الإبراهيمي يستقيل.. وبان يبحث عن «شخصية مناسبة» لخلافته

باريس تطبق خطتها لمواجهة «جهاديي سوريا» وتعتقل ستة

الأخضر الإبراهيمي (رويترز)
الأخضر الإبراهيمي (رويترز)
TT

الإبراهيمي يستقيل.. وبان يبحث عن «شخصية مناسبة» لخلافته

الأخضر الإبراهيمي (رويترز)
الأخضر الإبراهيمي (رويترز)

أعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون رسميا، أمس، استقالة الأخضر الإبراهيمي، المبعوث المشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا من منصبه اعتبارا من 31 مايو (أيار) الحالي، مضيفا أن مباحثات تجري حاليا لاختيار خليفته الذي سيشغل المنصب. ومن جهته دعا الإبراهيمي جميع الأطراف المؤثرة إلى الضغط من أجل العمل على وقف القتال في سوريا وإزهاق المزيد من الأرواح هناك.

وقال كي مون في مؤتمر صحافي عقد بمقر الأمم المتحدة في نيويورك إنه بعد مشاورات مع الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي تقرر قبول طلب الأخضر الإبراهيمي بالتخلي عن منصبه بوصفه الممثل الخاص للجامعة ومنظمة الأمم المتحدة. وشدد على استمرار اعتماد المنظمة الدولية على «حكمة» الإبراهيمي والاستعانة بمشورته في القضايا التي تهم الأمم المتحدة.

وأثنى كي مون على جهود الإبراهيمي وخبرته وصبره ومثابرته وجهوده خلال عامين لوضع حد للحرب الأهلية الوحشية في سوريا. وقال: «واجه صعابا.. ويكاد يكون من المستحيل مع الانقسامات بين الشعب السوري والانقسامات في الشرق الأوسط والمجتمع الدولي بأسره أن يضع نهجا لإنهاء الصراع». وأضاف: «أقدر الجهود الدبلوماسية للإبراهيمي في تنظيم مؤتمر جنيف (للسلام) في سوريا وتسهيل المحادثات بين السوريين ويؤسفني أن الطرفين وبصفة خاصة الحكومة كانت مترددة في استغلال الفرصة لإنهاء المعاناة في سوريا».

وحول المبعوث الجديد المحتمل لخلافة الإبراهيمي في المنصب، قال مون: «سيكون علينا إيجاد خليفة للإبراهيمي لكن أعطوني بعض الوقت لأقرر من هو الرجل المناسب». وأضاف: «على الرغم من خبرة كوفي أنان (المبعوث السابق المستقيل) ومن بعده الإبراهيمي وهو أحد أكثر الدبلوماسيين خبرة وحكمة كانت الانقسامات داخل الأمم المتحدة وإقليم الشرق الأوسط عائقا أمام تحقيق أي تقدم خلال ثلاث سنوات بينما قتل ونزح المئات والآلاف ولدينا 2.8 مليون لاجي ونصف سكان سوريا يحتاجون للمساعدات».

وقال دبلوماسيون في الأمم المتحدة لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا يوجد اتفاق حول من سيخلف الإبراهيمي وإن المناقشات ما زالت جارية حول اختيار شخصية أخرى رفيعة المستوى أو اختيار شخصية أقل شهرة».

وناشد الأمين العام للأمم المتحدة طرفي الصراع في سوريا، وكل الأطراف المعنية بالأزمة تحمل المسؤولية والبحث عن حل سياسي، كما دعا إلى محاسبة المسؤولين عن الجرائم التي ترتكب في سوريا والتي تشمل التجويع المتعمد من خلال منع وصول المساعدات الإنسانية. وقال: «مارسنا كل الضغوط لإنجاح المحادثات السياسية، للأسف أقول إنها فشلت وأقول للسوريين إننا هنا لمساعدتكم وأدعوهم للتفكير في مستقبلهم».

من جانبه، أشار الإبراهيمي إلى حزنه لترك منصبه وترك سوريا في هذا الوضع السيئ. وأبدى ثقته في جهود الأمم المتحدة للعمل مع مجلس الأمن والدول المعنية بالصراع في سوريا وطرفي الصراع السوري للعمل على إيجاد حل للأزمة. وقال: «السؤال لكل الأطراف هو: كم من القتلى والدمار سيأخذ الأمر حتى نجد حلا لسوريا؟». وكان من المقرر أن يقدم الإبراهيمي إفادة إلى مجلس الأمن في وقت سابق أمس.

وكانت الأنباء تواترت منذ أسابيع بشأن استقالة الإبراهيمي وخيبة أمله من الموضوع، خصوصا بعد إعلان الحكومة السورية إجراء انتخابات رئاسية متجاهلة بيان جنيف الخاص بالسلام في سوريا. واعتبر الإبراهيمي الانتخابات بمثابة «عرقلة» لعملية التفاوض السياسية.

واستقبل الائتلاف السوري المعارض أنباء استقالة الإبراهيمي بأنها دليل على فشل محادثات جنيف للسلام وفشل التفاوض مع النظام السوري. وقال بدر جاموس، الأمين العام للائتلاف في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «أعتقد أن استقالة الإبراهيمي هي تأكيد على فشل (جنيف2) وأيضا على صدقه مع نفسه ومع الشعب السوري، بأنه لا يوجد أمل من هذا النظام بالمفاوضات، وإن القوة التي يتعامل معها النظام ليس لها سوى القوة». وأضاف: «نطالب المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤوليته لمرة واحدة بعد مرور ثلاث سنوات وحدوث أبشع وأقصى ما عانه شعب عبر التاريخ الإنساني ارتكب النظام أفظع الجرائم التي لم يرتكبها لا النازيون ولا غيرهم».

وكانت تقارير تحدثت عن لائحة ترجيحات لخلافة الإبراهيمي بينهم خافيير سولانا السياسي الإسباني الذي شغل منصب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ومنصب الأمين العام للسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي.
كما تضم كيفن مايكل راد، رئيس وزراء أستراليا السابق، والسياسي الدبلوماسي التونسي كمال مرجان.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».