إقبال على شراء المسابح في رمضان

صانعوها يشعرون بالقلق على المستقبل

إقبال على شراء المسابح في رمضان
TT

إقبال على شراء المسابح في رمضان

إقبال على شراء المسابح في رمضان

خلال شهر رمضان، تشهد صناعة وتجارة المسابح رواجها السنوي المعتاد، لكن العاملين فيها يشعرون بالقلق على المستقبل في وقت يجدون فيه صعوبة في الحصول على الدعم الحكومي، وعزوف الأجيال القادمة عن تعلم الحرفة.
وتواجه هذه المهنة مشكلات بالغة الدقة، والتي تشتمل على تقطيع وتهذيب ونظم قطع صغيرة من الخشب في حبات صغيرة، خطر أن تصبح حرفة عفا عليها الزمن لأن أعداد الشباب الذين يحاولون تعلمها تقل.
ولكن خلال شهر رمضان المبارك، يقبل المصلون المسلمون لشراء المسابح التي تساعد على حفظ عدد التسبيحات.
وقال محمد حافظ، وهو صاحب متجر لبيع المسابح في حي خان الخليلي في القاهرة: «يعني بتزيد نحو 60 في المائة تقريباً، كمبيع سبحة يعني السبحة التي هي السبحة العادية يعني اليسر، المستكة، العقيق. كل الناس بتبقى عايزه تمسك سبحة في رمضان وهي نازلة تصلي الفجر، وهي بتصلي التراويح بتحب يعني».
وتتضمن الحرفة المعقدة استخدام أدوات أو آلات قديمة لتقطيع قطع صغيرة من الخشب وتنعيمها وتحويلها إلى تصاميم زخرفية دائرية ومستطيلة مختلفة قبل نظمها في خيوط كل 33 حبة في خيط أو كل 99 حبة في خيط.
وتم إدراج الآلات مؤخرا في عملية الإنتاج للمساعدة في عمل التصاميم التفصيلية الأصغر حجما، ولكن على الرغم من ذلك لا تنجذب الأجيال الأصغر سنا إلى هذا العمل.
وقال عمرو كمال وهو حرفي صناعة مسابح: «نحن عندنا الحرف بتنقرض.. الآن ليس لدينا أي حد بيتعلم جديد، لا يوجد أجيال بتتعلم جديدة».
ويفضل كمال استخدام الآلات لعمل التصاميم لكنه قال إن المهنة تنقرض ببطء مع تضاؤل المساعدات الحكومية.
وقال كمال: «تركيا بيعملوا شغل حلو، ما تعرف الحكومة بتوفر لهم خامات جيدة، بيوفر لهم المناخ الجيد علشان يبتكروا. لازم يوفر لنا نحن كمان ورغم ذلك المصريين متفوقين الحمد لله».
ويخشى والده ويدعى كمال محمود مما هو أسوأ بالنسبة للصناعة القديمة التي تجد صعوبة في المنافسة مع المشاريع التي تدر مكاسب مالية. ويقول كمال محمود: «هذه الأيام تجد من الصعوبة أن يقعد أحد حالياً يتعلم من هذه المهنة، قليل جدا، ممكن تلاقي واحد أو اثنين والذين هم أيضاً خارجين من تحت إيديا. حد آخر لأ خلاص كل سنة وأنت طيب (انتهى الأمر). خلاص لا يوجد من يتعلم هذه الأيام، كل الناس بتعمل في التكتوك ويعمل له 50 - 60 جنيه ويقول أنا بكسب».
وفي الوقت الذي لم يتبق فيه سوى أيام قلائل على نهاية شهر رمضان المعظم يتوقع العاملون في صناعة المسابح عملا مستقرا في الوقت الراهن فيما يفكرون في المستقبل غير المضمون لمهنتهم.



