«داعش»... نقل نشاطه إلى الفلبين

أمام خلفية الخزان البشري... وإشكاليات التنوع والاختلاف والتشدد

«داعش»... نقل نشاطه إلى الفلبين
TT

«داعش»... نقل نشاطه إلى الفلبين

«داعش»... نقل نشاطه إلى الفلبين

أعلنت السلطات العراقية خلال الأسبوع تحرير مدينة الموصل من احتلال تنظيم داعش المتشدد، وذلك في الذكرى السنوية لسقوطها تحت احتلاله، وإعلانه فيها «دويلته» المزعومة. ولكن، بينما مُني التنظيم بنكسة كبرى في شمال العراق، وبات يواجه انحساراً كبيراً في مناطق سيطرته على الأراضي السورية، ولا سيما، معقله مدينة الرّقة، فإن امتداداته و«ذئابه المنفردة» ما زالت ناشطة في أنحاء العالم الأخرى. وبعد سلسلة الهجمات الإرهابية في عدد من المدن الأوروبية، يخوض مسلحو «داعش» معارك شرسة في جزيرة مينداناو، ثاني كبرى مدن الفلبين.
يبدو أن العالم على موعد مع فصل جديد من فصول «داعش»، في موقع وموضع آخر بعيد عن الشرق الأوسط والعالم العربي. فخلال الأيام القليلة المنصرمة نجح مسلّحو التنظيم المتشدد في الاستيلاء على مدينة ماراوي في الجزيرة الكبيرة الواقع في جنوب أرخبيل الفلبين. وللعلم، توفر هذه المنطقة مزايا كثيرة له ولمسلحيه. ذلك أنها من جهة تعدّ ملاذاً آمناً من الناحية الجغرافية بسبب قربها من دول آسيوية إسلامية كبرى، ومن جهة ثانية تقدّم الفلبين وما يجاورها من إندونيسيا وماليزيا نقطة جذب لخزان بشري حيث أكبر وجود إسلامي في شرق آسيا.
للوهلة الأولى يدرك الناظر للمشهد أن مخططات «داعش» الخاصة بالانتقال إلى جنوب آسيا وشرقها إنما جاءت كردات فعل بعد تعاظم الخسائر الميدانية التي لحقت بالتنظيم في الشرق الأوسط على أكثر من صعيد. وكما سبقت الإشارة أعلاه، بدأ في العراق العد التنازلي للقضاء على «داعش» في أعقاب طرده من قلب «المدينة القديمة» في الموصل، كما أن وضعه في سوريا ما عاد وضعه مريحاً مع اقتراب ما يتوقع أن يكون «معركة حسم» في الرّقة، بتعاون دولي ومشاركة أميركية بنوع خاص. أيضاً، في ليبيا وشمال أفريقيا يبدو التضييق على الميليشيات الداعشية سيد الموقف.
بناءً عليه بات البحث عن ميادين «لوجيستية» جديدة تزخم وتدعم الحضور الداعشي، هو ما يشغل الدواعش لنقل أساليبهم الوحشية إليها. وهنا، يتبادر إلى الأذهان السؤال: لماذا اختار القائمون على التنظيم جنوب شرقي آسيا، تحديداً، لانطلاقتهم الإرهابية الجديدة، ولم يختاروا أوروبا أو أفريقيا أو أي بقعة جغرافية أخرى حول العالم؟

الخزان الآسيوي البشري
في تقرير لها نشر أخيراً، ذكّرت صحيفة «الفاينانشيال تايمز» البريطانية بأن قارة آسيا تضم من المسلمين أكثر مما في العالم العربي. وعلى سبيل المثال فيها إندونيسيا، كبرى دول جنوب شرقي آسيا من حيث عدد السكان، إذ يقطنها أكبر من 250 مليون نسمة غالبيتهم العظمى مسلمون، وهي أيضاً أكبر بلد إسلامي في العالم من حيث عدد السكان.
على صعيد آخر، فإن غالبية دول جنوب شرقي آسيا تعاني من حالة تراخٍ أمني كبير، ربما لأنها لم تعهد مثل هذا النوع من الإرهاب الداعشي على مرّ تاريخها. ولهذا كان وما زال من اليسير على الدواعش استجلاب المزيد من العناصر الجديدة المتطرفة وتجنيدها لصالح التنظيم، وبالذات، من إندونيسيا.
والمؤكد أيضاً أن المنطقة الجغرافية التي نحن بصدد الحديث عنها تعد ذات أهمية استراتيجية كبرى للمصالح الاقتصادية الغربية. ووفق العقيدة الفكرية والقتالية لـ«داعش»، تعد هذه المصالح أهدافاً يسيرة في الوصول إليها وتحقق لـ«داعش» عوائد أدبية ومالية معاً.
ولعل «داعش» تدرك أن تلك المنطقة من آسيا، لا سيما، الفلبين تعاني من إشكاليات صراع هويات تاريخية وثقافية استغرقت أجيالاً كثيرة، مما يجعل اللعب على المتناقضات فيها أمراً سهلاً. وهذا ينطبق - تحديداً - على جزيرة مينداناو، كبرى جزر جنوب البلاد، التي شهدت تمرداً مسلحاً في الشهر الماضي. وهذا ما حدا بالرئيس الفلبيني المثير للجدل رودريغو دوتيرتي لاعتبار الأمر «تمرداً داعشياً بحتاً»، حسب تعبيره، لافتاً إلى أنه حذّر منذ وقت طويل، من قرب وصول «داعش» إلى بلاده.
أمر آخر يجعل من جنوب شرقي آسيا محل جذب لـ«داعش» هو سهولة التمويل عبر الحصول على أوال تجارة المخدرات. ومثلما موّلت «داعش» عملياتها في العراق وسوريا من النفط المهرّب وبيع الآثار، فإن تهريب المخدرات في جنوب شرقي آسيا يُعد الطريق الأيسر للتمويل. وثمة جهات غربية تتهم الشقيقين عبد الله وعمر ماوتي، اللذين تحمل اسمهما «جماعة ماوتي» (أو «دولة لاناو الإسلامية») التي بايعت «داعش»، بالتورط في هذه التجارة.
غير أن ما تقدم ما كان ليدعم نشوء وارتقاء «داعش» في جنوب شرقي آسيا عموماً، والفلبين بصفة خاصة، لو لم تكن هناك جذور فكرية متشددة هيأت تربة مناسبة تتقبل مثل هذا التشدد الذي تحول إلى التوحش في مرحلة لاحقة.

عن الأصولية في الفلبين
ما يتوفر من معلومات يشير إلى أن إشكالية التشدد في الفلبين - بوجهيه الإسلامي والمسيحي - لديها اتجاهان تاريخيان. ذلك أن الأزمة هناك قائمة بين الغالبية المسيحية الكاثوليكية والأقلية المسلمة منذ الاحتلالين الإسباني والأميركي للأرخبيل الفلبيني، وهما احتلالان أنهيا هناك حكم السلطنة الإسلامية، وأجبرا شعب المورو على الاندماج في الجمهورية الفلبينية الحديثة. والمورو مجموعة عرقية ودينية مسلمة تعيش في جنوب الفلبين، وعرفوا عالمياً في مسرح السياسة في أعقاب تأسيس أطلق عليه «جبهة تحرير مورو الإسلامية». وهو ما يعني أن الصراعات العرقية والدينية كانت حاضرة في الأصل، ولاحقاً أَضحت حاضنة جاهزة للصدام.
أما الاتجاه الآخر فتبدو إشكاليته أكبر من مجرد الخلاف والاختلاف بين الغالبية والأقلية وصراعاتهما. إذ تلقى عدد من قادة جبهة مورو الإسلامية علومهم الدينية في الأزهر الشريف خلال ستينات القرن المنصرم. وفيما بعد تأثر عدد منهم بأفكار وآراء أبو الأعلى المودودي، ثم سيد قطب، وبخاصة كتابه الأشهر «معالم على الطريق»، الذي غلبت عليه فكرة «الحاكمية» بالمعنى المعروف «ما الحكم إلا لله». وبالتالي، فإن كل الأنظمة الحاكمة الحالية «أنظمة كافرة «يتوجب إسقاطها ومحاربتها».
ولم تتوقف أرضية التشدّد في الفلبين عند هذا الحد. بل كانت الحرب الدائرة في أفغانستان خلال ثمانينات القرن المنصرم، منطلقاً آيديولوجياً لتأثر البعض هناك بأفكار أكثر تشدداً، واحتكوا هناك بجماعات خرج منها تنظيم القاعدة وجماعة طالبان. ومن ثم، بعد عودتهم إلى الفلبين غدت «خارطة التشدد» والتشدد المضاد أكثر حدة، مع العلم أن التنظيمات المتشددة تعرّضت للانشقاقات عدة مرات.

جماعة «أبو سياف»
كانت بداية التوجّه العملياتي المسلح في الفلبين على يد جماعة «أبو سياف» المتشددة التي انشقت عن «جبهة مورو للتحرير الوطني» عام 1991. ولقد أسس هذه الجماعة عبد الرزاق جنجلاني، المشهور بكنيته «أبو سياف»، وبعدما قتل عام 1998، تولى أخوه الأصغر قذّافي جنجلاني قيادة الجماعة بعده، غير أنها تفتتت في عهده إلى زمر متفرقة.
الخبراء يقدّرون تعداد جماعة «أبو سياف» ببضعة آلاف، ولا تختلف آليات أفرادها كثيراً عن آليات عمل «داعش»، بما في ذلك الاغتيال والخطف وابتزاز الشركات ورجال الأعمال الأثرياء في البلاد. ويضاف إلى ذلك، الإغارة على الجزر القريبة، واستهداف الأجانب، وخصوصا من الأوروبيين والأميركيين. ولقد نسب إلى الجماعة كثير من عمليات الخطف والهجمات بالقنابل التي وقعت عام 1998.

مبايعو «داعش»
مما تقدم، نلحظ أن فكر تنظيم «القاعدة» التي تبلوَر لاحقاً في العراق والشام فتحول إلى «داعش» كان حاضراً وبقوة في مدينة ماراوي، بجزيرة مينداناو الفلبينية. أكثر من ذلك، كان «أبو سياف» يسعى فعلياً إلى تأسيس «دولة إسلامية» في غرب الجزيرة (التي تعد ثاني كبرى جزر الفلبين بعد جزيرة لوزون التي تقع فيها العاصمة مانيلا، في شمال البلاد). وعلى هذا الأساس فإن تبني «داعش» فكرة «دولة الخلافة» كان لا بد أن يلقى صدى طيباً، وترحيباً كبيراً من الجماعات الفلبينية المتشددة.
في مقدمة تلك الجماعات «جماعة ماوتي» («دولة لاناو الإسلامية») وهي مجموعة منشقة من «جبهة مورو الإسلامية» وتضم عدة مئات من المقاتلين المتشددين، ثم تبعها تنظيم «أبو سياف» نفسه، بدليل مشاهدة أحد قادته السابقين إيسنيلون هابيلون في ماراوي أخيراً. ووفق التقارير فإن هابيلون مصنف في الولايات المتحدة كقيادي إرهابي ولقد وضعت واشنطن مكافأة مالية هائلة لمن يرشد عنه عليه، في أعقاب اتهامه بارتكاب جرائم قتل واغتيال، وكان من بين ضحاياه أميركيون.
عطفاً على ما سبق، ظهر تسجيل مصور من جزيرة مينداناو يظهر فيه عدد من قادة الإرهاب المحليين في المنطقة، يقدمون فروض الولاء والبيعة لزعيم داعش «أبو بكر البغدادي»، ويتردد أن عددها أربع جماعات. ولهذا فإن «داعش» روّج أخيراً لتقارير عن نشاطات زعم أنها للجماعات التابعة له في الفلبين، ويزعم «داعش» أن قواته هناك تضم عشر كتائب، وأن مسلحيه قتلوا نحو 300 جندي فلبيني منذ بداية المواجهات.

أزمة لإندونيسيا وماليزيا
تدفق المعلومات من الفلبين للعالم الخارجي ما زال في بداياته، لكن حتى تلك البدايات تقودنا إلى القول بأن «معركة ماراوي» أثبتت أن الفلبين باتت مكان جذب للراغبين في الانضمام إلى «داعش». ولقد ذكرت وزارة الدفاع الإندونيسية أن نحو 12 ألف مقاتل أجنبي ينشطون اليوم على الأراضي الفلبينية، ومن بينهم عشرات من الإندونيسيين. وتجدر الإشارة إلى أن المسافة الفاصلة بين ماراوي، ومناطق شمال أرخبيل إندونيسيا تقطع في خمس ساعات فقط. ولذا أفاد مصدر إندونيسي من قطاع مكافحة الإرهاب وكالة «رويترز» للأنباء أن السلطات الإندونيسية شدّدت المراقبة على المناطق الشمالية من جزيرتي كاليمانتان (بورنيو) وسولاويسي (سليبيز) لمنع توجه مقاتلين محتملين من السفر بحراً إلى جنوب الفلبين.
ولا يتوقف المشهد مع إندونيسيا، بل يتجاوزها إلى «جارتها» ماليزيا، التي هي أيضاً «جارة» الفلبين. إذ حدد رئيس وحدة مكافحة الإرهاب في الشرطة الماليزية أيوب خان أسماء عدد من الماليزيين، سافروا بالفعل إلى جزيرة مينداناو الفلبينية (التي تعادل مساحتها مساحة كوريا الجنوبية ويسكنها 21 مليون نسمة) وهدفهم الانضمام إلى المقاتلين المتشددين هناك. وأوضح أن بين هؤلاء محمود أحمد، المحاضر الجامعي الماليزي، الذي يُقال أنه من المتوقع أنه يتولى قيادة التنظيم في جنوب الفلبين إذا ما قتل هابيلون.
في هذه الأثناء، أشار اللفتانت كولونيل جو هيريرا، الناطق باسم الجيش الفلبيني، إلى أن كثيرين من المقاتلين المتشددين الأجانب جاءوا إلى ماراوي تحت ستار مهرجان إسلامي عقد في المدينة الشهر الماضي. وأحضر هابيلون معه عدة مئات، في حين أحضرت جماعتان أخريان هما «جماعة مقاتلي بانجسا مورو الإسلاميين من أجل الحرية»، وجماعة «أنصار الخلافة» في الفلبين المئات من جانب آخر.
وبالتالي، قد يصدق ما ورد على لسان مسؤول في جهاز الاستخبارات المركزية الأميركي (سي آي إيه)، حين ذكر أن فرع «داعش» في جنوب الفلبين، قد دعا أتباعه للإحجام عن الذهاب إلى سوريا، وأنه بدأ يستقطب عناصر من مناطق أخرى، فيما يبدو أن ثمة خطة جديدة للتنظيم لبناء شبكة جديدة له في جنوب شرقي آسيا، وتحديداً في جنوب الفلبين. ويعتقد على نطاق واسع، داعش يسعى الآن لزرع أتباعه في المناطق التي لا تخضع لسيطرة الحكومات المركزية.
من جانبه، يقول جوزيف شينونغ ليو، خبير الحركات «المتشددة الإسلامية» في جنوب شرقي آسيا، أن «داعش» ومؤيديه في جنوب شرقي آسيا يستخدمون الآن شبكات التواصل الاجتماعي بشكل متطور من أجل بث رسائله وتجنيد مقاتلين من المدارس الإسلامية في ماليزيا.

انتفاضة آسيوية
في أي حال، تخشى الدول الآسيوية من أن يضرب فيروس التشدد الإرهابي القاتل أنسجتها الاجتماعية المتماسكة، وتخاف من أن يؤدي الإرهاب إلى وقف نموها وازدهارها الاقتصادي الذي أدركته بعد عدة عقود خلت.
أيضاً، تدرك دول المنطقة أن «داعش» يعمل لجعل الهجمات الانتحارية «عملة» المنطقة وديدنها، إذ كشفت تايلاند عن معلومات استخباراتية أميركية تفيد باعتزام مقاتلين تابعين لـ«داعش» شن عمليات انتحارية في مناطق حيوية من البلاد، أما صحيفة «إل موندو» الإسبانية فأشارت خلال الأسبوع الماضي إلى أن خبراء أمنيين في سنغافورة حذّروا بقوة من الدمار الذي يمكن أن يجلبه «داعش» إذا تمكن من البقاء والنماء في الفلبين.
هل تحركت دول الجوار والدول الكبرى، بالفعل، كي لا تتكرر أزمة الشرق الأوسط مع «داعش»؟
يبدو أن الجواب إيجابي. فلقد أعربت روسيا عن استعدادها لاتخاذ ما ينبغي من إجراءات لمساعدة السلطات الفلبينية في مانيلا في حربها ضد «داعش»، بما في ذلك إرسال مستشارين عسكريين وآليات ومعدات عسكرية. وقد تجد موسكو في المشهد فرصة تاريخية لاقتسام النفوذ مع الولايات المتحدة، الحليف المتقدم للفلبين تاريخياً.
ثم تأتي الصين بعد روسيا في إدراكها خطورة انتشار «داعش» في آسيا، فهي تعرف أن الإيغوريين الترك قد تسربت منهم أعداد كبيرة إلى الشرق الأوسط، وعليه فإن «ولاية» لـ«داعش» في وسط آسيا ستكون مسألة قاتلة بالنسبة لبكين. ولذا أعلنت القيادة تأييدها عمليات الجيش الفلبيني ضد «داعش».
وطبعاً، لم تتغيب الولايات المتحدة عن المشهد، إذ أعلنت السفارة الأميركية في مانيلا أن قوات أميركية خاصة تساعد الجيش الفلبيني في عملياته المستمرة في ماراوي. والمثير هنا أن الصين، العدو التقليدي لأميركا في آسيا، رحبت بهذا التدخل «طالما أنه جاء على أساس رغبة الحكومة الفلبينية».
أما إندونيسيا وماليزيا، الدولتان المسلمتان الكبيرتان في المنطقة، فقد أعلنتا أنهما بصدد إطلاق دوريات جوية مشتركة هذا الشهر على حدودهما المشتركة في بحر سولو (غربي مينداناو وشمال بورنيو) بالإضافة للدوريات البحرية الحالية. وحثت السلطات في عموم المنطقة على تعزيز التعاون بين الدول لمكافحة تبعات المعركة المستعرة مع المتشددين الدواعش في جنوب الفلبين، في تحذير جدّي من أن التنظيم يؤسس قاعدة له في جنوب شرقي آسيا.

تأخر رد فعل واشنطن
في الأيام القليلة الماضية كان وزير الدفاع الأميركي الجنرال جيمس ماتيس يتحدث أمام الكونغرس، ووسط ذهول الأعضاء تحدث عن إلغاء إدارة الرئيس السابق باراك أوباما عملية عسكرية أميركية طويلة الأمد لمساعدة القوات الفلبينية على احتواء خطر المتشددين قبل ثلاث سنوات. وفيما بدا تغيراً في توجه واشنطن إزاء انتشار «داعش» في آسيا، أضاف ماتيس: «يجب أن نعمل معاً لمنع هذا التهديد من النمو».
ولكن، في تقرير أخير صادر عن الاستخبارات الكندية، ثمة خلاصة غاية في الأهمية مؤداها أن «داعش» بأنماطه الجديدة لا ينمو إلا داخل بيئات تمزقها الخلافات العرقية والدينية، ما يسمح باستغلال الظروف الأمنية المتردية والمتعلقة بانتشار الميليشيات في البيئات المنقسمة على ذاتها «هوياتياً»، إن جاز التعبير. ولهذا، سيشكل الإرهابيون والمتشددون الدواعش تهديداً أمنياً لسنوات كثيرة قادمة.
من هنا يفهم الزحف الداعشي على مناطق فلبينية موبوءة بمثل تلك الثقافات العرقية والدينية المتعادية. ومن ثم، حتى إذا نجحت القوى الآسيوية الكبرى المحيطة بالفلبين في التعاطي عسكرياً مع إرهاب «داعش» فإن الإشكالية الداعشية لن تتبخر وتتلاشى. وهو ما يعزز الحاجة إلى تأطير فكري يجابه انتشار أفكارها عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتكنولوجيا الاتصالات الحديثة.



هواجس متفاوتة لدول «حوض المحيطين الهندي والهادئ» إزاء عودة ترمب

من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)
من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)
TT

هواجس متفاوتة لدول «حوض المحيطين الهندي والهادئ» إزاء عودة ترمب

من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)
من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)

يأتي فوز دونالد ترمب في انتخابات الرئاسة الأميركية وعودته الوشيكة إلى البيت الأبيض يوم يناير (كانون الثاني) 2025 نقطة تحوّل مهمة وسط اضطرابات غير عادية في النظام العالمي. وبديهي أن ولاية ترمب الثانية لا تشكّل أهمية كبرى في السياسة الداخلية الأميركية فحسب، بل ستؤثر إلى حد كبير أيضاً على الجغرافيا السياسية والاقتصاد في آسيا. وفي حين يتوقع المحللون أن يركز الرئيس السابق - العائد في البداية على معالجة القضايا الاقتصادية المحلية، فإن «إعادة ضبط» أجندة السياسة الخارجية لإدارته ستكون لها آثار وتداعيات في آسيا ومعظم مناطق العالم، وبالأخص في مجالات التجارة والبنية التحتية والأمن. وبالنسبة لكثيرين في آسيا، يظل السؤال المطروح هنا هو... هل سيعتمد في ولايته الجديدة إزاء كبرى قارات العالم، من حيث عدد السكان، تعاملاً مماثلاً لتعامله في ولايته الأولى... أم لا؟

توقَّع المحللون السياسيون منذ فترة أن تكون منطقة حوض المحيطين الهندي والهادئ في طليعة اهتمامات السياسة الخارجية عند إدارة الرئيس الأميركي السابق العائد دونالد ترمب. ومعلومٌ أن استراتيجية ترمب في فترة ولايته الأولى، إزاء حوض المحيطين الهندي والهادئ شددت على حماية المصالح الأميركية في الداخل. والمتوقع أن يظل هذا الأمر قائماً، ويرجح أن يؤثّر على نهج سياسته الخارجية تجاه المنطقة مع التركيز على دفع الازدهار الأميركي، والحفاظ على السلام من خلال القوة، وتعزيز نفوذ الولايات المتحدة.

منطقة حوض المحيطين الهندي والهادئ التي يقطن كياناتها نحو 65 في المائة من سكان العالم، تشكل راهناً نقطة محورية للاستراتيجية والتوترات الجيوسياسية، فهي موطن لثلاثة من أكبر الاقتصادات على مستوى العالم (الصين والهند واليابان) ولسبع من أكبر القوات العسكرية في العالم. ويضاف إلى ذلك أنها منطقة اقتصادية رئيسية تمثل 62 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وتسهم بنسبة 46 في المائة من تجارة السلع العالمية.

3 محاور

ويرجّح فيفيك ميشرا، خبير السياسة الأميركية في «مؤسسة أوبزرفر للأبحاث»، أنه «في ولاية ترمب الثانية، ستوجّه استراتيجية واشنطن لهذه المنطقة عبر التركيز على ثلاثة محاور تعمل على ربط المجالات القارية والبحرية في حيّزها. وستكون العلاقات الأميركية - الصينية في نقطة مركز هذه المقاربة، مع توقع أن تعمل التوترات التجارية على دفع الديناميكيات الثنائية... إذ لا يزال موقف ترمب من الصين حازماً، ويهدف إلى موازنة نفوذها المتنامي في المجالين الاقتصادي والأمني على حد سواء».

