تدمير منارة الحدباء... لماذا صمتوا؟

تدمير منارة الحدباء... لماذا صمتوا؟
TT

تدمير منارة الحدباء... لماذا صمتوا؟

تدمير منارة الحدباء... لماذا صمتوا؟

كان منظر العلماء الذي هبوا إلى قندهار معقل زعيم تنظيم طالبان الملا محمد عمر نهاية شهر فبراير (شباط) 2001 يبعث على الرثاء، جلسوا أمام الخليفة القادم من كهوف التاريخ يستعرضون حججهم لإقناعه وقف تدمير الآثار البوذية، فماذا قالوا..؟
قالوا للخليفة الملا عمر إن تدمير تمثال بوذا سوف يسهم في «تشويه صورة الإسلام وتأليب الرأي العام العالمي وبخاصة البوذيون الذين يقدر عددهم بأكثر من 300 مليون حول العالم». كانت النتيجة كما يقول موقع الشيخ القرضاوي الذي قاد الوفد: «لم يوقف تدخل العلماء من خارج أفغانستان عملية هدم التماثيل المثيرة للجدل (..) فبعد يومين من المناقشات التي بدأها الوفد مع الملا عمر واستمرت مع لجان الفتوى الأفغانية في سلسلة من الجلسات أعلنت الحركة أن العلماء لم يقدموا حججاً شرعية مبنية على أدلة قطعية بأن ما تقوم به طالبان من تهديم للأصنام عمل غير مشروع».
وفد العلماء لم يذهب إلى أفغانستان لأنه يحمل عضوية «اليونيسكو»، أو لأنه مؤمن فعلاً بأن التراث الإنساني تاريخ مشترك للبشرية، ولكنه طار إلى أفغانستان بإيعاز سياسي مشفوع بطلب ياباني. أما الحجج التي ساقها فكانت تتحاشى أن تسبغ شرعية على الآثار، أو تجرم تدميرها، هي فقط استعانت بقاعدة «سدّ الذرائع»، ولذلك لم تقنع الخليفة المتعطش للتخريب.
في 21 يونيو (حزيران) الماضي شاهد الجميع قيام «داعش» بتفجير جامع النوري ومنارة الحدباء في الموصل، ولم يحرك أولئك العلماء ولا الجماعات التي تدعي حماية المقدسات ساكناً، كلهم ابتلع لسانه، لماذا؟ لأن الفاعل هو «داعش» الذي يقاسم الكثير منهم التراث نفسه الذي يزدري الحضارة الإنسانية ويسعى لتدمير المشتركات بين البشر.
«اليونيسكو» وصفت منارة الحدباء بأنها رمز لهوية المدينة، وقالت إن هذا التدمير «يُعّد مأساة إنسانية وثقافية».
أما الجماعات الدينية المسيسة التي تمتلك منصات تطل من خلالها كل يوم فيما يخصها وما لا يخصها، فتحاشت التعليق على الموضوع، هذا الصمت المريب يسبغ شرعية على جرائم التنظيم الذي يتغذى من فكرٍ يسعى لتقطيع التواصل بين البشر وتدمير موروثاتهم المشتركة.
مسجد النوري ومنارة الحدباء، ليس الأثر الوحيد الذي دمره التنظيم الظلامي، فلديه سجل طويل في تدمير الذاكرة الحضارية للشعوب، بينها جريمة تجريف مدينة نمرود الأثرية الآشورية التي يعود تاريخها للقرن الـ13 قبل الميلاد، وتشكل أبرز الإرث الحضاري للبشرية.
دمر التنظيم متحف الموصل، ثاني أهم متحف في العراق الزاخر بالآثار الآشورية، ومرقد النبي يونس، وأحرق مكتبة الموصل التي تحتوي آلاف الكتب والمخطوطات النادرة. ووصفت «اليونيسكو» حرق الكتب كمرحلة جديدة في عملية «تطهير ثقافي» يقوم بها التنظيم. واستكمالاً لتدمير التراث الثقافي للموصل دمّر تمثال الشاعر العباسي أبي تمام، وكذلك تمثال عثمان الموصلي وهو موسيقي وملحن عراقي من القرن التاسع عشر.
وفي تكريت دمّر «داعش» الكنيسة الخضراء التي تعود إلى نحو 1300 عام، كما دمّر مرقد الأربعين الذي يضم رفات 40 جنديا من جيش الفتح الإسلامي لبلاد ما بين النهرين في عام 638هـ.
هذه «إبادة ثقافية» تشربت من معين فكري واحد؛ سقى طالبان و«القاعدة» ثم «داعش»، يقوم على تدمير المشترك الثقافي، واستهداف ما يربط الناس ببعضهم، ويكون ذاكرة جماعية وإرثا ثقافيا وحضاريا متصلا. وحرمان الناس من الانتماء لتاريخ ومكان وذاكرة مشتركة، مما يسهم في تمزيقهم وتقسيمهم وتقطيع المشتركات الثقافية والتاريخية التي ينتمون إليها، والقضاء على الهوية الجامعة، والرابطة الشعورية الواحدة، والإحساس بالانتماء المشترك.
إذا كانوا لا يتقاسمون مع «داعش» أهدافه فلماذا صمتوا؟



