القوات العراقية تسيطر على 70 في المائة من المدينة القديمة بالموصل

أيام قليلة تفصلها عن إعلان النصر

أيام قليلة تفصل القوات العراقية عن إعلان الموصل خالية من «داعش» (أ.ف.ب)
أيام قليلة تفصل القوات العراقية عن إعلان الموصل خالية من «داعش» (أ.ف.ب)
TT

القوات العراقية تسيطر على 70 في المائة من المدينة القديمة بالموصل

أيام قليلة تفصل القوات العراقية عن إعلان الموصل خالية من «داعش» (أ.ف.ب)
أيام قليلة تفصل القوات العراقية عن إعلان الموصل خالية من «داعش» (أ.ف.ب)

تواصل القوات العراقية عملياتها العسكرية، اليوم (الاحد)، في عمق الموصل القديمة التاريخية المدمرة، وتضيق الخناق بشكل كبير على آخر مواقع تنظيم "داعش" الارهابي، بعد ثمانية أشهر من بدء أكبر عملية عسكرية تشهدها البلاد.
وبعد ثلاث سنوات من اجتياحه الموصل وجعلها عاصمة ما سماها "الخلافة" في العراق بحكم الأمر الواقع، لا يسيطر التنظيم حاليا سوى على نحو كيلومتر مربع واحد من المدينة، وفق ما يؤكد مسؤولون.
وكان المقدم سلام العبيدي يتحدث لوكالة الصحافة الفرنسية من داخل المدينة القديمة المدمرة، على مسافة نحو 50 مترا مما تبقى من منارة الحدباء التاريخية التي فجرها المتطرفون قبل أربعة أيام.
وقال القائد في قوات مكافحة الإرهاب "تم تحرير 65 إلى 70 في المائة من المدينة القديمة، ما زال هناك أقل من كيلومتر مربع للتحرير".
وقدر العبيدي وجود "مئات الدواعش" فقط في المدينة القديمة حاليا.
وفي الخلفية، كان ممكنا رؤية القاعدة المربعة لمنارة الحدباء التي يعود تاريخها إلى القرن الثاني عشر، وكانت من أبرز رموز الموصل وواحدة من المعالم المميزة في العراق.
وخسرت المنارة برجها الحلزوني المائل، بعدما أقدم التنظيم الارهابي على تفخيخها وتفجيرها في 21 يونيو (حزيران). وفي الوقت نفسه، فجر التنظيم مسجد النوري القريب، الذي شهد الظهور العلني الوحيد لزعيمه أبو بكر البغدادي في يوليو(تموز) 2014.
وكانت الشوارع الضيقة للبلدة القديمة، ذات الطابع التراثي والممتدة على مساحة نحو ثلاثة كيلومترات مربعة على الضفة الغربية لنهر دجلة مغطاة بالركام.
المعارك التي تدور حاليا في الموصل القديمة من الأكثر عنفا خلال ثلاث سنوات من الحرب ضد التنظيم المتطرف.
وأشار مراسلو الوكالة إلى أن الدمار واسع النطاق، حيث لا تزال بعض المباني قائمة لكنها لم تنج من آثار المعارك.
وقال القائد في قوات مكافحة الإرهاب الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي للوكالة في الموصل القديمة "سننهي العملية خلال أيام. النهاية ستكون قريبة جدا، ستستغرق أياما".
وأظهر مسلحو التنظيم المتطرف الذين ليس لديهم خيار سوى القتال حتى الموت مقاومة شرسة في الدفاع عن آخر مواقعهم باستخدام المفخخات وقذائف الهاون والانتحاريين والقناصة. ويحتجز هؤلاء أيضا، ما يقدر بأكثر من مائة ألف مدني كدروع بشرية داخل المدينة.
وقد عادت الحياة والأعمال نسبيا إلى الجزء الشرقي من المدينة، رغم الفراغ الإداري، ومشاريع إعادة الإعمار معلقة خشية أن تتمكن الخلايا النائمة للتنظيم من نشر الفوضى مجددا. لكن الجزء الغربي من الموصل، حيث تقع البلدة القديمة، شهد دمارا واسع النطاق، إذ تم تدمير مناطق تعتبر كنوزا تراثية في الشرق الأوسط، بشكل كامل.
وشاهد مراسلو الوكالة في حي الفاروق في البلدة القديمة اليوم، مباني قديمة، بعضها من القرن الحادي عشر، قد تحولت إلى ركام ورماد.
وفيما كانت اصوات قذائف الهاون والصواريخ ونيران المدفعية مسموعا على بعد أمتار قليلة، فاحت رائحة الجثث التي تملأ الشوارع المغلقة بأكوام الأنقاض والسيارات.


