كوميديا «الاغتصاب» و«الإرهاب المتحضر»

كتاب إسرائيلي جماعي يحلل آليات العنف المنتشر في المجتمع

كوميديا «الاغتصاب» و«الإرهاب المتحضر»
TT

كوميديا «الاغتصاب» و«الإرهاب المتحضر»

كوميديا «الاغتصاب» و«الإرهاب المتحضر»

أثارت حادثة الاغتصاب الجماعي لفتاة ثملة صعدت على البار في شارع اللنبي 40 في تل أبيب - يافا (سبتمبر «أيول» 2015) ضجة كبيرة لا تقل عن الضجة التي أثارتها عملية حرق بيت عائلة دوابشة الفلسطينية في قرية دوما قضاء نابلس على يد إرهابي يهودي يوليو (تموز) 2015، وأودت بحياة أسرة بريئة. فحادث الاغتصاب الجماعي الذي تم نقله بواسطة «الواتساب» وشبكات التواصل الاجتماعي ببث مباشر جعل محطات التلفزيون الإسرائيلية تعلق برامجها وتسلط الضوء على «الأخلاق التي انحدرت بما لا يلائم المجتمع المتحضر».
ذكرت الصحافة العبرية أنه في سنة 2012 وحدها سُجل أكثر من تسعة آلاف بلاغ عن تحرش جنسي داخل المؤسسات التربوية والجامعات، والمكاتب الحكومية في معظمها لم تصل إلى فتح محاضر في الشرطة وتقديم لوائح اتهام ولعل ما تذيعه وسائل الإعلام يوميا عن حوادث تحرش جنسي في أماكن العمل والاعتداء والاغتصاب بات مثيرا للريبة، مما جعل غالبية الشابات من العرب واليهود لا يخرجن من دون عبوات غاز مسيل للدموع في حقائبهن، فما الذي دفع المجتمع الكوسموبوليتي في إسرائيل ليصبح مجتمعا مأزوما جنسيا وعنصريا تتباين فيه العلاقة بين التوجهات التربوية والسلوك؟
يسعى كتاب «الحرب والجنس» من تأليف ديفيد برومفيتش (جامعة ييل) ويواب رينون (الجامعة العبرية) ونينا شوخط (معهد ديفيد يالين في القدس)، إلى تعريف مصطلح «الخيال الأخلاقي» بمفهوم فكري إنساني على أنه القدرة على الاعتراف بالآخر الذي لا ينتسب إلينا ثقافيا ولا يمت إلينا بصلة قربى وإعطائه الحق في الوجود والتعبير إلى أبعد الحدود فيجدر ألا تعاش حياة الإنسان إذا افتقرت إلى رؤية تقويمية وإعادة نظر، كما يقول سقراط.
هذه الدراسة التي تلقي الضوء على قضايا تخص المجتمع اليهودي والعالم الأوسع يمكن اعتبارها ضمن الكتب التي تعيد النظر في مسألة الاحتلال أو الصراع العربي - الإسرائيلي تزامنا مع مرور نصف قرن على حرب حزيران، لكنها في العمق تؤكد الالتزام الإنساني انطلاقا من شواهد في الأدبيات الكلاسيكية والمسرح الإغريقي والواقع العالمي بما يعصف به من إرهاب أصولي وتغيرات اجتماعية ومناخية واقتصادية.
ثمة علاقة بين العنف الكلامي والعنف الجنسي والعنف العسكري وبذاءة المعركة بعيدا عن القيم؛ لأن حافز البقاء هو المسيطر فهل تغير الإنسان كي تتغير الحرب؟ أو أن للمأساة وجوها متعددة في الرمال الجنوبية؟ المفارقة أن الحرب تبدو كأنها بدأت من جديد، فخلال تجربة الحرب في غزة ذات الطابع الديني الذكوري والرؤية الشوفينية وجهت انتقادات في نقابة الصحافيين لأحد المراسلين العسكريين على مواقفه، فهو يقرر قرارات على عاتقه الشخصي ويريد إنزالا بريا لم يفعله الجيش لمزيد من الدمار. هنا يتجلى التسمم بروح المناورة والتعطش لها فروحه القتالية ليست بالضرورة شكلت عامل سعادة للمواطنين الذين لم يعد أولادهم إلى البيت على قيد الحياة من «أوحال» غزة على غرار «أوحال» جنوب لبنان.
