حريق لندن يزيد من أزمة تيريزا ماي السياسية

عدد الضحايا يرتفع إلى 30... والشرطة تتوقع ارتفاع الحصيلة

محتجون من سكان البرج داخل مبنى مجلس بلدية كنزينغتون (أ.ب)
محتجون من سكان البرج داخل مبنى مجلس بلدية كنزينغتون (أ.ب)
TT

حريق لندن يزيد من أزمة تيريزا ماي السياسية

محتجون من سكان البرج داخل مبنى مجلس بلدية كنزينغتون (أ.ب)
محتجون من سكان البرج داخل مبنى مجلس بلدية كنزينغتون (أ.ب)

واجهت رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي انتقادات متزايدة، أمس (الجمعة)، لأنها لم تقابل الناجين من حريق هائل التهم برجاً سكنياً في لندن، بينما تسعى حثيثاً لعقد اتفاق حتى تبقى في السلطة بعد مقامرة انتخابية خاسرة. وقال وزير الدفاع الأسبق مايكل بورتيلو لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي): «أرادت أن تكون في مكان تحت السيطرة تماماً حتى لا تواجه فيه غضب الناس»، وأضاف: «كان عليها أن تكون هناك مع السكان. يجب أن تكون مستعدة لتلقي مشاعر الناس، لا أن تكون خائفة من مواجهتهم».
واعتبر بورتيلو أن فرصها في البقاء في السلطة تتقلص يوماً بعد يوم، مضيفاً أنه يعتقد أنها ستغادر رئاسة الوزراء قبل موعد مؤتمر الحزب السنوي في الخريف. لكن وعلى العكس من زعيم المعارضة جيريمي كوربين، ورئيس بلدية لندن صادق خان، لم تلتق ماي يوم الخميس الناجين، مما أثار انتقادات من السكان المحليين والإعلام، وحتى من حزب المحافظين الذي تتزعمه.
وصعدت الصحف البريطانية، وبينها تلك التي دعمت ماي في انتخابات الثامن من يونيو (حزيران)، من انتقاداتها للحكومة. وتكافح ماي، بعد فشلها في الفوز بأغلبية تخولها بالحكم بمفردها في الانتخابات المبكرة التي نظمت الأسبوع الماضي، للتفاوض مع الحزب الديمقراطي الوحدوي الذي يضم سياسيين من آيرلندا الشمالية لدعم حكومتها. وبعد الانتقادات التي وجهت إليها، التقت ماي الناجين أمس، في زيارة خاصة إلى أحد مستشفيات لندن، حسبما قال مقر الرئاسة، مضيفاً أنها قضت نحو ساعة مع المرضى والطاقم الطبي.
وفي الأمس، اجتاح عشرات المتظاهرين الغاضبين من الحريق، الذي أوقع 30 قتيلاً على الأقل، مقر المجلس البلدي في الحي في جو متوتر. وقال مراسلو الصحافة الفرنسية إن الناس احتشدوا في قاعة المجلس البلدي في حي كينسنغتون وتشيلسي، وتجمعوا على الدرج الذي يؤدي إلى الطابق الأول في مواجهة الحراس المدنيين، وتم تبادل بعض اللكمات في جو مشحون. وصرخ بعض المحتجين الذين حملوا لافتات كتب عليها «العدالة لغرينفل»: «نريد العدالة» و«عار عليكم» و«قتلة». وتجمع المئات كذلك أمام مبنى المجلس البلدي وهم يحملون ملصقات وصور أفراد عائلات مفقودين.
والتقت الملكة إليزابيث الثانية والأمير ويليام، نجل ولي العهد، الناجين والمتطوعين والسكان المحليين والأخصائيين الاجتماعيين في مركز لياقة في كينسنغتون يوفر مكان إيواء طارئ لهؤلاء الذين تضرروا جراء الحريق.
وتتوقع شرطة لندن أن يرتفع عدد القتلى، لكنها أشارت إلى أن فحص البرج المحترق، وتحديد هوية الضحايا، قد يستغرق شهوراً. ومن المتوقع أن ينظم السكان المحليون مسيرة احتجاجية في كينسنغتون، حيث يعيش المستفيدون من الإسكان الاجتماعي جنباً إلى جنب مع أصحاب المليارات في أحد أغنى أحياء أوروبا. وقد تأكدت وفاة 30 شخصاً جراء الحريق، حسبما قالت الشرطة أمس.
وقال قائد شرطة العاصمة ستيوارت كوندي إنه لا يزال هناك كثير من السكان مفقودين، والحصيلة مرشحة للزيادة، وأضاف: «من الصعب جداً إيجاد الكلمات للإعراب عن مدى شعور العائلات المتضررة، وإنها مهمتنا العمل بلا كلل للإجابة عن تساؤلاتهم واستفساراتهم»، وتابع: «الأولوية لكل الضالعين في العملية الحالية في برج غرينفل هو انتشال كل الضحايا والتعرف عليهم»، ولا يزال سبب الحريق مجهولاً، ولكن الشرطة قالت إنه لا يوجد ما يشير إلى أن الحريق نشب عن عمد.
وقال كوندي إنه لا يزال هناك 24 شخصاً في المستشفى، من بينهم 12 حالتهم حرجة. وقالت مسؤولة بمدينة لندن إن جميع سكان برج غرينفل سينتقلون إلى مساكن جديدة مطلع الأسبوع المقبل. ولكن اقتراحاً بأن بعض المتضررين سيتعين عليهم الانتقال إلى مناطق بعيدة من لندن للعثور على مسكن مؤقت، قوبل برد غاضب من السكان المحليين. واقترح زعيم المعارضة جيريمي كوربين أن يسكن السكان المتضررون في كينسنغتون المجاورة؛ منطقة أكثر ثراء، ولا يجري إشغال المنازل الفاخرة بها على مدار العام.



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.