رمضان... شهر الزواج في مالي

عادة جاء بها المهاجرون وكرستها أسباب دينية ومناخية

حفلة عرس في تمبكتو (غيتي)
حفلة عرس في تمبكتو (غيتي)
TT

رمضان... شهر الزواج في مالي

حفلة عرس في تمبكتو (غيتي)
حفلة عرس في تمبكتو (غيتي)

يحتل شهر رمضان الكريم مكانة كبيرة في نفوس سكان مالي، البالغ تعدادهم 18 مليون نسمة. أكثر من 90 في المائة منهم مسلمون؛ ولكن شهر الصيام لدى أكثر من مليار مسلم في أنحاء العالم، تحوّل خلال السنوات الأخيرة في دولة مالي إلى «شهر الزواج».
في الأيام الأولى من شهر رمضان الكريم، تكثر حفلات الزواج في العاصمة باماكو، حتى إنّ الماليين أصبحوا يقولون تعليقا على ذلك: «إنه زمن الزواج»، فيتزامن الاحتفاء بالشهر الكريم مع إقبال الماليين على حفلات الزواج التي تحتل مكانة كبيرة في نفوسهم، على غرار المجتمعات الأفريقية كافة، فالاحتفال بالزواج شأن عظيم في ثقافتهم وتقاليدهم العريقة. على الرغم من أنّ تأجيل مواعيد الزواج حتى تتزامن مع شهر رمضان الكريم لم تظهر في مالي إلّا قبل سنوات قليلة، فإنّها بدأت تنتشر بشكل تدريجي، حتى أصبحت اليوم «عادة اجتماعية» مترسخة في أذهان الكثير من أسر قبائل «البمبارة» التي تشكل أغلبية سكان البلاد وتقطن في العاصمة باماكو، وجنوب البلاد بصفة عامة.
وإن كان سكان العاصمة باماكو يربطون ما بين حفلات الزواج وعطلة نهاية الأسبوع (يوم السبت والأحد)، فقد أصبحوا يربطون هذه الحفلات بالأسبوع الأول من شهر رمضان الكريم، حتى أن قاعات الحفلات تزدحم بشكل لافت ليلة عطلة نهاية أول أسبوع من شهر رمضان الكريم.
ولكن عند البحث في أصل رغبة الماليين في تأجيل مناسبات الزواج أو تعجيلها لتتزامن مع أيام شهر الصيام، هل هي عادة اجتماعية أم نزعة دينية، لا يمكن الوقوف على سبب مباشر ولا يوجد أصل محدد لهذه الظاهرة، فيما يؤكد كثير من الماليين أنّهم يفضلون الزواج في شهر رمضان الكريم، خصوصا إذا تزامن مع أشهر الصيف والعطل السنوية، من دون أن يقدموا أي تفسير لذلك.
وفي هذا السياق يقول أحد أئمة مساجد العاصمة باماكو، معلقاً على هذه الظاهرة، إنّه «لا غرابة في الزواج بالتزامن مع شهر رمضان»، على الرغم من أنّه «ليست هنالك فترة محددة للزواج في الدين الإسلامي، وإنّما يحثّ الإسلام على الزواج متى كان الوقت مناسباً لذلك، وجميع فترات العام مناسبة».
ويضيف الإمام: «البعض هنا في مالي يفضل الزواج في شهر رمضان لأنّه شهر مبارك ومقدس، على الرغم من أنّ الإسلام لا يفرض ذلك، ولا ذكر له في القرآن الكريم ولا في السنة المطهرة»، مشيراً إلى أنّ ما يحثّ عليه الإسلام هو فقط زواج ناجح يجد فيه الرجل والمرأة شروط الزواج مكتملة وفق الشريعة الإسلامية ويعيشان بسلام وسعادة.
وبناء على حديث هذا الإمام، فإن إقبال الماليين على الزواج في شهر رمضان هو «عادة اجتماعية»، ولكن هذه العادة لا تخلو من «صبغة دينية»، إذ يعتقد الكثير من الماليين أنّ شهر رمضان هو الوقت المناسب لاستجابة الدعاء وبالتالي الزواج فيه يكون أكثر قابلية للنجاح.
آخرون يعتقدون أنّ تفضيل المجتمع المالي للزواج في شهر رمضان لا علاقة له بالأجواء الروحانية التي تطغى على المجتمع خلال هذا الشهر، وإنّما للاستفادة من روتين الحياة في هذا الشهر التي تتركز في الليل، خاصة عندما يتزامن الشهر الكريم مع ارتفاع درجات الحرارة في مدينة باماكو المحاصرة بين الصخور، وتقارب فيها درجات الحرارة خلال النهار الـ50 درجة مئوية.
وعلى الرغم من التفسيرات المتأرجحة ما بين الدين والمناخ، يميل بعض الماليين إلى نكتة خفيفة تقول إن الشباب في مالي يرغبون في الزواج خلال شهر رمضان الكريم فراراً من المطبخ والالتزامات المنزلية التي تكثر بشكل لا يطاق خلال الشهر الكريم، ويقول أصحاب هذا التفسير إن الفتيات يتحررن من قيود المطبخ إذا تزوجنَ في الأيام الأولى من شهر رمضان، وينتهي الشهر قبل أن يكملنَ شهر العسل.
ولكن في المقابل يشير آخرون إلى أنّ سبب هذه الظاهرة أقرب من كل ذلك، ويشير هؤلاء إلى أنّ عشرات آلاف الماليين المقيمين في أوروبا والولايات المتحدة، ويشكلون طبقة متوسطة الثراء في مالي، هؤلاء يفضلون قضاء إجازات سنوية مع أسرهم في مالي، وأن تكون هذه الإجازات بالتزامن مع شهر رمضان الكريم.
وأغلب هؤلاء المغتربين «الأثرياء» يقيمون حفلات زواجهم خلال إجازاتهم، لتتحول هذه الضرورة التي جاءت مع المغتربين، إلى عادة اجتماعية بسبب التقليد وحب التشبه بالقادمين من أرض الأحلام الأوروبية.



الشماغ السعودي في ذروة مواسم بيعه

بائع يستعرض عشرات الأنواع من الشماغ الذي يبلغ أعلى مواسمه البيعية في آخر رمضان (الشرق الأوسط)
بائع يستعرض عشرات الأنواع من الشماغ الذي يبلغ أعلى مواسمه البيعية في آخر رمضان (الشرق الأوسط)
TT

الشماغ السعودي في ذروة مواسم بيعه

بائع يستعرض عشرات الأنواع من الشماغ الذي يبلغ أعلى مواسمه البيعية في آخر رمضان (الشرق الأوسط)
بائع يستعرض عشرات الأنواع من الشماغ الذي يبلغ أعلى مواسمه البيعية في آخر رمضان (الشرق الأوسط)

أفصح مختصون في نشاط صناعة واستيراد الشماغ السعودي عن بلوغ هذا الزي التقليدي الرسمي أعلى مواسم البيع السنوية، مسجلاً مبيعات تُقدَّر بنحو 900 مليون ريال سنوياً، كاشفين عن توجهات المستهلكين الذين يبرز غالبيتهم من جيل الشباب، وميلهم إلى التصاميم الحديثة والعالمية، التي بدأت في اختراق هذا اللباس التقليدي، عبر دخول عدد من العلامات التجارية العالمية على خط السباق للاستحواذ على النصيب الأكبر من حصة السوق، وكذلك ما تواجهه السوق من تحديات جيوسياسية ومحلية.
ومعلوم أن الشماغ عبارة عن قطعة قماش مربعة ذات لونين (الأحمر والأبيض)، تُطوى عادة على شكل مثلث، وتُلبس عن طريق وضعها على الرأس، وهي لباس تقليدي للرجال في منطقة الخليج العربي وبعض المناطق العربية في العراق والأردن وسوريا واليمن، حيث يُعد جزءاً من ثقافة اللبس الرجالي، ويلازم ملابسه؛ سواء في العمل أو المناسبات الاجتماعية وغيرها، ويضفي عليه أناقة ويجعله مميزاً عن غيره.
وقال لـ«الشرق الأوسط»، الرئيس التنفيذي لـ«شركة الامتياز المحدودة»، فهد بن عبد العزيز العجلان، إن حجم سوق الأشمغة والغتر بجميع أنواعها، يتراوح ما بين 700 و900 مليون ريال سنوياً، كما تتراوح كمية المبيعات ما بين 9 و11 مليون شماغ وغترة، مضيفاً أن نسبة المبيعات في المواسم والأعياد، خصوصاً موسم عيد الفطر، تمثل ما يقارب 50 في المائة من حجم المبيعات السنوية، وتكون خلالها النسبة العظمى من المبيعات لأصناف الأشمغة المتوسطة والرخيصة.
وأشار العجلان إلى أن الطلب على الملابس الجاهزة بصفة عامة، ومن ضمنها الأشمغة والغتر، قد تأثر بالتطورات العالمية خلال السنوات الماضية، ابتداءً من جائحة «كورونا»، ومروراً بالتوترات العالمية في أوروبا وغيرها، وانتهاء بالتضخم العالمي وزيادة أسعار الفائدة، إلا أنه في منطقة الخليج العربي والمملكة العربية السعودية، فإن العام الحالي (2023) سيكون عام الخروج من عنق الزجاجة، وسيشهد نمواً جيداً مقارنة بالأعوام السابقة لا يقل عن 20 في المائة.
وحول توجهات السوق والمستهلكين، بيَّن العجلان أن غالبية المستهلكين للشماغ والغترة هم من جيل الشباب المولود بين عامي 1997 و2012، ويميلون إلى اختيار التصاميم والموديلات القريبة من أشكال التصاميم العالمية، كما أن لديهم معرفة قوية بأسماء المصممين العالميين والماركات العالمية، لافتاً إلى أن دخول الماركات العالمية، مثل «بييركاردان» و«إس تي ديبون» و«شروني 1881» وغيرها إلى سوق الأشمغة والغتر، ساهم بشكل فعال وواضح في رفع الجودة وضبط المواصفات.
وأضاف العجلان أن سوق الملابس كغيرها من الأسواق الاستهلاكية تواجه نوعين من المشكلات؛ تتمثل في مشكلات جيوسياسية ناتجة عن جائحة «كورونا» والحرب الروسية الأوكرانية، ما تسبب في تأخر شحن البضائع وارتفاع تكاليف الشحن وارتفاع الأسعار بسبب التضخم وارتفاع أسعار الفائدة، بينما تتمثل المشكلات المحلية في انتشار التقليد للعلامات العالمية والإعلانات المضللة أحياناً عبر وسائل الاتصال الاجتماعي.
من جهته، أوضح ناصر الحميد (مدير محل بيع أشمغة في الرياض) أن الطلب يتزايد على الأشمغة في العشر الأخيرة من شهر رمضان من كل عام، ويبدأ الطلب في الارتفاع منذ بداية الشهر، ويبلغ ذروته في آخر ليلتين قبل عيد الفطر، مضيفاً أن الشركات تطرح التصاميم الجديدة في شهر شعبان، وتبدأ في توزيعها على منافذ البيع والمتاجر خلال تلك الفترة.
وأشار الحميد إلى أن سوق الأشمغة شهدت، في السنوات العشر الأخيرة، تنوعاً في التصاميم والموديلات والماركات المعروضة في السوق، وتنافساً كبيراً بين الشركات المنتجة في الجودة والسعر، وفي الحملات التسويقية، وفي إطلاق تصاميم وتطريزات جديدة، من أجل كسب اهتمام المستهلكين وذائقتهم، والاستحواذ على النصيب الأكبر من مبيعات السوق، واستغلال الإقبال الكبير على سوق الأشمغة في فترة العيد. وبين الحميد أن أكثر من نصف مبيعات المتجر من الأشمغة تكون خلال هذه الفترة، مضيفاً أن أسعارها تتراوح ما بين 50 و300 ريال، وتختلف بحسب جودة المنتج، والشركة المصنعة، وتاريخ الموديل، لافتاً إلى أن الشماغ عنصر رئيسي في الأزياء الرجالية الخليجية، ويتراوح متوسط استهلاك الفرد ما بين 3 و5 أشمغة في العام.