وزير التجارة المصري: الفساد أهم عقبات جذب الاستثمارات الأجنبية

قال إن بلاده لديها خطة إصلاح صعبة

وزير التجارة المصري يتوسط مؤسس مبادرة النزاهة ورئيس جمعية شباب الأعمال («الشرق الأوسط»)
وزير التجارة المصري يتوسط مؤسس مبادرة النزاهة ورئيس جمعية شباب الأعمال («الشرق الأوسط»)
TT

وزير التجارة المصري: الفساد أهم عقبات جذب الاستثمارات الأجنبية

وزير التجارة المصري يتوسط مؤسس مبادرة النزاهة ورئيس جمعية شباب الأعمال («الشرق الأوسط»)
وزير التجارة المصري يتوسط مؤسس مبادرة النزاهة ورئيس جمعية شباب الأعمال («الشرق الأوسط»)

يكاد لا يمر أسبوع الآن في مصر، إلا ويُعلن عن قضية فساد كبرى في إحدى الجهات الحكومية، أو الشركات التابعة للقطاع العام، تكشف عنها هيئة الرقابة الإدارية، التي تلعب دوراً ملحوظاً، منذ شهور فقط، في هذا الإطار.
وتحاول أجهزة الدولة تقليل حجم الفساد في الجهاز الإداري الحكومي الذي قال عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إنه يصل تعداد موظفيه إلى نحو 7 ملايين، في حين أن الدولة تحتاج إلى نحو مليون منهم فقط، وهو الأمر الذي يشتكي منه دائماً القطاع الخاص؛ نظراً للبيروقراطية المتوارثة والروتين الذي يطيل أمد الإجراءات، ولذلك تجذب مبادرة خاصة للنزاهة، أنشأها المجتمع المدني، يوماً بعد يوم كثير من الشركات الخاصة، للتدقيق والالتزام بمعايير الحوكمة، وتقليل حجم الفساد، وبالتالي التكلفة.
ورغم أن وزارة الصناعة والتجارة في مصر، تعتبر أول وزارة تطبق نظام التدقيق والحوكمة في مصر، بحسب وزير التجارة والصناعة طارق قابيل، فإن نتائج حقيقية لم تعلن حتى الآن جراء هذا النظام، بيد أن الوزارة تدعم أي مبادرة خاصة من المجتمع المدني تعنى بالقطاع الخاص، لمحاربة أو تقليل الفساد.
وأكد قابيل، في سياق الكلمة التي ألقاها أمام فعاليات مؤتمر «مبادرة النزاهة» التي نظمتها الجمعية المصرية لشباب الأعمال بالتعاون مع الاتفاق العالمي للأمم المتحدة، على ضرورة تعزيز ونشر مبادئ وممارسات الشفافية والنزاهة، وتضافر جهود القطاعين الخاص والعام لمواجهة التحديات المتعلقة بالفساد، مشيرا إلى أن الفساد يعرقل عمليات التنمية المستدامة، ويقلل من فرص الاستثمار، ويعزز فقدان الثقة في مؤسسات الدولة العامة والخاصة.
ومبادرة النزاهة هي مبادرة عمل جماعي يدفعها مجتمع الأعمال في مصر، وتهدف إلى تعزيز معايير النزاهة في الشركات، والتأثير في طرق القيام بالمعاملات التي يكون مجتمع الأعمال طرفاً فيها، وذلك عن طريق بناء قدرات الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتناول أبرز الصعوبات التي يضعها الفساد أمام الأعمال في مصر. وتقوم الجمعية المصرية لشباب الأعمال بتنفيذ المبادرة، بالاشتراك مع الاتفاق العالمي للأمم المتحدة (UN Global Compact)، وبدعم من مبادرة شركة «سيمنز» للنزاهة.
ومنذ انطلاق المرحلة الأولية من المبادرة في عام 2014 انضم لمبادرة النزاهة عدد من الأعضاء الفاعلين، الذين أسهموا بصورة واضحة في نجاحها. وتتسع حاليا لتشمل عددا أكبر من الشركات الصغيرة والمتوسطة والشركات الكبرى، ومؤسسات القطاع العام والمجتمع المدن، ليتكاتفوا معاً في نشر معايير النزاهة ومواجهة تحديات الفساد في مصر. وانضمت يوم الخميس، مجموعة جديدة من الشركات والمؤسسات إلى المبادرة، وصل عددها إلى سبع عشرة شركة ومؤسسة وقعوا على الالتزام بمعايير النزاهة ودعم المبادرة ونشر أهدافها. وبذلك تخطى عدد الشركات المشتركة في المبادرة نحو 50 شركة.
وقال طارق قابيل وزير التجارة والصناعة، إن مصر لديها «خطة إصلاح صعبة لتقليل عجز الموازنة ومعدلات البطالة مع زيادة الاستثمارات الخارجية... في حين أن الفساد وعدم النزاهة أهم عقبات جذب الاستثمارات الأجنبية».
وفي رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول دعم الحكومة عن طريق حوافز أو ضوابط للشركات للانضمام لمبادرة النزاهة، قال قابيل: «لا توجد حوافز حالياً»، موضحاً أن تلك المبادرة من المجتمع المدني والحكومة تدعمها فقط، لكنه أكد: «لدينا مهمة لعمل هذا داخل الحكومة... لتطبيق الحوكمة داخل الوزارة، والتدقيق الداخلي من خلال الميكنة (التي تعتبر) أفضل الأساليب لمكافحة الفساد».
وأضاف: «الحافز الفعلي لأي شركة للانضمام لهذه المبادرة هو محاربة الفساد، وبالتالي تقليل حجم التكلفة».
من جانبه قال قصي سلامة، المدير التنفيذي لمبادرة النزاهة: «إن الفساد عائق رئيسي للتنمية المستدامة، وعلى مجتمع الأعمال أن يدرك أن له دوراً يلعبه في دعم النزاهة، والعمل على مكافحة الفساد من أجل توفير بيئة أعمال نظيفة وجاذبة للاستثمار».
وفي تعليقه على الانضمام للمبادرة، أوضح هشام الخازندار الشريك المؤسس والعضو المنتدب لشركة القلعة، أن الشركة تتطلع إلى المشاركة في توصيات وأعمال مبادرة النزاهة عبر تبادل الرؤى ووجهات النظر، وتسليط الضوء على التجارب السابقة، والدروس المستفادة منها مع الشركات أعضاء بالمبادرة.
وأكد طارق منصور، رئيس مكتب برايس ووتر هاوس كوبرز، على أن «الالتزام التام والواضح من الإدارة العليا للشركة ضرورة حتمية. الموظفون عادة ما يتبعون خطى القيادة، وبالتالي إذا لم تلتزم الإدارة العليا لشركة ما - التزاما فعليا وواضحا - بالأسس الأخلاقية في المعاملات التجارية فلا يمكننا توقع التزام الموظفين بذلك».
وأفاد حاتم خاطر، مؤسس ونائب رئيس مجلس إدارة مؤسسة تروس مصر للتطوير، بأن «الفساد عدو كبير للتنمية والتطوير، وأن التصدي لمشكلة معقدة مثل مشكلة الفساد يستدعي تكاتف جميع الأطراف المعنية من القطاع الحكومي والقطاع الخاص والمجتمع المدني. والمجتمع المدني له دور كبير يلعبه خاصة في مجالات نشر الوعي وحشد الآراء».
وتتبع مبادرة النزاهة منهجا من ثلاث خطوات: الأولى: وضع معايير لمكافحة الفساد وبرنامج لبناء القدرات خاص بالشركات الصغيرة والمتوسطة.
والثانية: خلق منصة تجمع الشركات الصغيرة والمتوسطة والشركاء الداعمين، سواء من شركات كبرى أو مجتمع مدني أو مؤسسات حكومية. أما الثالثة: فتعتمد على المشاركة في مجهودات العمل الجماعي لرفع الوعي، ودعم مجهودات مكافحة الفساد.



تحسن نشاط القطاع الخاص اللبناني بعد وقف إطلاق النار

رجل يمشي في حي تجاري وسط بيروت (رويترز)
رجل يمشي في حي تجاري وسط بيروت (رويترز)
TT

تحسن نشاط القطاع الخاص اللبناني بعد وقف إطلاق النار

رجل يمشي في حي تجاري وسط بيروت (رويترز)
رجل يمشي في حي تجاري وسط بيروت (رويترز)

سجّل مؤشر مديري المشتريات الرئيسي الصادر عن بنك «لبنان والمهجر» التابع لـ«ستاندرد آند بورز» ارتفاعاً ملحوظاً في ديسمبر (كانون الأول) 2024، مسجلاً 48.8 نقطة، مما يعكس تحسناً واضحاً في الأوضاع الاقتصادية اللبنانية بعد انخفاض مؤشرات الإنتاج، والطلبيات الجديدة، وطلبيات التصدير في الشهر السابق.

كما شهدت الشركات اللبنانية تحسناً كبيراً في مستويات الثقة بمستقبل الأعمال إلى مستويات قياسية بعد وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله».

وأظهرت المؤشرات الفرعية للمؤشر خلال الشهر الأخير من العام ارتفاعاً كبيراً، لا سيما في مؤشر الإنتاج المستقبلي. وقدمت الشركات المشاركة في المسح توقعات كانت الأكثر إيجابية في تاريخ المسح بشأن النشاط التجاري، مشيرةً إلى انتعاش النشاط التجاري خلال الاثني عشر شهراً المقبلة مدعومةً بوقف إطلاق النار.

في الوقت نفسه، أظهر المسح انخفاضاً في معدلات الانكماش في مؤشرات الإنتاج، والطلبيات الجديدة، وطلبيات التصدير الجديدة، مما يعكس تحسناً جزئياً في بعض القطاعات الفرعية في الاقتصاد اللبناني. كما استقر مؤشر التوظيف بشكل عام، ولم تسجل مستويات المخزون أي تغييرات ملحوظة.

وارتفع مؤشر مديري المشتريات للشهر الثاني على التوالي من 48.1 نقطة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 إلى أعلى مستوى في ثمانية أشهر بواقع 48.8 نقطة في ديسمبر 2024. ومثَّلت هذه القراءة تعافياً لقراءة المؤشر من أدنى مستوى له في أربعة وأربعين شهراً في أكتوبر (تشرين الأول) 2024، وأشارت إلى أدنى تدهور في النشاط الاقتصادي لشركات القطاع الخاص اللبناني منذ أبريل (نيسان) 2024.

وأشارت بيانات المسح إلى انخفاض مستوى النشاط التجاري في شركات القطاع الخاص اللبناني، رغم أن معدل الانخفاض تراجع إلى أدنى مستوى له منذ مارس (آذار) 2024. وتماشياً مع ذلك، سجل إجمالي الطلبيات الجديدة الانخفاض الأدنى في تسعة أشهر في الشهر الأخير من السنة. وفي كلتا الحالتين، تعد قراءتا هذين المؤشرين أعلى مما كانت عليه في أكتوبر من العام الماضي، بعد تصاعد الحرب بين «حزب الله» وإسرائيل.

وتراجع معدل الانخفاض في طلبيات التصدير الجديدة بشكل حاد خلال فترة المسح الأخيرة، وكان معدل الانكماش الأدنى في عشرة أشهر. وأشار ذلك إلى انخفاض ملحوظ في معدل انكماش الأعمال الواردة من العملاء الدوليين.

وفي ضوء مؤشرات على تعافي ظروف المبيعات، قلَّصت شركات القطاع الخاص اللبناني من أنشطتها الشرائية بدرجة طفيفة في ديسمبر. وفي الواقع، لم يطرأ أي تغيير على مخزونات مستلزمات الإنتاج، مشيرةً إلى استقرار مستويات المخزون. وأشارت الأدلة المنقولة إلى تحسين بعض الشركات لمخزونها لتلبية الطلب المرتفع.

وشهدت أوضاع التوظيف في لبنان استقراراً خلال فترة المسح الأخيرة نظراً لعدم تسجيل أي تغيير في أعداد موظفي شركات القطاع الخاص اللبناني في ديسمبر. وفي المقابل، حافظت تكاليف الموظفين التي تتحملها الشركات اللبنانية على ثباتها. ورغم ذلك، أشارت البيانات الأخيرة إلى أن الضغوط على التكاليف كانت ناتجة عن ارتفاع أسعار الشراء. وأشار أعضاء اللجنة إلى زيادة أتعاب الموردين. ومع ذلك، كان معدل ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج الأدنى في ثلاثة أشهر.

ورفعت شركات القطاع الخاص اللبناني أسعار سلعها وخدماتها سعياً إلى تمرير أعباء النفقات التشغيلية المرتفعة إلى عملائها. وبما يتماشى مع اتجاه أسعار مستلزمات الإنتاج، تراجع معدل تضخم أسعار مستلزمات الإنتاج إلى أدنى مستوى له في ثلاثة أشهر.

وتعليقاً على نتائج مؤشر مديري المشتريات، قال حلمي مراد، محلل البحوث في بنك «لبنان والمهجر»: «من المثير للاهتمام أن الشركات المشاركة في المسح قدمت توقعات إيجابية بشأن النشاط التجاري خلال الاثني عشر شهراً المقبلة، حيث سجل مؤشر الإنتاج المستقبلي أعلى قراءة بواقع 61.8 نقطة. وربطت الشركات التوقعات الإيجابية باتفاق وقف إطلاق النار بين (حزب الله) وإسرائيل، فيما كانت الآمال أن الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 9 يناير (كانون الثاني) 2025 ستسفر عن اختيار رئيس جمهورية جديد أحد العوامل التي ساهمت في تقديم التوقعات الإيجابية».

وأضاف: «نأمل أن يتبع ذلك تشكيل حكومة جديدة لتنفيذ الإصلاحات الضرورية لجذب مزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية. ومن المشجع أيضاً أن تقرير البنك الدولي الأخير كشف عن أن خسائر النشاط الاقتصادي بسبب الحرب في لبنان، التي بلغت 4.2 مليار دولار، كانت أدنى من الخسائر المتوقعة سابقاً».