كيف غير «آيفون» العالم في 10 أعوام؟

الإصدار الأول منه صمم بتقنيات ثورية

«ستيف جوبز» يكشف عن هاتف «آيفون» في العام 2007
«ستيف جوبز» يكشف عن هاتف «آيفون» في العام 2007
TT

كيف غير «آيفون» العالم في 10 أعوام؟

«ستيف جوبز» يكشف عن هاتف «آيفون» في العام 2007
«ستيف جوبز» يكشف عن هاتف «آيفون» في العام 2007

تغير قطاع الهواتف الجوالة قبل 10 أعوام بشكل جذري، وذلك بإطلاق هاتف «آيفون» الذي قلب موازين المنافسة بتركيزه على تبسيط تجربة الاستخدام وسلاسة التفاعل مع المستخدم، ليحرج كبرى الشركات التي سبقت «آبل» في تطوير الهواتف الجوالة ويجبرها على معاودة النظر في منتجاتها المقبلة أو الخروج من المنافسة.
* بداية مختلفة
بدأت عملية تطوير «آيفون» في نهاية العام 2003 عندما قررت «آبل» العمل مع فريق مكون من ألف موظف لتطوير كومبيوتر يمكن التفاعل معه باللمس المتعدد وباستخدام واجهة تفاعل ثورية. وأدرك الرئيس التنفيذي للشركة آنذاك «ستيف جوبز» أن آلية التفاعل هذه لا تستبدل لوحة المفاتيح والفأرة للكومبيوتر، بل ويمكن استخدامها للهواتف الجوالة والأجهزة اللوحية بشكل مبهر، ليقوم بتغيير تركيز الفريق نحو تطوير هاتف جوال. وكلفت عملية التطوير نحو 150 مليون دولار خلال 30 شهرا تحت ما سمته الشركة «المشروع الأرجواني» Project Purple.
الأمر الثوري في فكرة «آيفون» كان توفير القدرة على التفاعل مع الشاشة باللمس المتعدد، على خلاف بعض الأجهزة التي كانت تسمح بالتفاعل في نقطة واحدة فقط، الأمر الذي يفتح آفاقا جديدة للمستخدمين، مثل تكبير الصورة وتصغيرها باستخدام إصبعين، وتقديم ألعاب إلكترونية أكثر انغماسا، وغيرها. وطور فريق العمل، ومن بينهم «جوني آيف» المسؤول عن تصاميم الأجهزة، تطبيق دفتر عناوين ليجربه «ستيف جوبز» كاختبار أولي للتفاعل باللمس المتعدد.
ولكن فكرة اللمس المتعدد التي روج لها «آيفون» لم تكن وليدة «آبل» في الجوهر، حيث بدأت الفكرة في ستينات القرن الماضي في «المؤسسة الملكية البريطانية للرادارات»، ومن ثم تم تطويرها في سبعينات القرن الماضي في المؤسسة الأوروبية للأبحاث النووية CERN، لتتبلور في بداية القرن الجديد من خلال الدكتور «وين ويسترمان» Wayne Westerman من جامعة «ديلاوير» الأميركية الذي عمل على تطوير تقنية التفاعل باللمس المتعدد جراء إصابته بمرض جعل الكتابة على أزرار لوحة المفاتيح أمرا مؤلما بالنسبة له. واستحوذت «آبل» على شركة الدكتور «وين ويسترمان» في العام 2005، واستطاعت دمج هذه التقنية في جهاز صغير وبتصميم جميل، مضيفة إليها واجهة استخدام مريحة. أضف إلى هذه المعادلة زجاج «غوريلا» ومستشعرات الميلان والتقنيات اللاسلكية المتعددة والمعالج سريع الاستجابة والبطارية طويلة الأمد لمعرفة أن الهاتف لم يكن من نتيجة تطوير جميع هذه التقنيات داخل «آبل»، بل نتيجة جمعها ودمجها في وحدة مريحة للاستخدام على صعيد التصميم والبرمجيات.
