مصر تستهدف 7 مليارات جنيه بزيادة رسوم خدمات

مصنع جديد للسيارات الصينية في القاهرة

خفض دعم المواد البترولية بين خطوات الحكومة المصرية لإنعاش الاقتصاد
خفض دعم المواد البترولية بين خطوات الحكومة المصرية لإنعاش الاقتصاد
TT

مصر تستهدف 7 مليارات جنيه بزيادة رسوم خدمات

خفض دعم المواد البترولية بين خطوات الحكومة المصرية لإنعاش الاقتصاد
خفض دعم المواد البترولية بين خطوات الحكومة المصرية لإنعاش الاقتصاد

قال وكيل لجنة الخطة والموازنة في مجلس النواب المصري ياسر عمر أمس الثلاثاء، إن مصر تتوقع تحصيل سبعة مليارات جنيه (385.7 مليون دولار) من زيادة أسعار بعض الخدمات خلال السنة المالية 2017 - 2018.
يأتي ذلك بعدما أقرت لجنة الخطة والموازنة الليلة الماضية تعديلات على قانون رسم تنمية الموارد المالية للدولة.
تتطلب التعديلات الجديدة موافقة الجلسة العامة في مجلس النواب ثم إقرارها من رئيس الجمهورية ونشرها في الجريدة الرسمية لبدء العمل بها.
وأضاف عمر في اتصال هاتفي مع «رويترز» أن اللجنة وافقت على تعديل أسعار 27 خدمة منها تراخيص السيارات وجوازات السفر وتراخيص السلاح وخدمات المحمول وإقامة الأجانب.
وقالت: «اللجنة ألغت وخفضت عددا من الرسوم التي كانت مقترحة من الحكومة وخفضت الحصيلة من ثمانية إلى سبعة مليارات جنيه... سيتم فرض رسم 50 جنيها عند شراء خط محمول جديد وعشرة جنيهات على فواتير المحمول الشهرية».
وتنفذ الحكومة المصرية برنامج إصلاح اقتصادي منذ العام الماضي شمل فرض ضريبة القيمة المضافة وتحرير سعر الصرف وخفض الدعم الموجه للكهرباء والمواد البترولية سعيا لإنعاش الاقتصاد وإعادته إلى مسار النمو وخفض واردات السلع غير الأساسية.
ويتضمن البرنامج قانونا جديدا للاستثمار وإصلاحات في قانون ضريبة الدخل وإقرار قانون للإفلاس. لكن الخطوات أدت أيضا إلى موجة غلاء وارتفاع حاد في معدلات التضخم مما حدا بالبنك المركزي إلى رفع أسعار الفائدة في خطوة مفاجئة الشهر الماضي.
وقال مسؤول في الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية (إيجاس) أمس إن مصر ستخفض وارداتها من شحنات الغاز المسال 30 في المائة بداية من سبتمبر (أيلول).
وأوضح في اتصال هاتفي لـ«رويترز» طالبا عدم نشر اسمه «نعتزم استيراد عشر شحنات شهريا من الغاز المسال خلال يونيو (حزيران) ويوليو (تموز) على أن ينخفض العدد إلى 7 شحنات شهريا في سبتمبر ثم إلى خمس شحنات مع بدء الإنتاج من حقل ظُهر».
اكتشفت إيني الحقل ظُهر في 2015 وهو أكبر حقل غاز في البحر المتوسط وتقدر احتياطاته بنحو 850 مليار متر مكعب.
واستكملت الشركة الإيطالية عملية نيل الموافقة على تطويره في فبراير (شباط) ومن المقرر بدء إنتاج الغاز منه بنهاية هذا العام.
وتجري مصر محادثات مع موردي الغاز المسال لتأجيل شحنات متعاقد عليها للعام الحالي وتهدف لخفض مشتريات 2018 في ظل ارتفاع إنتاج الغاز المحلي من الاكتشافات الجديدة مما قلص الطلب على الغاز المستورد الأعلى تكلفة.
كان مصدر مصري بالقطاع قال في مايو (أيار) إن إيجاس قلصت خطط مشتريات الغاز المسال لعام 2018 من 70 شحنة إلى 30 شحنة.
وفي وقت سابق من الشهر الحالي قال وزير البترول طارق الملا في تصريحات صحافية إن مصر تستهدف خفض وارداتها من الوقود إلى الثلث بحلول عام 2019 بفضل مشروعات إنتاج النفط والغاز الطبيعي والتكرير.
على صعيد آخر، طالب محمود الشريف وكيل مجلس النواب المصري، بزيادة العلاقات التجارية المصرية الصينية، خلال الفترة المقبلة، للاستفادة من حجم اقتصاد بكين ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
وقال الشريف، في مؤتمر صحافي عقد لتوقيع برتوكول تعاون بين شركة الجيوشي أوتو المصرية، وفاو الصينية للسيارات، مساء أول من أمس، إنه من المتوقع افتتاح مصانع لتصنيع السيارات الصينية في مصر، خلال الفترة المقبلة، نتيجة تلك الشراكات وهو ما يعود على الاقتصاد المصري بالنفع.
وأكد أن هناك ثورة على التنمية الصناعية تنتهجها مصر في المجالات كافة وخاصة الصناعات الثقيلة وصناعة السيارات.
من جانبه قال وانج زيتيان المدير العام لمجموعة «فاو» للاستيراد والتصدير، إن السعودية استحوذت على النسبة الأكبر من مبيعات الشركة خلال العام الماضي، بنحو 2500 سيارة من نحو 10000 سيارة بيعت في الدول العربية.
وأوضح في رده لسؤال «الشرق الأوسط» حول إنتاج الشركة العام الماضي، أنها «بلغت نحو 3.300 مليون سيارة في 2016. وهذا رقم جيد نتطلع لزيادته العام الحالي بدخولنا السوق المصرية رسميا من خلال وكيلنا الجديد الجيوشي».
واحتفلت شركة جيوشي موتورز بتوقيع اتفاقية تعاون مع شركة فاو أكبر مجموعة مملوكة للحكومة الصينية، لتصبح بذلك الوكيل الحصري لهذه العلامة الصينية العالمية في مصر. وقد شهدت الاحتفالية حضور سونغ أيقوه السفير الصيني في القاهرة.
وقال محيي الدين جيوشي رئيس شركة جيوشي موتورز، إننا سنقوم بتجميع هذه العلامة الصينية محليا وتصديرها إلى أفريقيا والشرق الأوسط. وأضاف: «تعتبر هذه الشراكة بالنسبة لنا علامة مهمة وفارقة حيث سيتم إنشاء مصنع لتجميع السيارات الفاو في مصر، وتتحول الشركة من خلال هذا المصنع الرائد من وكيل وموزع للسيارات إلى مجال جديد وهو تجميع السيارات والتجارة فيها. وقد قمنا بعمل دراسات الجدوى الشاملة واللازمة لتقييم هذا الاستثمار الضخم في السوق المصرية».



الانتخاب الرئاسي... خطوة أولى لإنقاذ لبنان من أزمته الاقتصادية

الكرسي الرئاسي الشاغر في «قصر بعبدا» بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون (رويترز)
الكرسي الرئاسي الشاغر في «قصر بعبدا» بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون (رويترز)
TT

الانتخاب الرئاسي... خطوة أولى لإنقاذ لبنان من أزمته الاقتصادية

الكرسي الرئاسي الشاغر في «قصر بعبدا» بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون (رويترز)
الكرسي الرئاسي الشاغر في «قصر بعبدا» بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون (رويترز)

منذ عام 2019، يشهد لبنان واحدة من أشد الأزمات الاقتصادية والمالية في تاريخه الحديث... أزمة تجاوزت نطاق الاقتصاد لتؤثر بشكل حاد في جميع جوانب الحياة، فقد أثقلت هذه الأزمة كاهل المواطن اللبناني، وأغرقت البلاد في دوامة من انهيار شامل للنظامين المالي والاقتصادي، بعد أن فقدت العملة المحلية أكثر من 95 في المائة من قيمتها. ونتيجة لذلك، تفشى التضخم بشكل غير مسبوق مع ارتفاع أسعار السلع والخدمات إلى مستويات قياسية، في حين قفزت معدلات الفقر والبطالة بشكل دراماتيكي.

وفي خضم هذا الواقع المأساوي، شلّت الصراعات السياسية الحادة مؤسسات الدولة، فقد تعمقت الانقسامات إلى حد أن الحكومة أصبحت عاجزة عن اتخاذ خطوات حاسمة لمعالجة الأزمة جذرياً. ومع تفاقم الأوضاع، أضافت الحرب الأخيرة مع إسرائيل عبئاً جديداً على لبنان، مخلّفة خسائر بشرية ومادية هائلة قدّرها «البنك الدولي» بنحو 8.5 مليار دولار، وزادت من تعقيد الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، فقد بات من الصعب تصور أي إمكانية لاحتواء أعبائها في غياب انتخاب رئيس للجمهورية.

المنصب الرئاسي والمأزق الاقتصادي

المنصب الرئاسي، الذي لا يزال شاغراً منذ انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، يحمل للفائز به قائمة طويلة من التحديات الاقتصادية والمالية المتراكمة، التي باتت تهدد بنية الدولة وكيانها. فقد أدى غياب هذا المنصب إلى تعطيل عملية تشكيل الحكومة، مما جعل الدولة غير قادرة على التفاوض بجدية مع الجهات الدولية المانحة التي يحتاج إليها لبنان بقوة لإعادة إحياء اقتصاده، مثل «صندوق النقد الدولي» الذي يشترط إصلاحات اقتصادية ومالية جذرية مقابل أي دعم مالي يمكن أن يوفره.

وعليه؛ فإن انتخاب رئيس جديد للجمهورية يمثل أولوية ملحة ليس فقط لاستعادة الثقة المحلية والدولية، بل أيضاً ليكون مدخلاً أساسياً لبدء مسار الإصلاحات التي طال انتظارها.

ومن بين أبرز هذه التحديات، ملف إعادة الإعمار، الذي تُقدر تكلفته بأكثر من 6 مليارات دولار، وفق موقع «الدولية للمعلومات»، وهو عبء مالي ضخم يتطلب موارد هائلة وجهوداً استثنائية لتأمين التمويل اللازم.

لكن عملية إعادة الإعمار ليست مجرد عملية تقنية لإصلاح البنية التحتية أو ترميم الأضرار، بل هي اختبار حقيقي لقدرة الدولة على استعادة مكانتها وتفعيل دورها الإقليمي والدولي. وفي هذا السياق، تبرز الحاجة الملحة إلى رئيس يتمتع برؤية استراتيجية وشبكة واسعة من العلاقات الدولية، وقادر على استخدام مفاتيح التواصل الفعّال مع الدول المانحة والمؤسسات المالية الكبرى. فمن دون قيادة سياسية موحدة تتمتع بالصدقية، فستبقى فرص استقطاب الدعم الخارجي محدودة، خصوصاً أن الثقة الدولية بالسلطات اللبنانية تعرضت لاهتزاز كبير في السنوات الأخيرة بسبب سوء الإدارة وغياب الإصلاحات الهيكلية.

مواطنون وسط جانب من الدمار الناجم عن الغارات الجوية الإسرائيلية بمنطقة الشويفات (رويترز)

فرصة محورية لإحداث التغيير

كما يأتي انتخاب رئيس للجمهورية يوم الخميس بوصفه فرصة محورية لإحداث تغيير في مسار الأزمات المتراكمة التي يعاني منها لبنان، والتي تفاقمت بشكل حاد خلال عام 2024؛ بسبب الصراعات المتصاعدة والأزمة الاقتصادية الممتدة.

ومع انكماش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة -5.7 في المائة خلال الربع الرابع من 2024، انعكست التداعيات السلبية بوضوح على الاقتصاد، فقد تراجعت معدلات النمو بشكل كبير منذ عام 2019، ليصل الانخفاض التراكمي إلى أكثر من 38 في المائة عام 2024، مقارنة بـ34 في المائة خلال العام السابق عليه. وتزامن هذا التدهور مع تصعيد الصراع في الربع الأخير من 2024، مما أضاف آثاراً إنسانية مدمرة، مثل النزوح الجماعي والدمار واسع النطاق، وبالتالي أدى إلى خفض إضافي في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 6.6 في المائة بحلول منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) 2024. وكان قطاع السياحة، الذي يمثل أحد أعمدة الاقتصاد اللبناني، من بين الأشد تضرراً، فقد تراجعت عائداته لتتحول من فائض إلى عجز بنسبة -1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي عام 2024.

منصب حاكم «المصرف المركزي»

كذلك يمثل هذا الحدث محطة مهمة لإصلاح المؤسسات اللبنانية، بما في ذلك معالجة الشغور في المناصب القيادية التي تُعد ركيزة أساسية لاستقرار البلاد. ومن بين هذه المناصب، حاكم «مصرف لبنان» الذي بقي شاغراً منذ انتهاء ولاية رياض سلامة في 31 يوليو (تموز) 2023، على الرغم من تعيين وسيم منصوري حاكماً بالإنابة. لذا، فإن تعيين خَلَفٍ أصيل لحاكم «المصرف المركزي» يُعدّ خطوة حاسمة لضمان استقرار النظامين المالي والنقدي، خصوصاً أن «مصرف لبنان» يشكل محوراً رئيسياً في استعادة الثقة بالنظامين المصرفي والمالي للبلاد.

مقر «مصرف لبنان المركزي» في بيروت (رويترز)

علاوة على ذلك، سيجد الرئيس الجديد نفسه أمام تحدي إصلاح «القطاع المصرفي» الذي يُعدّ جوهر الأزمة الاقتصادية. فملف المصارف والمودعين يتطلب رؤية شاملة لإعادة هيكلة القطاع بطريقة شفافة وعادلة، تُعيد ثقة المودعين وتوزع الخسائر بشكل منصف بين المصارف والحكومة والمودعين. ومع إدراج لبنان على «اللائحة الرمادية» وتخلفه عن سداد ديونه السيادية، تصبح هذه الإصلاحات ضرورية لاستعادة العلاقات بالمؤسسات المالية الدولية، واستقطاب التمويل اللازم، ومنع إدراج لبنان على «اللائحة السوداء». ناهيك بورشة إصلاح القطاع العام وترشيده وتفعيله، فتكلفة مرتَّبات القطاع العام مرتفعة جداً نسبةً إلى المعايير الدولية. فعلى مرّ السنين، شكّل مجموع رواتب وتعويضات القطاع العام لموظفي الخدمة الفعلية والمتقاعدين (وعددهم نحو 340 ألفاً) نحو 40 في المائة من إجمالي نفقات الموازنة، الأمر الذي شكّل عبئاً فادحاً على مالية الدولة والاقتصاد عموماً.

آمال اللبنانيين في قيادة جديدة

وسط هذه الأزمات المتشابكة، يعوّل اللبنانيون على انتخاب رئيس جديد للجمهورية لفتح نافذة أمل على الصعيدين الاقتصادي والسياسي. فمن المأمول أن يسعى الرئيس المقبل، بدعم من حكومة فاعلة، إلى إعادة بناء الثقة الدولية والمحلية، واستعادة الاستقرار السياسي، وهما شرطان أساسيان لوقف التدهور الاقتصادي وتحفيز النمو. فاستعادة قطاع السياحة؛ الرافعة الأساسية للاقتصاد اللبناني، على سبيل المثال، تتطلب تحسين الأوضاع الأمنية وتعزيز الثقة بلبنان بوصفه وجهة آمنة وجاذبة للاستثمارات. وهذه الأمور لن تتحقق إلا بوجود قيادة سياسية قادرة على تقديم رؤية استراتيجية واضحة لإعادة الإعمار وتحقيق الإصلاحات الضرورية. وبالنظر إلى العجز المستمر في الحساب الجاري والانخفاض الكبير في الناتج المحلي الإجمالي، يصبح نجاح الرئيس الجديد في معالجة هذه الملفات عاملاً حاسماً لإنقاذ لبنان من أزمته العميقة، وإعادة توجيه الاقتصاد نحو التعافي والنمو المستدام.