تونس: دعوات لتأجيل البلديات مع بدء تسجيل الناخبين

تونس: دعوات لتأجيل البلديات مع بدء تسجيل الناخبين
TT

تونس: دعوات لتأجيل البلديات مع بدء تسجيل الناخبين

تونس: دعوات لتأجيل البلديات مع بدء تسجيل الناخبين

بدأت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس، أمس، عمليات تسجيل الناخبين للانتخابات البلدية المقررة في 17 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وسط دعوات أحزاب إلى تأجيلها حتى مطلع السنة المقبلة، بسبب تزامن الاقتراع مع مناقشة موازنة الدولة وصعوبات أخرى.
وبين دوافع طالبي إرجاء الانتخابات مخاوف من عدم التصديق على قانون الجماعات المحلية الذي تنظر فيه اللجان البرلمانية حالياً، ومشكلات داخلية تعاني منها هيئة الانتخابات بعد استقالة رئيسها واثنين من معاونيه الشهر الماضي.
وستكون شروط التسجيل في البلديات مختلفة عن انتخابات 2014، إذ سيتم اعتماد العنوان الفعلي الموجود في بطاقة الهوية الوطنية وعدم اعتماد طريقة التسجيل عبر الهاتف الجوال، ما يعني أن الناخب لا يمكنه اختيار مكان التصويت، بل سيكون مجبرا على الاقتراع في منطقته.
وأكد رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات المستقيل، شفيق صرصار، في تصريح أثناء انطلاق عمليات التسجيل، فتح مكاتب ثابتة ومتنقلة في مختلف أنحاء البلاد لتمكين الناخبين من التسجيل. وتتواصل عمليات التسجيل حتى العاشر من أغسطس (آب) المقبل، وتم تخصيص 350 مكتبا ثابتا لهذا الغرض.
وتواجه الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مصاعب عدة لإنجاح الاستحقاق الانتخابي المقبل، فهي مطالبة بملاءمة عدد المسجلين في انتخابات 2011 و2014، والمقدر عددهم بأكثر من خمسة ملايين، مع مجموع الناخبين الذي يفوق عددهم سبعة ملايين تونسي، وذلك من خلال تحديث السجلات والتثبت من المعطيات كافة التي تضمن مشاركة الشباب والنساء وذوي الإعاقة، إضافة إلى خصوصية مشاركة الأمنيين والعسكريين في تلك الانتخابات وإمكانية استغلال بياناتهم لغايات إرهابية.
وعلى المستوى السياسي، لا تبدو غالبية الأحزاب السياسية التي يفوق عددها مائتين متحمسة لإجراء الانتخابات البلدية في موعدها لعدم قدرتها على تغطية مختلف البلديات البالغ عددها 384 بلدية، وهو ما دفع بعض القيادات السياسية إلى الدعوة إلى تأجيل الانتخابات إلى بداية السنة المقبلة لأسباب، بينها محاولة كسب مزيد من الوقت وترتيب الأولويات والبحث عن مرشحين في مناطق الحكم المحلي المقبل، إضافة إلى تخوف الأحزاب الصغيرة من سيطرة حزبي «النداء» و«النهضة» على المشهد السياسي المحلي من جديد بعد تمسكهما بإجراء الانتخابات في موعدها.
وفي هذا الشأن، شدد رئيس «الحزب الجمهوري» المشارك في الائتلاف الحاكم عصام الشابي، على أن دعوته إلى مشاورات لدراسة تأجيل الانتخابات «ليست وراءها غايات سياسية، ولا محاولة للتنصل من الاستحقاقات الانتخابية، بقدر ما تتحكم في الموضوع اعتبارات موضوعية».
وكان الشابي دعا إلى «حوار وطني» مع الأحزاب الموقعة على «وثيقة قرطاج» التي تشكلت بمقتضاها حكومة يوسف الشاهد، وأحزاب أخرى، بما في ذلك المعارضة، لدراسة موعد الاستحقاق البلدي، «باعتباره أهم محطة انتخابية ستشهدها تونس». وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «مجموع الظروف غير المناسبة لإجراء الانتخابات في موعدها، بينها خصوصا استقالة رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إلى جانب عضوين آخرين، ومواصلتهم لمهامهم داخل الهيئة من دون تقديم الأسباب الحقيقية لهذه الاستقالة، وتوقع تأخير التصديق على قانون الجماعات المحلية الذي شرع البرلمان مؤخرا في مناقشته على مستوى اللجان، والذي لا يمكن من دونه إرساء آلية الحكم المحلي».
وكان وزير الشؤون المحلية والبيئية رياض المؤخر قال خلال مناقشة البرلمان مشروع قانون الجماعات المحلية، الأسبوع الماضي، إن اللامركزية المنتظرة ستواجه مشكلات كثيرة على مستوى التنفيذ، بينها أنه «ليس من السهل التفريط في السلطة من المركزي إلى المحلي». واعتبر أن الحكم المحلي ممثلا في اللامركزية «ليس هدفا في حد ذاته، بل وسيلة لدفع التنمية وتحقيق التوازن بين مختلف الجهات».
وتعاني المناطق المحلية من مشكلات عدة، بينها أن الموازنة المخصصة للبلديات التونسية بأكملها لا تزيد على 4 في المائة من ميزانية الدولة، إلى جانب صعوبات على مستوى التنفيذ نتيجة عدد كبير من القوانين القديمة.



الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
TT

الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)

بالتزامن مع تحذيرها من تفاقم الأزمة الإنسانية، ووصول أعداد المحتاجين للمساعدات العاجلة إلى أكثر من 19 مليون شخص، أطلقت الأمم المتحدة وشركاؤها خطة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في اليمن للعام الحالي لمساعدة أكثر من 10 ملايين محتاج.

ويأتي ذلك في ظل تراجع حاد للعملة اليمنية، إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، بعد تجاوز سعر الدولار 2160 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، التي عجزت عن سداد رواتب الموظفين منذ 4 أشهر، بعد أكثر من عامين من تسبب الجماعة الحوثية في توقف تصدير النفط، واشتداد أزمات الخدمات العامة، وانقطاع الكهرباء في عدن حيث العاصمة المؤقتة للبلاد لأكثر من نصف اليوم.

ودعت الأمم المتحدة المجتمع الدولي والمانحين إلى توفير مبلغ 2.47 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية لليمن للعام الحالي، لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة لأكثر من 19.5 مليون شخص.

وجاءت الدعوة على لسان جوليان هارنيس، منسق الشؤون الإنسانية في اليمن، الذي طالب بتقديم الدعم اللازم لضمان الوصول إلى الفئات الأكثر ضعفاً وتقديم المساعدات المنقذة للحياة لـ10.5 مليون شخص، مشيراً إلى أن الجهود السابقة خلال العام الماضي، شملت أكثر من 8 ملايين شخص بدعم تجاوز 1.4 مليار دولار.

نصف الأطفال اليمنيين يعانون من سوء تغذية وتعدّ النساء والفتيات من الفئات الأكثر ضعفاً (الأمم المتحدة)

وشدَّد هاريس على أن الاحتياجات خلال العام الحالي تتطلب استجابة أوسع وأكثر شمولية لتحقيق الاستقرار وبناء قدرة المجتمعات على الصمود، منوهاً بأن تدهور الأوضاع الاقتصادية، والظروف المناخية القاسية، والتطورات العسكرية الإقليمية أسهمت في مضاعفة الاحتياجات الإنسانية.

ويواجه نصف السكان تقريباً انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، ويعيش أكثر من 13 مليون شخص في ظل نقص حاد في مياه الشرب النظيفة، بينما تعمل 40 في المائة من المرافق الصحية بشكل جزئي أو لا تعمل.

وكانت الأمم المتحدة طالبت العام الماضي بـ2.7 مليار دولار لخطة الاستجابة الإنسانية، لكنها لم تحصل سوى على تعهدات ضئيلة، ما تسبب في عجز كبير في تلبية احتياجات المستهدفين.

تناقض الاحتياجات والمطالب

ويؤكد جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أرقام الاحتياجات الإنسانية التي تعلن عنها الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية، لكنه يشير إلى التناقض بين ما تعلن عنه من احتياجات ومساعيها للحصول على تمويل لتلبية تلك الاحتياجات، إلى جانب عدم قدرتها على الوصول إلى المستهدفين بسبب نقص المعلومات والبيانات، بالإضافة إلى التغيرات الديموغرافية الحاصلة بفعل النزوح.

استمرار الصراع ترك اليمنيين في حالة احتياج دائم للمساعدات (الأمم المتحدة)

وفي تصريحه لـ«الشرق الأوسط» أعرب بلفقيه عن مخاوفه من عدم إمكانية الحصول على المبالغ المطلوبة لصالح الاستجابة الإنسانية بسبب سوء الترويج للأزمة الإنسانية في اليمن لدى المانحين، لافتاً إلى أن طرق تعامل المنظمات الدولية والأممية في الإغاثة لم تتغير منذ عام 2015، رغم فشلها في تلبية احتياجات اليمنيين، وإنهاء الأزمة الإنسانية أو الحد منها.

وقبيل إطلاقها خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي، حذّرت الأمم المتحدة، من اشتداد الأزمة الإنسانية في اليمن، بعد تجاوز أعداد المحتاجين إلى مساعدات إنسانية هذا العام 19.5 مليون شخص، بزيادة قدرها 1.3 مليون شخص مقارنة بالعام الماضي، مبدية قلقها على الأطفال الذين يعانون من سوء تغذية، وعلى الفئات الأكثر تهميشاً من بينهم، مثل النساء والفتيات والنازحين البالغ عددهم 4.8 مليون شخص.

وقالت نائبة رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، جويس مسويا، أمام مجلس الأمن الدولي إنّ اليمنيين ما زالوا يواجهون أزمة خطرة على الصعيدين الإنساني وحماية المدنيين، مشيرة إلى أن تقديرات النداء الإنساني للعام الحالي الذي يجري إعداده، كشفت عن تفاقم الأزمة.

وباء الكوليرا عاد للتفشي في اليمن بالتزامن مع ضعف القطاع الصحي (رويترز)

ووفق حديث مسويا، فإنّ نحو 17 مليون يمني، أي ما يقدر بنصف سكان البلاد، لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية، وما يقرب من نصف الأطفال دون سنّ الخامسة يعانون من تأخر خَطرٍ في النمو بسبب سوء التغذية، مع انتشار مروّع لوباء الكوليرا، بينما يعاني النظام الصحي من ضغوط شديدة.

انهيار العملة

وواصلت العملة اليمنية تراجعها إلى أدنى المستويات، وتجاوز سعر العملات الأجنبية المتداولة في البلاد 2160 ريالاً للدولار الواحد، و565 ريالاً أمام الريال السعودي، بعد أن ظلت تتراجع منذ منتصف العام الماضي، وهي الفترة التي شهدت تراجع الحكومة اليمنية عن قراراتها بفرض حصار على البنوك التجارية المتواطئة مع الجماعة الحوثية.

ويرجع الخبراء الاقتصاديون اليمنيون هذا الانهيار المتواصل للعملة إلى الممارسات الحوثية ضد الأنشطة الاقتصادية الحكومية، مثل الاعتداء على مواني تصدير النفط الخام ومنع تصديره، وإجبار الشركات التجارية على الاستيراد عبر ميناء الحديدة الخاضع للجماعة، إلى جانب المضاربة غير المشروعة بالعملة، وسياسات الإنفاق الحكومية غير المضبوطة وتفشي الفساد.

العملة اليمنية واصلت تدهورها الحاد خلال الأشهر الستة الماضية (رويترز)

ويقدر الباحث الاقتصادي اليمني فارس النجار الفجوة التمويلية لأعمال الإغاثة والاستجابة الإنسانية، بأكثر من 3 مليارات دولار، ويقول إن تراكمات هذا العجز خلال السنوات الماضية أوصل نسبة تغطية الاحتياجات الإنسانية في البلاد إلى 52 في المائة.

ولمح النجار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى تضرر الاقتصاد اليمني بفعل أزمة البحر الأحمر وما سببته من تحول طرق التجارة العالمية أو ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، مع عدم بروز إمكانية لتحسن اقتصادي دون توقف الجماعة الحوثية عن ممارساتها أو إلزامها بالكف عنها، بالتوازي مع إجراءات داخلية لتحسين الإيرادات.

استهداف الحوثيين للسفن التجارية في البحر الأحمر ضاعف من تدهور الاقتصاد اليمني (أ.ف.ب)

وحثّ النجار الحكومة اليمنية على اتباع سياسات تزيد من كفاءة تحصيل الإيرادات المحلية، وتخفيف فاتورة الاستيراد، ومن ذلك تشجيع الأنشطة الزراعية والسمكية وتوفير فرص عمل جديدة في هذين القطاعين اللذين يشكلان ما نسبته 30 في المائة من حجم القوى العاملة في الريف، وتشجيع زراعة عدد من المحاصيل الضرورية.

يشار إلى أن انهيار العملة المحلية وعجز الحكومة عن توفير الموارد تسبب في توقف رواتب الموظفين العموميين منذ 4 أشهر، إلى جانب توقف كثير من الخدمات العامة الضرورية، ومن ذلك انقطاع الكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن لمدد متفاوتة تصل إلى 14 ساعة يومياً.