وكانت «آبل» قبل فترة التطوير قد أطلقت مشغل الموسيقى «آيبود»، وأدركت أن الهواتف الجوالة التي تعمل باللمس المتعدد ستحتوي على قدرات لتشغيل الموسيقى وقد تهدد هيمنة «آيبود» في الأسواق، الأمر الذي جعلها تبحث عن شراكة مع «موتورولا» لإطلاق هاتف جديد يحتوي على «آيبود» مدمج، ولكن «آبل» كانت تعمل على تطوير هاتف تجريبي خاص بها، كان الإصدار الأول منه على شكل «آيبود» بقرص أرقام في المنتصف، والثاني كان على شكل هاتف يعمل باللمس المتعدد.
وأطلق هاتف «موتورولا روكر إي 1» Moto ROKR E1 في الأسواق والذي كان يحتوي على مشغل «آيبود» ولكنه لا يستطيع حفظ أكثر من مائة أغنية. واستمر فريق «آبل» على العمل على هاتف الشركة، ليكشف «ستيف جوبز» عن «آيفون» في 9 يناير (كانون الثاني) 2007 في مؤتمر في مدينة سان فرنسيسكو الأميركية، وذلك بإصدارين الأول بسعة 4 غيغابايت بسعر 499 دولارا، والثاني بسعة 8 غيغابايت بسعر 599 دولارا. وأطلق الهاتف في الولايات المتحدة في 29 يونيو (حزيران) 2007. وفي بريطانيا وفرنسا وألمانيا في نوفمبر (تشرين الثاني) 2007، وفي آيرلندا في ربيع العام 2008.
وبالنسبة للمواصفات التقنية للهاتف، فكانت ثورية في وقتها، حيث بلغ قطر شاشته 3.5 بوصة، وكان يستخدم كاميرا خلفية بدقة 2 ميغابيكسل (لا تستطيع تسجيل عروض الفيديو)، وتستطيع شاشته عرض المحتوى بدقة x 320 480 بيكسل بكثافة 165 بيكسل في البوصة الواحدة، مع استخدام معالج بسرعة 412 ميغاهرتز وتوفير سعة تخزينية تبدأ من 4 غيغابايت. وكان الهاتف يدعم تقنية «واي فاي» و«بلوتوث» (للاتصال بالسماعات اللاسلكية فقط)، مع عدم دعمه تقنية الملاحة الجغرافية «جي بي إس»، وكانت بطاريته تكفي للتحدث لمدة 8 ساعات. وبلغ وزن الهاتف 135 غراما، وبلغ سمكه 11.6 مليمتر، ولم يقدم متجر التطبيقات المعروف اليوم.
* منافسة للصدارة
ولكن هذه الفكرة لم تعجب «ستيف بالمر»، الرئيس التنفيذي السابق لـ«مايكروسوفت»، ذلك أن الهاتف لا يحتوي على لوحة مفاتيح، وبالتالي فإن المديرين والموظفين لن يستطيعوا كتابة الرسائل النصية والبريد الإلكتروني بسهولة، بالإضافة إلى أن سعره مرتفع جدا بالنسبة لهاتف، مقارنة بالأجهزة الأخرى الموجودة في الأسواق.
واستطاع «آيفون» كسر حاجز مليون وحدة مبيعة بعد مرور 70 يوما من إطلاقه، على الرغم من تذمر الكثير من المستخدمين والتقنيين من صعوبة الكتابة بدقة على شاشة مسطحة، وأن قطر شاشته كبير مع عدم وجود تطبيق للتراسل الفوري والدردشة أو أي تطبيق للبريد الإلكتروني للشركات، وغياب الكثير من الوظائف الأساسية، مثل دعم تقنية «بلوتوث» لتبادل الملفات مع الأجهزة المختلفة الأخرى، وعدم وجود القدرة على نسخ ولصق النصوص، وعدم دعم شبكات الجيل الثالث للاتصالات، وغيرها من الوظائف الأخرى.
واستمرت «آبل» بتطوير سلسلة الهاتف، وذلك بإطلاق الإصدار الثاني منه في صيف العام 2008، والذي أصبح يدعم تقنية الملاحة الجغرافية «جي بي إس» وشبكات الجيل الثالث للاتصالات، وتطوير تصميمه الخارجي. وأطلقت الشركة كذلك متجر التطبيقات الرقمي عبر الإنترنت الذي لاقى نجاحا كبيرا. واستمرت «آبل» بتطوير الهاتف لتطلق الإصدار التالي 3GS في صيف العام 2009 والذي يقدم مستويات أداء أعلى وكاميرا خلفية بدقة 3 ميغابيكسل ودعم لنسخ النصوص ولصقها.
وأتبعت «آبل» ذلك بهاتف «آيفون 4» جديد في صيف العام 2010.
والذي يقدم تطبيق «فيس تايم» للدردشة بالصوت والصورة مع الآخرين، بالإضافة إلى استخدام كاميرا خلفية تعمل بدقة 5 ميغابيكسل وضوء «فلاش» مدمج، مع تقديم كاميرا أمامية وشاشة أفضل من السابق، في تصميم جديد أقل سمكا. وواجه الهاتف مشكلة توقف الإرسال والاستقبال لدى الإمساك به بطريقة محددة جراء عيب في تصميمه. وكشفت الشركة في أكتوبر (تشرين الأول) 2011 عن هاتف «آيفون 4 إس» قبل يوم واحد من وفاة «ستيف جوبز»، وهو أول هاتف يطلقه رئيس «تيم كوك» الرئيس التنفيذي الجديد للشركة. ويتميز هذا الإصدار بدعم المساعد الشخصي «سيري».
وبدأت مرحلة جديدة في حياة الشركة بعد رحيل «ستيف جوبز»، حيث قدمت الشركة في سبتمبر (أيلول) 2012 هاتف «آيفون 5» الذي يقدم تصميما أقل سمكا وأخف وزنا، وشاشة أكثر طولا، مع استبدال منفذ التواصل مع الكومبيوتر بآخر جديد.
وأطلقت الشركة في العام التالي هاتفي «آيفون 5 إس» و«آيفون 5 سي»، حيث يتميز «5 سي» بمواصفات أقل تقدما وتصميم بلاستيكي بهدف تقديم هاتف منخفض التكاليف للدخول في الأسواق النامية، الأمر الذي لم يترجم على شكل مبيعات مقنعة، لتتوقف الشركة عن إطلاق أي هاتف آخر في هذه السلسلة.
وفي سبتمبر (أيلول) 2014 أطلقت «آبل» هاتفي «آيفون 6» و«6 بلاس» بتصميم أكبر وبشاشة يبلغ قطرها 4.7 و5.5 بوصة بمبيعات وصلت إلى 10 ملايين وحدة في أول أسبوع من إطلاقهما. ويترجم هذان الإصداران رغبة الشركة في مواكبة نزعة استخدام هواتف كبيرة تقارب حجم الأجهزة اللوحية «فابليت» Phablet (مزيج من كلمتي «فون» هاتف و«تابليت» جهاز لوحي). ولكن عيبا تصميميا في الهاتف الكبير أدى إلى انثناء هيكله لدى وضعه في جيب المستخدم والجلوس، الأمر الذي أصلحته الشركة في سبتمبر 2016 بإطلاق «آيفون 7» و«7 بلاس» بغياب أي تحديثات ثورية، الأمر الذي أكد بعض المحللين التقنيين أن سببه يعود إلى سياسة جديدة للشركة بعدم إطلاق أي تحديث ثوري إلا كل 3 أعوام.
وقدم إصدار «7 بلاس» كاميرتين خلفيتين وأزال منفذ السماعات الرأسية، الأمر الذي أغضب الكثير من محبي الاستماع إلى الموسيقى بسبب حاجتهم لشراء ملحقات إضافية للاستماع إلى الموسيقى أو شراء سماعات لاسلكية مرتفعة الثمن. واستطاعت الشركة في ذلك العام كسر حاجز مبيعات مليار هاتف.
