98 % من الموصل خارج «احتلال داعش»

تخوض القوات المسلحة العراقية، منذ نحو ثمانية أشهر، معارك ضارية لتحرير مدينة الموصل التي سيطر عليها تنظيم داعش يوم 10 يونيو (حزيران) عام 2014، وبينما تمكنت القوات الأمنية العراقية حتى الآن من تحرير 98 في المائة من مساحة المدينة، يُبدي مسلحو «داعش» المحاصَرِين في بعض أحياء «المدينة القديمة» وسط الموصل مقاومة شرسة ضد القوات المهاجمة التي تسعى إلى حسم المعارك بنهاية رمضان الحالي.
مؤشرات الوضع الميداني للمعارك تشير إلى أن معركة «المدينة القديمة» التي تعد القوات الأمنية لاقتحامها قريباً ستكون معركة صعبة. ويؤكد المسؤولون الأمنيون العراقيون أن المواجهة المقبلة ستكون للسيطرة على الجامع النوري الكبير ومنارته التاريخية التي تقع وسط «المدينة القديمة»، وهو الجامع الذي أعلن منه «داعش»... «خلافته» المزعومة، على مساحات واسعة من أراضي العراق وسوريا. ويقول المسؤولون إن السيطرة على الجامع النوري تعني حسم عملية تحرير الموصل وانتهاء التنظيم المتطرف ميدانياً، لكن فكره المتطرف سيظل وفق آرائهم موجوداً، ويحتاج إلى أكثر من عملية عسكرية لاقتلاعه من الجذور.
لم يعد أمام القوات المسلحة العراقية سوى «المدينة القديمة» وسط الجانب الأيمن من مدينة الموصل، ثاني حواضر العراق وكبرى مدن شماله، لحسم عملية تحرير المدينة من «احتلال» داعش التي انطلقت في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. إلا أنه ما زال هناك أكثر من 100 ألف مدني محاصرين في المنطقة الخاضعة لاحتلال التنظيم. كذلك بلغت أعداد القتلى المدنيين منذ إطلاق عمليات التحرير وحتى الآن أكثر من 6000 شخص، قتل غالبيتهم مسلحو التنظيم بينما راح البقية منهم ضحية تبادل القصف والمعارك الدائرة في مدينتهم.
بعد استعادة القوات العراقية - المتمثلة بالشرطة الاتحادية والجيش العراقي وقوات جهاز مكافحة الإرهاب - السيطرة على غالبية مساحة الموصل، فإنها الآن تندفع باتجاه «المدينة القديمة» المحاصرة من ثلاث جهات هي الجنوبية والغربية والشمالية، بينما تسعى الشرطة الاتحادية التي تخوض معارك شرسة ضد مسلحي «داعش» في حيي باب سنجار والشفاء، إلى الوصول إلى الضفة الغربية لنهر دجلة لإحكام الحصار على «المدينة القديمة» من كل الجهات، والشروع باقتحامها لحسم المعركة.
مع هذا، يقر القادة الأمنيون بأن التقدم الميداني بطيء جدا، لعدة أسباب أبرزها عجز القوات العراقية عن استخدام ناقلات الجنود والمدّرعات والدبابات والأسلحة الثقيلة في العمليات. فالمعارك الدائرة فيما تبقى من أحياء الموصل مواجهات من منزل إلى منزل وزقاق إلى زقاق، تستخدم فيه الأسلحة الخفيفة والقنابل اليدوية والحراب في بعض الأحيان. ذلك أن بيوت الأحياء القديمة من الموصل متلاصقة وأزقتها ضيقة، فضلاً عن أحياء «المدينة القديمة» تتسم بكثافة سكانية عالية، وحسب إحصائيات الجهات الأمنية ما زال هناك أكثر من 100 ألف مدني محاصرين بين نيران داعش والقوات الأمنية، وسط ظروف إنسانية صعبة، وتتمثل في الجوع وانعدام الدواء ومياه الشرب وحليب الأطفال.
التنظيم المتطرّف يمنع المدنيين من الخروج من مناطق سيطرته مستخدماً إياهم دروعاً بشرية، ويحتجز كل عشر عوائل أو أكثر في منزل واحد يغلق عليهم الأبواب، كما يقتل يوميّاً العشرات من الذين يحاولون الخروج. العشرات من جثث المدنيين الذين قتلهم «داعش» تنتشر في شوارع حيي الشفاء وباب سنجار، بينما تفوح رائحة الجثث المتفسخة من كل مكان، ورغم فتح القوات العراقية عدة ممرّات آمنة لخروج المدنيين فإن قناصة «داعش» لا يتوانون عن قنص المدنيين الهاربين من المعارك والجوع.
* 500 داعشي يقاتلون
مسؤول إعلام قوات الشرطة الاتحادية العقيد عبد الرحمن الخزعلي أبلغ «الشرق الأوسط» خلال لقاء معه أن «المعارك تسير وفق الخطة المرسومة، حيث تتقدم وحدات من الشرطة الاتحادية في حي الشفاء بشمال المدينة القديمة بهدف السيطرة على ضفة نهر دجلة وإحكام الخناق على الجماعات الإرهابية في محيط الجامع النوري»، مشيراً إلى أن القوة الصاروخية التابعة للشرطة الاتحادية تواصل استهداف مقرات التنظيم ودفاعاته في جنوب «المدينة القديمة». وفي هذا السياق تشير معلومات القوات الأمنية العراقية إلى وجود أكثر من 500 مسلح من التنظيم «المدينة القديمة»، غالبيتهم من الانغماسيين (مسلحون يرتدون أحزمة ناسفة ينفذون هجمات على القوات المهاجمة ويشتبكون بشكل مباشر معها، ومن ثم يفجّرون أنفسهم)، إلا أن العقيد الخزعلي يحجم عن تحديد عدد مسلحي التنظيم، مفضّلاً القول: «نتوقع وجود بضعة مئات من الإرهابيين غالبيتهم العرب (غير العراقيين) والأجانب».
ويضيف أن «داعش» يعتمد في دفاعه على أسلحة القنص والمركبات المفخخة وتلغيم المباني ومفترقات الطرق والتحصن في المناطق المزدحمة بالمباني وفي الأزقة الضيقة.
هنا المدنيون المحاصرون داخل «المدينة القديمة» في الموصل يمثّلون العائق الأكبر أمام تقدّم القوات العراقية بسرعة، وحول هذا يشرح الخزعلي جهود القوات الأمنية في تحرير المحاصرين بالقول: «فتحنا أربعة ممرات رئيسية لخروج المدنيين من المدينة القديمة باتجاهاتها الأربع، ونحاول فتح ممرات أخرى. قوتنا تنقل المواطنين الهاربين من (داعش) ومن الحرب، الذين يصلون إلى خطوطنا الأمامية، بمركباتها العسكرية إلى الخطوط الخلفية، ومنها إلى مخيمات حمام العليل حيث ينهون التدقيق الأمني، ومن ثَم ينقلون إلى مخيمات جنوب الموصل وشرقها».
* مخاوف ما بعد التحرير
من ناحية ثانية، رغم سيطرة القوات العراقية على غالبية الأحياء والمناطق في جانبي الموصل الأيسر والأيمن، فإن أبناء المدينة ما زالوا يخشون من تدهور الأوضاع الأمنية مجدداً بعد التحرير. وهي مخاوف يرد عليها مسؤول إعلام الشرطة الاتحادية مطمئناً: «لقد كثفنا وجدنا الاستخباري في المناطق المحرّرة لمراقبة الخلايا النائمة المتوقعة للإرهابيين». ومع اقتراب المعركة من الحسم، تشتد ضراواتها يوم بعد يوم، وتطغى الطائرات المُسيّرة (الدرون) على الأسلحة الأخرى من حيث الاستخدام، فالقوات الأمنية باتت تستخدمها بكثافة لاستهداف قادة «داعش» ومسلحيه وقناصيه في الأحياء المكتظة بالسكان.
ومع أن المئات من المدنيين يخرجون يومياً عبر الممرّات الأمنية وغيرها من الطرق باتجاه الأحياء المحرّرة، فإن العشرات منهم فقط يصلون، إذ إن غالبيتهم أما يقعون في كمائن التنظيم المتطرف الذي يعدمهم فوراً، أو يقتلهم قنّاصته أو تنفجر بهم العبوات الناسفة التي فخّخ بها التنظيم الطرق والشوارع.
حول هذه الناحية يقول رضوان يونس، المواطن الموصلي الذي تمكن مع عائلته المكوّنة من تسعة أفراد من الخروج من «المدينة القديمة» لكنه أصيب مع اثنين من أطفاله بجروح نتيجة انفجار عبوة ناسفة بعائلة كانت تتقدمهم في السير: «خرجنا من منزلنا الثالثة فجراً بعدما علمنا أن مسلحي (داعش) غير موجودين في الشوارع. انتهزنا الفرصة... ولكن قبل الوصول إلى القوات الأمنية انفجرت بإحدى العوائل القريبة منا عبوة ناسفة، فقتل أفرادها جميعاً وأصبت أنا بشظية في قدمي كما أصيب اثنان من أطفالي بالشظايا أحدهما في رأسه والآخر في صدره... المهم أننا خرجنا من المناطق المحاصرة».
وروى رضوان بعد ذلك كيف كان التنظيم يُعدم كل من يعتقله أثناء محاولة الهروب «قتلوا قبل خروجنا من الحي بنحو عشرة أيام 40 رجلاً وشاباً بعدما ضبطوهم وهم يحاولون الهروب... أطلق مسلحو التنظيم على كل واحد منهم رصاصة في الرأس، وقالوا لنا نحن سكان الحي: (انظروا هذا جزاء كل من يخون (الدولة الإسلامية)».
ومن جهة ثانية، يوضح عبد الكريم العبيدي، المهندس العسكري في الجيش العراقي السابق وهو من مدينة الموصل٬ أن التقدم البطيء للقوات الأمنية في المعركة قد يؤدي إلى أن تستغرق عملية تحرير شهرين آخرين، ويردف لـ«الشرق الأوسط» في حوار معه: «نحن حذّرنا من البداية بأنه ستكون هناك كارثة بيئية وبشرية، وفعلا وقعت هذه الكارثة... لقد تجاوز عدد قتلى المدنيين منذ بدية انطلاق معركة الموصل في أكتوبر الماضي وحتى الآن 6000 شخص».
* تحذير من انهيار
ولا يخفي العبيدي مخاوفه من تدهور جديد للأوضاع في الموصل في مرحلة ما بعد التحرير، قائلاً: «نخشى من انهيار أمني قادم وعودة (داعش) باسم آخر وتحت قيادة جديدة... كما حدث من قبل مع (القاعدة) والمجاميع المسلحة الأخرى. هذا الانهيار قد يحدث في حال اكتمال التحرير وانسحاب القطعات العسكرية، وتسليم الملف الأمني للشرطة المحلية و(الحشود)، لأن هذه الحشود قوات غير مدرّبة، وغير قادرة على الإمساك بالأرض».
ويسلط العبيدي الضوء على أهم الأسباب التي يرى أنها ستُسهِم في الانهيار الأمني الجديد «مسلحو (داعش) اختلطوا بين المدنيين بهويّات مزورة، فالتنظيم كان يمتلك مطابع لكل شيء... مطابع هويات وجوازات سفر لجنسيات والكثير من المستمسكات، ونفذ عن طريق هذه المطابع عمليات تغيير الأسماء والوثائق لمسلحيه. واليوم كثيرون من مسلحيه طلقاء ومنتشرون في المناطق المحررة». ويلفت إلى أن كثرة من الناس يعرفونهم لكنهم يخشون من الذهاب إلى المحكمة للإبلاغ عنهم لأنهم يخافون انتقام المسلحين، ويضيف موضحاً: «السبب يكمن في انعدام ثقة المواطن الموصلي بالقضاة وبقسم من القطعات العسكرية و(الحشود الشعبية)، وفي الوقت ذاته يتمتع مسلحو (داعش) بالقدرة على دفع الرشى، والخروج من أي مشكلة يقعون فيها».
ويكشف العبيدي، الذي عمل لسنوات عدة ضابطاً سابقاً في الجيش، عن أسباب فقدان الثقة بين الموصلي والمؤسسات الأمنية والقضائية، فيقول: «كانت ستكون هناك ثقة لو كان أهل الموصل مساهمين في عملية التحرير بشكل يتناسب مع حجم المدينة، وكانت هناك مشاركة للمواطنين في مناصب الدولة العسكرية والمدنية، ولم تكن هناك قوانين كالمساءلة والعدالة واجتثاث البعث و(المادة 4 إرهاب)... لكن هذا لم يتحقق فتسبب بفقدان الثقة بين مختلف مكوّنات الشعب العراقي».