مقالات ذات صلة

السجن المؤبد لـ«داعشي» بلجيكي... قتلته أميركا عام 2016

أوروبا نساء إيزيديات يرفعن لافتات خلال مظاهرة تطالب بحقوقهن والإفراج عن المختطفين لدى تنظيم «داعش» المتطرف في الموصل بالعراق... 3 يونيو 2024 (رويترز)

السجن المؤبد لـ«داعشي» بلجيكي... قتلته أميركا عام 2016

كان «البنتاغون» قد أعلن مقتل سامي جدو في ديسمبر 2016 إثر غارة جوية على الرقة في سوريا، التي كانت أحد معاقل «داعش» الإرهابي، حينها.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الولايات المتحدة​ ترمب والشرع في البيت الأبيض - 10 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)

«عقوبات قيصر» شوكة في خاصرة حكومة الشرع

يستعرض «تقرير واشنطن» وهو ثمرة تعاون بين «الشرق الأوسط» و«الشرق» أبرز مخرجات اللقاء التاريخي بين ترمب والشرع وحظوظ إلغاء «عقوبات قيصر» في الكونغرس

رنا أبتر (واشنطن)
المشرق العربي عناصر من الشرطة الإسرائيلية بالقرب من المسجد الأقصى في القدس (أرشيفية - رويترز)

المخابرات الإسرائيلية: «داعش» يستعد لحرب القيامة على اليهود

أعلنت الشرطة الإسرائيلية وجهاز الأمن الإسرائيلي العام (الشاباك)، اليوم الجمعة، اعتقال 4 شبّان في العشرينات من أعمارهم من بيت صفافا في القدس الشرقية.

«الشرق الأوسط» (تل ابيب)
أوروبا عنصران من الشرطة في محكمة ببلجيكا (أرشيفية - رويترز)

أول حكم في بلجيكا إثر محاكمة بتهمة إبادة الإيزيديين

دِين متطرف بلجيكي، إثر محاكمته غيابياً لوفاته المفترضة في سوريا، بارتكاب «جرم إبادة» بحق الأقلية الإيزيدية، في أول محاكمة من نوعها تجرى في بلجيكا.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
أوروبا برج إيفل مضاء بألوان العلم الفرنسي تكريماً لضحايا الهجمات الإرهابية بباريس الأربعاء (د.ب.أ)

فرنسا تكرّم ذكرى ضحايا إرهاب «داعش» في 2015

فرنسا تكرّم ذكرى ضحايا إرهاب «داعش» في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015... مقتلة باريس وضاحيتها سان دوني: 132 قتيلاً و350 جريحاً وذكريات أليمة

ميشال أبونجم (باريس)

الانتخابات النيابية أمام تسوية بترحيلها لشهرين.. والاغتراب يقترع من لبنان

البرلمان اللبناني في إحدى جلساته (إعلام مجلس النواب)
البرلمان اللبناني في إحدى جلساته (إعلام مجلس النواب)
TT

الانتخابات النيابية أمام تسوية بترحيلها لشهرين.. والاغتراب يقترع من لبنان

البرلمان اللبناني في إحدى جلساته (إعلام مجلس النواب)
البرلمان اللبناني في إحدى جلساته (إعلام مجلس النواب)

إصرار رئيس الجمهورية اللبناني جوزيف عون، كما رئيسي المجلس النيابي نبيه بري، والحكومة نواف سلام، على إجراء الانتخابات النيابية في موعدها في ربيع 2026، لا يعني بالضرورة أن الطريق سالكة سياسياً أمام إنجازها بلا أي تأخير في ظل تصاعد وتيرة «الكباش السياسي» بين بري وخصومه الذين يأخذون عليه رفضه إدراج اقتراح القانون الذي تقدّموا به على جدول أعمال الجلسة التشريعية، ويقضي بشطب المادتين 112 و122 من قانون الانتخاب بما يسمح للمنتشرين اللبنانيين في الاغتراب بالاقتراع من مقر إقامتهم لـ128 نائباً.

الرئيس جوزيف عون يتوسط رئيسَي الحكومة نواف سلام والبرلمان نبيه بري (أرشيفية - الرئاسة اللبنانية)

فقد أحال برّي اقتراحهم إلى اللجنة النيابية الفرعية المكلفة بدراسة الاقتراحات الخاصة بقوانين الانتخاب، وهذا ما سينسحب، كما يقول مصدر نيابي بارز، على مشروع القانون الذي أعدته الحكومة، في هذا الخصوص، فور إحالته إلى رئاسة المجلس.

وتوقع المصدر النيابي أن تصل اقتراحات القوانين المتعلقة بالتعديلات المقترحة على قانون الانتخاب إلى أكثر من 14 اقتراحاً، إضافةً إلى اقتراح مشروع القانون الذي أعدته الحكومة ولم ترفعه حتى الساعة إلى رئاسة المجلس ريثما تكتمل توقيعات الوزراء المعنيين عليه. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن البرلمان يقف حالياً أمام زحمة اقتراحات قوانين. وكشف عن أن كتلة «التنمية والتحرير» برئاسة بري تقدّمت بأكثر من اقتراح قانون، أبرزها الذي تقدم به المعاون السياسي لرئيس البرلمان النائب علي حسن خليل.

ولفت إلى أن اقتراحه فاجأ النواب، ويقضي بخفض سن الاقتراع إلى 18 سنة واعتماد المحافظة دائرة انتخابية، وصوتين تفضيليين بدلاً من واحد. وقال إنه يدعو لتقسيم الدوائر إلى 9 أسوةً بعدد المحافظات، لتصحيح الخلل الناجم عن تقسيمها إلى 15 دائرة تفتقر لتحقيق التوازن في توزيع أصوات الناخبين.

وأكد المصدر أن السجال بدأ يشتد مع اقتراب انتهاء المهلة التي حددها، في 20 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، وزير الداخلية والبلديات العميد أحمد الحجار، والخارجية والمغتربين يوسف رجي، للمنتشرين اللبنانيين في الاغتراب لتسجيل أسمائهم والاقتراع من مقر إقامتهم لـ128 نائباً، خصوصاً أن نسبة التسجيل ما زالت متدنية قياساً إلى حجم التسجيل في الانتخابات الأخيرة، ويكمن السبب في الغموض الذي يكتنف القانون الذي ستُجرى على أساسه الانتخابات وسبّب إرباكاً حول الآلية التي ستُعتمد لاقتراعهم.

وقال المصدر إنه لا مجال أمام تمديد المهلة، مما دفع بالوزير رجي، في الجلسة الأخيرة للحكومة، إلى المطالبة بتمديدها حتى 31 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وقوبل بمعارضة من وزراء «الثنائي الشيعي»؛ أي «حزب الله» وحركة «أمل» التي يرأسها برِّي بذريعة أن تمديدها بحاجة إلى تعديل القانون، ولن يتم بقرار صادر عن مجلس الوزراء، وإلا سيلقى الطعن أمام المجلس الدستوري.

