الأحوازيون... بين الإعلام الحكومي والعربي

القنوات الخليجية والعراقية تركت أثرها على أنماط الحياة... والرسمية أخفقت في كسب ثقة الشارع

مشهد من مسلسل «هلال وهيل» الساخر من إنتاج التلفزيون الرسمي الإيراني (موقع التلفزيون الإيراني)  -  مقدم برامج تلفزيونية على ظهر جواد يقدم برنامج «أنا وهلي» وهو ضمن برامج أطلقها التلفزيون الرسمي لمخاطبة الأحوازيين
مشهد من مسلسل «هلال وهيل» الساخر من إنتاج التلفزيون الرسمي الإيراني (موقع التلفزيون الإيراني) - مقدم برامج تلفزيونية على ظهر جواد يقدم برنامج «أنا وهلي» وهو ضمن برامج أطلقها التلفزيون الرسمي لمخاطبة الأحوازيين
TT

الأحوازيون... بين الإعلام الحكومي والعربي

مشهد من مسلسل «هلال وهيل» الساخر من إنتاج التلفزيون الرسمي الإيراني (موقع التلفزيون الإيراني)  -  مقدم برامج تلفزيونية على ظهر جواد يقدم برنامج «أنا وهلي» وهو ضمن برامج أطلقها التلفزيون الرسمي لمخاطبة الأحوازيين
مشهد من مسلسل «هلال وهيل» الساخر من إنتاج التلفزيون الرسمي الإيراني (موقع التلفزيون الإيراني) - مقدم برامج تلفزيونية على ظهر جواد يقدم برنامج «أنا وهلي» وهو ضمن برامج أطلقها التلفزيون الرسمي لمخاطبة الأحوازيين

