خطة لكبار رجال الدولة للتوسع في برامج «الحماية الاجتماعية»

الرئيس المصري شارك في اجتماع قادة الحكومة والجيش والمخابرات والرقابة الإدارية

الرئيس عبد الفتاح السيسي لدى اجتماعه بكبار رجال الدولة في القاهرة أمس («الشرق الأوسط})
الرئيس عبد الفتاح السيسي لدى اجتماعه بكبار رجال الدولة في القاهرة أمس («الشرق الأوسط})
TT

خطة لكبار رجال الدولة للتوسع في برامج «الحماية الاجتماعية»

الرئيس عبد الفتاح السيسي لدى اجتماعه بكبار رجال الدولة في القاهرة أمس («الشرق الأوسط})
الرئيس عبد الفتاح السيسي لدى اجتماعه بكبار رجال الدولة في القاهرة أمس («الشرق الأوسط})

بعد يومين من تطبيق أحدث زيادة في أسعار الوقود في مصر التي تعاني تدهورا اقتصاديا، اجتمع الرئيس عبد الفتاح السيسي، أمس، بكبار رجال الدولة، وشدد على ضرورة التوسع في برامج «الحماية الاجتماعية». وشارك في الاجتماع الموسع قادة من الحكومة والجيش والمخابرات والرقابة الإدارية. وتناولت المناقشات متابعة الموقف الاقتصادي، وتطورات سعر الصرف، وما تم اتخاذه من إجراءات لتنمية الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية. وجاءت الزيادة الجديدة لأسعار الوقود بنسب تصل إلى أكثر من 50 في المائة، ضمن إطار برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تطبقه الحكومة، بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي. وظهر أكبر تأثر من التعريفة الجديدة للطاقة على سيارات الأجرة وحافلات نقل الركاب بين المحافظات، وشاحنات نقل البضائع عبر المدن، وسط خشية من انعكاس ذلك على أسعار السلع الأساسية بشكل عام.
وخلال اجتماع أمس قدم رئيس البنك المركزي، تقريراً حول ما أسفرت عنه جهود الإصلاح الاقتصادي خلال الفترة الماضية، على صعيد تحقيق الاستقرار النقدي، وارتفاع الاحتياطي من العملات الأجنبية، بنسب قال إنها «غير مسبوقة»، ليصل إلى أعلى مستوى له منذ عام 2011 «ما يعكس استعادة هيكل الاقتصاد المصري لتوازنه ويُمهد الطريق لتحقيق معدلات نمو مرتفعة ومستدامة»؛ وذلك وفقا لما ورد في بيان المتحدث باسم الرئاسية المصرية، السفير علاء يوسف.
وقال البيان: إن الرئيس السيسي أكد على المضي قدماً في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي، ومواصلة الحكومة لجهودها من أجل خفض عجز الموازنة، بالتوازي مع التوسع في شبكات وبرامج الحماية الاجتماعية.
وأشار إلى أنه، رغم قرار رفع أسعار المحروقات الأخير - والذي يأتي في إطار تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تم إقراره وما نتج منه من زيادة الأعباء على المواطن - فإن الوضع الاقتصادي يتحسن بشكل عام، ولا سيما في ضوء المشروعات الجديدة الجاري تنفيذها في مختلف القطاعات، وما ستؤتيه من ثمار، بالإضافة إلى قرب بدء إنتاج حقول الغاز الجديدة، التي ستسفر عن توقف مصر عن استيراد الغاز الطبيعي تدريجياً، وتقلل الضغط على الموازنة. وضم اجتماع أمس مع الرئيس السيسي، رئيس مجلس الوزراء، المهندس شريف إسماعيل، بالإضافة إلى وزراء الدفاع والإنتاج الحربي، والداخلية، والعدل، والتموين، ومحافظ البنك المركزي، إلى جانب رئيسي المخابرات العامة وهيئة الرقابة الإدارية.
وصرح السفير يوسف، بأن الاجتماع ناقش الإجراءات التي تتخذها الحكومة للتوسع في شبكات وبرامج الحماية الاجتماعية للمواطنين، ولا سيما محدودو الدخل والفئات الأكثر احتياجاً، وذلك في ضوء القرارات التي تم اتخاذها مؤخراً لرفع الدعم جزئياً عن المحروقات.
وقال يوسف: إن الرئيس أكد على أهمية سرعة تنفيذ الإجراءات الحمائية، وتعزيز برامج الضمان الاجتماعي التي سبق وأن أعلن عنها مؤخراً للتخفيف على المواطنين، مشيرا في هذا الإطار إلى استعراض رئيس مجلس الوزراء التدابير التي اتخذتها الحكومة للتوسع في برامج الحماية الاجتماعية، وتخصيص 85 مليار جنيه من الموازنة العامة لتفعيل هذه الإجراءات الحمائية تنفيذاً لتوجيهات رئيس الدولة، وبما يخفف من آثار القرارات الأخيرة التي تعد ضرورية لمسيرة الإصلاح الهيكلي للاقتصاد.
وأكد المهندس إسماعيل، أن الحكومة تقوم بالمتابعة الدورية لآثار قرار زيادة أسعار المحروقات من خلال غرفة العمليات التابعة لمركز معلومات دعم واتخاذ القرار؛ وذلك لضمان التزام الجميع بالتعامل بتعريفة النقل الجديدة التي تضمنت زيادات تراوحت ما بين 10 في المائة و15 في المائة، في محافظات عدة.
ووجّه الرئيس السيسي بالاستمرار في المتابعة مع جميع المحافظات؛ لضمان عدم استغلال التجار للزيادة الجديدة في أسعار الوقود لرفع أسعار السلع من أجل تحقيق هوامش ربح إضافية، وبخاصة فيما يتعلق بالسلع الاستراتيجية، كما وجّه الأجهزة الأمنية بتكثيف الحملات والرقابة على وسائل النقل لضبط أي مخالفات تتعلق بزيادة تعريفة النقل المقررة؛ وذلك منعاً لاستغلال المواطنين والتصدي لمظاهر الجشع والمغالاة. ووفقا للسفير يوسف، فقد أكد الرئيس السيسي خلال الاجتماع على أهمية مواصلة الحكومة جهودها من أجل إتاحة مختلف السلع الغذائية الأساسية بكميات وأسعار مناسبة في الأسواق وتشديد الرقابة على التجار وضمان مساءلة ومعاقبة المخالفين. كما أكد ضرورة الانتهاء من عملية تنقية البطاقات التموينية في الموعد المحدد لضمان وصول الدعم إلى مستحقيه.
وأضاف السفير يوسف، أن الاجتماع تطرق كذلك إلى الإجراءات الخاصة بضبط أسعار السلع الأساسية في الأسواق، بالإضافة إلى الموقف بالنسبة لتنقية البطاقات التموينية. وجرى خلال الاجتماع مناقشة موضوعات عدة، منها سبل تشجيع صناعة الدواجن بما يساهم في توفير احتياجات السوق المحلي، بالإضافة إلى متابعة الجهود الجارية لإزالة التعديات على أراضي الدولة، وخاصة على الأراضي الزراعية. من جانبه، أوضح الدكتور علي المصيلحي، وزير التموين، أنه تم تفعيل العمل بقرار زيادة قيمة الدعم التمويني للفرد من 21 جنيهاً إلى 50 جنيهاً، وذلك إلى جانب ضخ ومضاعفة كميات السلع التموينية بنسب تتسق مع زيادة قيمة الدعم. وأكد أن الوزارة تقوم من خلال غرفة العمليات بالاطمئنان على مدار الساعة على توافر جميع السلع الغذائية الأساسية بكميات مناسبة، فضلاً عن الإعلان عن أسعار السلع وهوامش الربح للتجار لضمان عدم استغلال المواطنين. أما بالنسبة لتنقية البطاقات التموينية، فقد أوضح الدكتور المصيلحي، أن الحكومة قررت مد مهلة تلقي طلبات تحديث البطاقات التموينية حتى 15 الشهر الحالي، وذلك من أجل استكمال بناء قاعدة بيانات صحيحة ومدققة حول كافة المستحقين للدعم.



فيروس «HMPV»... ما هو؟ وهل يتحوّل إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

فيروس «HMPV»... ما هو؟ وهل يتحوّل إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.