فنان العرب وسفير الأغنية الخليجية يعيدان الطرب إلى الواجهة

حفل جدة يزهو بين القديم والجديد

الفنان محمد عبده
الفنان محمد عبده
TT

فنان العرب وسفير الأغنية الخليجية يعيدان الطرب إلى الواجهة

الفنان محمد عبده
الفنان محمد عبده

أعاد فنان العرب محمد عبده، وسفير الأغنية الخليجية عبد الله الرويشد، في ليلة استثنائية وهج الأغنية الطربية، في حفل غنائي أحياه الثنائي أول من أمس، في الصالة المغطاة بمدينة الملك عبد الله الرياضية بمحافظة جدة غرب السعودية، وسط حضور جماهيري غفير.
فنان العرب، الذي أكد سعادته بمشاركته في الحفل ولقائه جماهيره عبر مسرح جدة... لم يكن غريباً أن يصافح جماهيره بأغنية لجدة من كلمات بدر بن عبد المحسن وألحانه، لتردد الجماهير معه كوبليه «كل ما جاء الطاري في عرس وخطوبه قلنا من هي العروسة... قالوا جدة»، ليتفاعل معها الحضور، وتتواصل مطالبات الحضور لمحمد عبده بجملة من أغانيه القديمة.
فيما يعد الحفل الذي احتضنته محافظة جدة هو الثاني لمحمد عبده في غضون أشهر معدودة بعد آخر حفل أحياه في يناير (كانون الثاني) الماضي بعد قرابة 7 سنوات من الغياب عن إقامة الحفلات الغنائية، ليندمج الحضور مع الأسطورة الحية الذي كل ما كبر عمره زاد صوته قوة وشجنا وعاطفة، ليمثل الحفل عودة كبيرة للغناء لفنان العرب في حضن الوطن، تفاعل معها الحضور.
إلى ذلك، واصل الفنان محمد عبده الإبداع في الحفل بأغنية «أعترفلك» من كلمات فيصل بن تركي بن عبد الله، وألحان ناصر الصالح تحدثت كلماتها: «لاهي نار ولاهي ما... ولاهي غيمة ولاسما... إن حكت... غنت سنابل من رضا... والسكوت... إن صار نيران الغضا... يارضاها... وقف وناظر شوي... شف غلاها... إيش سوى بشخص حي».
لتعيد آهات فنان العرب التي أطلقها على المسرح شجون الحضور: «آه... من قلبي نصحته... بس عيا ينتصح نبضه يبيها... آه... منه ليه عيا... ليه عزم يترك الكون ويجيها»، لتضفي على السهرة التي تفاعل معها الحضور المتعة في كل جوانبها، مواصلاً معها الغناء لجملة من أغانيه.
في حين اختتم فنان العرب بأغنيته الشهيرة «فوق هام السحب» كلمات بدر عبد المحسن وألحانه، ليقف الحضور مرددين كلماتها مشاركين روعتها... كيف لا وهي تتحدث عن الاعتزاز بالوطن حيث تتحدث كلماتها: «فوق هام السحب وإن كنتي ثرى... فوق عالي الشهب يا أغلى ثرى... مجدك لقدام وأمجادك ورى... وإن حكى فيك حسادك ترى... ما درينا بهرج حسادك ابد... أنت ما مثلك بهالدنيا بلد والله... ما مثلك بهالدنيا بلد».
إلى ذلك، صافح الفنان الكويتي عبد الله الرويشد جماهيره الحاضرة بأغنية «عاش سلمان»، التي غناها الفنانان راشد الماجد وعبد المجيد عبد الله، بعد أن نقل لهم تهنئة أهل الكويت بعيد الفطر المبارك، بينما تفاعل الحضور مرددين مع سفير الأغنية الخليجية الأغنية التي تقول كلماتها: «عاش سلمان يا بلادي عاش سلمان... عاش سلمان ملكنا عاش سلمان... والشعب كله يردد عاش سلمان... غنت الدنيا وغنت البلد... غنت الأمجاد لك يابو فهد... تكتب الفرحة لك أحلى قصيد... افتخرنا فيك يا وجه السعد... أنت سلمان ما مثلك مثيل... وإن وجد مثلك صدقني قليل... يا عسى ربي يبارك في خطاك... شعبك الوافي ماله ألا ذراك... يا عسى عمرك الغالي يطول... تزرع الأحلام ونقطفها معك... أنت سلمان ما مثلك مثيل... وإن وجد مثلك صدقني قليل... والشعب كله يردد عاش سلمان... عاش سلمان يا بلادي عاش سلمان... عاش سلمان ملكنا عاش سلمان».
ليعيد الرويشد جماهيره بعد الأغنية الوطنية السعودية في ذات المساء للأغاني القديمة، متغنياً بها بعد إلحاح جماهيري ليتبعها بأغنية «بتبع قلبي» من كلمات وألحان حسين المحضار، التي تقول أبيات منها: «أنا بتبع قلبي وبس ما علي في الناس... كذب اللي يقولون المحبة لها مقياس... يقولون لي سيبه تلاقي مثيله جم... وقلبي يقولي لا تسيبه ترى تندم».
الرويشد الذي عبر عن سعادته الكبيرة في العودة مجدداً للتواجد على خشبة المسارح السعودية للغناء مجدداً بعد غياب سنوات عن مصافحة جماهيره من خلالها واصل إبداعه بأغنية «أبيك» كلمات عبد اللطيف البناي وألحانه، التي تقول كلماتها: «أبيك بعيوبك أبيك... بحلوك وبمرك أبيك... في كوم والدنيا في كوم... أبيع هالعالم وأجيك... وراضي بالمر اللي فيك... حبيبي ياملح لوجوه... في جرة عيونك أتوه... في عيني ماشوف إلا أنت... وبماي عيني أشتريه... وراضي بالمر اللي فيك».
ليواصل سفير الأغنية الخليجية الإبداع على مسرح الصالة المغلقة بمدينة الملك عبد الله بجملة من أغانيه القديمة شملت منها أغنية «دنيا الوله»، التي تحدثت كلماتها: «غرك كلام الناس عني وتخليت... ولا أنت ماصدقت تسمع إشاعة... مثلك يسامحني إذا بحقه أخطيت... عمر الشجر ما ينكر جذور قاعه... أنا مو ولهان أنا... أنا دنيا من الوله محتاجك أبيك... أنا مو تعبان أنا... أنا دنيا من التعب راحتها بيديك... وأنا ناقص حب ثاني... أنجرح منه وأعاني... الله يرضى لي عليك».
في المقابل، شهد الحفل تنظيما مميزاً من قبل القائمين عليه، حيث كانت التسهيلات المقدمة لوسائل الإعلام مميزة، من حيث ترك مساحة للإعلاميين لأخذ تصريحات من كل فنان قبل صعوده على خشبة المسرح.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».