لبنانية ترفع إصبعها بعد اقتراعها بالانتخابات المحلية في بيروت 2025 (إ.ب.أ)

ورأى المصدر أن تبادل الحملات بلغ ذروته في غياب المحاولات للتوفيق بين الكتل النيابية حول التعديلات المقترحة على قانون الانتخاب لتسهيل إنجاز الاستحقاق النيابي في موعده، بدلاً من تأجيل إتمامه لشهرين، فيما التمديد للبرلمان يلقى معارضة من المجتمع الدولي، ولا يحظى بغطاء سياسي من عون كونه يشكل أول محطة لإعادة تكوين السلطة من وجهة نظر أصدقاء لبنان لإحداث تغيير في ميزان القوى يأخذ بالتحولات التي حصلت في الإقليم، وتبدُّل ميزان القوى في الداخل لمصلحة الفريق المناوئ لمحور الممانعة بعد أن أقحم «حزب الله» بإسناده لغزة، لبنان، في مواجهة غير محسوبة مع إسرائيل.

وأكد أن «الثنائي الشيعي» يخوض معركته النيابية على أساس «قاتل أو مقتول» بالمفهوم السياسي للكلمة، في ظل الاستعصاء الذي يمنع حتى الساعة التوصل إلى تسوية تضع حداً للرهان على التمديد للبرلمان.

ولفت إلى أن «الثنائي» يراهن على انقضاء المهل بما يسمح بإعادة الاعتبار لقانون الانتخاب النافذ حالياً، كما يطالب به بري برفضه إحالة اقتراح القانون الذي تقدمت به الأكثرية النيابية إلى الهيئة العامة. والموقف نفسه ينسحب على مشروع القانون الذي أعدته الحكومة. لكن القانون النافذ، حسب المصدر النيابي، بحاجة إلى تعديل، في ضوء امتناع الحكومة عن إصدار المراسيم التطبيقية لتنفيذ بعض بنوده التي ما زالت عالقة، ورميها كرة النار في حضن البرلمان، وبذلك تكون أعفت نفسها من الضغوط التي تطالبها بالتدخل لإخراج القانون من التجاذبات التي تحاصره، وبالتالي لن تُعقد جلسة تشريعية لإقرار التعديلات المطلوبة ما لم يتم الاتفاق عليها مسبقاً لقطع الطريق على خصوم «الثنائي» من الإفادة من انعقادها لإعادة طرح اقتراحهم الخاص بالتعديلات الذي سيلقى تأييداً من الأكثرية النيابية، مما يشكل إحراجاً له.

ويبقى السؤال: هل القانون النافذ بعد تعديله كأمر واقع، هو الحل لإنقاذ الاستحقاق النيابي وإخراجه من التأزم، أم أن الأبواب أمام التوافق ما زالت مقفلة بما يسمح لتأجيل إنجازه أو التمديد للبرلمان بأن يتقدم على ما عداه، مما يضع لبنان أمام مساءلة دولية، ويشكل انتكاسة للعهد مع اقتراب إتمام عون عامه الأول في الرئاسة؟ رغم أن المصدر النيابي بدأ يلمس اهتمام بعض السفراء المعتمدين لدى لبنان ومعظم الموفدين إلى بيروت، وأنهم بدأوا يركّزون على تطبيق حصرية السلاح بيد الدولة كأولوية، ونادراً ما يتحدثون عن ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها باعتبار أنه لا مفر من إتمامها.

