السلاح المتفلت يقتل اللبنانيين

التلويح بإعادة تطبيق أحكام الإعدام لم يوقف عمليات القتل

السلاح المتفلت يقتل اللبنانيين
TT

السلاح المتفلت يقتل اللبنانيين

السلاح المتفلت يقتل اللبنانيين

لا يكاد اللبنانيون يستيقظون من صدمة عملية قتل، حتى تأتيهم أخبار عملية أخرى لا تقل عنها بشاعة وغرابة. ورغم أن هذه الجرائم يتم كشفها سريعاً في غالبية الأحيان، ويتم القبض على مرتكبيها بسرعة كبيرة، إلا أن هذا لم يشكل رادعاً على ما يبدو للمجرمين الذين يرتكبون جرائمهم بجرأة لافتة، وأحياناً على مرأى من القوى الأمنية، كما حصل في جريمة قتل مواطن شرق مدينة صيدا ليل أول من أمس.
ويعيق انتشار السلاح في أيدي الميليشيات ومناصري الأحزاب اللبنانية أي عملية جدية للتخلص من السلاح الذي بات من أسباب الموت المعتادة في لبنان. وشهد لبنان منذ بداية الشهر نحو 11 جريمة، غالبيتها بدوافع شخصية وعائلية، كما أن بعضها تم بدوافع غريبة، كحال الشاب روي حاموش الذي قتل بوحشية بالغة بعد خلاف على أفضلية مرور. وأثارت هذه الجريمة الرأي العام اللبناني، كما دفعت بوزير الداخلية نهاد المشنوق إلى المطالبة علناً بإعادة العمل بحكم الإعدام المتوقف منذ العام 2000، عندما قرر الرئيس السابق للحكومة سليم الحص أنه لن يوقع أي أحكام بالإعدام لأنه تخالف قناعاته.
وأعلن المشنوق صراحة أن رئيسي مجلس النواب نبيه بري والحكومة سعد الحريري مع هذا الخيار، وأن الموضوع يستلزم موافقة رئيس الجمهورية الذي يوقع عادة مع رئيس الحكومة والوزير المختص قرار الإعدام، إلا أن هذا الخيار لم يخفِ على ما يبدو المجرمين. ففيما كانت وسائل الإعلام تتناقل خبر نشر القرار الظني في جريمة هزت البقاع الغربي عرفت بجريمة «النسكافيه» عندما قتل شاب بائع «النسكافيه» وأصاب صديقه بجروح خطيرة لأن كوب «النسكافيه» لم يعجبه، تجرأ البعض على «الثأر» من الجيش اللبناني بقتل مجند من الجيش، انتقاماً لمقتل أحد أبناء العشائر البقاعية على حاجز للجيش اللبناني بعد أن أطلق الجنود النار على سيارة رفضت التوقف عند نقطة تفتيش في المنطقة.
وما كاد يغيب هذا الاغتيال من عناوين الصحف والمحطات الإخبارية حتى استيقظ اللبنانيون على مقتل المواطن مارون نهرا في شرق مدينة صيدا ليل أول من أمس.
والجديد في الجريمة، أنها تمت تحت نظر كاميرا مراقبة تعود لأحد المحال، ويقال إنها قريبة من منزل شخصية أمنية، أي أنها خاضعة لحراسة مشددة. وظهر في الشريط الذي تناقلته وسائل الإعلام سيارة من نوع مرسيدس فضية اللون مركونة على جانب الطريق، تتوقف أمامها سيارة رُباعية الدفع يقودها مارون تصل إلى المكان وتتوقف، بما يوحي أن اتفاقاً بين الاثنين حصل للقاء في هذا المكان. وما إن توقفت سيارة مارون حتى ترجل القاتل من السيارة واقترب من زجاج سيارة مارون ويتحدث معه، ثم يسحب مسدسه ويُطلق النار على مارون فأصابه بصدره، ليبتعد قليلاً عن السيارة ثم يعود ليطلق النار عليه مجدداً. والغريب أن الكاميرا تُظهِر في هذه اللحظة سيارة أمنية رباعية الدفع لون أبيض خلف سيارة المقتول وقد أكملت طريقها بشكل طبيعي دون أن تتعرض للقاتل الذي استقل سيارته ومر بمحاذاة السيارة الأمنية.
وقالت الوكالة الوطنية للإعلام، الرسمية اللبنانية، إنه بعد مراجعة أشرطة كاميرات المراقبة في المكان، تبين أن الجاني لبناني ويُدعى (و.ع) من منطقة بر الياس، ويقطن في مجدليون، حيث قامت القوى الأمنية بمداهمة منزله في مجدليون ولم تعثر عليه وتم توقيف والديه أ.ع وأ.ق على ذمة التحقيق. وقالت الوكالة إنه خلال التحقيقات مع الوالدة، اعترفت بأن ابنها اكتشف أخيراً أنها كانت على علاقة بالمجني عليه.



