ميليشيات عراقية تدعمها ايران تقود التوغل في «البادية السورية»

لدعم قوات النظام باتجاه دير الزور

مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن
مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن
TT

ميليشيات عراقية تدعمها ايران تقود التوغل في «البادية السورية»

مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن
مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن

واصلت قوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية والعراقية الداعمة لها، أمس، تقدمها في منطقة البادية السورية، وبالتحديد في المساحات الواقعة في الريف الشرقي لدمشق، بمسعى لتأمين المناطق والمطارات العسكرية التي تسيطر عليها في تلك المنطقة، قبل أيام من انطلاق اجتماعات آستانة التي من المنتظر أن ترسم حدود مناطق «تخفيف التصعيد».
وفيما أكّد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن سيطرة النظام على منطقة بئر القصب الاستراتيجية الواقعة في الريف الشرقي للعاصمة، قال سعد الحاج، المتحدث باسم جماعة «أسود الشرقية»، وهي واحدة من أكبر جماعات المعارضة المسلحة في البادية لـ«الشرق الأوسط»، إن المعارك لا تزال محتدمة في المنطقة المذكورة، نافياً أن تكون الميليشيات والقوات السورية النظامية قد سيطرت عليها. وأشار الحاج إلى معارك «كر وفر» تشهدها بئر القصب والمناطق المحيطة بها، لافتاً إلى أن «قوات عراقية وإيرانية وعناصر (حزب الله) هم من يخوضون المعارك بشكل رئيسي بتغطية جوية روسية». وأضاف: «ما يسعى إليه النظام من خلال هذه المعركة هو تأمين مناطقه العسكرية وبالتحديد محطة تشرين الحرارية ومطار السين ومطار خلخلة».
أما رامي عبد الرحمن فرد الهجوم الجديد الذي يشنه النظام على مناطق البادية لـ«سعيه إلى توسيع رقعة سيطرته وحماية مناطقه العسكرية». وأضاف في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «صحيح أنّه يحقق تقدماً في البادية، لكن أهم ما في هذه المعركة هو سيطرته على السخنة التي ستفتح له الباب باتجاه ريف دير الزور وتلاقي قواته مع تلك المتقدمة من جنوب الرقة»، لافتاً إلى أن «المنطقة الممتدة من القريتين إلى جنوب الرقة ودير الزور منطقة غنية بالغاز والنفط يسعى أكثر من طرف إلى بلوغها».
ونقلت «رويترز» في وقت سابق عن مقاتلين من المعارضة السورية مدعومين من الغرب، ويسيطرون على قطاع استراتيجي من الصحراء الواقعة في جنوب شرقي البلاد، وتمتد إلى الحدود العراقية، إنهم تعرضوا لهجوم كبير الثلاثاء نفذته القوات الحكومية وفصائل متحالفة معها مدعومة من إيران بمساندة من سلاح الجو الروسي. وأضافوا أن مئات الجنود في عشرات المركبات المدرعة بينها دبابات تدفقوا على منطقة بير قصب على بعد نحو 75 كيلومتراً جنوب شرقي دمشق صوب منطقة البادية القريبة من الحدود مع الأردن والعراق.
وأفاد الإعلام الحربي التابع لـ«حزب الله» أمس بأن «الجيش السوري (النظامي) استهدف تحركات إرهابيي جبهة النصرة في أراضي الروابي، تل رينبة، محيط بئر القصب ورجم الصريحي بريف دمشق»، فيما أوضحت وسائل إعلام محسوبة على النظام السوري أن «تحرك الجيش تم عبر 3 محاور رئيسية من غرب وشمال غربي بئر القصب، ليفرض سيطرة على عدد كبير من النقاط والمزارع المحيطة بها أيضا»، مرجحة أن «تتركز عمليات الجيش هناك على تلال جبال القلمون الشرقية المتبقية تحت سيطرة فصائل البادية، في محيط تل دكوة، التي تعد المواقع الأكثر أهمية لتلك الفصائل بعد خروج تل القصب من تحت سيطرتها».
وبحسب خريطة السيطرة، فقد استطاعت قوات النظام بالسيطرة على بئر القصب تأمين محطة تشرين الحرارية بشكل كامل، لتنقل معاركها إلى عمق البادية السورية. وتقع بئر القصب على جانبي الطريق إلى ضواحي دمشق الشرقية قرب قاعدة الضمير الجوية وهي أيضا خط إمداد رئيسي للمناطق التي يسيطر عليها النظام في أقصى الجنوب الشرقي.
وسقطت بئر القصب في قبضة مقاتلي المعارضة بعد أن انسحب منها تنظيم داعش قبل بضعة أشهر لتعزيز الدفاع عن معقله في مدينة الرقة في الشمال السوري، علماً بأنها كانت قد وفرت له نقطة انطلاق للهجمات على أراض إلى الشرق من دمشق مباشرة وقاعدة للاحتفاظ بسيطرته على أجزاء كبيرة من منطقة البادية.
وتتسابق قوات النظام تساندها الفصائل التي تدعمها إيران، ومقاتلو المعارضة للسيطرة على مناطق في الصحراء الواقعة بالجنوب الشرقي خلت بانسحاب «داعش».
ويخوض النظام السوري والميليشيات الداعمة له 3 معارك رئيسية في البادية، الأولى بوجه تنظيم داعش في ريف حمص الشرقي وتدمر، الثانية بوجه جيش «مغاوير الثورة» وقوات التحالف الدولي يهدف من خلالها لفتح طريق بغداد - دمشق وتأمين لقائه بقوات الحشد الشعبي على الحدود السورية - العراقية، فيما يواجه في المعركة الثالثة «أسود الشرقية» وقوات «أحمد العبدو» في ريف حمص الشرقي.
وحققت القوات النظامية مطلع الشهر الجاري تقدماً على حساب الفصيلين المذكورين، وسيطرت حينها على تل دكوة الاستراتيجي. ويخوض الفصيلان معارك منذ 31 مايو (أيار) الماضي، ضد قوات النظام والميليشيات الرديفة، في إطار معركة «الأرض لنا».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.