* البيشمركة و«الحشد»
وتزامناً مع معارك تحرير مركز الموصل، يشتد القتال بين ميليشيات «الحشد الشعبي» الشيعية ومسلحي «داعش» في القرى والبلدات التي تقع غرب الموصل والواقعة على الحدود العراقية السورية، إذ استطاع «الحشد الشعبي» بدعم من الحرس الثوري الإيراني من السيطرة على قضاءي الحضر والبعّاج، وبلدات القيروان والعدنانية والقحطانية، وكذلك السيطرة على الحدود بين العراق وسوريا... وفتح الطريق البرّي الرابط بين دمشق وطهران عبر الأراضي العراقية لنقل الجنود والأسلحة من إيران إلى الأراضي السورية دعماً لجيش نظام بشار الأسد. وفي المقابل، باتت مدينة سنجار وتوابعها على موعد مع حرب جديدة بين ميليشيا البيشمركة الكردية وميليشيات «الحشد» الشيعية التي بدأت خلال الشهرين الماضيين التوغل في القرى التابعة لقضاء سنجار، وشنّ قادتها هجمات إعلامية، وهدّدوا بأن الهدف من وجوهم في هذه المناطق هو قتال البيشمركة.
بدوره ندد مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان العراق، خلال استقباله الجنرال جوزيف فوتيل، قائد القيادة الوسطى للقوات الأميركية في مدينة أربيل يوم 6 يونيو الحالي بتحركات «الحشد الشعبي» غرب الموصل، وحذر ‏من مغبة أن تكون تلك التحركات التي ‏لوحظت في الفترة الأخيرة في غربي الموصل وجنوب سنجار، «محاولات لتنفيذ أجندات أخرى عدا الحرب ضد الإرهاب». وبيّن بارزاني أن من شأن هذا الأمر أن يؤدي إلى ظهور مشكلات كثيرة ستكون سبباً ‏في ضياع كل المكتسبات والانتصارات التي تحققت في الحرب ضد الإرهاب. وشدد بارزاني على «‏اختراق حدود كردستان وفرض إرادات أخرى على سكان هذه المناطق من قبل أي قوة كانت أمراً مرفوضاً لا يمكن القبول به». واعتبر أن التزام كل الأطراف بالاتفاقية الثلاثية بين الإقليم والولايات المتحدة الأميركية والحكومة العراقية كان شرطاً أساسياً لتنفيذ عمليات تحرير الموصل، ثم كشف عن أن «الاتفاقية كانت تنص على تشكيل قوة مشتركة بين قوات البيشمركة والجيش العراقي لتطهير جنوب سنجار وغرب تلعفر من الإرهابيين»، لافتاً إلى أن «الحشد الشعبي» استغل انشغال الجيش العراقي بمعركة الموصل، والتزام البيشمركة بالاتفاقية، وبدأ تحركاته بمفرده في هذه المناطق من دون أي تنسيق مع أي طرف كان، وهذا ما أدى إلى خلق هذه الظروف المعقدة.
واختتم بارزاني قائلاً: «ما تشهده هذه المنطقة حالياً يؤكد على أن القلق والتخوف الذي أبداه إقليم كردستان حول عدم وجود اتفاق سياسي وإداري مسبق كان في محله».
بدوره، قال كفاح محمود، المستشار الإعلامي في مكتب رئيس الإقليم، لـ«الشرق الأوسط» عندما التقيناه: «قبل انطلاق عمليات تحرير الموصل، كان إقليم كردستان يؤكد دائماً على ضرورة وضع خطط عسكرية وسياسية وإدارية لمرحلة ما بعد (داعش) في الموصل، بسبب توقعاته المؤشرة لحدوث مشكلات جديدة. لكن مع الأسف الامتناع عن وضع هذه الخطط قد يقود المنطقة إلى نوع آخر من الصراعات، وهذا ما يخشاه الجميع. فبالتأكيد، سنفقد ما حققناه من مكاسب على مستوى العراق في محاربة الإرهاب»، مشيراً إلى أن هناك مؤشراً غير مريح من انتشار «الحشد الشعبي»، الذي يقع خارج الاتفاق والتنسيق.
* أقليات وبنى تحتية
على صعيد آخر، مَن يتجول اليوم في محيط مدينة الموصل، خصوصا مناطق سهل نينوى وسنجار (وهي موطن عدد من الأقليات الدينية في الشرق الأوسط)، وأيضاً في الجانب الأيمن للمدينة قد يظن نفسه وسط مدينة منكوبة. مدينة كتلك المدن التي دُمرت بالكامل خلال الحرب العالمية الثانية. الأبنية مدمرة وفي كان مكان حفر عميقة أحدثها انفجار العبوات الناسفة والقصف الجوي والمدفعي وقذائف الهواوين، وملايين الأطنان من الأنقاض تنتشر بين هذا الحي وذاك.
هنا البنى التحتية مدمرة بالكامل، وسط انعدام في الخدمات الرئيسة كالماء والكهرباء والخدمات البلدية. وهذا الوضع، حسب الجهات الحكومية المسؤولة، يحتاج إلى ملايين الدولارات لكي تُعمر وتعود كما كانت. وتشير إحصائيات دقيقة إلى أن عدد المباني والمنازل التي دُمرت حتى الآن جراء الحرب في الجانب الأيمن يبلغ أكثر من 150 ألف منزل ومبنى، بينما تؤكد المنظمات الغير الحكومية المحلية العاملة في هذه المناطق أنه لا وجود لأي خطط من جانب الحكومة العراقية حتى الآن للنهوض بالمدينة وإعادة إعمارها.
ومن جانبهم، يؤكد الناشطون المدنيّون من أبناء الموصل أن مدينتهم لا تحتاج إلى إعادة بناء فحسب، بل هناك حاجة ماسّة إلى «إعادة بناء الفرد» الموصلي الذي تعرّض على مدى السنوات الثلاث الماضية من احتلال «داعش» للمدينة إلى شتى أنواع العنف الجسدي والفكري، كما نفّذ التنظيم المتطرف عمليات غسل الأدمغة على مئات الآلاف من الأطفال والشباب الذين - وفق ما يقال - ما لم يُعالَجوا من الناحية النفسية سيكونون جيشاً متطرفاً في المدينة خلال السنوات المقبلة.
في غضون ذلك، يؤكد عبد الكريم الكيلاني، مسؤول إعلام مجلس محافظة نينوى، لـ«الشرق الأوسط» أن مجلس محافظة نينوى وضع خطة لإعادة إعمار المدينة بعد انتهاء الحرب، ويوضح: «أقرّ مجلس محافظة نينوى الخطة الخمسية التي وضعت لإعادة الإعمار في نينوى، إضافة إلى إقرارها لتقرير عملية التقصّي حول التصدّي لفكر (داعش)، وهاتان الخطتان تشتملان على ما يجب التركيز عليه في عملية إعادة الاستقرار وإعادة الإعمار».
ويشير الكيلاني إلى أن رئاسة مجلس محافظة نينوى عملت منذ الساعات الأولى بعد احتلال «داعش» للموصل على دعم وتأسيس فريق «مجلس السلام في نينوى»، وهي لجنة شبابية لتوثيق جرائم «داعش»، إضافة إلى تأسيس «شبكة صانعات السلام» وكثير من الفعاليات المتعلّقة بهذا الخصوص.
ويجزم الكيلاني بالقول: «المعوّقات التي تعرقل عمل الدوائر الخدمية في المناطق المحرّرة هي عدم صرف مستحقات نينوى من الميزانية الاتحادية للسنوات 2014/ 2015/ 2016، أما 2017 فلم تُصرف منها سوى ما يقارب 7 في المائة»، مبيناً أن ‎بخل الوزارات في صرف الميزانية التشغيلية للدوائر الخدمية، يؤثّر سلباً على إعادة الخدمات في نينوى، خصوصاً أن نسبة الدمار في نينوى يبلغ حتى الآن نحو 60 في المائة».
وهكذا، بعد ثلاث سنوات من سيطرة «داعش» على المدينة، ها هي الموصل اليوم مدينة منكوبة من كل الجوانب، وباتت على موعد مع نوع جديد من الصراعات السياسية والعسكرية بين الأطراف المتنازعة على المدينة في ظل انعدام التوافق السياسي بين هذه الأطراف.