مقتل 7 بعد غرق مركب سياحي في كولومبيا

عشرات المفقودين والسلطات تحقق في أسباب الحادث

مقتل 7 بعد غرق مركب سياحي في كولومبيا
TT

مقتل 7 بعد غرق مركب سياحي في كولومبيا

مقتل 7 بعد غرق مركب سياحي في كولومبيا

هزت حادثة غرق مركب سياحي على متنه نحو 170 راكبا، في شمال غربي البلاد، الأوساط الكولومبية أمس.
وأعلنت السلطات مقتل سبعة أشخاص على الأقل، فيما اعتبر العشرات في عداد المفقودين جرّاء غرق سفينة على متنها العشرات في بحيرة غواتابيه السياحية في شمال غربي كولومبيا، بحسب ما أعلن الرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس.
في هذه الأثناء زار الرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس موقع الحادث وأعلن من ميديين مقتل ستة أشخاص وفقدان نحو 31 آخرين.
وأكد المسؤول في وحدة إدارة المخاطر الوطنية كارلوس ايفان ماركيز الذي زار الموقع لوكالات الأنباء أن القتلى هم من الكولومبيين جميعا، وليس بينهم أطفال حتى الآن.
وفي وقت سابق، كانت مسؤولة في الحكومة المحلية لمنطقة انتيوكيا قد أعلنت أن تسعة أشخاص على الأقل قُتلوا وأنّ هناك 28 آخرين في عداد المفقودين وذلك لتضارب الأنباء وعدم تحديد العدد الفعلي لرواد المركب السياحي.
والمركب المنكوب المسمى «ألميرانتي» مؤلف من أربعة طوابق، وغرق قبل أمس في بحيرة سدّ غواتابيه، على بُعد نحو 68 كيلومترا من مدينة ميديين.
وفي شريط فيديو تداولته مواقع التواصل الاجتماعي تمكنت وكالة الصحافة الفرنسية من التثبت من صحته، ظهر المركب المنكوب وهو يغرق وتهرع إليه عشرات القوارب وتقترب لمحاولة إنقاذ الركاب. وغرق المركب في منطقة سياحية يقصدها الكولومبيون لا سيما في عطلات نهائية الأسبوع، علما بأن أمس الاثنين كان يوم عطلة في البلاد.
وقال الرئيس الكولومبي من موقع الحادثة إن المركب لديه القدرة على استيعاب عدد من الركاب يفوق العدد الذي كان على متنه وذلك عندما غرق كما استبعد بذلك أن يكون الغرق ناجما عن حمولة زائدة. وبالنسبة لسانتوس فإن أسباب الغرق السريع والمفاجئ لا تزال مجهولة.
وأشار الرئيس إلى أن فريقا من الخبراء متواجد في الموقع لتحديد أسباب هذا الغرق، مضيفا أن عملية الإنقاذ التي يشارك فيها غطاسون من الشرطة وإطفائيون ستستمر موضحا أن نحو 122 من الناجين في حالة جيدة.
وفي تغريدة على موقع «تويتر» أعلنت الحكومة المحلية في منطقة انتيوكا وعاصمتها مدينة ميديين أن نحو 24 شخصا أدخلوا إلى المستشفى المحلي لتلقي الإسعافات الأولية ومتابعة صحتهم بعد انتشالهم.
في هذه الأثناء قالت إحدى الناجيات لوسائل الإعلام إنه عند الغرق سمع الركاب أصوات ضجيج وسرعان ما غرق المركب مشيرة إلى أن الركاب لم يكونوا مزودين بسترات نجاة. وأضافت أن الطابقين السفليين من المركب كانا يعجان بالركاب وكان هناك الكثير من الأطفال على متن القارب.
وقال برناردو موراليس المسؤول في جهاز الإطفاء إن عملية الغرق كانت سريعة ووقعت في غضون دقائق وقامت القوارب المحيطة بالمركب بتقديم المساعدة وذلك لأن المركب لم تبحر بعيدا عن المرفأ وكانت في مرمى البصر مما ساهم في اقتراب الزوارق الموجودة في المرفأ لإنقاذ وانتشال المنكوبين سريعا قبل وصول السلطات إلى مكان الحادث.
وأوضح موراليس أن كثافة حركة السير على الطريق السريع الذي يربط ميديين بالعاصمة بوغوتا تعرقل وصول أجهزة الإسعاف إلى موقع الحادث.
وأعلنت القوات الجوية أنها أرسلت مروحية يو إتش - 60 اينجل للمشاركة في عملية الإنقاذ وتعجّ غواتابيه بالسائحين في عطلة نهاية الأسبوع ويأتي الزوار إلى هذه المنطقة من أجل الذهاب في رحلات بحرية، والصيد والتزلج على الماء, كما أعلنت بلدية غواتابيه الحداد لثلاثة أيام.



2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