وحصل المستخدمون خلال العام الحالي على «آيفون» باللون الأحمر (في الجهة الخلفية)، وبدأت الشركة هذا العام بتصنيع هواتفها في الهند لخفض التكاليف وبيع الهاتف محليا بهدف نشره في سوق لم تستطع اختراقه بقوة بسبب ارتفاع أسعارها. ويتوقع كشف «آبل» عن «آيفون 8» في سبتمبر المقبل.
* هاتف ثوري متعدد الجوانب
وقدم «آيفون» التصميم الأساسي للهواتف الذكية، والذي لا يزال مستخدما اليوم في الكثير من الهواتف، وهو إيجاد مصفوفة من الأيقونات لتشغيل التطبيقات المختلفة (على خلاف الآلية السابقة التي تمثلت بالدخول إلى التطبيقات من خلال قوائم متعددة خاصة)، وزر واحد رئيسي أسفل الجهة الأمامية للعودة إلى الشاشة الرئيسية في الهاتف، والتخلي عن لوحات المفاتيح ذات الأزرار الملموسة والاستعاضة عنها بلوحة رقمية، مع سهولة الاتصال بالإنترنت.
وأطلق الهاتف كذلك ثورة الاتصال بالإنترنت، بتوفيره قدرات الاتصال اللاسلكي عبر «واي فاي» وشبكات الاتصالات بسهولة كبيرة للمستخدمين غير التقنيين، مع سهولة تشغيل وتثبيت التطبيقات. وطور الهاتف كذلك عملية التصوير لتصبح جزءا يوميا من حياة المستخدمين عوضا عن هواية، وذلك بتوفير تطبيق سهل الاستخدام لالتقاط الصور وتحريرها للمستخدمين العاديين، إلى جانب إطلاق شبكات اجتماعية في الفترة نفسها سهلت مشاركة الصور مع الأهل والأصدقاء والغرباء عوضا عن إرسالها عبر البريد الإلكتروني أو وسائل أخرى.
وأدى نجاح «آيفون» إلى تطوير بيئة «آندرويد» كنظام تشغيل مفتوح المصدر للجميع، الأمر الذي نجم عنه شهرة غير مسبوقة للكثير من الشركات، مثل «سامسونغ» و«هواوي»، بينما تأثرت شركات أخرى سلبا، ومن بينها «بلاكبيري» و«نوكيا» اللتين لم تتوقعا نجاح «آبل» وأجهزة «آندرويد»، ولم تواكبا عجلة التطور بالسرعة المطلوبة، لتخرج الشركتان من السوق بصدمة كبيرة.
وبعد إطلاق الشركة لمتجر التطبيقات في 10 يوليو (تموز) من العام 2008 وتوفيره لـ500 تطبيق، تغيرت آلية تطوير التطبيقات وتوزيعها حول العالم، بالإضافة إلى سهولة البحث عنها وتحميلها مباشرة على هاتف المستخدم. ويُقدّر عدد التطبيقات في متجر «آبل» اليوم بنحو 2.1 مليون.
واستطاعت هذه التطبيقات تحويل الهاتف إلى أي جهاز يريده المستخدم، مثل جهاز ألعاب رقمية ومشغل موسيقى واستوديو تصوير ومكتب للعمل وماسحة ضوئية «سكانر» وكاميرا تصوير وجهاز ملاحة جغرافية وبطاقة مصرفية للدفع الرقمي ومسرح سينمائي لمشاهدة أحدث المسلسلات والأفلام وصفوف دراسية، وغيرها.
وتقدر عوائد متجري «آبل» و«غوغل» في الربع الأول من العام 2017 بنحو 10.5 مليار دولار، ويستثني هذا الرقم عوائد الإعلانات داخل التطبيقات.



