الفتيات الصغيرات يتصدرن إنتاجات الشاشتين الصغيرة والكبيرة

الأعمال انعكاس لتقدم المساواة بين الجنسين

الطفلة ميلي بوبي براون في «سترينجر ثينغز» (واشنطن بوست)
الطفلة ميلي بوبي براون في «سترينجر ثينغز» (واشنطن بوست)
TT

الفتيات الصغيرات يتصدرن إنتاجات الشاشتين الصغيرة والكبيرة

الطفلة ميلي بوبي براون في «سترينجر ثينغز» (واشنطن بوست)
الطفلة ميلي بوبي براون في «سترينجر ثينغز» (واشنطن بوست)

من القاتلة لورا في «لوغان» إلى «الغامضة إليفين» في «سترينجر ثينغز»، إلى إصرار «ميغا» الجريء في «أوكجا» الذي افتتح الأسبوع الماضي... تتصدر الفتيات الصغيرات بطولات أفلام الحركة والمغامرة هذه الفترة أكثر من أي وقت مضى.
تقول ماري سيليست كيارني، مديرة دراسات متعلقة بالجنسين وأستاذة التمثيل السينمائي والمسرحي في جامعة نوتردام: «صحيح أن نانسي درو اشتهرت بحل الألغاز في الثلاثينات، وبافي حاربت مصاصي الدماء في مدرستها الثانوية في التسعينات، إلا أنه نادراً ما كانت المسلسلات والأفلام تركز على اختيار فتاة للعب دور البطولة».
وتضيف: «شاهدت الفتيات هذه الشخصيات... ولكن حين كنّ يتابعن العروض العامة والنمطية، وما كان آباؤهم، وإخوانهم، والفتيان يشاهدونه، لم يكن للفتيات ظهور خلاله. أما الآن، فهن موجودات، وهو أمر مهم جداً».
هذا يعني أن الفتيات لم يعدن مضطرات لمشاهدة أبطال راشدين كـ«كاتنيس إيفردين» في «ذا هنجر جيمز» (مباريات الجوع) أو «ريي» في «ستار وورز ذا فورس أويكنز». وباتت الفتيات اليوم يلعبن أدواراً مغامرة رائعة ويظهرن كأولاد أقوياء على الشاشة، كما ظهرت البطلة «إليوت» ذات العشرة أعوام على دراجتها الهوائية الطائرة في فيلم «إي.تي. ذا إكستراتيريستريال».
اعتبر الأخوان «دافر» أن الجنس لم يكن يوماً شرطاً لصنع شخصية بطل خارق يتمتع بقوى استثنائية في مسلسلهم الذي يعرض على «نيتفليكس» «سترينجر ثينغز». فقد جسدت إميلي بوبي براون ذات السنوات الـ13 شخصية «إليفين» الصغيرة التي تتمتع بالقدرة على تحريك الأشياء بعقلها، بالإضافة إلى لعبها دور «إنديانا»، الصديقة السرية الرائعة لمجموعة من الفتيان في مرحلة ما قبل المراهقة في القرية الخيالية «هوكنز».
في مقابلة حديثة، قال مات دافر: ««إليفين» كانت فتاة منذ البداية. لا أتذكر متى ولا أين اتخذنا هذا القرار، ولكنها كانت دائماً فتاة». وأضاف أن «إليفين» هي الشخصية المحورية في العرض بالنسبة لهم وكانت ستظل دوماً الفتاة التي هربت من المخبر. واعتبر أن الفكرة لاقت هذا الإعجاب لأنها جديدة ولم يرها الناس قبلاً.
ومن المنتظر أن تنضم فتاة جديدة إلى طاقم الفيلم في موسمه الثاني الذي سينطلق عرضه الأول في 31 أكتوبر (تشرين الأول). وقال الكاتب والمخرج «بونغ هو» إنه تعمد اختيار فتاة لأداء دور البطولة في فيلم «أوكجا»، فيلم الحركة العالمي، الذي أوكلت فيه البطلة حماية خنزير مطور جينياً يبلغ وزنه ستة أطنان.
واعتبر «هو» أن أفلام الكرتون أو الأفلام السينمائية غالباً ما تصور الفتيات الصغيرات على أنهن مخلوقات تحتاج إلى الإنقاذ والحماية. وأضاف أنه أحب فكرة أن تلعب فتاة صغيرة دور الحارس الحامي لأحد المخلوقات، وعليها أن تتجاوز جميع العقبات التي تقف في طريقها، وأنه أحب هذا الشعور.
وبعد أن طلبت الشركة المنتجة تحقيق منتجها على أرض الواقع، لعبت «آن سيو هيون» دور الفتاة «ميجا» التي ترعرعت مع «أوكجا» وخاطرت بكل شيء لحماية المخلوق الكبير الحجم.
إن ما يفتقر إليه «أوجا» وغيره من المشاريع اليوم هو صورة الفتاة الصغيرة النمطية التي تحتاج إلى الإنقاذ.
أما عن كاتب ومخرج «لوغان» جايمس مانغولد، فلا يمكن القول إن فكرة إسناد بطولة مشروعه للصغيرة «لورا» فكرة مبتكرة يستحق التقدير عليها، لأنه استوحاها من تاريخ «ذا إكس - مان». إلا أن مانغولد اختار ممثلة استثنائية تبلغ 11 عاماً من العمر تدعى «دافني كين»، استطاعت أن تتقن دور المرأة القاتلة في عالم أبطال الشاشة الخارقين المخصص للذكور.
اختار أن يجعل «لورا» فتاة صغيرة لا مراهقة كما جاء في القصة المصورة، مراعياً نوع العلاقة التي ستربطها بالممثل «هيو جاكمان» والصدمة التي قد تسببها حينما تظهر الفتاة مخالبها.
تماماً كـ«هيت غيرل» في فيلم «كيك آس» في عام 2012. استوحى الكاتب شخصية لورا من صورة الأب، إذ إنها ابنة «وولفرين» وتتمتع بقوة وقدرة كبيرتين على تمزيق اللحم، تماماً كوالدها.
وقال مانغولد إنه لم يظن أبدا إن الطبيعة الصادمة لقدرة لورا على القتل بطريقة وحشية ستأتي بشكل جذاب ومؤثر، خاصة وأنها فتاة وليست صبيا، وإن الأفعال المميتة في الفيلم ستمارسها فتاة صغيرة. وأضاف: «تساءلت ما إذا كان بإمكاننا أن نجذب الناس من خلالها، وما إذا كان الجمهور سيصدق فعلاً أن هذا المستوى من العنف والقوة محبوس في جسد فتاة في عامها الحادي عشر. بالنسبة إلي، هذا العامل كان الأكثر إثارة وتحفيزاً لعرض العمل على الشاشة».
وشرح مانغولد كيف أنه اعتنى بشخصية لورا التي لم تنطق بكلمة خلال النصف الأول من الفيلم، وتكلمت بالإسبانية فقط في الجزء الثاني منه، سعياً منه للقضاء على الظرافة الطبيعية التي تسيطر عادة على شخصية فتاة في هذه السن، وإفساحاً في المجال أمام الدور الجديد والفريد من نوعه الذي ستلعبه.
من الملاحظ أيضاً أن هذه الشريحة الجديدة من بطلات الأفلام والمسلسلات ليست محصورة بفتيات بيض البشرة. بالعودة إلى كيارني، اعتبرت المختصة في الدراسات المعنية بالجنسين، أن هذه الأدوار التي تلعبها الفتيات تتأثر بما هو أكثر من مجرد شخصية «المرأة الخارقة»، وأن التاريخ، إلى جانب السياسات المتعلقة بالجنسين في مراحل تاريخية مهمة يلعبا دوراً كبيراً.
وأضافت أن النساء والفتيات الصغيرات اللواتي يتميزن بالقوى على الشاشات، يعكسن موقفاً أكثر تقدماً فيما يتعلق بالمساواة بين الجنسين، موضحة أن بعض الكتاب والمنتجين يمكن أن يكونوا قد استوحوا صنع بطلات مشابهات رغبة منهم في رؤية قيادات نسائية رائدة في حياتنا الحقيقية.
وشرحت كيارني أن المجموعة الأخيرة من الشخصيات موجودة جميعها في «الخيالات الروائية»، أي حيث يمكن للناس أن يتمتعوا بالقوى الخارقة.
وأكملت المتخصصة قائلة إن التفكير أن هذه الشخصيات غير موجودة في حقيقتنا بل في حقائق أخرى، أي التفكير بأن الفتيات يمكن أن يكنّ بطلات خارقات خياليات ولكن لا يمكنهن أن يكن رئيسات دول في الحياة الواقعية، أمر محبط.
على سبيل المثال، لم يلق فيلم «بيلي إليوت» الرائع والواقعي (إنتاج عام 2000) الذي يتحدث عن فتى في الحادية عشرة من عمره استطاع التعرف إلى حقيقة الجنسين والهوية من خلال الرقص، والذي أعيد إنتاجه بعد سنوات في 2016 مع إعطاء الدور نفسه لفتاة في الحادية عشرة، النجاح نفسه.
بطولة الفتيات الصغيرات لأفلام الحركة هي مجرد بداية، خصوصا أنها تلقى إقبالاً واسعاً بين الجماهير. واعتبرت كيارني أن هذه الأفلام تتمتع بتأثير ثقافي قوي جداً عبر مشاهدة الفتيات لشبيهاتهن يقمن بهذه الأدوار، ورؤية الفتيان للفتيات يقمن بها أيضاً، حيث إنه لا يمكن لفتى أن يشاهد «لوغان» تلعب هذا الدور القوي دون أن يعي أنها فتاة.
وقال: «الأخوان دافر» أن «إيليين» هي الشخصية الأشهر في المسلسل والشخصية المغامرة الأكثر مبيعاً. أما مانغولد، فقد لفت إلى أنه عندما زار ابنيه اللذين لم يبلغا مرحلة المراهقة بعد موقع تصوير فيلم «لوغان»، استمتعا بمشاهدة لورا أكثر من «وولفرين» نفسه، وشدد قائلاً: «كانا مأخوذين بها. من المشجع أن يرى الناس فتاة صغيرة مختلفة عن صورة ألعاب العرائس. هذا ما يحصل فعلاً عندما يكون أحدهما في وسط خلاف، شخص يبحث عن شيء معين، أو شخص قادر ومسؤول، شخص انتهى به الأمر في فيلمي وهو يقدم نصيحة جميلة ومؤثرة عن الحكمة والاستقرار».
*خدمة «واشنطن بوست»
خاص بـ{الشرق الأوسط}



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».