في هذا السياق، أكد المصدر أن التسوية في حال جرى التوافق عليها لإنجاز الاستحقاق النيابي، تقضي بتعديل القانون الناجز بتعليق العمل بالبطاقة الممغنطة، وبصرف النظر عن تخصيص 6 مقاعد نيابية لتمثيل المنتشرين، على أن يمارسوا حقهم في الاقتراع بالمجيء إلى لبنان في ظل الحديث عن ترحيل إتمامه لشهرين مع حلول فصل الصيف، لما لحضورهم من دور في تحريك العجلة الاقتصادية بتنشيط السياحة الصيفية. وكشف عن أن تأجيل الانتخابات لشهرين قد يكون المَخرج، لعله يتزامن مع تحقيق خطوات ملموسة لتطبيق حصرية السلاح، وإلا فإن «الكباش السياسي» سيتصاعد فيما «الثنائي الشيعي» يتمسك بموقفه ولن يبدّله.

وعليه فإن التسوية تبقى معلّقة على التوافق بين الأضداد، وإلا فإن لبنان سيتعرض لضغوط دولية هو في غنى عنها، فيما يصر الرئيس عون ومعه الحكومة على حشر الجميع لعلهم يتوصلون إلى قناعة بأن التسوية وحدها هي الحل لإنجاز الاستحقاق النيابي.


إيران تعيد شهلائي إلى صنعاء لاحتواء تصدّع الحوثيين

الحوثيون تلقوا ضربة إسرائيلية قاسية بمقتل حكومتهم ورئيس أركانهم الغماري (أ.ف.ب)
الحوثيون تلقوا ضربة إسرائيلية قاسية بمقتل حكومتهم ورئيس أركانهم الغماري (أ.ف.ب)
TT

إيران تعيد شهلائي إلى صنعاء لاحتواء تصدّع الحوثيين

الحوثيون تلقوا ضربة إسرائيلية قاسية بمقتل حكومتهم ورئيس أركانهم الغماري (أ.ف.ب)
الحوثيون تلقوا ضربة إسرائيلية قاسية بمقتل حكومتهم ورئيس أركانهم الغماري (أ.ف.ب)

قالت مصادر سياسية يمنية رفيعة إن إيران دفعت بثقلها العسكري والأمني بشكل مكثف إلى جانب الحوثيين، في محاولة لإعادة ترتيب نفوذها في اليمن وتعويض خسائرها في لبنان وسوريا.

أبرز التحركات ما كشفت عنه منصة «ديفينس» المعنية بالشؤون العسكرية؛ إذ قالت إن طهران أعادت القائد البارز في «الحرس الثوري» الإيراني عبد الرضا شهلائي إلى صنعاء، بعد عام من مغادرته، وذلك بهدف الإشراف المباشر على تجاوز الآثار الأمنية والعسكرية التي خلّفتها الضربات الإسرائيلية الأخيرة ومقتل قيادات حوثية رفيعة.

وتقول المصادر اليمنية في صنعاء وعدن لـ«الشرق الأوسط» إن الضربات الإسرائيلية التي استهدفت مواقع شديدة الحساسية ومخابئ سرية للجماعة، وأسفرت عن مقتل رئيس حكومتها، وتسعة من وزرائها، ورئيس أركان قواتها، وعدد من القادة العسكريين... أحدثت انكشافاً أمنياً غير مسبوق داخل الجماعة. هذا الانكشاف مسَّ صورتها أمام مناصريها وفي الشارع اليمني عموماً، بعد سنوات من الادعاء بأنها قوة عصيّة على الاختراق.

مسلحون حوثيون خلال حشد في منطقة حرف سفيان التابعة لمحافظة عمران شمال صنعاء (أ.ف.ب)

وبحسب التوصيف ذاته، يعيش قادة الحوثيين اليوم تحديات داخلية حادة، أبرزها تصاعد الصراع بين مراكز النفوذ على السلطة والمال، إضافة إلى الاحتقان الشعبي المتزايد بسبب اتساع رقعة الفقر.

وتقول المصادر إن هذه العوامل مجتمعة دفعت طهران إلى «تسريع إجراءات دعم الجماعة، والعمل على تحويلها إلى مركز عسكري إقليمي يعوّض اختلالات النفوذ الإيراني في ساحات أخرى».