إضافة إلى ما سبق، يرى ميشرا أن «لدى سياسة ترمب في حوض المحيطين الهندي والهادئ توقعات كبيرة من حلفاء أميركا الرئيسيين وشركائها في المنطقة، بما في ذلك اضطلاع الهند بدور أنشط في المحيط الهندي مع التزامات عسكرية أكبر من الحلفاء مثل اليابان وأستراليا». ويرجّح الخبير الهندي، كذلك، «أن تتضمن رؤية ترمب لحوض المحيطين الهندي والهادئ الجهود الرامية إلى إرساء الاستقرار في الشرق الأوسط، لا سيما من خلال تعزيز التجارة والاتصال مع المنطقة، لتعزيز ارتباطها بالمجال البحري لحوض المحيطين الهندي والهادئ».

الحالة الهندية

هناك الكثير من الأسباب التي تسعد حكومة ناريندرا مودي اليمينية في الهند بفوز ترمب. إذ تقف الهند اليوم شريكاً حيوياً واستثنائياً بشكل خاص في الاستراتيجيتين الإقليمية والدولية للرئيس الأميركي العائد. وعلى الصعيد الشخصي، سلَّط ترمب إبان حملته الانتخابية الضوء على علاقته القوية بمودي، الذي هنأه على الفور بفوزه في الانتخابات.

وهنا يقول السفير الهندي السابق آرون كومار: «مع تأمين ترمب ولاية ثانية، تؤشر علاقته الوثيقة برئيس الوزراء مودي إلى مرحلة جديدة للعلاقات الهندية - الأميركية. ومع فوز مودي التاريخي بولاية ثالثة، ووعد ترمب بتعزيز العلاقات بين واشنطن ونيودلهي يُرتقب تكثّف الشراكة بينهما. وبالفعل، يتفّق موقف ترمب المتشدد من بكين مع الأهداف الاستراتيجية لنيودلهي؛ ولذا يُرجح أن يزيد الضغط على بكين وسط تراجع التصعيد على الحدود. ويضاف إلى ذلك، أن تدقيق ترمب في تصرفات باكستان بشأن الإرهاب قد يوسّع النفوذ الاستراتيجي الهندي في كشمير».

كومار يتوقع أيضاً «نمو التعاون في مجال الدفاع، لا سيما في أعقاب صفقة الطائرات المسيَّرة الضخمة التي بدأت خلال ولاية ترمب الأولى. ومع الأهداف المشتركة ضد العناصر المتطرّفة في كندا والولايات المتحدة، يمهّد تحالف مودي - ترمب المتجدّد الطريق للتقدم الاقتصادي والدفاعي والدبلوماسي... إذا منحت إدارة ترمب الأولوية للتعاون الدفاعي والتكنولوجي والفضائي مع الهند، وهي قطاعات أساسية تحتل مركزها في الطموحات الاستراتيجية لكلا البلدين». وما يُذكر أن ترمب أعرب عن نيته البناء على تاريخه السابق مع الهند، المتضمن بناء علاقات تجارية، وفتح المزيد من التكنولوجيا للشركات الهندية، وإتاحة المزيد من المعدات العسكرية الأميركية لقوات الدفاع الهندية. وبصفة خاصة، قد تتأكد العلاقات الدفاعية بين الهند والولايات المتحدة، في ظل قدر أعظم من العمل البيني المتبادل ودعم سلسلة الإمداد الدفاعية.

السياسة إزاء الصين

أما بالنسبة للصين، فيتوقع كثيرون استنساخ ترمب سياساته المتشددة السابقة، ويرى البعض أنه خلال ولايته الثانية يمتلك القدرة على قيادة مسار احتواء أوسع تجاه بكين. بدايةً، كما نتذكر، حمّل ترمب الحكومة الصينية مسؤولية جائحة «كوفيد - 19»، التي قتلت أكثر من مليون أميركي ودفعت الاقتصاد الأميركي إلى ركود عميق. وسواء عبر الإجراءات التجارية، أو العقوبات، أو المطالبة بالتعويضات، سيسعى الرئيس الأميركي العائد إلى «محاسبة» بكين على «الأضرار» المادية التي ألحقتها الجائحة بالولايات المتحدة والتي تقدَّر بنحو 18 تريليون دولار أميركي.

ووفقاً للمحلل الأمني الهندي سوشانت سارين، فإن دبلوماسية «الذئب المحارب» الصينية، ودعم بكين حرب موسكو في أوكرانيا، والقضايا المتزايدة ذات الصلة بالتجارة والتكنولوجيا وسلاسل التوريد، تشكل مصدر قلق كبيراً لحكومة ترمب الجديدة. ومن ثم، ستركز مقاربة الرئيس الأميركي تجاه الصين على الجانبين الاقتصادي والأمني، مع التأكيد على حاجة الولايات المتحدة إلى الحفاظ على قدرتها التنافسية في مجال التكنولوجيات الناشئة.