تتجاذب الأسر العربية في الأحواز، جنوب غربي إيران، بين القنوات الرسمية والقنوات العربية الوافدة من وراء الحدود بفضل التطور التكنولوجي ودخول الأقمار الصناعية في كل بيت، رغم الحظر المستمر والملاحقة القانونية في البلاد.
ورغم الانقطاع القسري بين الأحوازيين العرب مع الدول العربية الأخرى وحرمانهم من إصدار صحف ومجلات باللغة العربية، فإنهم يتفاعلون بشكل واسع مع تطورات الدول العربية. ويشكّل التلفزيون الوسيلة الأولى للحفاظ على التواصل وبينما ينظر الأحوازيون بعين الشك والريبة لوسائل الإعلام الحكومية، ينظرون بثقة أكبر للإعلام الوافد من وراء الحدود.
وترك هذا التفاعل مع القنوات العربية خلال العقد الماضي، أثره على أنماط الحياة واللغة العربية في الأحواز. ونظرا للجوء الأسر العربية إلى برامج التلفزيونية المخصصة للأطفال؛ فإن علاقة الجيل الجديد تطورت أفضل من سابقيه باللغة العربية في سنوات ما قبل الدارسة التي تجبر العرب على تعلم اللغة الفارسية.
إضافة إلى ذلك، فالقنوات الإخبارية العربية تشكل الخيار الأفضل للعرب لكسب المعلومة ومتابعة الأخبار وبرامج السياسية خاصة البرامج الحوارية. كما أن للقنوات الرياضة العربية نصيبها لأن تستحوذ على شعبية واسعة مقابل القنوات الرياضية الإيرانية، وبخاصة متابعة الدوريات الكروية العالمية والخليجية.
ورغم تنوع البرامج المرئية في القنوات الإيرانية وظهور قنوات خاصة تكسر احتكار الحكومي، فإن الإعلام الإيراني يخوض معركة خاسرة ضد الإعلام العربي في المناطق العربية، وفق ما تظهره المعطيات.
يقطن العرب على الشريط الساحلي الشرقي للخليج بداية من مضيق هرمز وحتى حدود محافظة واسط العراقية. وتتفاوت اهتماماتهم نظرا للهجة والبيئة، ففي الحدود مع العراق يلحظ التفاعل مع بسبب المشتركات اللغوية والتراث واللغة وفي أوضاع مشابهة، فإن أهل المدن الجنوبية والقريبة من الخليج أكثر اهتماما بالقنوات الخليجية. لكن المتابعة لا تنحصر بالقنوات الخليجية والعراقية، وإنما المتلقي العربي يتابع القنوات العربية المتوافرة في قائمة قمري «عرب سات ونيل سات».
في هذا الصدد، عزا خبير إعلامي ومنتج تلفزيوني تحدث لـ«الشرق الأوسط»، توجه المشاهد العربي في الأحواز إلى بحثه عن برامج تلفزيونية ومسلسلات «تعبر عن هواجسه ولغته وبيئته»، وينوه إلى أن البرامج التلفزيونية وفي مقدمتها المسلسلات التي تعرض على شاشة التلفزيون الإيراني «لا تمت بصلة للمجتمع العربي، سواء كان من جانب اللغة أو الثيمات الاجتماعية التي تعالجها القنوات التلفزيونية». ويشير إلى أن «المواطن العربي لديه تجربة سيئة من البرامج المنتجة في التلفزيون الإيراني، حيث تقدم صورة مشوهة ومختلفة عن العرب خاصة الأحوازيين».
ويؤكد الخبير في حديثه، أن «أرقام وبيانات رسمية» تثبت ابتعاد المتلقي العربي من الشاشة الإيرانية.
وعن تأثير برامج معدة باللغة العربية وقريبة من اللهجة الشعبية في الأحواز، يشير مواطن في حديثه إلى برامج ساخرة أعدها التلفزيون الرسمي في الأحواز، ويقول: إن «مسلسلا ساخرا استطاع جذب المشاهدين؛ كونه قائما على قصص مستوحاة من التراث الشعبي». وبحسب هذا المواطن، فإن المسلسل «تمكن من خطف اهتمام الأسر الأحوازية بشكل واسع خلال رمضان العام الماضي، لكن الجزء الثاني هذا العام واجه مقص الرقابة بسبب تطرقه لهموم الشارع، مثل البطالة والتلوث البيئي».
وعن القنوات العربية القادمة من وراء الحدود وخطفت ود الأحوازيين، كشف الخبير التلفزيوني، عن أن «القنوات الفضائية العراقية، على رأسها قناتا الشرقية والسومرية، تحتل الصدارة بين القنوات العربية، وفقا لإحصائيات أجرتها هيئة الإذاعة والتلفزيون». وأضاف، أن «القنوات الخليجية تحتل المرتبة الثانية بسبب المشتركات الثقافية واللغوية».
وتظهر استطلاعات الرأي أن نسبة مشاهدة المسلسلات العربية تصل إلى ضعف نسبة مشاهدة المسلسلات الإيرانية، وأن 68 في المائة من بين الذين استطلعت آراءهم هيئة الإذاعة والتلفزيون في الأحواز قالوا إنهم يتابعون القنوات العربية فقط، بينما قال 28 في المائة إنهم لم يتابعوا أي قناة عربية.
ومن بين الأسباب التي تدفع الشارع العربي في الأحواز هو تجاهل الإعلام الإيراني للمناسبات والأعياد التي يحتفل بها الأحوازيون، أكثر من غيرهم في إيران، مثل مظاهر عيدي الفطر والأضحى، والاحتفالات التي تعم المدن العربية في أيام الأعياد.
ويبلغ الاختلاف بين احتفاء المدن العربية في الأعياد الإسلامية وغيرها من المدن الإيرانية إلى درجة تجعل المطلع عليها ينسى أنه يتجول في بيئة داخل الجغرافيا الإيرانية.
وعن أجواء التفاعل مع القنوات العربية خلال شهر رمضان، يقول مواطن: «أنا لدي في البيت صحنان لاقطان، وهذا شأن أغلب البيوت هنا». ويشدد، أن أيام شهر رمضان هي أكثر فترة زمنية يتابع فيها الأحوازيون برامجهم المفضلة في القنوات العربية، مضيفا أن المسلسلات «تحتل الصدارة». ویضیف «أعدت تقويم الصحنين قبل أيام رمضان بتنظيم اتجاهاتهما وضبطهما مرة أخرى لكي نتمكن من متابعة المسلسلات».
وبحسب هذا المواطن فإن «مسلسل (غرابيب سود) خطف اهتمام غالبية الأسر الأحوازية خلال أيام رمضان».
مواطن آخر، ذكر أن القنوات العربية المسلسلات التلفزيونية «تترك تأثيرها في المصطلحات والأمثال التي تروّج في الشارع، وفي موضة الأزياء، وزيادة إقبال العرب على الزي العربي التقليدي، وازدهار المحال التي تبيع هذا النوع من الأزياء». ويقول إن «الإعلانات التجارية في القنوات العربية خلال شهر رمضان مثلا، تركت تأثيرها حتى على المذاق، حيث إن أغلب الكاكاو والشوكولاته كانت من الدول العربية المستوردة من الموانئ الجنوبية، على الرغم من وجود شركات كبيرة تعرف بصناعة أنواع الحلويات والشوكولاته في إيران».
ومع ذلك، فإن السلطات الإيرانية بموازاة وضعها برامج تغري المشاهد بالمتابعة، تبحث عن سبل تقنية لوقف تدفق القنوات العربية، ومن أجل ذلك لجأت إلى استخدام أجهزة تشويش تمنع تدفع الأمواج التلفزيونية من الأقمار الصناعية رغم تحذيرات طبية من مخاطر انتشار أمراض السرطان نتيجة أجهزة التشويش.
ويقول خبير صحي إن «التشويش مشكلة يعاني منها الشعوب في إيران كلها، وتتسبب في أمراض في الجهاز العصبي والمخ». ويضيف: إن «التشويش على القنوات التي تحسبها معادية لها وبسبب موجة العداء الإيراني تجاه العرب؛ فإن التشويش على القنوات العربية، وبخاصة تلك التي لا تلائم السياسات الإيرانية يصبح أقوى، ويسبب صعوبة في التقاط القنوات».
* يشار إلى أن المشاركين في التقرير تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» شرط عدم الكشف عن هويتهم لأسباب أمنية.



كيف يؤطّر الإعلام المعارك ويتلاعب بسردياتها؟

دخان يتصاعد خلال عملية عسكرية إسرائيلية على مخيم «نور شمس» للاجئين قرب مدينة طولكرم في الضفة الغربية (إ ب أ)
دخان يتصاعد خلال عملية عسكرية إسرائيلية على مخيم «نور شمس» للاجئين قرب مدينة طولكرم في الضفة الغربية (إ ب أ)
TT

كيف يؤطّر الإعلام المعارك ويتلاعب بسردياتها؟

دخان يتصاعد خلال عملية عسكرية إسرائيلية على مخيم «نور شمس» للاجئين قرب مدينة طولكرم في الضفة الغربية (إ ب أ)
دخان يتصاعد خلال عملية عسكرية إسرائيلية على مخيم «نور شمس» للاجئين قرب مدينة طولكرم في الضفة الغربية (إ ب أ)

سواء في الحرب الروسية - الأوكرانية، أو الحروب المشتعلة في الشرق الأوسط راهناً، لعب الإعلام دوراً مثيراً للجدل، وسط اتهامات بتأطير مخاتل للصراعات، وصناعة سرديات وهمية.

هذا الدور ليس بجديد على الإعلام، حيث وثَّقته ورصدته دراسات دولية عدة، «فلطالما كانت لوسائل الإعلام علاقة خاصة بالحروب والصراعات، ويرجع ذلك إلى ما تكتسبه تلك الحروب من قيمة إخبارية بسبب آثارها الأمنية على الجمهور»، حسب دراسة نشرتها جامعة كولومبيا الأميركية عام 2000.

الدراسة أوضحت أن «الصراع بمثابة الأدرينالين في وسائل الإعلام. ويتم تدريب الصحافيين على البحث عن الخلافات والعثور على الحرب التي لا تقاوم. وإذا صادفت وكانت الحرب مرتبطة بهم، يزداد الحماس لتغطيتها».

لكنَّ الأمر لا يتعلق فقط بدور وسائل الإعلام في نقل ما يدور من أحداث على الأرض، بل بترويج وسائل الإعلام لروايات بعضها مضلِّل، مما «قد يؤثر في مجريات الحروب والصراعات ويربك صانع القرار والمقاتلين والجمهور والمراقبين»، حسب خبراء وإعلاميين تحدثوا مع «الشرق الأوسط»، وأشاروا إلى أن «الإعلام في زمن الحروب يتخندق لصالح جهات معينة، ويحاول صناعة رموز والترويج لانتصارات وهمية».

