بارزاني: الاستفتاء يُجرى لاستقلال كردستان

أنقرة تنتظر زيارته لها قريباً لبحث الملف

استشاريون عسكريون تابعون لقوات التحالف الدولي في مركز للتدريب بأربيل عاصمة إقليم كردستان العراق (أ.ف.ب)
استشاريون عسكريون تابعون لقوات التحالف الدولي في مركز للتدريب بأربيل عاصمة إقليم كردستان العراق (أ.ف.ب)
TT

بارزاني: الاستفتاء يُجرى لاستقلال كردستان

استشاريون عسكريون تابعون لقوات التحالف الدولي في مركز للتدريب بأربيل عاصمة إقليم كردستان العراق (أ.ف.ب)
استشاريون عسكريون تابعون لقوات التحالف الدولي في مركز للتدريب بأربيل عاصمة إقليم كردستان العراق (أ.ف.ب)

أكد رئيس إقليم كردستان، مسعود بارزاني، في مقابلة مع مجلة «فورين بوليسي» الأميركية، أنه أخبر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، بأن مسألة إجراء الاستفتاء «هي حق شرعي لشعب إقليم كردستان، ونريد التفاوض حول هذه المسألة معكم وبكل سلام بعد إعلان نتائج الاستفتاء»، مؤكداً أن «إجراء الاستفتاء هو لإعلان الاستقلال، وسوف يشارك المواطنون للتعبير عن رأيهم في مسألة الاستقلال، وهم سيقررون ما يريدونه».
وحول اختلاف الآراء السياسية في إقليم كردستان حول إجراء الاستفتاء، قال بارزاني: «إن مسألة الاستفتاء أمر يتعلق بكل بمصير شعب إقليم كردستان، ولذلك فإن مسألة الاستفتاء أكبر من الأحزاب ومن الخلافات السياسية نفسها، والأكثرية في إقليم كردستان هم مع إجراء الاستفتاء». وتابع: «لقد حاولنا في السابق أن نجري عملية الاستفتاء، إلا أن الوقت لم يكن مناسباً بعد، وإذا قمنا الآن بتأجيل هذه العملية، فلن يكون ذلك في مصلحة الشعب الكردستاني، وستكون له نتائجه السلبية التي ستؤثر على مصير الشعب، ولذلك، الآن هو الوقت المناسب لإجراء الاستفتاء».
أما بالنسبة لاختيار هذا التوقيت بالذات لإجراء الاستفتاء مع وجود المشكلات الداخلية في إقليم كردستان، فقال بارزاني: «لا نستطيع أن ننتظر حل جميع المشكلات في إقليم كردستان، فهذا الأمر لن يحدث، وقد نفذت كثير من الدول هذه الخطوة، على الرغم من وجود مشكلات داخلية فيها، لذلك لا يمكن أن نؤجل الأمر بسبب هذه المشكلات، فمسألة الاستفتاء أكبر بكثير من هذه المشكلات»، مضيفاً: «سيتم حل هذه المشكلات بعد إجراء الاستفتاء لإعلان استقلال إقليم كردستان».
إلى ذلك، جددت أنقرة رفضها الاستفتاء المزمع إجراؤه في سبتمبر (أيلول) المقبل حول استقلال كردستان العراق، معتبرة أنه خطوة تصعيدية، وقالت إنها ستبحث الأمر مع رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني. وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن أنقرة ستستضيف قريباً رئيس كردستان العراق مسعود بارزاني لبحث موضوع الاستفتاء، الذي وصفه بأنه يشكل خطوة تصعيدية.
وأضاف جاويش أوغلو خلال مؤتمر صحافي الليلة قبل الماضية عقب مباحثات مع نظيره الكوبي برونو رودريغز باريلا إن رفع ما سماه بـ«علم الانفصال» في كركوك غير لائق، والاستفتاء خطوة تصعيدية، لافتاً إلى أن حكومته اتصلت ببارزاني، وأبلغته موقفها، وهي في انتظار زيارته المرتقبة إلى تركيا وإلى أن يصل بارزاني فإن أنقرة ستستمر في إبداء وجهة نظرها إزاء ما سماه بـ«الانفصال» والاستفتاء.
وتابع أن العراق يواجه مشكلات كثيرة، فهو يكافح تنظيم داعش الإرهابي، إضافة إلى مشكلات أخرى، ومن غير المناسب استغلال هذا الوضع لتنظيم استفتاء على الانفصال، معتبراً أن سعي إقليم كردستان لرفع أعلامه فوق المؤسسات الحكومية في مدينة كركوك ليس صائباً. ولفت إلى أن جميع الدول تعارض تنظيم هذا الاستفتاء.
وشدد جاويش أوغلو على دعم أنقرة القوي لوحدة وسلامة أراضي العراق وسوريا قائلا إن تركيا لن تسمح بتشكيل «كانتون إرهابي في سوريا»، في إشارة إلى سيطرة الأكراد على بعض المناطق في شمال سوريا قرب الحدود التركية.
في السياق نفسه، وبحسب ما قالت مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط» أجرى رئيس البرلمان العراقي سالم الجبوري مباحثات حول آخر التطورات في العراق وموضوع الاستفتاء على استقلال كردستان، والتعاون في التصدي لنشاط حزب العمال الكردستاني، إضافة إلى الأزمة القطرية مع كبار المسؤولين الأتراك. وكان الجبوري التقى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في أنقرة، أول من أمس، ثم أجرى مباحثات مع رئيس البرلمان التركي إسماعيل كهرمان أكدا بعدها تطابق الموقفين التركي والعراقي بشأن الحفاظ على وحدة العراق.
وشدد كهرمان على ضرورة بقاء العراق موحداً، متهماً جهات (لم يسمِّها) بالسعي إلى زعزعة استقرار المنطقة، وأشار إلى أنه لا توجد مشكلة ليس لها حل، مؤكداً أهمية حسن النية في المفاوضات خلال حل أي مشكلة.
ولفت الجبوري من جانبه إلى أن المنطقة تمر بمرحلة حساسة قائلاً إن لديهم الرغبة في إزالة التباين في المواقف وإرساء السلام والاستقرار في المنطقة. كما أعرب الجبوري عن قلقه حيال الأزمة الخليجية التي ظهرت للواجهة أخيراً، وظهور مشكلات بين الأشقاء، وأشار إلى أهمية بذل جميع الجهود من أجل إزالة الخلافات في المنطقة. وأشار إلى أن العراق اقترب من إعلان النصر على الإرهابيين، مؤكداً أهمية وحدة الشعب العراقي بجميع مكوناته بعد الانتصار على الإرهاب.
وشدد الجبوري على أن العراق يواجه الإرهابيين كافة بمن فيهم تنظيما «داعش»، و«العمال الكردستاني»، على حد قوله، كما يعارض كل من يقتل المدنيين. وأكد رغبة العراق في بذل الجهد من أجل تعزيز العلاقات مع تركيا، وحل المشكلات العالقة معها عبر الحوار والاحترام المتبادل وبما يخدم مصالح البلدين، معبراً عن تقديره لما قامت به تركيا لاستقبال وإيواء اللاجئين العراقيين.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم