روحاني يلجأ للشعب ضد الضغوط ونواب يعدون لمساءلته في البرلمان

مستشار الرئيس الإيراني: المواجهة بين من يملك حرية إطلاق النار ومن يتسلح بالقانون

روحاني خلال إدارة اجتماع اللجنة العليا للثورة الثقافية أول من أمس في طهران (مهر)
روحاني خلال إدارة اجتماع اللجنة العليا للثورة الثقافية أول من أمس في طهران (مهر)
TT

روحاني يلجأ للشعب ضد الضغوط ونواب يعدون لمساءلته في البرلمان

روحاني خلال إدارة اجتماع اللجنة العليا للثورة الثقافية أول من أمس في طهران (مهر)
روحاني خلال إدارة اجتماع اللجنة العليا للثورة الثقافية أول من أمس في طهران (مهر)

بعد يومين من تطرُّق المرشد الإيراني علي خامنئي إلى عزل الرئيس الإيراني الأسبق أبو الحسن بني صدر إثر «انقسام الشعب إلى قطبين موافق ومعارض»، بحضور الرئيس الحالي حسن روحاني، كسر الأخير أمس صمته، وقال عبر حسابه في «إنستغرام» إن «الانتصارات تحققت نتيجة حضور الشعب الذي اتخذ القرارات الصائبة في المنعطفات التاريخية المهمة، ودل مسؤولي النظام على طريق إصلاح الأمور»، وذلك في وقت كشفت مصادر برلمانية عن توقيع 88 نائباً في البرلمان على مشروع لمساءلة روحاني بداية الشهر المقبل حول أداء البنك المركزي وسياسة إدارته في إدارة البنوك والإشراف على المؤسسات المالية.
واعتبر نائب رئيس البرلمان الإيراني علي مطهري أن «حرية إطلاق النار لا تتحدد بجهة واحدة دون سواها» وأن «الشعب يملك حرية إطلاق النار رداً على اعتقالات من غير أحكام قضائية، ورداً على الحصار وملاحقة الصحافيين والطلاب»، فيما قال المستشار السياسي لروحاني إن المواجهة بين «مَن يملكون حرية إطلاق النار ومن يتسلح بالقانون».
وقال روحاني إن «البلاد في الأوضاع الحالية بحاجة إلى أعلى مستوى من التماسك الاجتماعي للتقدم بالأمور»، مضيفاً أن «في حال عدم فقدان التماسك وعدم تعاون المؤسسات والمنابر المختلفة لا يمكن أن نتوقع زيادة ثقة الشعب بالسلطة».
وجاء رد تعليق روحاني بعد أقل من 48 ساعة على تحذير وجه خامنئي للمسؤولين الإيرانيين حول انقسام البلد إلى قطبين بسبب مواقف المسؤولين وتهديد وجهه لروحاني بعدما أشار إلى مصير الرئيس الأسبق أبو الحسن بني صدر وعزله من منصبه.
وفي هذا الصدد، قال المساعد السياسي في مكتب الرئيس الإيراني حميد أبو طالبي عبر حسابه في «تويتر» إنه «مرة أخرى هناك مساعٍ لانقسام البلد إلى مدافعي المصالح الثورية القومية والمعارضين، مدافعي إثارة انقسام في 1980 ومعارضيها، من يملكون حرية إطلاق النار ومن يتسلحون بالقانون».
ولفت أبو طالبي إلى «تعميق الانقسامات الوطنية عبر إثارة قطبية خاطئة والترهيب الاجتماعي»، مشدداً على أنه «يجب أن نتجنب ما يثير الأزمات التي لا تخدم مصلحة البلد».
وأثارت انتقادات وجهها خامنئي للسياسة الخارجية والاقتصاد استغراب المراقبين للشأن الإيراني وجاءت تصريحاته في وقت لم يتوقف أثر عبارة «حرية إطلاق النار» التي أطلقها الأربعاء الماضي، بعد ساعات قليلة من هجومَي طهران الأسبوع الماضي.
وبعد الانتخابات الرئاسية التي جرت في 19 من مايو (أيار) الماضي انتقد خامنئي «سوء الأخلاق في الانتخابات»، كما أطلق تحذيرات تحت عنوان ضرورة تقديم الأولويات وتلبية المطالب الشعبية، وإنهاء المناوشات الكلامية بين المسؤولين بعدما بلغت مستويات غير معهودة.
وكان خامنئي منح الضوء الأخضر لمن يوصفون بـ«ضباط الحرب الناعمة»، باتخاذ القرار عندما «تصاب الأجهزة المركزية بالخلل»، واستدل خامنئي بمثال تعطل غرفة العمليات في الحرب. وقال إن الجنود لديهم «حرية إطلاق النار عندما تصاب غرفة العلميات بالخلل».
ولم تتوقف ردود الفعل على عبارة خامنئي، وفي أحدث موقف، قال نائب رئيس البرلمان الإيراني علي مطهري أمس إن «حرية إطلاق النار» لا تُختَصَر على جهة واحدة في البلاد، وضمن تأكيده على ما قال خامنئي فإنه أوضح أن خيار «حرية إطلاق النار» لا ينحصر بتلك الجهات التي قصدها خامنئي في تصريحاته.
وفي توضيح العبارة قال مطهري إن «الشعب والطلاب يملكون حرية إطلاق النار عندما تتجاهل الجهات المسؤولة العفاف الإسلامي في الجامعات، ويؤدي إلى انفلات. من واجب الطلبة التدخل كذلك إذا تشوهت حرية التعبير ولم يسمحوا لمنتقدي السلطة بالتعبير عن رأيهم، ويُفرض على الأشخاص الإقامة الجبرية من دون أحكام قضائية (إشارة إلى موسوي وكروبي) أو يُعتقل ناشطون في (تيليغرام)، أو اعتقال طلاب وصحافيين باتهامات بلا أساس وبدوافع سياسية أو منعهم من مواصلة الدراسة»، وفقاً لموقع «خانه ملت» المنبر الإعلامي للبرلمان الإيراني.
في غضون ذلك، أعلن ممثل مدينة زنجان في البرلمان علي وقف تشي عن توقيع 88 من نواب البرلمان على مذكرة مساءلة روحاني حول أداء البنوك وإشراف البنك المركزي على المؤسسات المالية. ورجح البرلماني الإيراني ارتفاع عدد النواب المطالبين بمساءلة روحاني.
ويعد الإعلان عن مساءلة روحاني بعد أقل من يومين على تلويح خامنئي بعزل الرئيس الإيراني، مؤشراً على ارتفاع حدة الضغوط على إدارته في البرلمان. ويميل محللون إلى أن خامنئي «الغاضب من نتيجة الانتخابات، يريد كبح جماح روحاني الذي يعول على 24 مليونَ صوت للعمل بوعوده الانتخابية، بما فيها رفع الإقامة الجبرية عن الزعيمين الإصلاحيين مير حسين موسوي ومهدي كروبي».
ونقلت وكالة «تسنيم» عن وقف تشي قوله إن النواب يتطلعون إلى تقديم صيغة السؤال لهيئة رئاسة البرلمان في الثاني من يوليو (تموز) المقبل، بعد جمع التواقيع.
وبحسب البرلماني الإيراني فإن مشكلات المستثمرين في مؤسسات مالية مثل «كاسبين» و«ثامن الحجج» خلال السنوات الأخيرة ستكون في صلب مساءلة روحاني.
يشار إلى أن مؤسسة «كاسبين» المالية آخر مؤسسة إيرانية أعلنت إفلاسها العام الماضي، وينظم المستثمرون في المؤسسة أسبوعيّاً عدداً من الوقفات الاحتجاجية أمام مقر البرلمان والبنك المركزي ومؤسسات الحكومية في المحافظات للمطالبة بتعويضات مالية، كما تعرض عدد من مكاتب المؤسسة إلى هجوم المستثمرين الغاضبين بسبب خسارة أموالهم.
في السياق ذاته، قال النائب محمد جواد ابطحي إن نواباً يريدون مساءلة الرئيس عن «أداء الحكومة والبنك المركزي في التعامل مع الأوضاع غير المستقرة للمؤسسات المالية مثل (كاسبين) و(فرشتكان)»، مشيراً إلى أسباب أخرى، من ضمنها «الاحتجاجات وعدم رضا المستثمرين وعدم الرد على مطالبهم من قبل المسؤولين حول استثماراتهم»، حسبما نقلت عنه وكالة «فارس».
لكن عضو قائمة الأمل الإصلاحية زهرا ساعي وصفت مشروع المساءلة بـ«سلوك التيار الانحرافي»، وفق ما أوردته عنها وكالة الأنباء الرسمية «إيرنا». ونشرت صحيفة «شرق» الإيرانية في عددها الصادر، أمس، مقتطفات من رسالة النواب إلى حسن روحاني يحذرون فيها من تبعات التأخير في قضية المؤسسات المالية وتحولها إلى «أزمة وطنية».
من جهة أخرى، قال المستشار الأعلى للمرشد الإيراني في الشؤون العسكرية رحيم صفوي إن بلاده «ستهاجم كل القواعد الأميركية في المنطقة إذا ما شنت واشنطن حربا ضدها».
ولمح صفوي في تصريحات، أمس، إلى احتمال تعرض إيران لضربة عسكرية أميركية ودخول أراضيها بهدف إسقاط النظام السياسي، مشدداً على أن «الغاية النهائية من الحروب تحميل إرادة سياسية على دولة وشعب في الدول الأخرى».
وفي إشارة إلى ما قاله المرشد الإيراني علي خامنئي قبل أسبوع حول إعادة إنتاج وتنشيط ذاكرة الإيرانيين حول أحداث شهدتها إيران في الثمانينات، بما فيها حرب الخليج الأولى، وما تلاها من ردّ الرئيس الإيراني حسن روحاني حول قبول الخميني وقف الحرب حفاظاً على المصالح القومية، دعا صفوي إلى إطلاق برامج في الجامعات العسكرية لاطلاع الطلاب على تاريخ الحرب.