خطة تطهير أمني

عودة شهلائي الذي سبق أن رصدت الولايات المتحدة مكافأة تصل إلى 15 مليون دولار لمن يدلي بمعلومات تقود إلى تحديد موقعه، تأتي ضمن مساعي طهران لـ«إعادة مسك زمام الملف الأمني والعسكري الحوثي بقبضة مباشرة».

وتقول المصادر إن عناصر «الحرس» الإيراني الموجودين في اليمن «لم ينجحوا في التعامل مع تداعيات الاختراق الإسرائيلي»، بل ساهموا في تصعيد الصراع الداخلي عبر اقتراح خطة لتطهير أجهزة المخابرات الحوثية بدعوى وجود «مراكز اختراق عالمية» تعمل داخلها.

وأُسنِد تنفيذ هذه الخطة إلى علي حسين الحوثي، نجل مؤسس الجماعة وابن أخي زعيمها، وهو ما فتح الباب لصراع واسع داخل هيكل الجماعة، بعد أن لاقت هذه الخطوة دعماً من يوسف المداني، رئيس أركان قوات الحوثيين الجديد، لكنها في الوقت ذاته اصطدمت بنفوذ واسع يتمتع به عبد الله الرزامي، أحد أقدم القادة من خارج السلالة الحوثية، والذي يحتفظ بوجود عسكري ضخم في الجزء الجنوبي من صنعاء منذ دعمه للجماعة في مواجهة الرئيس الأسبق علي عبد الله صالح أواخر 2017.

مساعي المداني للاستفراد بالسيطرة على صنعاء تصطدم بنفوذ الرزامي (إعلام محلي)

الرزامي «يعد دولة داخل الدولة الحوثية»؛ إذ لم تغادر قواته مواقعها منذ ثمانية أعوام، بل أنشأ مكتباً خاصاً لإدارة شؤون الناس والفصل في النزاعات، ومنع المحاكم الرسمية من النظر في أي قضية يكون لأحد أطرافها علاقة بمكتبه، وفقاً للمصادر اليمنية.

وإلى جانب هذا الصراع، يبرز جناح آخر يتبناه عبد الكريم الحوثي، عمّ زعيم الجماعة ووزير داخليتها، الذي انقطعت أخباره منذ 25 أغسطس (آب) الماضي، ويقف إلى جانب جهاز الأمن والمخابرات بقيادة عبد الحكيم الخيواني.

هذا الجهاز هو المستهدف الأول بخطة التطهير؛ إذ تتهمه القيادة الحوثية بالمسؤولية عن «الاختراقات الاستخباراتية» التي أدت إلى قتل قيادات ومهاجمة مواقع حساسة، بينها أحد المخابئ التي كان يستخدمها عبد الملك الحوثي في صعدة.

فراغ استراتيجي

منصة «ديفينس» قالت إن إيران قررت إعادة شهلائي إلى اليمن لـ«سدّ الفراغ الاستراتيجي» الذي تركه مقتل الأمين العام لـ«حزب الله» اللبناني حسن نصر الله، والذي وصفته المنصة بأنه «ضابط إيقاع الجماعة» في الشأن الخارجي، بحكم فهمه العميق للسياقات الإقليمية وصلاته الواسعة داخل محور إيران.

المصادر نفسها أكدت أن عبد الملك الحوثي «فقد بوفاة نصر الله مرشده الأبرز»، الذي كان يلجأ إليه عبر قنوات مباشرة وغير مباشرة للحصول على التوجيهات، قبل أن يعود إلى أتباعه بقرارات محسومة. وتشير إلى أن الحوثي لم يكن يعير اهتماماً جدياً لآراء مستشاريه أو مساعديه، وكان يعتمد اعتماداً شبه كلي على ما يسمعه من نصر الله.

أولى خطوات تسويق الحوثي لزعامة المحور التابع لإيران (إعلام محلي)

وتضيف المصادر أن زعيم الحوثيين «جامح ومتعطش لدور إقليمي»، معتبرةً أن كلمته الأخيرة في المؤتمر القومي العربي في بيروت «كانت أول ظهور رسمي له أمام حاضنة المحور الرديفة»، لكن المشكلة - بحسب توصيفها - «تكمن في أن قوته تبرز في التنفيذ العسكري لا في التفكير الاستراتيجي، بخلاف نصر الله الذي جمع بين الكاريزما والخبرة السياسية».

وترى تلك التقييمات أن عبد الملك الحوثي يمتلك جرأة عالية في اتخاذ القرارات والمغامرة، لكنه يفتقر إلى الدهاء السياسي والخبرة الإقليمية، إضافة إلى أنه «مكبّل بعزلة فرضها على نفسه وعلى جماعته»، وأن صعوده المتأخر لم يسمح له ببناء حضور إقليمي يمكّنه من الإمساك بأدوار أكبر داخل محور إيران.

وتقول المصادر اليمنية إن توقف حرب غزة واهتزاز المشهد الإقليمي «وضع الحوثي أمام نتائج انخراطه العميق في الصراع الإقليمي دون خبرة كافية»، وهو ما دفع إيران إلى ضرورة «استخدام شهلائي لضبط الإيقاع الحوثي من جديد، ومنع انفلات مراكز القوى، وإعادة ترتيب البيت الداخلي بما يضمن ترسيخ الجماعة كمركز نفوذ أول لإيران في اليمن».

وتضيف المصادر أن طهران باتت تعتبر الجماعة «الذراع الأكثر حيوية» بعد الضربات التي تلقتها في لبنان وسوريا، وأن نجاح شهلائي في مهمته قد يعني انتقال ثقل المحور الإيراني جنوب الجزيرة العربية، «في ظل ثغرات أمنية وسياسية كبيرة يعيشها الحوثيون رغم ما يبدونه من تماسك خارجي».


مجلس الأمن يمدد عقوباته بشأن الصراع اليمني... ويعزز مهام فريق الخبراء

مجلس الأمن الدولي شدَّد على الحل السلمي للصراع في اليمن (الأمم المتحدة)
مجلس الأمن الدولي شدَّد على الحل السلمي للصراع في اليمن (الأمم المتحدة)
TT

مجلس الأمن يمدد عقوباته بشأن الصراع اليمني... ويعزز مهام فريق الخبراء

مجلس الأمن الدولي شدَّد على الحل السلمي للصراع في اليمن (الأمم المتحدة)
مجلس الأمن الدولي شدَّد على الحل السلمي للصراع في اليمن (الأمم المتحدة)

قرَّر مجلس الأمن الدولي تمديد نظام العقوبات المفروض على الأفراد والكيانات المرتبطة بالصراع اليمني لمدة عام إضافي، مع تعزيز ولاية فريق الخبراء الأممي وتوسيع نطاق مهامه؛ لمتابعة شبكات تهريب الأسلحة والمكوّنات العسكرية التي تصل إلى الحوثيين.

وجاء قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2760 لعام 2025 في جلسته رقم 9835 بتاريخ 14 نوفمبر (تشرين الثاني) في ظل تصاعد التهديدات الحوثية على خطوط الملاحة الدولية، وارتفاع مستوى المخاطر على الأمن الإقليمي.

وجدَّد المجلس في ديباجة القرار التأكيد على احترام سيادة اليمن واستقلاله ووحدته الإقليمية، داعياً جميع الأطراف إلى الالتزام الصارم بقراراته السابقة، وعلى رأسها القرار رقم 2140 لعام 2014، والقرار رقم 2216 لعام 2015، بوصفهما الإطار المرجعي الجامع للعقوبات ومسار العملية السياسية.

وشدَّد القرار على أن العقوبات ليست غايةً بحد ذاتها، بل وسيلة للحد من التهديدات التي تمس الأمن والسلم، خصوصاً الهجمات الحوثية المتكررة على السفن التجارية في البحر الأحمر.