أول من استخدم مصطلح «الخيال الأخلاقي» كان الكاتب الآيرلندي Edmund Burke إدموند بيرك (1797 - 1729) في كتاب له حول أفكار الثورة الفرنسية واندفاع الجماهير إلى عزل الملك والملكة عن عرش فرساي حيث لا يحمل حراك الشعوب دافعا عاطفيا فحسب، بل يتضمن وعيا ومسؤولية بضرورة تغيير الواقع. ولعل هذا شبيه نسبيا بما حدث في الربيع العربي مع التشابك والالتباس في تعريف الهم الجماهيري المطالب بالتغيير وفي الاحتجاجات الطلابية في الولايات المتحدة إبان حرب فيتنام وهو ما حدث في الشارع الإسرائيلي بعد اجتياح لبنان عام 1982 واغتيال الناشط اليساري إيميل غرينزفايغ بيد قوى اليمين وانتهى باستقالة مناحم بيغين، فالخيال والأخلاق متقاربان في المبنى الفكري والعاطفي، لكن ثمة صعوبة تكمن في الدمج بينهما في توجهات الفرد والجماعة.
كوميديا الاغتصاب في شارع اللنبي 40 جعل مأساة الفتاة الضحية ملهاة شعبية وهو أمر له جذور في المسرح الإغريقي واليوناني في أعمال ميناندروس من القرن الرابع ق.م، ومسرحيات بلاوطيوس وطرينطيوس من القرن الثاني ق.م، أما عن طرينطيوس فكانت مسرحياته تدرس في مناهج المدارس وهو صاحب المقولة: «ما دمت إنسانا فكل ظاهرة إنسانية ليست غريبة عني» فتلك المشاهد المُستَعبِدة للمرأة في الأعمال المسرحية كانت مقبولة في الثقافة الهيلينية لكونها استمدت شرعيتها من الميثيولوجيا الإغريقية وبررتها سلوكيات الآلهة التي آمن الناس بوجودها لكن عارضتها الديانات السماوية ونهت عنها بحزم.
مع انتهاء الحرب الباردة بين الغرب والمعسكر الاشتراكي ارتفع تيار فكري غير أكاديمي وليس له صفة رسمية نادى بأن البشرية تعيش في نهاية التاريخ، لكن الذي حدث على أرض الواقع أثبت أن التاريخ ليس شيئا قابلا للانتهاء، وأنه رغم تصور أحادية القوة وتعريف الولايات المتحدة بوصفها سيدة العالم الحر، اتضح أن العالم أفرز توازنات جديدة، وبموازاة ذلك يتعرض العالم شرقا وغربا لموجات الإرهاب الأصولي الذي يهدف إلى تحقيق أهداف دينية ويسعى إلى الانتقام من الغرب، ثم الفقر والمجاعات والفيضانات والأمراض التقليدية والحديثة وعوامل الطبيعة وتغيرات المناخ التي لا يزال الإنسان قانعا أنه ضعيف إزاءها. ورغم التطورات التكنولوجية، وثمة قضايا لا تحصى من هموم المعاصرة تجعل فكرة نهاية التاريخ تبدو مثل شعور وهمي تعثر على ما يدحضها؛ نظرا للتحديات التي لا تزال تواجه البشرية.
يدين الكتاب الوجه العام للعنف بتعريفاته المتعددة من العنف الأسري والجنسي إلى الإرهاب الديني والإرهاب المتحضر، لكن جوهر العنف قديم قدم البشرية ذاتها. فهل من الممكن أن يتغير الواقع في الشرق الأوسط والعالم؟ يتكرر السؤال الذي يطرحه الكتاب ولا يقدم إجابة، فأقدم خطيئة للسياسة هي السياسة نفسها.



