الحكومة اللبنانية أقرت القانون النسبي وتمديد ولاية البرلمان 11 شهراً

عون والحريري وصفا ما حصل بـ«الإنجاز الكبير والتاريخي»

عون خلال اجتماع للحكومة ويبدو رئيسها سعد الحريري ووزير التعليم مروان حمادة (دالاتي ونهرا)
عون خلال اجتماع للحكومة ويبدو رئيسها سعد الحريري ووزير التعليم مروان حمادة (دالاتي ونهرا)
TT

الحكومة اللبنانية أقرت القانون النسبي وتمديد ولاية البرلمان 11 شهراً

عون خلال اجتماع للحكومة ويبدو رئيسها سعد الحريري ووزير التعليم مروان حمادة (دالاتي ونهرا)
عون خلال اجتماع للحكومة ويبدو رئيسها سعد الحريري ووزير التعليم مروان حمادة (دالاتي ونهرا)

أقرت الحكومة اللبنانية، أمس، بالإجماع قانون الانتخاب الجديد الذي يعتمد النسبية الكاملة وتقسيم لبنان إلى 15 دائرة، وأحالته إلى المجلس النيابي الذي سيناقشه ويصوت عليه في جلسة حددها رئيسه نبيه بري يوم الجمعة المقبل، أي قبل 3 أيام من انتهاء ولاية البرلمان الحالي. وكما كان متوقعاً، أعلن رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري أنّه سيتم تمديد ولاية المجلس النيابي الحالي 11 شهراً لإتمام الاستعدادات اللازمة، وخاصة بما يتعلق بـ«مكننة الاستحقاق». وبهذا يكون البرلمان اللبناني المنتخب في عام 2009 يتجه يوم الجمعة للتمديد لنفسه مرة ثالثة، هذه المرة بحجة تقنية.
وأجمع رئيسا الجمهورية العماد ميشال عون، والحكومة سعد الحريري على أن ما تحقق «إنجاز تاريخي وكبير». واعتبر عون أن القانون الانتخابي الجديد «هو لكل من همّشتهم القوانين الانتخابية السابقة»، وقال إنه «إنجاز كبير جدا، باعتبار أن لبنان منذ ما قبل الاستقلال كان يعتمد النظام الأكثري الذي لم يكن يحقق عدالة التمثيل». وأضاف: «قد لا يكون ممكنا تحقيق عدالة التمثيل في المطلق، ولكن الصيغة التي تم التوصل إليها هي خطوة إلى الأمام».
من جهته، وصف الحريري القانون الجديد بـ«الإنجاز التاريخي»، معتبرا أنّه «أول مرة يجلس اللبنانيون سوية ويتفقون على قانون». وأشار الحريري إلى أن 3 وزراء هم وزير المهجرين طلال أرسلان، ووزير الأشغال يوسف فنيانوس، ووزير الدولة علي قانصو، سجلوا اعتراضهم على تقسيم الدوائر، وقال: «لسوء الحظ لم نستطع تمرير موضوع الكوتا النسائية، كما أننا كنا نشجع على انتخاب الشباب في عمر 18 عاما لكن لم نصل إلى توافق حول هذا الموضوع. أما المغتربين فسينتخبون في الدورة القادمة (2022) وسيكونون ممثلين» في الندوة البرلمانية.
وأضاف: «إننا نعمل على التخفيف من المذهبية والطائفية، وهو ما يثبت أن هذا البلد يمكن أن يكون غير طائفي، فهناك من بقي 3 سنوات في مجلس الوزراء لكنه عجز عن إقرار قانون انتخاب»، وأشار الحريري إلى أن «الانتخابات ستحصل على أساس البطاقة الممغنطة منعاً للتزوير، وبهدف التطوير، ومن أجل تفادي ما كان يحصل في السابق». ورد الحريري على قول رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط بأن «القانون معقد كأصحابه»، قائلا: «هو من أصحابه». وكان جنبلاط علّق على الصيغة الأخيرة لقانون الانتخاب قائلاً: «نتيجة اختلال التوازن خرجنا بقانون آية في الغموض نهايته ستكون عاطلة مع تفسيرات متناقضة وليس فيه إنجاز إلا الاسم فقط»، وأضاف: «لكن المهم التعامل مع الأمر الواقع بعد صدور القانون والاستعداد للانتخابات. إنها مرحلة جديدة وجميعنا ساهم فيها». ونقل عدد من النواب عن رئيس المجلس نبيه بري بعد «لقاء الأربعاء» قوله عن قانون الانتخابات إنه «كان أفضل المستطاع لأنه ينقل البلد إلى ما هو جديد، ويعطي الأمل للبنانيين لتأسيس وبناء مرحلة جديدة نأمل أن تكون لخير ومصلحة اللبنانيين جميعا». واعتبر بري «أنه كان من الممكن أن يكون القانون أفضل، ولكن النتيجة جاءت بعد توافق الجميع على هذه الصيغة». وقال: «إن المرحلة التي تفصلنا عن الانتخابات يجب أن نستثمرها بورشة تشريعية، وتكون فرصة لإعادة بناء مؤسسات الدولة وتنشيطها في كل المجالات».
بدوره، حثّ رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع على الانطلاق للتحضير للانتخابات النيابية المقبلة، ولا سيما بعد الاتفاق على القانون الجديد، معتبرا أن «كل صوت مهم وسيكون مؤثراً في عملية الاقتراع». ودعا المواطنين إلى «تجميع قواهم لأنهم يملكون القدرة على التغيير الذي يطمحون إليه». كما أشار إلى أن «صورة التحالفات غير واضحة حالياً ولم تُبت بشكل نهائي». أما النائب جورج عدوان الذي كان الوسيط الأساسي في التسوية التي تم التوصل إليها في قانون الانتخاب، فاعتبر أنّها «من المرات القليلة التي يمكن القول فيها إن هناك قانون انتخاب صُنع في لبنان»، لافتا إلى أن «الرابح الأكبر هو لبنان والاستقرار والوضع الاقتصادي». وأكد عدوان أن «القانون الجديد يراعي صحة التمثيل، ويسمح لكل فريق لديه 10 في المائة من أصوات المقترعين أن يكون ممثلا».
ورأى رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي أن «من إيجابيات مشروع القانون الجديد للانتخابات النيابية، الذي انطلق من المشروع الذي أقرته حكومتنا وأرسلته إلى مجلس النواب عام 2012، أنه سينتج تنوعا سياسيا من شأنه إعطاء قيمة مضافة للعمل السياسي في لبنان»، وأمل أن «ينبثق من الانتخابات التي ستجري وفق القانون الجديد فريق عمل متجانس نتمكن من التعامل معه»، فيما نبّه النائب بطرس حرب من أن «ما تم التوافق عليه باعتماد البطاقة الممغنطة للانتخابات دون أن ينتقل الناخب إلى قلم الاقتراع الذي يرد فيه اسمه، فيه الكثير من المخاطرة، بما قد يؤدي إلى التلاعب المقصود بنتائج الانتخابات، أو إلى حصول أخطاء في العملية الانتخابية، وهو ما قد يعطل النتائج». وأضاف: «هذا ما ثبت في دول متقدمة اعتمدت البطاقة الممغنطة ورجعت عنها، وسيكون لي مداخلة في مجلس النواب لتبيان مخاطر اعتماد هذا النظام في بلد حديث في عالم الانتخاب الإلكتروني، ولا تجربة له في انتخابات سابقة فيما يخص هذه الناحية». كما رأى حرب أن «منع رؤساء البلديات من الترشح إلا بعد الاستقالة بسنتين هو عملية منع نهائي وفعلي من الترشيح والقصد من ذلك سياسي»، وطالب بخفض المهلة حتى ستة أشهر إفساحا لرؤساء البلديات في الترشح للانتخابات.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.