جولة خامسة لآستانة اليوم... والدول الضامنة تحاول تجاوز الخلافات

النظام يعلن وقف الأعمال القتالية في درعا 5 أيام

مقاتل معارض في درعا حيث أعلن النظام أمس وقف العمليات القتالية لخمسة أيام (رويترز)
مقاتل معارض في درعا حيث أعلن النظام أمس وقف العمليات القتالية لخمسة أيام (رويترز)
TT

جولة خامسة لآستانة اليوم... والدول الضامنة تحاول تجاوز الخلافات

مقاتل معارض في درعا حيث أعلن النظام أمس وقف العمليات القتالية لخمسة أيام (رويترز)
مقاتل معارض في درعا حيث أعلن النظام أمس وقف العمليات القتالية لخمسة أيام (رويترز)

تنطلق اليوم في العاصمة الكازاخية الجولة الخامسة من مفاوضات «آستانة» السورية التي ترعاها الدول الضامنة، روسيا وتركيا وإيران، بمشاركة ممثلين عن النظام والمعارضة، في محاولة للاتفاق على الصورة النهائية لمناطق خفض التصعيد داخل سوريا وتفاصيل آليات المراقبة، فيما أعلن النظام السوري، أمس، وقف الأعمال القتالية في جنوب البلاد لمدة خمسة أيام.
وتوقع مصدر مطلع من العاصمة الكازاخية آستانة، أن تكون الجولة الحالية من المفاوضات «غاية في الأهمية»، وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «جدول الأعمال الذي أعلنته الدول الضامنة لم يتغير وسيتم بحث معايير تحديد مناطق خفض التصعيد، وأي اقتراحات أخرى هي شأن الدول الضامنة الراعية للعملية». وأشار إلى «مشاورات مستمرة حاليا في العاصمة الكازاخية على مستوى الخبراء، حول الترتيبات النهائية لتلك المعايير»، وربط احتمالات تحقيق تحول في التسوية السورية خلال «آستانة- 5» بنجاح المشاورات الأخيرة الجارية حاليا بين ممثلي الدول الضامنة. ولفت المصدر إلى «رغبة جدية لدى المشاركين بتجاوز النقاط الخلافية، والخروج بنتيجة محددة وواضحة لطرحها لاحقا على الأطراف السورية»، ودعا إلى التريث في التوقعات، لافتاً بحذر إلى أنه «ما زالت هناك نقاط خلافية جدية عالقة حول تلك المناطق». وقالت وكالة «تاس» إن الخبراء من الدول الضامنة سيعقدون اجتماعات في العاصمة الكازاخية قبل انعقاد اجتماع آستانة لاستكمال مشاوراتهم حول معايير مناطق خفض التصعيد.
إلى ذلك، عقد وفدا تركيا وروسيا، أمس، مباحثات فنية في العاصمة الكازاخية، قبيل انطلاق الجولة الخامسة من اجتماعات آستانة حول الأزمة السورية، وقالت مصادر دبلوماسية تركية إن الوفدين التقيا في أحد فنادق آستانة ومن بعدها التقى الوفدان التركي والإيراني.
وقالت المصادر لوكالة أنباء الأناضول التركية، دون ذكر تفاصيل عن فحوى المباحثات الفنية، إنه من المنتظر أن تعقد الدول الضامنة تركيا وروسيا وإيران اجتماعا ثلاثيا تحضيريا، ظهر اليوم، قبل انطلاق الاجتماع الرئيسي الذي يستغرق يومين.
والتقى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أول من أمس، وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو بحضور رئيسي الأركان الجنرال خلوصي أكار والمخابرات هاكان فيدان حيث قام شويغو بزيارة مفاجئة لإسطنبول عقب الاتصال الهاتفي الذي جرى الجمعة بين الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان والروسي فلاديمير بوتين.
وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين، الذي شارك في اجتماع إردوغان وشويغو، في مؤتمر صحافي، أمس، إن المحادثات بين إردوغان وشويغو ركزت على اجتماع آستانة وإن وزير الدفاع الروسي جاء إلى إسطنبول بناء على طلب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وأضاف كالين: «نوقشت جميع تفاصيل عملية آستانة، التي يجري تنفيذها بالتوازي مع عملية جنيف بقيادة الأمم المتحدة. نحن نبذل كل الجهود لجعل عملية آستانة ناجحة، أرسلنا وفدا فنيا مكونا من وزارة الخارجية ورئاسة أركان الجيش وجهاز المخابرات إلى آستانة».