رغم إعلان «هدنة غزة»... الحوثيون يهاجمون إسرائيل والحاملة «ترومان»

جنود إسرائيليون يعملون في مبنى تضرّر بعد سقوط صاروخ أطلقه الحوثيون (رويترز)
جنود إسرائيليون يعملون في مبنى تضرّر بعد سقوط صاروخ أطلقه الحوثيون (رويترز)
TT

رغم إعلان «هدنة غزة»... الحوثيون يهاجمون إسرائيل والحاملة «ترومان»

جنود إسرائيليون يعملون في مبنى تضرّر بعد سقوط صاروخ أطلقه الحوثيون (رويترز)
جنود إسرائيليون يعملون في مبنى تضرّر بعد سقوط صاروخ أطلقه الحوثيون (رويترز)

على الرغم من التوصل إلى «هدنة غزة» واصلت الجماعة الحوثية، الجمعة، تصعيدها الإقليمي، إذ تبنّت مهاجمة إسرائيل في 3 عمليات بالصواريخ والمسيرّات، بالإضافة إلى مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» في شمال البحر الأحمر.

وبينما لم تصدر تعليقات على الفور من الجيشَيْن الأميركي والإسرائيلي بخصوص هذه الهجمات، أقرت الجماعة المدعومة من إيران بتلقيها 5 غارات وصفتها بـ«الأميركية» استهدفت منطقة حرف سفيان، التابعة لمحافظة عمران الواقعة إلى الشمال من صنعاء.

وخلال حشد في أكبر ميادين صنعاء دعا إليه زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، أعلن المتحدث العسكري باسم الجماعة، يحيى سريع، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر.

وزعم المتحدث الحوثي أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

وبالتزامن مع ذلك، زعم المتحدث العسكري الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

المتحدث العسكري باسم الحوثيين يردّد «الصرخة الخمينية» خلال حشد في صنعاء (أ.ف.ب)

وتوعّد المتحدث الحوثي بأن قوات جماعته جاهزة لأي تصعيد أميركي أو إسرائيلي، وأنها ستراقب «تطورات الوضع» في غزة، و«ستتخذ الخيارات التصعيدية المناسبة» في حال نكثت إسرائيل الاتفاق مع حركة «حماس».

وبينما أعلنت وسائل إعلام الجماعة تلقي خمس غارات في منطقة حرف سفيان، لم تتحدث على الفور عن الآثار التي تسبّبت فيها لجهة الخسائر البشرية أو المادية.

ومع التفاؤل الدولي والإقليمي واليمني بأن تؤدي الهدنة في غزة إلى استعادة مسار السلام في اليمن، إلا أن مراقبين يمنيين يتخوّفون من استمرار الجماعة الحوثية في تصعيدها سواء البحري أو الداخلي، مستبعدين أن تجنح إلى السلام دون أن تنكسر عسكرياً.

تهديد بالتصعيد

جاءت الهجمات الحوثية والضربات الأميركية، غداة الخطبة الأسبوعية لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، التي استعرض فيها إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال 15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتِّفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

عناصر حوثية خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيم الجماعة لاستعراض القوة (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

يُشار إلى أن الجماعة تلقت في 10 يناير (كانون الثاني) الحالي أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران، ومحطة كهرباء جنوب صنعاء، وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

عرقلة السلام

عاق التصعيد الحوثي وردود الفعل الغربية والإسرائيلية مسار السلام اليمني، إذ كان اليمنيون يستبشرون أواخر 2023 بقرب إعلان خريطة طريق توسطت فيها السعودية وسلطنة عمان من أجل طي صفحة الصراع المستمر منذ 10 سنوات.

وتنفي الحكومة اليمنية السردية الحوثية بخصوص مناصرة الفلسطينيين في غزة، وتتهم الجماعة بتنفيذ أجندة إيران في المنطقة، خاصة أن الجماعة استغلت الأحداث لتجنيد عشرات الآلاف تحت مزاعم الاستعداد للمواجهة مع إسرائيل والولايات المتحدة، وفيما يبدو أن المسعى الحقيقي هو التجهيز لمهاجمة المناطق اليمنية الخاضعة للحكومة الشرعية.

السفينة التجارية «غلاكسي ليدر» قرصنها الحوثيون واحتجزوا طاقمها منذ 14 شهراً (رويترز)

وأدّت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، خلال 14 شهراً، إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتَيْن، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

وإذ استقبلت الجماعة نحو ألف غارة جوية وقصف بحري، خلال عام من التدخل الأميركي، كانت الولايات المتحدة أنشأت في ديسمبر (كانون الأول) 2023 تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على الهجمات الحوثية ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في عدد من المرات.

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين كان أغلبيتها من نصيب الحديدة الساحلية، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة.