سنوات السينما

«مغامرات الأمير أحمد»
«مغامرات الأمير أحمد»
TT

سنوات السينما

«مغامرات الأمير أحمد»
«مغامرات الأمير أحمد»

* «مغامرات الأمير أحمد» (1926)
* أمير عربي ناصع
* في أول فيلم رسوم طويل
إنه أول فيلم أنيميشن غير قصير في تاريخ السينما (81 دقيقة). ظهر إحدى عشرة سنة قبل ولادة فيلم وولت ديزني «سنو وايت والأقزام السبعة» Snow White and the Seven Dwarfs (ديفيد هاند - 1937). وهو أيضا أول فيلم أنيميشن طويل تم اقتباسه عن روايات «ألف ليلة وليلة»، وأول فيلم كرتوني تناول شخصية عربية على نحو إيجابي.
أخرجته سينمائية اسمها لوتي راينجر، ولدت في برلين في العام 1889 وتوفيت في لندن في العام 1981. درست المسرح في برلين سنة 1916، لكن هواها كان صنع رسوم متحركة ولو أنها انطلقت، سنة 1918. مشتركة في تحقيق أفلام روائية حية. لكنها منذ العام 1922 أخذت تصنع أفلام ظلالات صغيرة طورتها بتقنية خاصة إلى ما نسميه اليوم بـSilhouette Animation (الصور الظلية) وكان «مغامرات الأمير أحمد» أول إنتاجاتها ضمن هذه التقنية. بدأته سنة 1922 واستغرق العمل عليه ثلاث سنوات وعرضته في العام 1926، وشاهده هذا الناقد في العام 1985 حين عُرض لأول مرة منذ تاريخ إنتاجه في لندن، وذلك قبل أن يصبح متاحاً اليوم (ولو بمدة تقل بضعة دقائق عن النسخة الأصلية).
في الفيلم يصل ساحر أفريقي إلى مدينة الخليفة في بغداد مقدّماً للأخير هدايا بمناسبة عيد ميلاده. من بين الهدايا، وأعلاها قيمة حصان خشبي يمكن له أن يطير. يعده الخليفة بالاستجابة إلى أي طلب يطلبه عارضاً عليه المال، لكنه يمتنع ويطلب يد ابنته دينارزاد؛ ما يجعل الخليفة ملزماً. يركب ابن الخليفة، الأمير أحمد، الحصان ويطير به دون أن يعرف - في البداية - كيف يستطيع الهبوط به. حين يكتشف الطريقة يكون الحصان قد ابتعد وأصبح فوق جزر واق - واق.
هناك يلتقي بجنيّات لطيفات ثم يمضي عنهن إلى جزيرة أخرى تحكمها فتاة جميلة اسمها باري بانو، لكن الساحر الأفريقي - الذي تبع الأمير - يتدخل فيخطفها ليبيعها إلى إمبراطور صيني (أو مغولي). تتبرع لمساعدته على استرجاع باري بانو ساحرة أنثى تكنّ العداء للساحر الأفريقي. في خط مواز، ولو أنه يظهر لاحقاً، يسجن الساحر علاء الدين بعدما رفض الثاني تسليم المصباح الذي وجده في الكهف. حين يدرك علاء الدين قيمة المصباح يتحرر من سجنه ويبني قلعة كبيرة لدينارزاد التي يحبّها. لكن الساحر يستولي على المصباح ثانية وعلى القلعة. وهذا كله قبل أن يلتقي الأمير أحمد بعلاء الدين وبمساعدة الساحرة تتحرر باري بانو من أسرها ويعود الجميع إلى مدينة الخليفة، حيث يتم التخلّـص من الساحر الذي أتاح للمغول الاستيلاء على الحكم ورد المحتلّـين وإنقاذ الخليفة والأميرة دينارزاد التي ستتزوّج من علاء الدين، كما سيتزوّج الأمير أحمد من باري بانو.
ليس فقط أن المخرجة تبرهن عن عشق ملحوظ بعالم ألف ليلة وليلة، بل تستبعد أي شخصية عربية شريرة من الفيلم. هناك مشاهد عدّة تحتفي بما هو إسلامي. لجانب أن هذه الشخصيات ليست سلبية، نسمع الأذان بضع مرّات. وحقيقة أن الفيلم موجّـه للصغار يمنح العمل حسنات رسالة إيجابية يتلقفها الصغار بقبول.
من بين مميزات الفيلم إصرار مخرجته على إتقان عمل لم يسبقها إليه أحد حتى ذلك الحين. هناك جمال خاص في عملية تحريك صور مقصوصة سوداء على خلفية بيضاء لخلق الصورة المتحركة. هناك جمال المحاولة البدائية ونجاحها التقني لتصبح عماد الفيلم وسبيله السردي الوحيد. هذا إلى جانب الاهتمام بالصور الخلفية (ثابتة ومتحركة) التي تعوّض عن افتقاد الفيلم إلى رسوم ديكورية فعلية. تقنية المخرجة ليست تجريبية. ونلحظ أن الأمر كذلك من خلال نجاح محاولتها محاكاة السرد الحي (أفلام الفترة المصوّرة بممثلين) بسرد يعتمد على المنوال ذاته من تقطيع اللقطات.


مقالات ذات صلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

يوميات الشرق «صيفي» فيلم سعودي مرشح لجائزة مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي للأفلام الطويلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

تعود أحداث فيلم «صيفي» الذي عُرض ضمن فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الرابعة، إلى فترة أواخر التسعينات.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق المخرج محمد سامي في جلسة حوارية خلال خامس أيام «البحر الأحمر» (غيتي)

محمد سامي: السينما تحتاج إلى إبهار بصري يُنافس التلفزيون

تعلَّم محمد سامي من الأخطاء وعمل بوعي على تطوير جميع عناصر الإنتاج، من الصورة إلى الكتابة، ما أسهم في تقديم تجربة درامية تلفزيونية قريبة من الشكل السينمائي.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين رئيس في مشهد من فيلم «الفستان الأبيض» (الشركة المنتجة)

لماذا لا تصمد «أفلام المهرجانات» المصرية في دور العرض؟

رغم تباين ردود الفعل النقدية حول عدد من الأفلام التي تشارك في المهرجانات السينمائية، التي تُعلي الجانب الفني على التجاري، فإن غالبيتها لا تصمد في دور العرض.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق الفنانة الأردنية ركين سعد (الشرق الأوسط)

الفنانة الأردنية ركين سعد: السينما السعودية تكشف عن مواهب واعدة

أكدت الفنانة الأردنية ركين سعد أن سيناريو فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو»، الذي عُرض بمهرجان البحر الأحمر السينمائي، استحوذ عليها بمجرد قراءته.

انتصار دردير (جدة )
يوميات الشرق إيني إيدو ترى أنّ السينما توحّد الشعوب (البحر الأحمر)

نجمة «نوليوود» إيني إيدو لـ«الشرق الأوسط»: السينما توحّدنا وفخورة بالانفتاح السعودي

إيني إيدو التي تستعدّ حالياً لتصوير فيلمها الجديد مع طاقم نيجيري بالكامل، تبدو متفائلة حيال مستقبل السينما في بلادها، وهي صناعة تكاد تبلغ الأعوام الـ40.

إيمان الخطاف (جدة)

هوليوود ترغب في صحافيين أقل بالمهرجانات

جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
TT

هوليوود ترغب في صحافيين أقل بالمهرجانات

جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)

عاش نقادُ وصحافيو السينما المنتمون «لجمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» (كنت من بينهم لقرابة 20 سنة) نعمة دامت لأكثر من 40 عاماً، منذ تأسيسها تحديداً في السنوات الممتدة من التسعينات وحتى بُعيد منتصف العشرية الثانية من العقد الحالي؛ خلال هذه الفترة تمتع المنتمون إليها بمزايا لم تتوفّر لأي جمعية أو مؤسسة صحافية أخرى.

لقاءات صحافية مع الممثلين والمنتجين والمخرجين طوال العام (بمعدل 3-4 مقابلات في الأسبوع).

هذه المقابلات كانت تتم بسهولة يُحسد عليها الأعضاء: شركات التوزيع والإنتاج تدعو المنتسبين إلى القيام بها. ما على الأعضاء الراغبين سوى الموافقة وتسجيل حضورهم إلكترونياً.

هذا إلى جانب دعوات لحضور تصوير الأفلام الكبيرة التي كانت متاحة أيضاً، كذلك حضور الجمعية الحفلات في أفضل وأغلى الفنادق، وحضور عروض الأفلام التي بدورها كانت توازي عدد اللقاءات.

عبر خطّة وُضعت ونُفّذت بنجاح، أُغلقت هذه الفوائد الجمّة وحُوّلت الجائزة السنوية التي كانت الجمعية تمنحها باسم «غولدن غلوبز» لمؤسسة تجارية لها مصالح مختلفة. اليوم لا تمثّل «جمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» إلّا قدراً محدوداً من نشاطاتها السابقة بعدما فُكّكت وخلعت أضراسها.

نيكول كيدمان في لقطة من «بايبي غيرل» (24A)

مفاجأة هوليوودية

ما حدث للجمعية يبدو اليوم تمهيداً لقطع العلاقة الفعلية بين السينمائيين والإعلام على نحو شائع. بعضنا نجا من حالة اللامبالاة لتوفير المقابلات بسبب معرفة سابقة ووطيدة مع المؤسسات الإعلامية المكلّفة بإدارة هذه المقابلات، لكن معظم الآخرين باتوا يشهدون تقليداً جديداً انطلق من مهرجان «ڤينيسيا» العام الحالي وامتد ليشمل مهرجانات أخرى.

فخلال إقامة مهرجان «ڤينيسيا» في الشهر التاسع من العام الحالي، فُوجئ عدد كبير من الصحافيين برفض مَنحِهم المقابلات التي اعتادوا القيام بها في رحاب هذه المناسبة. أُبلغوا باللجوء إلى المؤتمرات الصحافية الرّسمية علماً بأن هذه لا تمنح الصحافيين أي ميزة شخصية ولا تمنح الصحافي ميزة مهنية ما. هذا ما ترك الصحافيين في حالة غضب وإحباط.

تبلور هذا الموقف عندما حضرت أنجلينا جولي المهرجان الإيطالي تبعاً لعرض أحد فيلمين جديدين لها العام الحالي، هو «ماريا» والآخر هو («Without Blood» الذي أخرجته وأنتجته وشهد عرضه الأول في مهرجان «تورونتو» هذه السنة). غالبية طلبات الصحافة لمقابلاتها رُفضت بالمطلق ومن دون الكشف عن سبب حقيقي واحد (قيل لبعضهم إن الممثلة ممتنعة لكن لاحقاً تبيّن أن ذلك ليس صحيحاً).

دانيال غريغ في «كوير» (24A)

الأمر نفسه حدث مع دانيال كريغ الذي طار من مهرجان لآخر هذا العام دعماً لفيلمه الجديد «Queer». بدءاً بـ«ڤينيسيا»، حيث أقيم العرض العالمي الأول لهذا الفيلم. وجد الراغبون في مقابلة كريغ الباب موصداً أمامهم من دون سبب مقبول. كما تكرر الوضع نفسه عند عرض فيلم «Babygirl» من بطولة نيكول كيدمان حيث اضطر معظم الصحافيين للاكتفاء بنقل ما صرّحت به في الندوة التي أقيمت لها.

لكن الحقيقة في هذه المسألة هي أن شركات الإنتاج والتوزيع هي التي طلبت من مندوبيها المسؤولين عن تنظيم العلاقة مع الإعلاميين ورفض منح غالبية الصحافيين أي مقابلات مع نجوم أفلامهم في موقف غير واضح بعد، ولو أن مسألة تحديد النفقات قد تكون أحد الأسباب.

نتيجة ذلك وجّه نحو 50 صحافياً رسالة احتجاج لمدير مهرجان «ڤينيسيا» ألبرتو باربيرا الذي أصدر بياناً قال فيه إنه على اتصال مع شركات هوليوود لحلّ هذه الأزمة. وكذلك كانت ردّة فعل عدد آخر من مديري المهرجانات الأوروبية الذين يَرون أن حصول الصحافيين على المقابلات حقٌ مكتسب وضروري للمهرجان نفسه.

لا تمثّل «جمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» إلّا قدراً محدوداً من نشاطاتها السابقة

امتعاض

ما بدأ في «ڤينيسيا» تكرّر، بعد نحو شهر، في مهرجان «سان سيباستيان» عندما حضر الممثل جوني دَب المهرجان الإسباني لترويج فيلمه الجديد (Modi‪:‬ Three Days on the Wings of Madness) «مودي: ثلاثة أيام على جناح الجنون»، حيث حُدّد عدد الصحافيين الذين يستطيعون إجراء مقابلات منفردة، كما قُلّصت مدّة المقابلة بحدود 10 دقائق كحد أقصى هي بالكاد تكفي للخروج بحديث يستحق النشر.

نتيجة القرار هذه دفعت عدداً من الصحافيين للخروج من قاعة المؤتمرات الصحافية حال دخول جوني دَب في رسالة واضحة للشركة المنتجة. بعض الأنباء التي وردت من هناك أن الممثل تساءل ممتعضاً عن السبب في وقت هو في حاجة ماسة لترويج فيلمه الذي أخرجه.

مديرو المهرجانات يَنفون مسؤولياتهم عن هذا الوضع ويتواصلون حالياً مع هوليوود لحل المسألة. الاختبار المقبل هو مهرجان «برلين» الذي سيُقام في الشهر الثاني من 2025.

المديرة الجديدة للمهرجان، تريشيا تاتل تؤيد الصحافيين في موقفهم. تقول في اتصال مع مجلة «سكرين» البريطانية: «الصحافيون مهمّون جداً لمهرجان برلين. هم عادة شغوفو سينما يغطون عدداً كبيراً من الأفلام».

يحدث كل ذلك في وقت تعرّضت فيه الصحافة الورقية شرقاً وغرباً، التي كانت المساحة المفضّلة للنشاطات الثقافية كافة، إلى حالة غريبة مفادها كثرة المواقع الإلكترونية وقلّة عدد تلك ذات الاهتمامات الثقافية ومن يعمل على تغطيتها. في السابق، على سبيل المثال، كان الصحافيون السّاعون لإجراء المقابلات أقل عدداً من صحافيي المواقع السريعة الحاليين الذين يجرون وراء المقابلات نفسها في مواقع أغلبها ليس ذا قيمة.

الحل المناسب، كما يرى بعض مسؤولي هوليوود اليوم، هو في تحديد عدد الصحافيين المشتركين في المهرجانات. أمر لن ترضى به تلك المهرجانات لاعتمادها عليهم لترويج نشاطاتها المختلفة.