«للموت 3»... مسلسل كل شيء

رندة كعدي بين ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في لقطة من المسلسل
رندة كعدي بين ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في لقطة من المسلسل
TT

«للموت 3»... مسلسل كل شيء

رندة كعدي بين ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في لقطة من المسلسل
رندة كعدي بين ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في لقطة من المسلسل

يدرك الجزء الثالث من مسلسل «للموت» أنّ الخطأ ممنوع، ومع ذلك تلقّفته أخطاء على شكل مبالغات. حوَّل تونس أرضاً لبنانية - سورية، وأعاد بطلتيه «سحر»، ماغي بوغصن، و«ريم»، دانييلا رحمة، إلى عالم المافيا بحجّة واهية بعد توبة لم تدم. وهو كرّر المحفوظ غيباً في المسلسلات المشتركة: فتيات ومخدرات ورجال وسلاح ودولارات مُسددة بعشرات الآلاف لارتكاب جرائم. ذلك يحاكي جانب «الأكشن» ويضمن اشتعال الأحداث. جانبه الآخر أشدّ واقعية؛ إنسانه يمكن تصديقه.
على الورق أن يضمن مكاناً في المنافسة الرمضانية، فالمسلسل يطلّ بعد موسمين قالا الكثير. تُوزّع كاتبته نادين جابر سطورها بين الحقيقة والخيال. تتجرأ في الطرح وتُجدّد المقاربة، باستعمال «حيل» تصطدم أحياناً بالهشاشة. لِمَ تونس والمطاردات السوريالية في شوارعها؟ أهكذا تعود البطلتان إلى بحيرة الدم؟ ماذا عن «القوى الخارقة» و«الحاسة السادسة»، فتكشفان (خصوصاً «سحر») المستور والمعلن، ويقع جميع الرجال في غرامهما!
إنها الدراما ولا مفرّ من توابل تُنكّه الطبخة. هنا، يخرج المسلسل من كونه «واقعياً» ويسبح حيث تتكاثر الحيتان. هذا الموسم، تدخل امرأة على الخط؛ ويكاد عنصر اللعب مع الرجال يعلن خواتيمه لولا رغبة «شفيق» (اللافت كميل سلامة) بالانتقام. هذه المرأة هي «كارما» (أداء متفوق لورد الخال)، فتضرب بيد من حديد وتمسك الزمام، إلى أن يطال شرّها ابنتها فتُذعن للمصير.

ورد الخال تتألق بشخصية «كارما» (لقطة من المسلسل)

لم تعد بوغصن ورحمة تقفان أمام كاميرا فيليب أسمر بكونهما ممثلتين. تستبدلان بكيانهما الشخصيتين وتتوهّجان فيهما. تقدّمانهما على طريقة ذوبان السكر في الماء لبلوغ المحلول الواحد المُحلّى. الثلاثية مع الخال تتألق.
عوامل قوة المسلسل (إنتاج «إيغل فيلمز»، «MTV» و«شاهد») تغلب ثغراته. فالنص مشغول لحبس الأنفاس، وإن مرّت حلقات باردة. الحوارات بعيدة عن السطح. وهناك أشعار تُقال على ألسنة الشخصيات، وأوجاع وحكم حياة. يحدث ذلك أمام عين مخرج ينتشل الجمال من أقصى القهر. كادراته ناطقة واختياره لـ«اللوكيشنات» خلّاق. أمامه، يعطي الممثلون الإحساس الصائب والـ«ريأكشن» المطلوب، فلا تتكاثر الدعسات الناقصة حول الأقدام. فيليب أسمر فنان المسلسل.
خطايا «كارما» المتوارثة عن الأب تصيب العائلة بأسرها. تمتلئ الشخصية بدوافع ارتكاب الشر، من دون مبرر يمنح سلوكها أسباباً تخفيفية. لكنها إنسان، والبشر خَطَأة. فإلى جانب السوء، تستطيع الحب ولفرط كثافته يصبح مَرضياً تجاه الرجل وشبه هوسي تجاه ابنتها بعد موت ابنها ضحية الأثمان المترتّبة على الصفقات.
يحرص مهيار خضور ويامن الحجلي عن الانفعال الموزون. الأول يجيد التردد ومراجعة الحسابات، ثم الخلاص بالحب. والآخر فنان في غضبه وألم الذاكرة، يقلّب صفحات مضيئة عنوانها حب العُمر. خلطُ أوراق يعيدهما إلى المعدن الطيب قبل توحّش الظروف، فيتحالفان على الجَمعة بعد قطيعة.
ذلك العالم الفانتازيّ ظلّ شاهداً على مشاعر صادقة وعطف لا مشروط. «سحر» و«ريم» جدليتان في كل حالاتهما؛ في خصامهما وصُلحهما. وَقْعٌ فريد في الدراما العربية، غير مفهوم إلا لأمهات لم ينجبن ولأوفياء هم عملة نادرة في زمن الغدر. عنوان المسلسل «للموت»، منبعه عاطفة لا يبررها إلا القادرون على العطاء.

ثنائي البطولة من سوريا يامن الحجلي (يمين) ومهيار خضور (لقطة من المسلسل)

المقلب الواقعي يبلغ جماله الإنساني في رندة كعدي بشخصية «حنان». العطف وأمومة العالم في العيون والملامح واللسان والقلب. لم يعد الحي فقيراً وهجرت أحوال ناسه الويلات؛ مع ذلك، تعتصره المعاناة حيث المال يصطدم بمنغّصات الحياة ودورة الزمن على البشر؛ فيؤدي أحمد الزين مشهداً بديعاً لرجل بلا ذاكرة، تآكل بالألزهايمر، وتقدّم كعدي أنبل دروس مواجهة السرطان بإرادة التغلّب عليه، وسط عويل ختام اللحام البارعة وتكاتف الأسرة رغم الامتحانات القاسية.
تُلقي نادين جابر على وسام صباغ بشخصية «محمود» قيمتين إنسانيتين يؤديهما بالدمع: إسقاط النظرة الذكورية حيال المرأة المطلّقة، وإعلاء صوت المواطن الشريف. ومن باب الانتخابات النيابية، يُبيّن المسلسل مدى تجذّر الفساد اللبناني وقدرة أزلامه على سحق الأنقياء.
مرة أخرى، تؤكد الكاتبة حق الأم بحضانة أطفالها وإنْ انحازت القوانين للأب. ورغم مسحة الكآبة الطافحة على وجه دوجا حيجازي، فقد قدّمت آلام الأمهات المنسلخات عن أولادهن بالظلم والقوة. يمرّر المسلسل رسائل نبيلة بصوت صريح حيناً وبرمزية فنية حيناً آخر. لا يكتفي بالتحوّل مسرحاً لغلبة المبالغة وسطوة البطولات؛ بل يتبنّى مواقف ويُذكّر بقضايا تمسّ الصميم، تستوجب التحديث وإعادة النظر.
ينطبق على المسلسل عدُّه مسلسلَ كل شيء، ففيه خليط يخاطب الجميع. يصبح أبطاله بعضاً من الناس، الجدد منهم والقدماء. ريان حركة بشخصية «لميس»، أداء عفوي منساب، اختزالها مؤثر لثمن الزواج المبكر وتطوّر أفكار الإنسان. كارول عبود بدور «سارية» القناع الترفيهي لنفس طمّاعة تجيد إمساك تفاصيلها. فادي أبي سمرا حالة خاصة؛ ومن تونس فاطمة بن سعيدان بشخصية «جاكو» بطعم العسل.
يكتمل الأداء الجماعي مع فايز قزق ومحمد عقيل وعلي منيمنة وسحر فوزي ورانيا عيسى وساشا دحدوح وعلي سكر وروزي الخولي ومنير شليطا وسلطان ديب وأوس وفائي ومارلين نعمان... مع خليل أبو عبيد والطفلة تالين بورجيلي بشخصية «خلود» المُحمّلة عذابات الكبار.