توالي نبذ بنوك بريطانيا الكبرى للريال القطري

مصرفيون: صار «عملة خطرة» والتعاملات به «مغامرة»

توالي نبذ بنوك بريطانيا الكبرى للريال القطري
TT

توالي نبذ بنوك بريطانيا الكبرى للريال القطري

توالي نبذ بنوك بريطانيا الكبرى للريال القطري

توالت مجموعات البنوك البريطانية الكبرى في الإعلان تباعا أمس عن إيقاف التعاملات بالريال القطري، قائلة في بيانات منفصلة متطابقة إنه لم يعد بمقدور عملائها شراء أو بيع الريال القطري في منافذها، وأن العملة لم تعد متوافرة للبيع أو إعادة الشراء في بنوكها الكبرى.
وأكدت «مجموعة لويدز» المصرفية الكبرى أمس الجمعة أنها أوقفت تداول الريال القطري، وأن العملة لم تعد متوفرة للبيع أو إعادة الشراء في بنوكها الكبرى. وقالت متحدثة باسم البنك إن تداول العملة توقف اعتبارا من 21 يونيو (حزيران)، وأضافت أن «هذه العملة لم تعد متوفرة للبيع أو إعادة الشراء في بنوكنا الكبرى، ومن بينها بنك لويدز وبنك أوف سكوتلند وهاليفاكس».
وأكد متحدث باسم بنك تيسكو، المملوك لمجموعة التجزئة البريطانية تيسكو، إنه لم يعد بمقدور عملائه شراء أو بيع الريال القطري في منافذه. وبدوره أكد متحدث باسم مجموعة رويال بنك أوف سكوتلند ذات الأمر، قائلاً إن «طرفا ثالثا» معنيا بتقديم خدمات البنك الخاصة بالصرف أوقف التداول على العملة القطرية، من دون أن يوضح طبيعة هذا الطرف الثالث، لكن معلومات تسربت أن العملة القطرية وضعت تحت المراقبة من قبل مؤسسات التداول في المملكة المتحدة، وذلك نظرا للتذبذب والتباين الحاد في قيمتها خلال الأيام الماضية عقب قرار المقاطعة العربية لقطر، خصوصاً بعد إعلان الدول الأربع المقاطعة، وهي السعودية والبحرين والإمارات ومصر، عن مهلة لمدة 10 أيام للدوحة من أجل الرضوخ لقائمة مطالب في إطار مواجهة الإرهاب ووقف دعمه من قبل قطر.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصرفي بريطاني أن «اقتراب أجل المهلة، مع عدم وضوح الرؤية، خصوصاً مع ما يبدو من أن الدوحة لا تسعى لحل الأزمة، جعل تقويم سعر الريال القطري أمراً غاية في الصعوبة، ووضعه في خانة «العملة الخطرة»، مما دفع البنوك الكبرى لوقف التعامل به لحين استقرار الأوضاع». وأضاف بشكل مقتضب أن «البنوك لا يمكنها المغامرة بشراء عملة معرضة للغرق.. قد يتسبب ذلك في خسائر فادحة».
وخلال الأسبوع الماضي، حاول البنك المركزي القطري تثبيت سعر صرف الريال القطري مقابل الدولار عند مستوى 3.64 ريال للدولار الواحد، عبر ضخ كميات كبيرة من الدولار في المصارف.. إلا أن سعره تدهور في التعاملات هبوطا إلى مستويات أعلى من 3.78 ريال قطري للدولار، قبل أن يتذبذب حول مستويات 3.77 ريال للدولار لعدة أيام.
وفجر أمس، قال المركزي القطري في بيان إنه «سيضمن كل عمليات تحويل العملة للجمهور داخل قطر وخارجها دون تأخير»، وأن «كل البنوك وشركات الصرافة المحلية ملتزمة بإجراء التحويلات حسب ما هو معتاد». وذلك في محاولة لكبح جماح خسارة عملته لموثوقيتها في الأسواق العالمية.. لكن يبدو أن ذلك البيان لم يتمكن من إعادة الثقة إلى الريال القطري حتى وقت متأخر أمس.
وأشارت مصادر بريطانية أمس إلى أن «توماس كوك»، الوكيل السياحي العالمي البارز، ترفض بدورها التعامل بالريال القطري منذ أيام، وإن كان ذلك بشكل غير رسمي حتى عصر أمس.
وكانت شركة الصرافة العالمية «ترافيليكس»، قد أصدرت قرارا بوقف قبول الريال القطري في منافذها بالعاصمة البريطانية لندن، أول من أمس. وأكدت متحدثة باسم وكالة الصرافة «ترافيليكس» بلندن يوم الخميس، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن الوكالة أوقفت شراء العملة القطرية في بريطانيا، قبل أن تعود لتؤكد استئناف التعامل بها. وأوضحت المتحدثة أن الوكالة أوقفت شراء العملة في عدد من الأسواق لفترة قصيرة، بسبب «صعوبات تجارية».
من جانبها، أكدت متحدثة باسم مكتب البريد البريطاني «بوست أوفيس»، وهو أحد أبرز الوكالات التي تقدّم خدمات صرف العملات في بريطانيا، لـ«الشرق الأوسط» أول من أمس أنها علّقت كل تعاملاتها بالريال القطري منذ الخامس من يونيو الماضي. وأوضحت في بيان أن «الكثير من مزودي العملات الأجنبية أوقفوا التداول بالريال القطري مؤقتا، وهذا يعني أن العملة غير متوفرة حاليا في فروع مكتب البريد (بوست أوفيس)»، لافتة إلى أن المكتب سيحترم التزامه بمبدأ «ضمان إعادة الشراء» للعملاء، وأن الوضع «سيبقى قيد المراجعة من قبل مزودي العملات في المملكة المتحدة».
يشار إلى أن وكالة «ستاندرد آند بورز» خفضت التصنيف الائتماني طويل الأجل لقطر في شهر يونيو الماضي، في حين وضعته وكالة «فيتش» تحت المراقبة للخفض، وذلك في أعقاب المقاطعة العربية. وقالت «ستاندرد آند بورز» إن استمرار الأزمة لفترة طويلة سيؤدي إلى ضعف النمو الاقتصادي في قطر. فيما تؤكد التقارير الدولية أن الأصول القطرية تتعرض لضغوط كبرى منذ نشوب الأزمة.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.