مصممات غيرن وجه الموضة

أسلوبهن لا يزال مؤثراً على أذواقنا إلى اليوم

من عرض دار «كلوي» التي أسستها مدام غابي أغيون في الخمسينات - من عرض دار «لانفان» - من عرض «شانيل» لهذا الموسم - من عرض دار «سيلين» التي تأسست منذ عقود وتتولى تصميمها فيبي فيلو حالياً - من عرض «شانيل» لربيع وصيف 2017
من عرض دار «كلوي» التي أسستها مدام غابي أغيون في الخمسينات - من عرض دار «لانفان» - من عرض «شانيل» لهذا الموسم - من عرض دار «سيلين» التي تأسست منذ عقود وتتولى تصميمها فيبي فيلو حالياً - من عرض «شانيل» لربيع وصيف 2017
TT

مصممات غيرن وجه الموضة

من عرض دار «كلوي» التي أسستها مدام غابي أغيون في الخمسينات - من عرض دار «لانفان» - من عرض «شانيل» لهذا الموسم - من عرض دار «سيلين» التي تأسست منذ عقود وتتولى تصميمها فيبي فيلو حالياً - من عرض «شانيل» لربيع وصيف 2017
من عرض دار «كلوي» التي أسستها مدام غابي أغيون في الخمسينات - من عرض دار «لانفان» - من عرض «شانيل» لهذا الموسم - من عرض دار «سيلين» التي تأسست منذ عقود وتتولى تصميمها فيبي فيلو حالياً - من عرض «شانيل» لربيع وصيف 2017

حين نفتش في تاريخ دور الأزياء وبيوت الموضة العالمية لا نرى المرأة مجرد عارضة للأزياء على المنصة فقط، بل نكتشف أنها فاعل أساسي وجوهري في قلب العملية الإبداعية، يدير بفنية عالية كواليس العروض من الألف إلى الياء. نجدها بين الخيوط وسط الأقمشة، ترسم، تصمم، تحيك، تنفّذ، تقفل السحاب، تتحدى نفسها، تكافح، وتصبو نحو القمّة، وتقف خلف كثير من الابتكارات الساحرة.
لذلك ليس من الغريب أن يسطع نجم أسماء سيدات كان لهنّ فضل كبير في تغيير وجه ومسار الموضة العالمية، وإغنائها بإبداعات رفعتها إلى مستويات عالية جداً. من بين أشهر هؤلاء المبدعات كوكو شانيل، وميوتشا برادا، وجين لانفان، وإلسا سكأياريللي، وفيفيان وستوود بالإضافة إلى ديان فون فونتسبورغ، وكارولينا هيريرا، وفيرا وانغ، ودونا كاران، وفيبي فيلي، وستيلا ماكارتني، ولائحة أخرى طويلة لمبدعات غيب بعضهن الموت لكن خلفهن إنجازات لا تزال تعبق بذكراهن، أو ما زلن يؤكدن على قوة تأثيرهن.
دخلت المرأة مجال تصميم الأزياء بشكل واضح في بداية القرن العشرين. لكن قبل هذا التاريخ كانت هناك مصممات عبدن لهن الطريق، مثل مادلين شيروي. فقد يكون اسمها غير معروفا مثل جين لانفان وكوكو شانيل أو سكياباريللي، لكن تستحق تسليط الضوء عليها كأوّل من مهّد الطريق للمصممات اللواتي اشتهرن في بداية القرن الماضي. فهذه الخياطة الفرنسيّة كانت تُسيطر على صناعة الأزياء في زمنها، حيث اشتغل معها أكثر من مائة موظف عام 1905 تحت اسم عائلتها «Chéruit». ورغم إقفال دارها سنة 1935، فإن تأثيرها ظلّ مستمراً، خصوصاً على المصممة إلسا شياباريلي التي طالما ذكرت عشقها لما قدّمته مادلين إلى عالم الموضة.
أما المصممة جاين باكان التي كانت أيضاً من أوائل مصممات الأزياء، فقد عرفت حينها بأعمالها المتأثرة بالقرن 18، وبقناعتها الكاملة في دور الدعاية والإعلان في الترويج للتصاميم. وفي أوائل القرن العشرين صارت جاين تنظّم مسيرات للأزياء على الطرقات، لتسبق بذلك عصرها في هذا المجال، كما اعتمدت قبل الجميع ما يشبه أسلوب الشارع الذي نعرفه اليوم.
من الأسماء الأخرى التي يجدر التوقف عندها، نذكر إديث هيد التي حقّقت رقماً قياسياً بنيلها ثماني جوائز أوسكار، أكثر من أي امرأة أخرى في العالم، وقد اشتهرت أكثر بكونها مصممة ملابس الأفلام السينمائية، التي كان أشهرها ما ارتدته الفنانة أودري هيبورن في فيلم «إفطار في تيفاني». كانت جاين تعمل مع المصمم هوبير جيفنشي. وقد يكون لها فضلا لا يُنكر في مساعدة أودري وإليزابيث تايلور ومادلين مونرو على أن يُصبحن أيقونات موضة. فقد كانت الجندي المجهول في تصميم أزياء أكثر من ألف فيلم سينمائي ناجح.
أما بالنسبة لعاشقات دار «لانفان» فإن اسم جاين لانفان ما زال مؤثراً إلى حد الآن. كانت بدايتها وليدة صدفة سعيدة. فهي لم تكن تعرف أن الفساتين الأنيقة التي كانت تفصلها وتحيكها لفتاتها الجميلة ستكون اللبنة التي ستؤسس عليها بيت موضة سيستمر لنحو القرن.
في عهد كوكو شانيل سطع أيضاً اسم إلسا شياباريلي، التي اشتهرت في العشرينات والثلاثينات من القرن الماضي ووظّفت أنواع الفنون في أزيائها، كما كانت المنافسة الأولى لكوكو شانيل وعدوتها اللدودة.
تطول قائمة أسماء النساء اللواتي غيّرن وجه الموضة، ومن بينهن مادلين فيونيه، التي اشتهرت بإدخال التقنيات الحديثة في قصّات الملابس مثل قصّة الذيل الطويل، ومدام غري، التي كان يطلق عليها ملكة فساتين الدرابيه، وكلير ماكارديل المعروفة بتأسيس نمط الألبسة الجاهزة والملابس الرياضية، التي كان لها تأثيرها المذهل على الموضة الغريبة في خمسينات القرن الماضي. من بين كل هؤلاء يتمتع اسم كوكو شانيل برنة الذهب.
فقد غيّرت الكثير من المفاهيم التقليدية وأرست بدلها قوانين جديدة خدمت المرأة بتصاميمها الأنيقة والمريحة في الوقت ذاته. لم تكن تهدف إلى إظهارها أنيقة وجميلة فحسب بل أيضاً قويّة وواثقة إلى حد الغطرسة.



«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)
حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)
TT

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)
حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)

مع اقتراب نهاية كل عام، تتسابق المتاجر والمحلات الكبيرة على التفنن في رسم وتزيين واجهاتها لجذب أكبر نسبة من المتسوقين إلى أحضانها. بيوت الأزياء الكبيرة هي الأخرى تتسابق على حجز مكان رئيسي لها على هذه الواجهات لتسليط الضوء عليها وعلى إبداعاتها. فما لا يختلف عليه اثنان أن هذه الواجهات والزينة، بما في ذلك الأنوار التي تُزين الشوارع والساحات، تعد نقطة جذب سياحي تعتمد عليه لندن كل سنة. عادةً ما تبدأ الحجوزات قبل فترة طويلة.

وبما أن محلات «هارودز» معلمة ووجهة سياحية، فإن فرصة العرض فيها لا تقدر بثمن، وبالتالي فهي لا تمنح الفرصة لأيٍّ كان لاحتلال واجهاتها. لكنَّ «لورو بيانا» ليست أياً كان؛ فهي من أهم بيوت الأزياء العالمية حالياً. تصاميمها المترفة تجذب النظر وتحفز حركة البيع في الوقت ذاته، بدليل أنها من بين بيوت أزياء تعد على أصابع اليد الواحدة لا تزال تحقق الأرباح رغم الأزمة التي ألمَت بكثير من الأسماء الشهيرة.

احتلت «لورو بيانا» كل واجهات محلات «هارودز» بمناسبة الأعياد والاحتفالات (لورو بيانا)

هذا العام، أُتيحت لها الفرصة لتجعل 36 نافذة عرض في «هارودز» ملكها الخاص. لم يكن الأمر سهلاً. بدأت العمل عليه منذ أكثر من عام تقريباً ليأتي بصورة تسلط الضوء على تاريخها وإرثها وأيضاً مهارات حرفييها بشكل جيد، وهو ما مثَّلته «ورشة العجائب» Workshop of Wonders. فكرتُها استعراضُ خبراتهم في غزْل الصوف وأساليبهن الخاصة في المزج بين الحرفية والفن. هنا سيستمتع الناظر بقصة تُسرد من زاوية مدهشة تتبع رحلتهم، من المراعي و طرق عيش الخرفان والغزلان الخرفان وكيفية الحصول على المواد الخام وصولاً إلى المنتج النهائي.

ورشة العجائب

تتميز بديكورات متحرّكة ميكانيكية تُجسّد فكرة مسرح الدمى من خلال الآليات التي تحركها وراء الكواليس. أغلبها من الخشب لتعزيز الطابع اليدوي التقليدي. فهذه الورشة تعكس فكرة مفادها أنّ الطبيعة نفسها ورشة من الجمال والتفرد والكمال.

الجنود المجهولون أو الحرفيون أخذوا نصيبهم من الاحتفال باستعراض مهاراتهم أمام الضيوف (لورو بيانا)

تأتي التصاميم هنا مستوحاة من روح عشرينات القرن الماضي، وهي الحقبة التي أبصرت فيها الدار النور، ممّا يعزز الشعور بالعراقة من خلال استخدام القوام الخشبي والألوان الدافئة الممزوجة بلمسات من الذهب المطفي. تملأ المشهد، دمى مرسومة ومحاطة بسحب من الصوف المنسوج يدوياً. هنا أيضاً يُكشف الستار عن مجتمعات الحرفيين الماهرين Masters of Fibers والأماكن الساحرة حول العالم، حيث يعيش الماعز، والألباكا، وحيوان الأيل، والغزال. هنا كل شيء يتأرجح بين الواقع والخيال،

وخلال هذه الفترة، ستفتتح الدار متجرَين جديدَين في «هارودز»؛ الأوّل مخصّص لأزياء الصغار، والآخر للديكور المنزلي، إلى جانب منتجات وتصاميم حصرية تحتفي بتاريخ الدار وبموسم الأعياد.

الواجهة والنوافذ

الجميل في تصميم الواجهات أن التركيز لم يقتصر على عرض تصاميمها بشكل يُغري المتسوقين، بقدر ما جرى التركيز على أخذهم في رحلة ممتعة إلى أماكن بعيدة، لتُعرفهم من أين تُستورد الألياف النادرة قبل أن تتحول إلى رزمٍ قطنية ثم إلى أقمشة فاخرة، يُزيِن بعضها شجرة عيد ميلاد بارتفاع 17 متراً .

... وطبعاً لا تكتمل الإطلالات من دون حقائب تعكس اهتمام الدار بالتفاصيل (لورو بيانا)

صُممت كل نافذة بدقة لتحاكي تحفة فنية تروي مرحلة من تاريخ «لورو بيانا» وقصةً نجمُها الرئيسي أليافٌ وأنسجة خفيفة على شكل رزم تتحرك على حزام ناقل، لتتحوّل إلى قماش من خلال آلية مذهلة، وفي النهاية تتّخذ شكل شجرة عيد ميلاد بطول 17 متراً مزينة بالأقمشة وحلة العيد الفريدة.

نوافذ أخرى، تسرد فصولاً تتناول مواقع ومجتمعات «الحرفيين الماهرين» Masters of Fibers من منغوليا وأستراليا وجبال الأنديز وما بعدها، وصولاً إلى إيطاليا حيث يتم تحويل الألياف والمواد الخام إلى قطع لا تقدر بثمن.

منها ما يحكي قصص صوف الفيكونيا، ونسيج بيبي كشمير، وصوف الملوك وقماش «بيكورا نيراPecora Nera® وغيرها. النوافذ المخصّصة لـصوف الملوك مثلا تركز على عملية البحث عن أفضل المراعي الخضراء لخراف المارينو، وهي عملية تعود بنا إلى أواخر القرن الثامن عشر، حين وصل القبطان جيمز كوك إلى نيوزيلندا وأستراليا، حاملاً معه خراف المارينو لأول مرة. لدهشة الجميع، وجدت هذه الخراف مكانها المثالي، حيث حظيت بعناية مكثفة على يد المربّين المحليين ومنحتهم هذه الخراف بدورها أجود أنواع الصوف في العالم. أمّا نافذة Pecora Nera® فتروي رؤية وإبداع المزارعة النيوزيلندية فيونا غاردنر التي ركّزت على الخراف ذات اللون الداكن تحديداً. صوفها الثمين يتحوّل إلى ألياف طبيعية لا تحتاج إلى صبغات.

قطع حصرية لـ«هارودز»

احتفالاً بالذكرى المئوية للدار وأسلوبها المتميز بالفخامة الهادئة، تم طرح مجموعة جاهزة للرجال والنساء، حصرياً في «هارودز». كان من الطبيعي أن تستمد إيحاءاتها من الأناقة البريطانية الكلاسيكية مطعَّمة بلمسات مستوحاة من الفروسية وأنماط المربعات، إضافةً إلى اللون الأخضر الأيقوني الخاص بـ«هارودز» و ألوان أخرى مستوحاة من أجواء العيد، مثل الأحمر والأبيض.

لم تستسهل «لورو بيانا» عملية تزيين 36 نافذة وكانت النتيجة مرآة لتاريخها وإرثها (لورو بيانا)

الإطلالات المسائية للمرأة في المقابل تتميز بفساتين طويلة من الحرير المطرّز يدوياً وفساتين محبوكة بقصات عمودية، إلى جانب قمصان ناعمة مصنوعة هي الأخرى من الحرير تم تنسيقها مع سراويل واسعة بسيطة بعيدة عن التكلّف. تضيف أحذية الباليه المسطحة المصنوعة من المخمل الأسود، والصنادل ذات الكعب العالي المطرزة بزهور الشوك الذهبية، لمسة نهائية راقية.

من جهته يتألق رجل «لورو بيانا» في كل المناسبات الرسمية والاحتفالات الموسمية، بفضل التشكيلة الواسعة من البدلات الرسمية.

متجران مؤقتان

سيجد زائر «هارودز» كل ما يطمح إليه من أزياء أو إكسسوارات مصنوعة من أجود أنواع الألياف (لورو بيانا)

بهذه المناسبة خصصت الدار متجرَين مؤقّتَين من وحي الأعياد. الأول في الباب 6، ويشمل عناصر مستوحاة من ورش العمل والأقمشة المطرّزة. تتوسطه طاولة عمل من الجلد مضاءة بمصباح علوي، بالإضافة إلى عجلة صناعية كبيرة تعرض المنتجات الجلدية والإكسسوارات. يمكن للزوّار هنا العثور على تشكيلة حصرية من ربطات العنق والقبّعات المصنوعة من الكشمير الفاخر للأطفال، والصوف، وقماش التويل الحريري بألوان هادئة أو مزيّنة بزخارف تحمل رموز الدب وزهرة الشوك وغيرها. أما للمنزل، فتتوفر تماثيل خشبية للماعز والألباكا، بالإضافة إلى نسخ محشوة منها على قواعد خشبية. وقد جرى تخصيص زاوية خاصة لإدخال اللمسات الشخصية على وشاح Grande Unita الأيقوني، حيث يمكن للعملاء تطريز الأحرف الأولى من أسمائهم.

استلهمت الدار الإيطالية كثيراً من التصاميم من الأجواء البريطانية العريقة... من الأشكال والقطع إلى الألوان (لورو بيانا)

أما المتجر الثاني بباب 9، فخُصّص لفنّ تقديم الهدايا وتجربة حصرية يمكن حجزها لمزيد من المتعة. تبدأ بتعريف الضيوف بعالم الحرف اليدوية، من خلال أشجار الأعياد المغلّفة بالصوف والكشمير، وحيوانات محشوة على شكل الماعز، والألباكا، وحيوان الأيل، والغزال، بالإضافة إلى رؤوس أقلام على شكل حيوانات. وتتجلّى بهجة موسم الأعياد في كرة الثلج المصنوعة من الخشب والزجاج التي تضم ماعز الكشمير محاطاً بحبّات الثلج المتطايرة. يستضيف هذا المتجر أيضاً ورشة عمل تُتيح للضيوف اختبار مهاراتهم في الحرف اليدوية أو تعلّم كيفية صنع زينة العيد وتغليف نماذج خشبية بالصوف.

تستمر فعاليّات Workshop of Wonders حتّى الثاني من يناير (كانون الثاني) 2025، وتُشكّل جزءاً مهماً وأساسياً من احتفالات الدار بعيدها المئة حول العالم، وبذكرى تأسيسها عام 1924 على يد بييترو لورو بيانا.