تقرير فلسطيني يتهم إسرائيل بتشجيع الاستيطان في الضفة الغربية

عبر تغيير قوانين وإعطاء الضوء الأخضر لمخططات جاهزة

تقرير فلسطيني يتهم إسرائيل بتشجيع الاستيطان في الضفة الغربية
TT

تقرير فلسطيني يتهم إسرائيل بتشجيع الاستيطان في الضفة الغربية

تقرير فلسطيني يتهم إسرائيل بتشجيع الاستيطان في الضفة الغربية

اتهم تقرير رسمي فلسطيني الحكومة الإسرائيلية بانتهاج سياسة خطيرة لإطلاق يد المستوطنين في الضفة الغربية، وذلك عبر فرض القانون الإسرائيلي على الضفة بما يسهل عملية الاستيلاء على الأراضي.
وقال تقرير للمكتب الوطني للدفاع عن الأرض، التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، إن محاولات فرض القانون الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ يونيو (حزيران) 1967 سيشجع المستوطنين على نهب أراضي الفلسطينيين، ويشكل تحولاً خطيراً في سياسة دولة إسرائيل.
وأشار التقرير الذي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه إلى مصادقة الكنيست بالقراءة التمهيدية على مشروع قانون يسمح للمرة الأولى للمحاكم الإدارية في إسرائيل بالحسم في قضايا الخلاف بين السلطات والمستوطنين في الضفة الغربية، حيث دعم هذا المشروع 48 نائباً وعارضه 29.
ويسعى القانون، الذي طرحه النائب في الكنيست بتسئيل سموطريش، إلى تحويل الالتماسات ضد البناء «غير القانوني» في المستوطنات إلى المحاكم الإدارية، بدلاً من المحكمة العليا، حيث قال سموطريش إن «ما يصح لسكان تل أبيب يصح لسكان بيت ايل وكدوميم (مستوطنات في الضفة)، ولا توجد مبررات لمناقشة التماسات البناء في المحكمة العليا».
وحذر التقرير من أن هذا التوجه جاء متزامناً مع إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بدء العمل في بناء مستوطنة جديدة جنوب نابلس تحمل اسم «ايم عميخاي»، قائلاً إن ذلك يعد «تحدياً للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، بما فيها قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2334 مطلع هذا العام، واستمرار حكومة نتنياهو في هذه السياسة يضع دول العالم في مصاف الدول الراعية لخروقات إسرائيل، وانتهاكاتها للقانون الدولي، وبالتالي تتحمل جزءاً من المسؤولية عما يحدث في الأرض الفلسطينية المحتلة، وتحديداً في موضوع الاستيطان».
وجاء في التقرير: «لقد اختار نتنياهو توقيت إعلانه هذا بالتزامن مع الزيارة التي قام بها مبعوثا الرئيس الأميركي دونالد ترمب، (جاريد كوشنر وجيسون غرينبلات) بهدف بحث كيفية خلق الظروف المناسبة لاستئناف المفاوضات بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني. ليس هذا فحسب، بل إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أعطى الضوء الأخضر للجنة التخطيط والبناء التابعة لبلدية الاحتلال في القدس لبناء 7 آلاف وحدة استيطانية في مستوطنات القدس المحتلة وغلافها، حيث سيتم بناء 3500 وحدة استيطانية في مستوطنة «جيلو» و2200 وحدة استيطانية جديدة في «هار حوما»، و900 في «بسغات زئيف»، و500 في «رمات شلومو»، و100 في مستوطنة «راموت»، أضف إلى ذلك تعهده ببناء 300 وحدة استيطانية جديدة في مستوطنة «بيت إيل» المجاورة لرام الله في شهر سبتمبر (أيلول) المقبل.
وبحسب مكتب الدفاع عن الأرض، «فستبنى هذه الوحدات الاستيطانية لإعادة توطين عائلات المستوطنين، الذين تم إخلاؤهم من مستوطنة بيت إيل قبل سنتين بأمر من المحكمة الإسرائيلية العليا، بعد أن بنى المستوطنون بيوتهم على أرض فلسطينية بملكية خاصة، في رسالة تواطؤ واضحة من نتنياهو مع الولايات المتحدة الأميركية ومبعوثيها، وفي تحدٍ واضح للمجتمع الدولي على مواصلة البناء الاستيطاني، وتغيير معالم الأرض الفلسطينية، واقتلاع المواطنين الفلسطينيين منها. ولم يصدر أي موقف من الجانب الأميركي بشأن هذه السياسة الاستيطانية، مما يعني وجود ضوء أخضر أميركي لتوسيع المشروع الاستيطاني الإسرائيلي على الأرض الفلسطينية المحتلة، إذ لا يمكن لحكومة اليمين الإسرائيلية أن تدفع بكل هذه المشاريع التوسعية دون أخذ الإذن من راعيها الأميركي».
وتطرق التقرير إلى تصريحات مختلفة لعدد من المسؤولين الإسرائيليين حول دعم البناء الاستيطاني، وإلى خطط قيد التنفيذ. وقال التقرير إنه «في السياق نفسه تتابع أذرع الاحتلال العمل على دعم وتوسيع الاستيطان، وآخر هذه العمليات مشروع توسعة جامعة مستوطنة (أريئيل)، فوفقاً للخطة التي يروج لها وزير التعليم العالي الإسرائيلي نفتالي بينيت، ستتم توسعة الجامعة للضعف خلال الـ5 سنوات المقبلة من خلال إضافة نحو 12 مبنى جديداً، وإضافة كلية للطب بدعم من المليونير الأميركي شيلدون أديلسون وزوجته ميريام التي ستحمل اسمهما، حيث صادقت اللجنة الفرعية للتمويل التابعة لمجلس التعليم العالي في إسرائيل أخيراً على الخطة التي ستؤدي لزيادة عدد طلاب الجامعة البالغين إلى 11 ألف طالب، ويتوقع زيادة 47 ألف متر مربع إلى الحرم الجامعي ليصل حجم البناء فيها إلى 104 آلاف متر مربع. وتقدّر تكاليف توسعة الجامعة بنحو 113 مليون دولار أميركي، سيتم جمعها من الحكومة ورسوم التعليم إضافة إلى التبرعات».
ويأتي التقرير متناغماً مع تقارير أخرى من بينها معطيات لحركة «سلام الآن» الإسرائيلية، جاء فيها أنه في سنة 2016 بدأ العمل ببناء 1814 وحدة سكنية في المستوطنات، وهو ما يشكل ارتفاعاً بنسبة 34 في المائة مقارنة بعام 2015.
ويولي الفلسطينيون للاستيطان الإسرائيلي أهمية كبرى، ويطالبون بإيقافه قبل البدء في أي مفاوضات. وفي هذا السياق، أبلغ الرئيس الفلسطيني محمود عباس مبعوثي ترمب الأسبوع الماضي أن عليهم الضغط على إسرائيل لوقف الاستيطان، إذ قال عباس لمستشاري ترمب إن المستوطنات هي مصدر الإرهاب، وهي تلغي كل إمكانية لإقامة الدولة الفلسطينية أو التعايش مع إسرائيل.
وترفض إسرائيل وقف الاستيطان، وتقول إنها مستعدة لمفاوضات مع الأميركيين حول تخفيفه فقط.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.