الشبحُ في الآلة

سوزان بلاكمور وابنتها أميلي تروسيانكو  أثناء حفل توقيع كتاب "الوعي: مقدمة"
سوزان بلاكمور وابنتها أميلي تروسيانكو أثناء حفل توقيع كتاب "الوعي: مقدمة"
TT

الشبحُ في الآلة

سوزان بلاكمور وابنتها أميلي تروسيانكو  أثناء حفل توقيع كتاب "الوعي: مقدمة"
سوزان بلاكمور وابنتها أميلي تروسيانكو أثناء حفل توقيع كتاب "الوعي: مقدمة"

شغل موضوع أصل الأشياء The Origin مكانة مركزية في التفكير البشري منذ أن عرف البشر قيمة التفلسف والتفكّر في الكينونة الوجودية. الموضوعات التأصيلية الأكثر إشغالاً للتفكير البشري منذ العصر الإغريقي ثلاثة: أصل الكون، أصل الحياة، أصل الوعي.

الوعي بين هذه الموضوعات الثلاثة ظلّ اللغز الأكثر إثارة ورهبة واستجلاباً للأسطرة والمقاربات غير العلمية، وربما تكون عبارة «الشبح في الآلة The Ghost in the Machine» التي شاعت منذ أيام الفلسفة الديكارتية تمثيلاً للوعي تتفق مع ثنائية العقل-الجسد The Mind-Body Duality. بمقتضى هذه الثنائية الديكارتية يكون الوعي كينونة غير مادية (الشبح) وقد استوطن في كينونة مادية (الآلة أو الجسد البشري).

فضلاً عن الأهمية الفلسفية لدراسة الوعي فقد صارت المقاربات العلمية في هذه الدراسة تتعاظم يوماً بعد آخر بسبب ارتباطها العضوي مع موضوعات عظيمة الأهمية في مقدّمتها مباحث الذكاء الاصطناعي بكلّ تفريعاته (الذكاء الاصطناعي العام، تعلّم الآلة، الشبكات العصبية...)، بعبارة أخرى: صار الوعي موضوعاً يقع في صميم الجهد البحثي الذي تتأسّس عليه القيمة الجيوستراتيجية للدولة المعاصرة. أمرٌ آخر تتوجّب الإشارة إليه: الوعي بطبيعته جهد بحثي عابر للتخصصات؛ لذا فهو يتناغم مع طبيعة المباحث العلمية المميزة لعصرنا.

لكن، بعيداً عن الأسباب البحثية والاستراتيجية، لماذا يتوجّبُ على كلٍّ منّا أن يهتمّ بأمر الوعي على مستوى شخصي بمقدار قد يزيد أو ينقص بين الأفراد؟ أوّلاً يتوجّبُ علينا الانخراط في هذا المسعى لأنّ الوعي بصورة جوهرية هو الشيء الأساسي الذي يعرفه كلٌّ منّا بشأن العالَم، أو هو بوّابته إلى العالم، وأعني بهذه البوّابة: التجارب الحسية Sensory Experiences، ومن الطبيعي أنّ كلاً منّا يتوق لأن يفهم -بكيفية علمية منسّقة ومنضبطة وليس بتفكّرات شخصية متناثرة- لماذا يعدّ الوعي البوّابة الأساسية لتجاربنا في العالم. يحبّ كلّ منّا هذا المسعى ولا يرغب في جعله اختصاصاً حصرياً للفلاسفة وعلماء الأعصاب ومطوّري الذكاء الاصطناعي بكلّ متفرّعاته. ثانياً: دراسة الوعي في غاية الأهمية أيضاً في جوانب الغاية Purpose والمعنى Meaning في حياتنا البشرية. ليس في قوانين الفيزياء ما يشيرُ إلى المعنى، وليس مِنْ معادلة لحساب المعنى في تلك المعادلات. لا أظنّ -وسيتشارك معي كثيرون كما أحسب- أنّ الاكتفاء بالتطلّع في كوننا يمنحنا معنى لحياتنا هو ما يحقّقُ فعلاً هذا الأمر؛ لأننا نحن من يخلعُ المعنى على كوننا. يحصل هذا الأمر لأننا نمتلك الوعي الذي يتيحُ لنا اختبار الأشياء والتعامل معها. لدينا هنالك بعيداً في تخوم الكون البعيدة مجرّات كثيرة العدد وجميلة بما يفوق التصوّر. لماذا هي جميلة؟ لأنّنا واعون بها. هي صارت جميلة لأننا نمتلك وعياً يخبرنا أنها جميلة. أعيد القول ثانية: الوعي هو ما يخلعُ معنى وغاية على الحياة.

الدراسات الخاصة بالوعي

يُنظرُ في الأوساط الأكاديمية العالمية إلى سوزان بلاكمور Susan Blackmore على أنّها مؤلفة الكتاب المرجعي في دراسة الوعي، وأقصدُ بهذا كتابها الشائع بين دارسي علم النفس والعلوم العصبية والإدراكية وفلسفة العقل والذكاء الاصطناعي، وأشيرُ بهذا إلى كتابها الموسوم «الوعي: مقدّمة Consciousness: An Introduction» الذي صدرت طبعته الرابعة عن دار نشر «راوتليدج Routledge» قبل بضعة شهور. سوزان بلاكمور عالمة نفس وكاتبة حرة ومحاضرة جامعية بريطانية، ألّفت الكثير من المقالات العلمية وأسهمت في تأليف عددٍ من الكتب. تكتب في مجلات وصحف كثيرة، وكثيراً ما تشارك في برامج إذاعية وتلفازية في المملكة المتحدة أو خارجها. قدّمت الكثير من البرامج التلفازية التي نالت شهرة واسعة بما في ذلك برنامجٌ وثائقيٌ حول ذكاء القردة. من بين كتبها الأخرى سيرة ذاتية بعنوان: «بحثاً عن النور» 1996، و«حوارات عن الوعي» 2005.

ما يميّزُ كتاب بلاكمور هو جمعها بين الخبرة الأكاديمية وتقنيات التعامل مع النطاق العام، فهي معروفة باهتمامها بموضوعات التأمّل والامتلاء الروحي والذهني والباراسايكولوجيا، وقد أفردت كتاباً كاملاً للحديث عن تجربة شخصية خاصة بها شهدت فيها ما تُدعى تجربة مغادرة الجسد Out of Body Experience، وقد حكت عن هذه التجربة في سيرتها الذاتية.

الخصيصة الثانية في كتابها هو مشاركة ابنتها لها في تأليف الكتاب، وتلك علاقة نادرة للغاية بين المؤلفين. لن نتغافل بالتأكيد عن النكهة الفلسفية الأنيقة التي طبعت لغة الكتاب (مثل تناول الإرادة الحرّة وعلاقتها بالوعي)، وهذا أمرٌ متوقّعٌ فيمن يكتب عن موضوع الوعي.

ثمّة موضوعان علينا الانتباه إليهما عند دراسة الوعي: هل سنبلغُ يوماً مرحلة الفهم العلمي الكامل للوعي؟ تؤكّد بلاكمور: لا أظنّ ذلك. الفرق بين حيوان حيّ وآخر ميّت ليس محض فرق نوعي يكمنُ في أنّ الحيوان الحيّ (الإنسان على سبيل المثال) يمتلك نوعاً من مصدر للحياة السرية فيه (بكلمة أخرى: الوعي). الحيوانات الحيّة ميكانيزمات فعّالة دينامية دائمة التغيّر؛ في حين أنّ انكساراً أصاب ميكانيزمات الحركة والتغيّر في الحيوانات الميتة.

تكمن صعوبة وتعقيد دراسة الوعي في حتمية اقتران دراسة الشيء مع موضوع الدراسة؛ بمعنى آخر: استخدام الوعي في دراسة الوعي ذاته! يحضرني هنا مثالاً عبارةٌ قالها جون ناش في الفيلم السينمائي الرائع الذي يحكي سيرته الذاتية «عقل جميل». أخبر ناش طبيبه أنّه سيستخدم عقله في علاج اضطرابه الذهاني، فأجابه طبيبه: ولكن كيف تعالجُ نفسك بما هو المتسبّبُ في مرضك؟ لن تستطيع هذا. في السياق ذاته تصف بلاكمور صعوبة دراسة الوعي وتعريفه فتقول:

«يبدو أنه يَلزمنا إما أن نستخدم الوعي لدراسته هو نفسه، وهي فكرة غريبة نوعاً ما، وإما أن نحرِّرَ أنفسَنا من الوعي الذي نودُّ دراستَه. ولا عجب أن الفلاسفة والعلماء قد بذلوا جهوداً مضنيةً على مدى قرنين من الزمان من أجل الوصول إلى مفهوم الوعي، ولا عجب أيضاً أن العلماء رفضوا الفكرةَ برمَّتها لفترات طويلة؛ بل رفضوا أيضاً دراستَها. الانعطافة الإيجابية أنّ «الدراسات الخاصة بالوعي» أخذَتْ في الازدهار بدءاً من القرن الحادي والعشرين. وصل علم النفس وعلم الأحياء وعلم الأعصاب إلى نقطةٍ يمكن عندها مواجَهةُ بعضِ الأسئلة المحيِّرة على غرار: ما الذي يفعله الوعيُ؟ وهل كان لنا أن نتطوَّر من دونه؟ وهل يمكن أن يكون الوعي وَهْماً؟ وما الوعي على أي حال؟».