إجراءات أمنية مشدَّدة استعداداً لجنازة وزير أفغاني قُتل في تفجير انتحاري

صورة أرشيفية مؤرخة 3 أغسطس 2024 تُظهر خليل الرحمن حقاني وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» المؤقتة وهو يتحدث مع الصحافيين في كابل (إ.ب.أ)
صورة أرشيفية مؤرخة 3 أغسطس 2024 تُظهر خليل الرحمن حقاني وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» المؤقتة وهو يتحدث مع الصحافيين في كابل (إ.ب.أ)
TT

إجراءات أمنية مشدَّدة استعداداً لجنازة وزير أفغاني قُتل في تفجير انتحاري

صورة أرشيفية مؤرخة 3 أغسطس 2024 تُظهر خليل الرحمن حقاني وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» المؤقتة وهو يتحدث مع الصحافيين في كابل (إ.ب.أ)
صورة أرشيفية مؤرخة 3 أغسطس 2024 تُظهر خليل الرحمن حقاني وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» المؤقتة وهو يتحدث مع الصحافيين في كابل (إ.ب.أ)

فرضت أفغانستان إجراءات أمنية مشددة، الخميس، قبل جنازة وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» خليل حقاني الذي قُتل في تفجير انتحاري أعلنت مسؤوليته جماعة تابعة لتنظيم «داعش».

وزير شؤون اللاجئين والعودة بالوكالة في حركة «طالبان» الأفغانية خليل الرحمن حقاني يحمل مسبحة أثناء جلوسه بالمنطقة المتضررة من الزلزال في ولاية باكتيكا بأفغانستان 23 يونيو 2022 (رويترز)

ويعدّ حقاني أبرز ضحية تُقتل في هجوم في البلاد منذ استولت «طالبان» على السلطة قبل ثلاث سنوات.

ولقي حتفه الأربعاء، في انفجار عند وزارة شؤون اللاجئين في العاصمة كابل إلى جانب ضحايا آخرين عدة. ولم يعلن المسؤولون عن أحدث حصيلة للقتلى والمصابين.

وخليل حقاني هو عم القائم بأعمال وزير الداخلية الأفغاني، سراج الدين حقاني، الذي يقود فصيلاً قوياً داخل «طالبان». وأعلنت الولايات المتحدة عن مكافأة لمن يقدم معلومات تقود إلى القبض عليهما.

إجراءات أمنية في كابل قبل تشييع جثمان خليل الرحمن حقاني (إ.ب.أ)

ووفق بيان نقلته وكالة أنباء «أعماق»، قالت الجماعة التابعة لـ«داعش» إن أحد مقاتليها نفَّذ التفجير الانتحاري. وانتظر المقاتل حتى غادر حقاني مكتبه ثم فجَّر العبوة الناسفة، بحسب البيان.