وتابع: «سنبذل جهودا مكثفة لإنجاز هذه العملية وتحقيق انتقال سياسي ونقل المساعدة الإنسانية. وبعد الاجتماعات الفنية في آستانة من المحتمل أن يلتقي الرئيس رجب طيب إردوغان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم 8 يوليو (تموز) الجاري على هامش قمة مجموعة العشرين في هامبورغ بألمانيا».
وبحسب القيادي في المعارضة السورية، عضو وفدي المفاوضات في آستانة وجنيف، فاتح حسون: «سيركز اجتماع آستانة- 5 على المباحثات المستمرة بين الضامنين التركي والروس، وما ينتج عنهما من طروحات تشارك الفصائل العسكرية بها، كون الضامن التركي يترك مجال الموافقة والرفض والتعديل لفصائل المعارضة».
وبشأن نشر قوات مراقبة في «مناطق خفض التوتر»، قال حسون، وهو القائد العام لحركة «تحرير الوطن»، لوكالة الأناضول، إن هذا الأمر موجود من بداية طرح الروس لمناطق خفض التصعيد، ولم نعلم رسميا حتى الآن من هي القوات التي ستنفذ ذلك، وما هي آلياتها لكن هذا الأمر بالتأكيد موضع مباحثات دولية قد تفضي إلى اتفاق.
وحول موقف المعارضة من طرح نشر قوات إيرانية في محيط دمشق، أجاب بأن المعارضة «لم ولن ولا تقبل بذلك». وعن بدائل القوات الإيرانية، اعتبر أن «الرفض يعني طلب قوات من دول أخرى، وهناك فرق بين ما نطلبه وما يمكن تحقيقه، لذا نحن غير موافقين على أي دور لإيران في سوريا».
إلى ذلك كثفت موسكو خلال اليومين الماضين جهودها حول مناطق خفض التصعيد في سوريا، تمهيدا للقاء «آستانة- 5» اليوم، وكذلك في إطار التحضيرات لمحادثات سيجريها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في هامبورغ نهاية الأسبوع الجاري مع عدد من قادة دول مجموعة العشرين، حيث سيلتقي لأول مرة مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، كما سيواصل محادثاته مع الرئيسين الفرنسي إيمانويل ماكرون، والتركي رجب طيب إردوغان، وسيكون الملف السوري رئيسيا في تلك المحادثات.
ويوم أمس أكد يوري أوشاكوف، معاون بوتين أن المحادثات مع الرئيس ترمب ستتناول الأزمة السورية، إلا أن موسكو ما زالت ترى الأولوية للتصدي للإرهاب. وقال أوشاكوف إنه «من الطبيعي أن يجري بحث المسألتين السورية والأوكرانية، لكننا نرى أنه خلال اللقاء بين قادة الدول الكبرى يجب بحث مشكلة الإرهاب الدولي بالدرجة الأولى». مع ذلك فإن معاون الرئيس الروسي يرى أن «تنسيق الجهود مع الولايات المتحدة في إطار الوضع في سوريا يتمتع بأهمية خاصة»، وعبر عن قناعته بأنه «بوسع البلدين القيام بالكثير معاً لتسوية النزاعات الإقليمية» وليس في سوريا فقط بل وفي اليمن وفلسطين وأوكرانيا.
ويوم أمس بحث بوتين الملف السوري خلال اجتماع مع أعضاء مجلس الأمن القومي الروسي، وقال الكرملين إن الاجتماع تناول ملفات دولية وبصورة خاصة الملف السوري على ضوء لقاء آستانة المرتقب اليوم.
وكان المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالي، أعلن قبل أسبوعين، أنه يتم العمل على آلية تقضي بوجود قوات بين مناطق سيطرة النظام والمعارضة في سوريا وأن العمل جارٍ على آلية تقضي بوجود قوات روسية تركية في منطقة إدلب، وروسية إيرانية في محيط دمشق، وأردنية أميركية في درعا (جنوب). كما كشف عن مقترح روسي لإرسال قوات محدودة من قرغيزستان وكازاخستان إلى سوريا، مضيفا أن هذه القوات يمكن أن تشارك أيضا في قوة المهام المأمولة.



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.