آسيا ... تنتظر مواقف ترمب بعد انتصاره الكبير (رويترز)

التجارة والاقتصاد

أما الخبير الاقتصادي سيدهارت باندي، فيرى أنه «يمكن القول إن التجارة هي القضية الأكثر أهمية في جدول أعمال السياسة الأميركية تجاه الصين... وقد تتصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين في ظل حكم ترمب».

وحقاً، في التقييم الصيني الحالي، يتوقع أن تشهد ولاية ترمب الثانية تشدداً أميركياً أكبر حيال بشأن العلاقات التجارية والاقتصادية الثنائية؛ ما يؤدي إلى مزيد من التنافر بين الاقتصادين. وللعلم، في وقت سابق من العام الحالي، وعد خطاب ترمب الانتخابي بتعرفات جمركية بنسبة 60 في المائة أو أعلى على جميع السلع الصينية، وتعرفات جمركية شاملة بنسبة 10 في المائة على السلع من جميع نقاط المنشأ. ومن ثم، يرجّح أيضاً أن تشجع هذه الاستراتيجية الشركات الأميركية على تنويع سلاسل التوريد الخاصة بها بعيداً عن الصين؛ ما قد يؤدي إلى تسريع الشراكات مع دول أخرى في منطقة المحيطين الهندي والهادئ».

ما يستحق الإشارة هنا أن ترمب كان قد شن حرباً تجارية ضد الصين بدءاً من عام 2018، حين فرض رسوماً جمركية تصل إلى 25 في المائة على مجموعة من السلع الصينية. وبعدما كانت الصين عام 2016 الشريك التجاري الأول للولايات المتحدة، مع أكثر من 20 في المائة من الواردات الأميركية ونحو 16 في المائة من إجمالي التجارة الأميركية، فإنها تراجعت بحلول عام 2023 إلى المرتبة الثالثة، مع 13.9 في المائة من الواردات و11.3 في المائة من التجارة.

وبالتالي، من شأن هذا التحوّل منح مصداقية أكبر لتهديدات ترمب بإلغاء الوضع التجاري للدولة «الأكثر رعاية» المعطى للصين وفرض تعرفات جمركية واسعة النطاق. ومع أن هذه الإجراءات سترتب تكاليف اقتصادية للأميركيين، فإن نحو 80 في المائة من الأميركيين ينظرون إلى الصين نظرة سلبية.

يتوقع كثيرون استنساخ ترمب سياساته المتشددة السابقة إزاء الصين

الشق العسكري

من جهة ثانية، يتوقع أن يُنهي ترمب محاولات الشراكة الثنائية السابقة، بينما يعمل حلفاء الولايات المتحدة الآسيويون على تعزيز قدراتهم العسكرية والتعاون فيما بينهم. ومن شأن تحسين التحالفات والشراكات الإقليمية، بما في ذلك «ميثاق أستراليا وبريطانيا والولايات المتحدة»، وميثاق مجموعة «كواد» الرباعية (أستراليا والهند واليابان والولايات المتحدة)، وتحسين العلاقات بين اليابان وكوريا الجنوبية بشكل كبير، والتعاون المتزايد بين اليابان والفلبين، تعزيز موقف ترمب في وجه بكين.

شبه الجزيرة الكورية

فيما يخصّ الموضوع الكوري، يتكهن البعض بأن ترمب سيحاول إعادة التباحث مع كوريا الشمالية بشأن برامجها للأسلحة النووية والصواريخ الباليستية. وفي حين سيكون إشراك بيونغ يانغ في هذه القضايا بلا شك، حذراً وحصيفاً، فمن غير المستبعد أن تجد إدارة ترمب الثانية تكرار التباحث أكثر تعقيداً هذه المرة.

الصحافي مانيش تشيبر علَّق على هذا الأمر قائلاً إن «إدارة ترمب الأولى كانت لها مزايا عندما اتبعت الضغط الأقصى الأولي تجاه بيونغ يانغ، لكن هذا لن يتكرّر مع إدارة ترمب القادمة، خصوصاً أنه في الماضي كانت روسيا والصين متعاونتين في زيادة الضغوط على نظام كوريا الشمالية». بل، وضعف النفوذ التفاوضي لواشنطن في الوقت الذي قوي موقف كوريا الشمالية. ومنذ غزو روسيا لأوكرانيا وبعد لقاء الرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ أون بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سبتمبر (أيلول) 2023، عمّقت موسكو وبيونغ يانغ التعاون في مجالات الاقتصاد والعلوم والتكنولوجيا.

الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ اون (رويترز)

مكاسب حربية لكوريا الشمالية

أيضاً، تشير التقديرات إلى أن كوريا الشمالية كسبت على الأرجح 4.3 مليار دولار من شحنات المدفعية إلى روسيا خلال الحرب وحدها، وقد تكسب أكثر من 21 مليون دولار شهرياً من نشر قواتها في روسيا. وفي المقابل، تستفيد من روسيا في توفير الأسلحة والقوات والتكنولوجيا لمساعدة برامج الصواريخ الكورية الشمالية. وتبعاً لمستوى الدعم الذي ترغب الصين وروسيا في تقديمه لكوريا الشمالية، قد تواجه إدارة ترمب القادمة بيونغ يانغ تحت ضغط دبلوماسي واقتصادي متناقص وهي مستمرة في تحسين برامج الأسلحة وتطويرها.

أما عندما يتعلق الأمر بكوريا الجنوبية، فيلاحظ المحللون أن فصلاً جديداً مضطرباً قد يبدأ للتحالف الأميركي - الكوري الجنوبي مع عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض. ويحذر المحللون من أن سياسة «جعل أميركا عظيمة مجدداً» التي ينتهجها الحزب الجمهوري قد تشكل مرة أخرى اختباراً صعباً للتحالف بين سيول وواشنطن الذي دام عقوداً من الزمان، مذكرين بالاضطرابات التي شهدها أثناء فترة ولايته السابقة من عام 2017 إلى عام 2021. ففي ولايته السابقة، طالب ترمب بزيادة كبيرة في المساهمة المالية لسيول في دعم القوات الأميركية في شبه الجزيرة الكورية. وأثناء حملته الانتخابية الحالية، وصف كوريا الجنوبية بأنها «آلة للمال» بينما يناقش مسألة تقاسم تكاليف الدفاع، وذكر أن موقفه بشأن القضية لا يزال ثابتاً. وفي سياق متصل، قال الصحافي الكوري الجنوبي لي هيو جين في مقال نشرته صحيفة «كوريان تايمز» إنه «مع تركيز الولايات المتحدة حالياً على المخاوف الدولية الرئيسية كالحرب في أوكرانيا والصراع في الشرق الأوسط، يشير بعض المحللين إلى أن أي تحولات جذرية في السياسة تجاه شبه الجزيرة الكورية في ظل إدارة ترمب قد تؤجل. لكن مع ذلك؛ ونظراً لنهج ترمب الذي غالباً يصعب التنبؤ به تجاه السياسة الخارجية، يمكن عكس هذه التوقعات».

حقائق

أميركا والهند... و«اتفاقية التجارة الحرة»

في كي فيجاياكومار، الخبير الاستثماري الهندي، يتوقع أن يعيد الرئيس الأميركي العائد دونالد ترمب النظر مجدداً بشأن المفاوضات حول «اتفاقية التجارة الحرة»، وكانت قد عُرفت مفاوضات مكثفة في الفترة 2019 - 2020 قبل أن يفقد السلطة، والتي لم يبدِ الرئيس السابق جو بايدن أي اهتمام باستكمالها.وعوضاً عن الضغط على نيودلهي بشأن خفض انبعاثات الكربون، «من المرجح أن يشجع ترمب الهند على شراء النفط والغاز الطبيعي المسال الأميركي، على غرار مذكرة التفاهم الخاصة بمصنع النفط والغاز الطبيعي المسال في لويزيانا لعام 2019، والتي كانت ستجلب 2.5 مليار دولار من الاستثمارات من شركة (بترونيت إنديا) إلى الولايات المتحدة، لكنها تأجلت لعام لاحق».ثم يضيف: «بوجود شخصيات مؤثرة مثل إيلون ماسك، الذي يدعو إلى الابتكار في التكنولوجيا والطاقة النظيفة، ليكون له صوت مسموع في دائرة ترمب، فإن التعاون بين الولايات المتحدة والهند في مجال التكنولوجيا يمكن أن يشهد تقدماً ملحوظاً. ومن شأن هذا التعاون دفع عجلة التقدم في مجالات مثل استكشاف الفضاء، والأمن السيبراني، والطاقة النظيفة؛ ما يزيد من ترسيخ مكانة الهند باعتبارها ثقلاً موازناً للصين في حوض المحيطين الهندي والهادئ».في المقابل، لا يتوقع معلقون آخرون أن يكون كل شيء على ما يرام؛ إذ تواجه الهند بعض التحديات المباشرة على الأقل، بما في ذلك فرض رسوم جمركية أعلى وفرض قيود على التأشيرات، فضلاً عن احتمال المزيد من التقلبات في أسواق صرف العملات الأجنبية. وثمة مخاوف أيضاً بشأن ارتفاع معدلات التضخم في الولايات المتحدة في أعقاب موقفها المالي والتخفيضات الأقل من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي، وهو ما قد يخلف تأثيراً غير مباشر على قرارات السياسة النقدية في بلدان أخرى بما في ذلك الهند.