هل أصبحنا على أعتاب مرحلة تباطؤ الذكاء الاصطناعي؟

هل أصبحنا على أعتاب مرحلة تباطؤ الذكاء الاصطناعي؟
TT

هل أصبحنا على أعتاب مرحلة تباطؤ الذكاء الاصطناعي؟

هل أصبحنا على أعتاب مرحلة تباطؤ الذكاء الاصطناعي؟

يوجه ديميس هاسابيس، أحد أكثر خبراء الذكاء الاصطناعي نفوذاً في العالم، تحذيراً لبقية صناعة التكنولوجيا: لا تتوقعوا أن تستمر برامج المحادثة الآلية في التحسن بنفس السرعة التي كانت عليها خلال السنوات القليلة الماضية، كما كتب كاد ميتز وتريب ميكل (*).

التهام بيانات الإنترنت

لقد اعتمد باحثو الذكاء الاصطناعي لبعض الوقت على مفهوم بسيط إلى حد ما لتحسين أنظمتهم: فكلما زادت البيانات التي جمعوها من الإنترنت، والتي ضخُّوها في نماذج لغوية كبيرة (التكنولوجيا التي تقف وراء برامج المحادثة الآلية) كان أداء هذه الأنظمة أفضل.

ولكن هاسابيس، الذي يشرف على «غوغل ديب مايند»، مختبر الذكاء الاصطناعي الرئيسي للشركة، يقول الآن إن هذه الطريقة بدأت تفقد زخمها ببساطة، لأن البيانات نفدت من أيدي شركات التكنولوجيا.

وقال هاسابيس، هذا الشهر، في مقابلة مع صحيفة «نيويورك تايمز»، وهو يستعد لقبول «جائزة نوبل» عن عمله في مجال الذكاء الاصطناعي: «يشهد الجميع في الصناعة عائدات متناقصة».

استنفاد النصوص الرقمية المتاحة

هاسابيس ليس الخبير الوحيد في مجال الذكاء الاصطناعي الذي يحذر من تباطؤ؛ إذ أظهرت المقابلات التي أُجريت مع 20 من المديرين التنفيذيين والباحثين اعتقاداً واسع النطاق بأن صناعة التكنولوجيا تواجه مشكلة كان يعتقد كثيرون أنها لا يمكن تصورها قبل بضع سنوات فقط؛ فقد استنفدت معظم النصوص الرقمية المتاحة على الإنترنت.

استثمارات رغم المخاوف

بدأت هذه المشكلة في الظهور، حتى مع استمرار ضخ مليارات الدولارات في تطوير الذكاء الاصطناعي. في الأسبوع الماضي، قالت شركة «داتابريكس (Databricks)»، وهي شركة بيانات الذكاء الاصطناعي، إنها تقترب من 10 مليارات دولار في التمويل، وهي أكبر جولة تمويل خاصة على الإطلاق لشركة ناشئة. وتشير أكبر الشركات في مجال التكنولوجيا إلى أنها لا تخطط لإبطاء إنفاقها على مراكز البيانات العملاقة التي تدير أنظمة الذكاء الاصطناعي.

لا يشعر الجميع في عالم الذكاء الاصطناعي بالقلق. يقول البعض، بمن في ذلك سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي»، إن التقدم سيستمر بنفس الوتيرة، وإن كان مع بعض التغييرات في التقنيات القديمة. كما أن داريو أمودي، الرئيس التنفيذي لشركة الذكاء الاصطناعي الناشئة، «أنثروبيك»، وجينسن هوانغ، الرئيس التنفيذي لشركة «نيفيديا»، متفائلان أيضاً.

قوانين التوسع... هل تتوقف؟

تعود جذور المناقشة إلى عام 2020، عندما نشر جاريد كابلان، وهو فيزيائي نظري في جامعة جونز هوبكنز، ورقة بحثية تُظهِر أن نماذج اللغة الكبيرة أصبحت أكثر قوة وواقعية بشكل مطرد مع تحليل المزيد من البيانات.

أطلق الباحثون على نتائج كابلان «قوانين التوسع (Scaling Laws)»... فكما يتعلم الطلاب المزيد من خلال قراءة المزيد من الكتب، تحسنت أنظمة الذكاء الاصطناعي مع تناولها كميات كبيرة بشكل متزايد من النصوص الرقمية التي تم جمعها من الإنترنت، بما في ذلك المقالات الإخبارية وسجلات الدردشة وبرامج الكومبيوتر.

ونظراً لقوة هذه الظاهرة، سارعت شركات، مثل «OpenAI (أوبن إيه آي)» و«غوغل» و«ميتا» إلى الحصول على أكبر قدر ممكن من بيانات الإنترنت، وتجاهلت السياسات المؤسسية وحتى مناقشة ما إذا كان ينبغي لها التحايل على القانون، وفقاً لفحص أجرته صحيفة «نيويورك تايمز»، هذا العام.

كان هذا هو المعادل الحديث لـ«قانون مور»، وهو المبدأ الذي كثيراً ما يُستشهد به، والذي صاغه في ستينات القرن العشرين المؤسس المشارك لشركة «إنتل غوردون مور»؛ فقد أظهر مور أن عدد الترانزستورات على شريحة السيليكون يتضاعف كل عامين، أو نحو ذلك، ما يزيد بشكل مطرد من قوة أجهزة الكومبيوتر في العالم. وقد صمد «قانون مور» لمدة 40 عاماً. ولكن في النهاية، بدأ يتباطأ.

المشكلة هي أنه لا قوانين القياس ولا «قانون مور» هي قوانين الطبيعة الثابتة. إنها ببساطة ملاحظات ذكية. صمد أحدها لعقود من الزمن. وقد يكون للقوانين الأخرى عمر افتراضي أقصر بكثير؛ إذ لا تستطيع «غوغل» و«أنثروبيك» إلقاء المزيد من النصوص على أنظمة الذكاء الاصطناعي الخاصة بهما، لأنه لم يتبقَّ سوى القليل من النصوص لإلقائها.

«لقد كانت هناك عائدات غير عادية على مدى السنوات الثلاث أو الأربع الماضية، مع بدء تطبيق قوانين التوسع»، كما قال هاسابيس. «لكننا لم نعد نحصل على نفس التقدم».

آلة تضاهي قوة العقل البشري

وقال هاسابيس إن التقنيات الحالية ستستمر في تحسين الذكاء الاصطناعي في بعض النواحي. لكنه قال إنه يعتقد أن هناك حاجة إلى أفكار جديدة تماماً للوصول إلى الهدف الذي تسعى إليه «غوغل» والعديد من الشركات الأخرى: آلة يمكنها أن تضاهي قوة الدماغ البشري.

أما إيليا سوتسكيفر، الذي كان له دور فعال في دفع الصناعة إلى التفكير الكبير، كباحث في كل من «غوغل» و«أوبن أيه آي»، قبل مغادرته إياها، لإنشاء شركة ناشئة جديدة، الربيع الماضي، طرح النقطة ذاتها خلال خطاب ألقاه هذا الشهر. قال: «لقد حققنا ذروة البيانات، ولن يكون هناك المزيد. علينا التعامل مع البيانات التي لدينا. لا يوجد سوى شبكة إنترنت واحدة».

بيانات مركبة اصطناعياً

يستكشف هاسابيس وآخرون نهجاً مختلفاً. إنهم يطورون طرقاً لنماذج اللغة الكبيرة للتعلُّم من تجربتهم وأخطائهم الخاصة. من خلال العمل على حل مشاكل رياضية مختلفة، على سبيل المثال، يمكن لنماذج اللغة أن تتعلم أي الطرق تؤدي إلى الإجابة الصحيحة، وأيها لا. في الأساس، تتدرب النماذج على البيانات التي تولِّدها بنفسها. يطلق الباحثون على هذا «البيانات الاصطناعية».

أصدرت «اوبن أيه آي» مؤخراً نظاماً جديداً يسمى «OpenAI o1» تم بناؤه بهذه الطريقة. لكن الطريقة تعمل فقط في مجالات مثل الرياضيات وبرمجة الحوسبة؛ حيث يوجد تمييز واضح بين الصواب والخطأ.

تباطؤ محتمل

على صعيد آخر، وخلال مكالمة مع المحللين، الشهر الماضي، سُئل هوانغ عن كيفية مساعدة شركته «نيفيديا» للعملاء في التغلب على تباطؤ محتمل، وما قد تكون العواقب على أعمالها. قال إن الأدلة أظهرت أنه لا يزال يتم تحقيق مكاسب، لكن الشركات كانت تختبر أيضاً عمليات وتقنيات جديدة على شرائح الذكاء الاصطناعي. وأضاف: «نتيجة لذلك، فإن الطلب على بنيتنا التحتية كبير حقاً». وعلى الرغم من ثقته في آفاق «نيفيديا»، فإن بعض أكبر عملاء الشركة يعترفون بأنهم يجب أن يستعدوا لاحتمال عدم تقدم الذكاء الاصطناعي بالسرعة المتوقَّعة.

وعن التباطؤ المحتمل قالت راشيل بيترسون، نائبة رئيس مراكز البيانات في شركة «ميتا»: «إنه سؤال رائع نظراً لكل الأموال التي يتم إنفاقها على هذا المشروع على نطاق واسع».

* خدمة «نيويورك تايمز»