تؤكّدُ بلاكمور منذ البدء أنّ ازدهار الجهد البحثي للوعي في القرن الحادي والعشرين لا يعني أنّ الغموض الذي يكتنفه قد اختفى تماماً؛ فالواقع أنه لا يزال متغلغِلاً في هذا الأمر كما كان دائماً. الفرق الآن أننا نعرف عن الدماغ ما يكفينا للاستعداد لمواجَهةِ المشكلة البحثية التالية على نحوٍ مباشِرٍ: كيف يمكن لإطلاق النبضات الكهربائية من ملايين الخلايا العصبية الدماغية أن يُنتج تجربةً واعية ذاتية شخصية؟ إذا أردنا إحرازَ أيِّ تقدُّم فيما يتعلَّق بفهم مسألة الوعي فعلينا التعامُل مع هذا الأمر بجدية تامة. هناك كثير من الأشخاص الذين يدَّعُون أنهم قد وجدوا حلًّاً للغز الوعي؛ فهم يقترحون نظرياتٍ موحِّدةً عظمى، ونظرياتٍ ميكانيكيةً كموميَّة، ونظرياتٍ روحانيةً حول «قوة الوعي»، وغيرها الكثير؛ لكنّ أغلبهم يتجاهلون الفجوةَ العميقة بين العالمين المادي والعقلي.

بعد مقدّمة وتمهيد ابتدائي لموضوع الكتاب (الوعي) اختارت المؤلفّة جعل كتابها موزّعاً في خمسة أقسام، كلّ قسم منها يضمُّ ثلاثة فصول: تناول القسم الأوّل معضلة الوعي تعريفاً ومناظرةً مع مفاهيم أخرى، ثمّ تناولت الوهم الكبير The Grand Illusion في التعامل مع ظاهرة الوعي. في القسم الثاني تناولت موضوع الدماغ بوصفه الحاضنة الطبيعية (مسرح العمليات بلغة المؤلفة) للوعي، وقد أفاضت في شرح العلاقة الوثقى بين دراسة العلوم العصبية وظاهرة الوعي. خصّصت المؤلفة القسم الثالث لتناول موضوع العقل والفعل، وتناولت في القسم الرابع موضوع التطوّر ومنعكساته المهمّة على ظاهرة الوعي، ثمّ تناولت في القسم الخامس الحدود التخمية Borderlands بين الوعي وظواهر أخرى على شاكلة: أشكال الوعي المعدّلة، الواقع والخيال، والأحلام وما بعدها. أما القسم السادس والأخير فتناولت فيه المؤلّفة موضوع «الذات والآخر»؛ فكانت النكهة الفلسفية بيّنة فيه. ألحقت المؤلفة كتابها بسلسلة مصادر مرجعية ضخمة ومتعدّدة امتدّت على عشرات الصفحات من الكتاب.

كتاب بلاكمور هذا قراءة شيّقة رغم رصانته الأكاديمية ومشقّة موضوعه؛ لكنّ من يرغب في قراءة أقلّ تطلباً للجهد والوقت والتفاصيل الصغيرة فيمكنه الرجوع إلى كتاب المؤلفة ذاتها والصادر عن جامعة أوكسفورد بعنوان «الوعي: مقدّمة قصيرة جداً»، وتوجد له ترجمة عربية متاحة بالمجّان على شبكة التواصل العالمية (الإنترنت).

Consciousness: An Introduction

الوعي: مقدمة

المؤلّفتان: Susan Blackmore & Emily Troscianko

سوزان بلاكمور وأميلي تروسيانكو

سنة النشر: 2024

دار النشر: Routledge ) Taylor & Francis Group )

عدد الصفحات: 766 الوعي بصورة جوهرية هو الشيء الأساسي الذي يعرفه كلٌّ منّا بشأن العالَم... أو هو بوّابته إلى العالم