مجلة «الفيصل» السعودية: هل منع الرجل المرأة من التفلسف؟

مجلة «الفيصل» السعودية: هل منع الرجل المرأة من التفلسف؟
TT

مجلة «الفيصل» السعودية: هل منع الرجل المرأة من التفلسف؟

مجلة «الفيصل» السعودية: هل منع الرجل المرأة من التفلسف؟

صدر العدد الجديد من مجلة الفيصل وتضمن العديد من الموضوعات والمواد المهمة. وكرست المجلة ملف العدد لموضوع إقصاء المرأة من حقل الفلسفة، وعدم وجود فيلسوفات. شارك في الملف: كل من رسلان عامر: «غياب المرأة الفلسفي بين التاريخ والتأريخ». خديجة زتيلي: «هل بالإمكان الحديث عن مساهمة نسائية في الفلسفة العربية المعاصرة؟» فرانك درويش: «المرأة في محيط الفلسفة». أحمد برقاوي: «ما الذي حال بين المرأة والتفلسف؟» ريتا فرج: «الفيلسوفات وتطور الأبحاث الحديثة من اليونان القديمة إلى التاريخ المعاصر». يمنى طريف الخولي: «النساء حين يتفلسفن». نذير الماجد: «الفلسفة نتاج هيمنة ذكورية أم نشاط إنساني محايد؟» كلير مثاك كومهيل، راشيل وايزمان: «كيف أعادت أربع نساء الفلسفة إلى الحياة؟» (ترجمة: سماح ممدوح حسن).

أما الحوار فكان مع المفكر التونسي فتحي التريكي (حاوره: مرزوق العمري)، وفيه يؤكد على أن الدين لا يعوض الفلسفة، وأن الفلسفة لا تحل محل الدين، وأن المفكرين الدينيين الحقيقيين يرفضون التفلسف لتنشيط نظرياتهم وآرائهم. وكذلك تضمن العدد حواراً مع الروائي العربي إبراهيم عبد المجيد الذي يرى أن الحزن والفقد ليس مصدرهما التقدم في العمر فقط... ولكن أن تنظر حولك فترى وطناً لم يعد وطناً (حاوره: حسين عبد الرحيم).

ونطالع مقالات لكل من المفكر المغربي عبد العزيز بومسهولي «الفلسفة وإعادة التفكير في الممارسات الثقافية»، والكاتب والأكاديمي السعودي عبد الله البريدي «اللغة والقيم العابرة... مقاربة لفك الرموز»، وضمنه يقول إننا مطالبون بتطوير مناهج بحثية لتحليل تورط اللغة بتمرير أفكار معطوبة وقيم عدمية وهويات رديئة. ويذهب الناقد سعيد بنكراد في مقال «الصورة من المحاكاة إلى البناء الجمالي» إلى أن الصورة ليست محاكاة ولا تنقل بحياد أو صدق ما تمثله، لكنها على العكس من ذلك تتصرف في ممكنات موضوعاتها. وترجم ميلود عرنيبة مقال الفرنسي ميشال لوبغي «من أجل محبة الكتب إمبراطورية الغيوم».

ونقرأ مقالاً للأنثروبولوجي الفرنسي فرانك ميرمييه بعنوان «مسار أنثربولوجي فرنسي في اليمن». ومقال «لا تحرر الحرية» (أريانا ماركيتي، ترجمة إسماعيل نسيم). و«فوزية أبو خالد... لم يزل الماء الطين طرياً بين أصابع اللغة» (أحمد بوقري). «أعباء الذاكرة ومسؤولية الكتابة» (هيثم حسين). «العمى العالمي: غزة بين فوضى الحرب واستعادة الإنسانية» (يوسف القدرة). «الطيور على أشكالها تقع: سوسيولوجيا شبكة العلاقات الاجتماعية» (نادية سروجي). «هومي بابا: درس في الشغف» (لطفية الدليمي).

ويطالع القارئ في مختلف أبواب المجلة عدداً من الموضوعات المهمة. وهي كالتالي: قضايا: سقوط التماثيل... إزاحة للفضاء السيميائي وإعادة ترتيب للهياكل والأجساد والأصوات (نزار أغري). ثقافات: «هل يمكن أن تحب الفن وتكره الفنان؟» ميليسا فيبوس (ترجمة خولة سليمان). بورتريه: محمد خضر... المؤلف وسرديات الأسلوب المتأخر (علي حسن الفواز). عمارة: إعادة تشكيل الفضاءات العامة والخاصة في جدة بين التراث والحداثة (بدر الدين مصطفى). حكايتي مع الكتب: الكتب صحبة رائعة وجميلة الهمس (فيصل دراج). فضاءات: «11 رصيف برنلي»... الابنة غير الشرعية لفرنسوا ميتران تواجه أشباح الحياة السرية (ترجمة جمال الجلاصي). تحقيقات: الترفيه قوة ناعمة في بناء المستقبل وتنمية ثقافية مؤثرة في المجتمع السعودي (هدى الدغفق). جوائز: جوائز الترجمة العربية بين المنجز والمأمول (الزواوي بغورة). المسرح: الكاتبة ملحة عبد الله: لا أكتب من أجل جائزة أو أن يصفق لي الجمهور، إنما كي أسجل اسمي في تاريخ الفن (حوار: صبحي موسى).

وفي باب القراءات: نجوان درويش... تجربة فلسطينية جسورة تليق بالشعر الجديد (محمد عبيد الله). جماليات البيت وسردية الخواء... قراءة في روايات علاء الديب (عمر شهريار). «أغنية للعتمة» ماتروشكا الحكايات والأنساب تشطر التاريخ في صعودها نحو الأغنية (سمية عزام). تشكيل: مهدية آل طالب: دور الفن لا يتحقق سوى من خلال الفنان (هدى الدغفق). مسرح: المنظومة المسرحية الألمانية يؤرقها سوء الإدارة والتمييز (عبد السلام إبراهيم)

ونقرأ مراجعات لكتب: «وجه صغير يتكدس في كل ظهيرة» (عماد الدين موسى)، «مروة» (نشوة أحمد)، «خاتم سليمي» (نور السيد)، «غراميات استثنائية فادحة» (معتصم الشاعر)، «أبناء الطين» (حسام الأحمد)، «حساء بمذاق الورد» (جميلة عمايرة).

وفي العدد نطالع نصوص: «مارتن هيدغر يصحو من نومه» (سيف الرحبي)، «مختارات من الشعر الكوري» (محمد خطاب)، «سحر الأزرق» (مشاعل عبد الله)، «معرض وجوه» (طاهر آل سيف)، «سارقة الذكريات» (وجدي الأهدل)، «أوهام الشجر» (منصور الجهني).