُكافأ ببرودة الناظر إليها. يُحوّل عبد الله بركة الغاليري معرضَه الدائم، فتصطفّ على الجدران أشكالٌ جمالية تسرق العين من احتمال الاكتفاء بالنظرة الخاطفة.

المرايا «فنّ وظيفي» لا مجرّد وظيفة تؤدّي الغرض منها (ذا ميرور بروجيكت)

يتحدّث لـ«الشرق الأوسط» بشغف الفنان الباحث عن لمسة، ويُذكّر بأنّ الهندسة الداخلية تتطلّب عمقاً في النظرة والأفكار، وخَلْق مزاج فنّي خاص. يقول عبد الله بركة: «لا أريد للمرآة أن تتحلّى بدور واحد. ذلك حَدٌّ لها. المرايا هي الأشخاص. أي نحن حين تُرينا أشكالنا وصورنا. وهي انعكاس يمكن أن نشعر به، فإذا بإبهاره الجمالي المُعبَّر عنه في التصميم والكادر، يجَعْل ذلك الشعور متبادَلاً، فيُعدّل حالة نفسية أو يُغيّر نظرة تجهُّم. هذا فعلُ اللون حول المرآة وقالبها. بمجرّد أنها ليست تقليدية، يحدُث الأثر في الناظر».

يُطلق عبد الله بركة فكرةَ المرآة أبعد من وظيفتها الآلية (ذا ميرور بروجيكت)

لم تكن يسيرةً ولادة الغاليري. مخاضُها خليطٌ من إحباط ومحاولة. يعود إلى عام 2019 المفصلي في لبنان. كلّ شيء بدأ يتغيَّر، والمسارات تتّخذ شكل السقوط. لم يدرك مكانه في وطن شديد التقلُّب؛ مباغت، وطافح بالمفاجآت. يروي: «الفراغ كان مميتاً. أشغالٌ توقّفت ومشروعات تبخَّرت. أسوةً بشباب لبناني لمس انسداد الأفق، تراءى منزلي مساحة اختناق. في تلك اللحظة، هبَّ الأمل. اشتريتُ ألواناً ورحتُ أرسم، وصمَّمتُ أشكالاً بالطين، فلمحتُ طريقي».

لا يريد عبد الله بركة للمرآة أن تتحلّى بدور واحد (ذا ميرور بروجيكت)

من الضياع وجد الخطوة الأولى. صقل عبد الله بركة رغبته في النحت وطوَّر مهارته. أنجز الشكل وصبَّ ضمنه المرآة. أراد وضع حدّ لحقيقة أنّ غاليريهات المرايا الفنّية في بيروت نادرة. اليوم، ليس عليه أو على زملاء المهنة البحث الطويل عن مرآة مشتهاة: «تعدّدت أدوات صناعة المرايا وكثَّفتُ العمل. كلما سمعتُ إطراء أردتُ مزيداً منه. في الغاليري أعمالي وأعمال مصمّمين من أميركا وكندا وأفريقيا الجنوبية وتايلاند وهولندا وأوكرانيا... خلف مراياهم قصص. ثمة مرايا مصمَّمة بالأسيد المحروق، وأخرى بالزجاج المُطبَّع، وصنف تتداخل بكادراته ألوان مُبهِجة. ولمّا تعدَّدت أسفاري، تعرَّفتُ إلى مدارس التصميم خصوصاً في ألمانيا وإيطاليا، وتعمّقت في جَعْل هذا الشغف واقعاً. اليوم أقول: أنا شاب لبناني بلغ اليأس. فرغَ العالم من حولي. وشعرتُ بالأبواب الموصدة. ثم نهضت. استراتيجية التفكير تبدَّلت، وأصبحت المعادلة: الآن أو أبداً! انتظار الوقت المناسب يهدر العمر. كل لحظة هي وقتٌ مناسب».

تصطفّ على الجدران أشكالٌ جمالية تجذب العين (ذا ميرور بروجيكت)

أمضى شهراً ونصف شهر يُصمّم مرايا بأشكال خلّاقة حتى ساعات الليل المتقدّمة، استعداداً لإطلاق المعرض بعد تأخُّر فَرَضَه الظرف اللبناني. «4 مرايا علّقتُها على جدرانه قبل ربع ساعة من فَتْح الباب للحضور!»، يُكمل ضاحكاً. إحدى الزائرات رمت على مسمعه ما علَّم في أعماقه: «لم نكن نعلم أنّ هذه المرايا حاجة. متى أدخلناها إلى منازلنا أصبحت منّا». ومن كثافة الإقبال وحلاوة الأصداء، يُدرك أنه على السكّة التي نادته، أو ناداها؛ يمنحها كلَّه فتمنحه الإشباع الذاتي.

بعض المرايا بسيط يحوط به كادر يُجمِّل البساطة (ذا ميرور بروجيكت)

بعض المرايا بسيط، يحوط به كادر يُجمِّل البساطة. يتعامل عبد الله بركة مع تصاميمه بما يُبقي على الأساس، وهو المُتوقَّع من المرآة بوصفها زجاجاً يستجيب للانعكاسات؛ لكنه أساسٌ (Basic) لا يكتفي بنفسه، وإنما يتعدّاها إلى الغاية الجمالية والبُعد الفنّي ما دام الزجاج مقولباً بالألوان ومتداخلاً بإطار مُبتَكر. يرى في المرايا حكايات، وإنْ خلت صفحتها من أي شكل: «تُخبرني دائماً بأنّ المشاعر أصدق ما نملك. هي الدافع لنُنجز ما طال انتظاره. باستطاعتها تعويض غياب اللوحة عن الجدار. مشغولة بحبٍّ مماثل».