يوشنا إكو

حقاً «تلعب وسائل الإعلام دوراً في الصراعات والحروب»، وفق الباحث الإعلامي الأميركي، رئيس ومؤسس «مركز الإعلام ومبادرات السلام» في نيويورك، يوشنا إكو، الذي قال إن «القلم أقوى من السيف، مما يعني أن السرد حول الحروب يمكن أن يحدد النتيجة».

وأشار إلى أن قوة الإعلام هي الدافع وراء الاستثمار في حرب المعلومات والدعاية»، ضارباً المثل بـ«الغزو الأميركي للعراق الذي استطاعت إدارة الرئيس الأسبق جورج بوش تسويقه للرأي العام الأميركي باستخدام وسائل الإعلام».

وأضاف إكو أن «وسائل الإعلام عادةً ما تُستخدم للتلاعب بسرديات الحروب والصراعات للتأثير في الرأي العام ودفعه لتبني آراء وتوجهات معينة»، مشيراً في هذا الصدد إلى «استخدام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وسائل الإعلام لتأطير الحرب ضد أوكرانيا، وتصويرها على أنها عملية عسكرية وليست حرباً».

لكنَّ «الصورة ليست قاتمة تماماً، ففي أحيان أخرى تلعب وسائل الإعلام دوراً مناقضاً»، حسب إكو، الذي يشير هنا إلى دور الإعلام «في تشويه سمعة الحرب الأميركية في فيتنام مما أجبر إدارة الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون على الاعتراف بالخسارة ووقف الحرب».

وبداية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عُقدت الحلقة الدراسية الإعلامية الدولية الثلاثية للأمم المتحدة حول السلام في الشرق الأوسط بجنيف، لبحث التحديات في متابعة «حرب غزة». وأشارت المناقشات إلى «تأطير الإعلام إسرائيل على أنها بطل للرواية، حيث تكون إسرائيل هي الأخيار وفلسطين وحماس الأشرار»، ولفتت المناقشات إلى أزمة مماثلة خلال تغطية الحرب الروسية - الأوكرانية. وقالت: «من شأن العناوين الرئيسية في التغطية الإعلامية أن تترك المرء مرتبكاً بشأن الوضع الحقيقي على الأرض، فلا سياق للأحداث».

ستيفن يونغبلود

وهنا، يشير مدير ومؤسس «مركز صحافة السلام العالمية» وأستاذ الإعلام ودراسات السلام في جامعة بارك، ستيفن يونغبلود، إلى أن «الصحافيين يُدفعون في أوقات الحروب إلى أقصى حدودهم المهنية والأخلاقية». وقال: «في هذه الأوقات، من المفيد أن يتراجع الصحافي قليلاً ويأخذ نفساً عميقاً ويتمعن في كيفية تغطية الأحداث، والعواقب المترتبة على ذلك»، لافتاً في هذا الصدد إلى «صحافة السلام بوصفها وسيلة قيمة للتأمل الذاتي». وأضاف أن «الإعلام يلعب دوراً في تأطير الحروب عبر اعتماد مصطلحات معينة لوصف الأحداث وإغفال أخرى، واستخدام صور وعناوين معينة تخدم في العادة أحد طرفي الصراع».

وتحدث يونغبلود عن «التباين الصارخ في التغطية بين وسائل الإعلام الغربية والروسية بشأن الحرب في أوكرانيا»، وقال إن «هذا التباين وحرص موسكو على نشر سرديتها على الأقل في الداخل هو ما يبرر تأييد نحو 58 في المائة من الروس للحرب».

أما على صعيد «حرب غزة»، فيشير يونغبلود إلى أن «أحد الأسئلة التي كانت مطروحة للنقاش الإعلامي في وقت من الأوقات كانت تتعلق بتسمية الصراع هل هو (حرب إسرائيل وغزة) أم (حرب إسرائيل وحماس)؟». وقال: «أعتقد أن الخيار الأخير أفضل وأكثر دقة».

ويعود جزء من السرديات التي تروجها وسائل الإعلام في زمن الحروب إلى ما تفرضه السلطات عليها من قيود. وهو ما رصدته مؤسسة «مراسلون بلا حدود»، في تقرير نشرته أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أشارت فيه إلى «ممارسة إسرائيل تعتيماً إعلامياً على قطاع غزة، عبر استهداف الصحافيين وتدمير غرف الأخبار، وقطع الإنترنت والكهرباء، وحظر الصحافة الأجنبية».

خالد القضاة

الصحافي وعضو مجلس نقابة الصحافيين الأردنيين، خالد القضاة، يرى أن «الدول والمنظمات التي تسعى لفرض الإرادة بقوة السلاح، عادةً ما تبدأ حروبها بالإعلام». وأوضح أن «الإعلام يُستخدم لتبرير الخطوات المقبلة عبر تقديم سرديات إما مشوَّهة وإما مجتزَأة لمنح الشرعية للحرب».

وقال: «في كثير من الأحيان تُستخدم وسائل الإعلام للتلاعب بالحقائق والشخوص وشيطنة الطرف الآخر وإبعاده عن حاضنته الشعبية»، وأشار إلى أن ذلك «يكون من خلال تبني سرديات معينة والعبث بالمصطلحات باستخدام كلمة عنف بدلاً من مقاومة، وأرض متنازع عليها بدلاً من محتلة».

وأضاف القضاة أن «تأطير الأحداث يجري أيضاً من خلال إسباغ سمات من قبيل: إرهابي، وعدو الإنسانية، على أحد طرفَي الصراع، ووسم الآخر بـ: الإصلاحي، والمدافع عن الحرية، كل ذلك يترافق مع استخدام صور وعناوين معينة تُسهم في مزيد من التأطير»، موضحاً أن «هذا التلاعب والعبث بسرديات الحروب والصراعات من شأنه إرباك الجمهور والرأي العام وربما التأثير في قرارات المعارك ونتائجها».

ولفت إلى أنه «قياساً على الحرب في غزة، يبدو واضحاً أن هذا التأطير لتغليب السردية الإسرائيلية على نظيرتها في الإعلام الغربي». في الوقت نفسه أشار القضاة إلى «إقدام الإعلام على صناعة رموز والحديث عن انتصارات وهمية وزائفة في بعض الأحيان لخدمة سردية طرف معين، وبث روح الهزيمة في الطرف الآخر».

منازل ومبانٍ مدمَّرة في مخيم المغازي للاجئين خلال العملية العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة (إ.ب.أ)

كان «مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية» قد أشار في تقرير نشره في ديسمبر (كانون الأول) 2023، إلى أن «اللغة التحريضية لتغطية وسائل الإعلام الأميركية للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي تؤثر في تصور المجتمعات المختلفة بعضها لبعض ويمكن أن تكون سبباً لأعمال الكراهية». وأضاف: «هناك تحيز في وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي بهدف إثارة رد فعل عاطفي، بدلاً من تقديم رؤية حقيقية للأحداث».

حسن عماد مكاوي

عميد كلية الإعلام الأسبق بجامعة القاهرة، الدكتور حسن عماد مكاوي، يرى أن «توظيف الدول وأجهزة الاستخبارات لوسائل الإعلام أمر طبيعي ومتعارف عليه، لا سيما في زمن الحروب والصراعات». وقال إن «أحد أدوار الإعلام هو نقل المعلومات التي تؤثر في اتجاهات الجماهير لخدمة أهداف الأمن القومي والسياسة العليا». وأضاف أن «وسائل الإعلام تلعب هذا الدور بأشكال مختلفة في كل دول العالم، بغضّ النظر عن ملكيتها، وانضمت إليها حديثاً وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يجري توظيف شخصيات تبدو مستقلة للعب نفس الدور ونقل رسائل الدولة أو الحكومة».

وأشار مكاوي إلى أن «هذه العملية لا تخلو من ترويج الشائعات ونشر أخبار مضللة، والتركيز على أمور وصرف النظر عن أخرى وفق أهداف محددة مخططة بالأساس». وضرب مثلاً بـ«حرب غزة» التي «تشهد تعتيماً إعلامياً من جانب إسرائيل لنقل رسائل رسمية فقط تستهدف تأطير الأحداث في سياق معين».