وتقام جنازة الوزير عصر الخميس، في مقاطعة جاردا سيراي بإقليم باكتيا بشرق البلاد، وهو مركز عائلة حقاني.

يقف أفراد أمن «طالبان» في حراسة عند نقطة تفتيش في كابل 12 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

وكانت بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان بين من أدانوا الهجوم على الوزارة.

وقالت عبر منصة «إكس»: «لا يوجد مكان للإرهاب في المسعى الرامي إلى تحقيق الاستقرار». وأورد حساب الوزارة على منصة «إكس» أن ورشاً تدريبية كانت تُعقد في الأيام الأخيرة في الموقع.

وكلّ يوم، تقصد أعداد كبيرة من النازحين مقرّ الوزارة لطلب المساعدة أو الدفع بملفّ إعادة توطين، في بلد يضمّ أكثر من 3 ملايين نازح جراء الحرب.

شقيق مؤسس «شبكة حقاني»

وخليل الرحمن الذي كان يحمل سلاحاً أوتوماتيكياً في كلّ إطلالاته هو شقيق جلال الدين، مؤسس «شبكة حقاني» التي تنسب إليها أعنف الهجمات التي شهدتها أفغانستان خلال عقدين من حكم حركة «طالبان» الذي أنهاه الغزو الأميركي للبلاد في عام 2001.

يقف أفراد أمن «طالبان» في استنفار وحراسة عند نقطة تفتيش في كابل 12 ديسمبر 2024 بعد مقتل خليل الرحمن حقاني القائم بأعمال وزير اللاجئين (إ.ب.أ)

وهو أيضاً عمّ وزير الداخلية الحالي سراج الدين حقاني.

ورصدت الولايات المتحدة مكافأة مالية تصل إلى خمسة ملايين دولار في مقابل الإدلاء بمعلومات عن خليل الرحمن، واصفة إياه بأنه «قائد بارز في (شبكة حقاني)» التي صنّفتها واشنطن «منظمة إرهابية».

وفي فبراير (شباط) 2011، صنَّفته وزارة الخزانة الأميركية «إرهابياً عالمياً».

وكان خليل الرحمن خاضعاً لعقوبات من الولايات المتحدة والأمم المتحدة التي قدّرت أن يكون في الثامنة والخمسين من العمر.

ويبدو أن «شبكة حقاني» منخرطة في نزاع على النفوذ داخل حكومة «طالبان». ويدور النزاع، بحسب تقارير صحافية، بين معسكر يطالب بالتطبيق الصارم للشريعة على نهج القائد الأعلى لـ«طالبان» المقيم في قندهار، وآخر أكثر براغماتية في كابل.

ومنذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم إثر الانسحاب الأميركي في صيف 2021، تراجعت حدة أعمال العنف في أفغانستان. إلا أن الفرع المحلي لتنظيم (داعش - ولاية خراسان) لا يزال ينشط في البلاد وأعلن مسؤوليته عن سلسلة هجمات استهدفت مدنيين وأجانب ومسؤولين في «طالبان».

وسُمع في أكثر من مرّة دويّ انفجارات في كابل أبلغت عنها مصادر محلية، غير أن مسؤولي «طالبان» نادراً ما يؤكدون حوادث من هذا القبيل.

إجراءات أمنية في كابل قبل تشييع جثمان خليل الرحمن حقاني القائم بأعمال وزير اللاجئين في حكومة «طالبان» (إ.ب.أ)

وفي أواخر أكتوبر (تشرين الأول)، قُتل طفل وأصيب نحو عشرة أشخاص في هجوم استهدف سوقاً في وسط المدينة.

وفي سبتمبر (أيلول)، تبنّى تنظيم «داعش» هجوماً انتحارياً أسفر عن مقتل ستة أشخاص وجرح 13 في مقرّ النيابة العامة في كابل. وأكّدت المجموعة أن هدفها كان «الثأر للمسلمين القابعين في سجون (طالبان)»، علماً أن الحركة غالباً ما تعلن عن توقيف أعضاء من التنظيم أو قتلهم، مشددة في الوقت عينه على أنها تصدّت للتنظيم في البلد.