إيران ترسم حدود نفوذ حلفاء واشنطن في سوريا

علي المملوك في منطقة الجزيرة بموازاة السيطرة على البادية السورية

إيران ترسم حدود نفوذ حلفاء واشنطن في سوريا
TT

إيران ترسم حدود نفوذ حلفاء واشنطن في سوريا

إيران ترسم حدود نفوذ حلفاء واشنطن في سوريا

تزداد نقاط الاحتكاك بين قوات التحالف الدولي، وقوات النظام السوري وحلفائها من الميليشيات المدعومة إيرانياً في سوريا، حيث سجلت 5 حوادث خلال 10 أيام، تم احتواؤها، لكنها تظهر سباقاً على قتال تنظيم داعش، وعلى السيطرة على البادية السورية.
وتحاول قوات النظام وحلفاؤها تطويق منطقة البادية السورية في شرق البلاد من 4 جهات، وتقدمت بالفعل في 3 منها، بينما تزداد المؤشرات على مساعي النظام للتقدم من الجهة الشمالية من منطقة الحسكة، رغم غياب مناطق احتكاك بين النظام و«داعش» في المنطقة. وبموازاة المعلومات بوصول رئيس جهاز الأمن القومي السوري اللواء علي مملوك إلى منطقة الجزيرة (الحسكة) في شمال شرقي سوريا قبل يومين، بحسب ما قال مصدر كردي لـ«الشرق الأوسط»، تحدثت معلومات أخرى عن «حركة مضطردة لمحمد الفارس، أحد أبرز الزعماء العشائريين في الجزيرة الموالية للنظام السوري، باتجاه تجميع قوات مدعومة من إيران والنظام السوري، ليتقدم بها إلى منطقة مركدة»، وهي آخر المدن التي تفصل دير الزور عن الجزيرة، ولا تزال بقبضة «داعش»، وذلك بهدف إحداث خرق باتجاه مركدة إذا تمكنت من إيجاد نقطة احتكاك مع «داعش» في الجزيرة.
وتعد منطقة شمال شرقي سوريا هي الحلقة الأخيرة من المشروع الاستراتيجي لإيران في سوريا، ويلفت الباحث السوري عبد الناصر العايد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «وجود الأميركيين يقلق الإيرانيين، كذلك إيجاد حركة عربية سنية في دير الزور أو العراق»، مضيفا: «تعمل إيران على تطويق مناطق وجود الأميركيين، حيث تطوق منطقة البادية من الجهة الشرقية عبر الحشد الشعبي العراقي، ومن الجنوب عبر ميليشيات إيران شمال منطقة التنف ومنطقة ريف تدمر الشرقي، ومن الغرب عبر قوات النظام في ريف الطبقة (ريف الرقة الجنوبي)، أما من جهة الشمال، حيث لا وجود لنقطة تماس بين النظام و(داعش)، فيتم العمل على إيجاد قوات حليفة للنظام في الجزيرة».
والمشروع عبارة عن حشد شعبي بإدارة الشيخ محمد الفارس في الحسكة، وهو من أشد المقربين للنظام السوري، ويتزعم ميليشيات احتكت مع «قوات سوريا الديمقراطية» والقوات الكردية في الحسكة في وقت سابق، بحسب العايد الذي تحدث عن «تسريب عناصر عربية من (سوريا الديمقراطية) يتم كل يوم باتجاه قوة الفارس، ويجندها، بهدف الانقضاض على مركدة التي تعد الحلقة الأخيرة لوصل المشروع الإيراني بين العراق وسوريا».
ويرى مراقبون أنه إذا فشل خلق نقاط تماس مع «داعش» في مركدة وتقدمت «سوريا الديمقراطية» إليها، فإن المشروع الإيراني بربط الميليشيات الحليفة في العراق وسوريا، سيفشل، ويبقى غرب العراق السني على صلة بشرق سوريا السني. وبحسب العايد، فإنه «إذا تم تطويق المنطقة، فإن (الحشد الشيعي) يتخلص من (داعش) بالعراق ويبدأ بالتسرب إلى سوريا لاجتياح المنطقة السورية».
وفي حين نفى مصدر كردي أن يكون هناك «تسرب من (قوات سوريا الديمقراطية) إلى قوات الفارس»، قال لـ«الشرق الأوسط» إن الفارس «يتزعم ميليشيا منذ بدايات الأزمة السورية وهو مقرب من النظام، ويوجد في مناطق سيطرته في القامشلي والجزيرة». وقال إن النظام «إذا كان يسعى للتقدم إلى مركدة، فإنه يريد قطع الطريق على (قوات سوريا الديمقراطية)» الحليفة لواشنطن في شمال سوريا، «كما أغلق الطريق على تقدم قوات (مغاوير الثورة) المدعومة من واشنطن في جنوب شرقي سوريا إلى دير الزور».
وقال المصدر الكردي إن المرحلة المقبلة ما بعد الرقة، تتمثل في دعم التحالف الدولي لـ«مجلس دير الزور العسكري» الذي يندرج ضمن «قوات سوريا الديمقراطية»، بهدف السيطرة على المحافظة الحدودية مع العراق.
وتحاول قوات النظام وحلفاؤها، في الميدان، أن تقفل طرق التمدد أمام القوى المدعومة من واشنطن، ومنعها من التوسع في المنطقة الحدودية بين العراق وسوريا، كما في ريف الرقة الجنوبي، في وقت تواصل فيه قوات النظام السوري قضم المساحات الجغرافية التي تشغلها قوات سورية مدعومة من الغرب، مثل قوات «أحمد العبدو» و«أسود الشرقية» في ريف دمشق الشرقي، حيث خاضت تلك القوات معارك في منطقة بئر القصب بريف دمشق.
وفي المقابل، ترد قوات التحالف على حوادث الاحتكاك؛ إذ سجل إسقاط 3 طائرات للنظام السوري، خلال أسبوعين، إثر استهدافهما بسلاح الجو الأميركي.
وتلامس قوات النظام القوات المدعومة أميركياً، لإقفال الطرق أمام تقدمها أكثر، بما يشبه رسم حدود نفوذ للقوات المدعومة من الغرب. وهي بذلك، تكرر تجربة قوات «درع الفرات» حين تمددت قوات النظام إلى مناطق محاذية لسيطرة «درع الفرات» قرب مدينة الباب للسيطرة على المناطق المحاذية بريف حلب الشرقي، من غير الدخول إلى المدينة، مما أقفل على «درع الفرات» باب التوسع في المنطقة، وألزمت بالبقاء في الباب.
ولا تنفصل تلك التطورات العسكرية عن الخطط الاستراتيجية بالنسبة لإيران في المنطقة؛ إذ رأى الباحث الاستراتيجي العميد المتقاعد نزار عبد القادر، لـ«الشرق الأوسط» أنه «حتى فترة وجيزة لم يكن المشروع الإيراني بالتمدد في المنطقة عبر 4 عواصم ليتحقق لولا الأحوال العراقية والسورية، ولم يبق أمام طهران إلا عقبة السيطرة على الممرات الحدودية الرئيسية بين العراق وسوريا لوصل الأجزاء الإيرانية الثلاثة، وهو ما يبرر التقدم باتجاه التنف».
وعن خيارات واشنطن، قال عبد القادر: «هي الآن تصب جهودها على محاربة (الإرهاب) وتفكيك (داعش) في العراق وسوريا، ولكن بعد هذه المرحلة التي ستستغرق أشهرا وليس سنوات، ستوضع استراتيجية لمواجهة التمدد الإيراني»، مشيراً إلى أن الصراع المفتوح في بين التحالف وإيران سيكون في مرحلة لاحقة أكثر وضوحاً.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.