إيران متهمة بتزويد الحوثيين بالأسلحة بما فيها الصواريخ والمسيّرات (رويترز)

وبموجب القرار الجديد، قرَّر مجلس الأمن تمديد حظر السفر وتجميد الأصول على الأشخاص والكيانات المدرجة ضمن نظام العقوبات حتى 15 نوفمبر 2026، مع التأكيد على معايير الإدراج التي تشمل الأعمال المهددة للسلم والاستقرار في اليمن، مثل تجنيد الأطفال، والعنف الجنسي، وتهريب الأسلحة، وتمويل الأنشطة العدائية.

ومع تصاعد عمليات تهريب الأسلحة للحوثيين، دعا قرار مجلس الأمن الجديد، بخصوص اليمن، الدولَ الأعضاء إلى تعزيز الامتثال لإجراءات تفتيش السفن المشتبه بارتباطها بعمليات تهريب السلاح، في خطوة تعكس ازدياد القلق الدولي من تدفق تقنيات حديثة تُستخدَم في تصنيع المسيّرات والصواريخ الباليستية والعبوات المائية التي طوّرها الحوثيون خلال السنوات الأخيرة.

التمديد لفريق الخبراء

مدَّد قرار مجلس الأمن الجديد بشأن اليمن، ولاية فريق الخبراء التابع للجنة العقوبات حتى 15 ديسمبر (كانون الأول) 2026، وكلفه إعداد تحديث مرحلي بحلول أبريل (نيسان) 2026، وتقرير نهائي في أكتوبر (تشرين الأول) من العام نفسه، يتضمَّن تحليلاً معمقاً للاتجاهات الحديثة في نقل التكنولوجيا العسكرية، بما في ذلك استخدام المكونات التجارية المتاحة عالمياً في تصنيع الطائرات دون طيار والأجهزة المتفجرة المائية، إضافة إلى مراقبة تدفقات الموارد بين اليمن والقرن الأفريقي.

وحثَّ المجلس الفريقَ على التعاون مع مجموعات الخبراء الأممية الأخرى، خصوصاً فرق الرصد المعنية بالعقوبات الإقليمية، لتطوير أدوات مشتركة تهدف إلى مكافحة التهريب عبر المواني والسواحل الواسعة بين اليمن والصومال، وهي مناطق أشارت التقارير الأممية إلى أنها تشهد نشاطاً واسعاً لشبكات تهريب الأسلحة.

جانب من اجتماع لمجلس الأمن الدولي (الأمم المتحدة)

كما طلب القرار من الدول الأعضاء تقديم تقارير دورية عن الإجراءات المتخذة لتنفيذ العقوبات ومنع نقل المعدات العسكرية أو التقنيات الموجهة للأطراف المعاقَبة، مؤكداً ضرورة الالتزام بقرار تفتيش السفن الوارد في القرار 2216.

وفي الجانب الإنساني، أبدى مجلس الأمن قلقه البالغ من التدهور المستمر للوضع الإنساني في اليمن، مجدداً التأكيد على أن العقوبات لا تستهدف المدنيين ولا تعيق وصول المساعدات الإنسانية، وداعياً إلى ضمان تدفق الإغاثة دون تأخير أو عرقلة.

وشدَّد مجلس الأمن الدولي على أهمية استئناف العملية السياسية الشاملة برعاية الأمم المتحدة، والتمسك بمبادرة الخليج ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، مؤكداً أن لا حل عسكرياً للأزمة اليمنية، وأن التسوية السياسية هي الخيار الوحيد لإنهاء الصراع.

وأكد المجلس على إبقاء الوضع اليمني تحت المراجعة المستمرة، مع استعداد المجلس لاتخاذ إجراءات إضافية، سواء بتعزيز العقوبات أو تعديلها أو تعليقها وفق تطورات الأوضاع الميدانية والسياسية.