القوات العراقية تقتحم آخر معاقل «داعش» في الموصل القديمة

وجهت نداءات للمسلحين عبر مكبرات الصوت لتسليم أنفسهم

مدنيون يفرون من المعارك بين القوات العراقية و«داعش» في الموصل القديمة أمس (رويترز)
مدنيون يفرون من المعارك بين القوات العراقية و«داعش» في الموصل القديمة أمس (رويترز)
TT

القوات العراقية تقتحم آخر معاقل «داعش» في الموصل القديمة

مدنيون يفرون من المعارك بين القوات العراقية و«داعش» في الموصل القديمة أمس (رويترز)
مدنيون يفرون من المعارك بين القوات العراقية و«داعش» في الموصل القديمة أمس (رويترز)

اقتحمت القوات الأمنية العراقية، أمس، المدينة القديمة؛ آخر معاقل «داعش» في الجانب الأيمن من الموصل، بإسناد مدفعي وصاروخي استهدف دفاعات التنظيم، بينما واصلت مفارز العمليات النفسية في قيادة عمليات «قادمون يا نينوى» إطلاق النداءات التي طالبت فيها مسلحي التنظيم بتسليم أنفسهم.
وشرعت قطعات الشرطة الاتحادية وقوات جهاز مكافحة الإرهاب والجيش العراقي، منذ صباح أمس، بعملية موسعة لتحرير المدينة القديمة من 3 محاور رئيسية، هي الشمالية والغربية والجنوبية، واندفعت باتجاه مركزها، وشهدت شوارعها وأزقتها الضيقة ومنازلها قتالاً شرساً بين القطعات المهاجمة ومسلحي «داعش» الذين يُشكل المسلحون العرب والأجانب غالبيتهم. أما في المحور الشمالي، فواصلت قطعات الاتحادية توغلها في حي الشفاء، واستعادت السيطرة على مبنى كلية الطب.
وبدأت الشرطة الاتحادية بالتقدم من منطقة «كراج بغداد» للوصول إلى شارع الكورنيش والضفة الغربية لنهر دجلة لاستكمال السيطرة على أحياء باب البيض وباب جديد وباب الطوب. وقال قائد الشرطة الاتحادية، الفريق رائد شاكر جودت، لـ«الشرق الأوسط»: «حررت قطعاتنا مبنى الدفاع المدني في المدينة القديمة، وقتلت الإرهابي كنعان جياد عبد الله، الملقب بـ(أبي آمنة)، المسؤول العام للبوابات والسيطرات لولاية نينوى في تنظيم داعش في باب البيض»، لافتاً إلى أن قواته توغلت بعد انطلاق العملية بوقت قصير مسافة 100 متر مربع في عمق المدينة القديمة من جهة باب البيض، تحت قصف صاروخي يستهدف دفاعات التنظيم.
وتقدمت الشرطة الاتحادية من جنوب المدينة القديمة من عدة محاور، بإسناد جوي متزامن مع قصف مدفعي مكثف باتجاه جامع النوري ومنارته الحدباء التاريخية، الذي يشهد محيطه انتشاراً مكثفاً لمسلحي التنظيم. وبحسب القادة العسكريين العراقيين، فخخ التنظيم الجامع والمنارة بالكامل، كاشفين عن أن «داعش» يعتبر جامع النوري مركز انطلاقة خلافته، لذا يخوض مسلحوه معركة ضارية لإعاقة تقدم القوات الأمنية باتجاهه.
بدوره، أوضح مسؤول إعلام قوات الشرطة الاتحادية، العقيد عبد الرحمن الخزعلي، أن «أبرز العوائق التي تواجه تقدم قطعاتنا في المدينة القديمة تتمثل في وجود المدنيين، وضيق الأزقة، إضافة إلى الأساليب التي يستخدمها التنظيم، المتمثلة في تفخيخ الشوارع والطرق والمباني، والانتحاريين والقناصة»، لافتاً إلى أن قواته تبعد نحو 400 متر مربع عن جامع النوري.
وفي غضون ذلك، اندفعت قوات مكافحة الإرهاب باتجاه عمق المدينة القديمة، واقتحمت حي المشاهدة.
وحاصرت القوات العراقية لنحو 3 أشهر المدينة القديمة التي تمثل قلب مدينة الموصل، وتمكنت خلال هذه الأشهر من فتح كثير من منافذ الخروج للمدنيين المحاصرين داخلها، الذين يقدر عددهم بأكثر من 100 ألف، ويتخذهم التنظيم المتطرف دروعاً بشرية، إلا أن قناصة «داعش» وعبواته الناسفة حالت دون خروج أعداد كبيرة منهم.
وكشفت قيادة عمليات «قادمون يا نينوى»، في بيان لها أمس، أن مفارز العمليات النفسية الميدانية التابعة لها بدأت، قبل 5 أيام من انطلاق عملية اقتحام المدينة القديمة، بإطلاق نداءات عبر مكبرات الصوت لحث عناصر «داعش» على تسليم أنفسهم إليها، وأوضحت: «بعد تلك النداءات، سلمت مجموعة من عناصر (داعش) أنفسها إلى قواتنا الأمنية»، مضيفة: «ما زالت مفارز العمليات النفسية الميدانية مستمرة في بث التوصيات والتعليمات للمواطنين، وإرشادهم إلى الخطوات الصحيحة المطلوبة منهم».



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.