متحف أربيل الحضاري سجل حافل لتاريخ بلاد ما بين النهرين

يحتضن قطعاً أثرية تعود إلى عشرات آلاف السنين

متحف أربيل الحضاري الذي يحتضن آثار العصر الآشوري  («الشرق الأوسط»)
متحف أربيل الحضاري الذي يحتضن آثار العصر الآشوري («الشرق الأوسط»)
TT

متحف أربيل الحضاري سجل حافل لتاريخ بلاد ما بين النهرين

متحف أربيل الحضاري الذي يحتضن آثار العصر الآشوري  («الشرق الأوسط»)
متحف أربيل الحضاري الذي يحتضن آثار العصر الآشوري («الشرق الأوسط»)

تحف وتماثيل وأدوات منزلية مصنوعة من الحجر وسجلات من الطين تحتضن أحداث الماضي البعيد والحياة في بلاد ما بين النهرين، كُتبت بالخط المسماري، هذا هو متحف أربيل الحضاري الذي يقع وسط * مدينة أربيل التي تعد إحدى أقدم المستوطنات البشرية على سطح الأرض.
يتألف المتحف من ثلاث قاعات رئيسية؛ الأولى منها تسمى بالقاعة القديمة أو السومرية وذلك نسبة إلى الآثار التي تحتضنها هذه القاعة المتمثلة بآثار العصور الحجرية في بلاد ما بين النهرين، والأدوات التي استخدمها الإنسان في تلك العصور، المكتشفة في كهف شانيدر (الكهف الذي اكتشف فيه تسع هياكل عظمية لإنسان النيادرتال من مختلف الأعمار، خلال التنقيبات التي جرت بين أعوام 1957 - 1961، ويعود تاريخ عيش الإنسان في هذا الكهف إلى أكثر من 60000 قبل الميلاد)، ويقع هذا الكهف على سفح جبل برادوست في قضاء ميركسور شمال محافظة أربيل.
رافق «الشرق الأوسط» في جولتها داخل أروقة المتحف، قدري علي معاون مدير المتحف الذي تحدث عن كل التفاصيل التاريخية للمتحف وما يحتضنه من قطع أثرية، موضحاً: «هذه القاعة تحتضن في خزائن بعضَ مقتنيات الإنسان في العصر الحجري الحديث، المتمثلة بالمقاشط وبعض الأدوات المستخدمة في طحن الحبوب، وأقدم القطع الأثرية الموجودة في المتحف عبارة عن جمجمة إنسان النيادرتال، لكنّها ليست الأصلية المكتشفة في الكهف، بل هي نسخة مصنوعة من الجبس، لأن الجمجمة الأصلية تحتفظ بها الحكومة العراقية في المتحف الوطني العراقي في بغداد».
ويضيف علي أنّ الآثار الأخرى الموجودة في القاعة القديمة تعود إلى فترة جرمو (أول مجتمع زراعي في العالم، يقع جنوب شرقي مدينة كركوك)، وحسونة (منطقة أثرية قديمة تقع على الضفة اليسرى من نهر دجلة في محافظة نينوى)، إلى قطع أثرية من آثار سامراء وحلف وعبيد والوركاء ونينوى، وجمدت نصر وعصر ظهور السلالات السومرية.
ويلاحظ زائر المتحف وجود قبور فخارية صغيرة داخل خزائن العرض، تتكون من جزأين عليها قلادة من خرز حجرية، كانت تستخدم هذه القبور لدفن الأطفال، وقد اكتُشِفت في «تل قالينج آغا» في مدينة أربيل ويعود تاريخها إلى عصر الوركاء (3500 - 3100 ق.م).
أمّا القاعة الثانية فهي خاصة بآثار العصر الآشوري، والأوراتيين وآثار الحضر، ويحتضن أيضاً مجموعة كبيرة من القطع الأثرية والألواح المسمارية والتماثيل متنوعة الأحجام المصنوعة من الحجر، * إضافة إلى الأواني والأدوات المستخدمة في تلك العصور.
بينما تحتضن القاعة الثالثة آثار العصر الإسلامي، خصوصاً العصر العباسي، وتمثل كثيراً من الجرار والأباريق والأواني الفخارية المزخرفة والمسارج (إناء فخاري صغير تُوضع فيه الفتيلة والزّيت، ويُوقد للإضاءة)، إلى الصحون المصنوعة من النحاس، إضافة إلى القطع الحجرية المصنوعة من حجر المرمر والمزينة بالزخارف الهندسية وكتابات تعود إلى هذا العصر.
ويسلط معاون مدير المتحف الضوء على قسم آخر مهم من أقسام المتحف، ويردف بالقول: «لدينا قسم الدراسات والبحوث العلمية، هذا القسم مختص بدراسة القطع الأثرية بعد اكتشافها، وبيان تاريخها واستخداماتها»، وتابع: «لدينا مختَبَر مختص بصيانة القطع الأثرية، وإدامتها بشكل مستمر، كذلك هناك أقسام أخرى تتمثل بالمخازن إضافة إلى إدارة المتحف، وقاعة الاستقبال الداخلي».
يرتاد المتحف يومياً مئات الزوار المحليين من داخل كردستان ومن محافظات العراق الأخرى، إضافة إلى السياح من مختلف أنحاء العالم، والوفود الأجنبية، ويوضح علي: «السياح الأجانب بعد وصولهم أربيل يزورون المتحف كمحطة ثانية من جدول زيارتهم إلى كردستان».
ويعود تاريخ تأسيس متحف أربيل الحضاري إلى منتصف ستينات القرن الماضي، حيث كان مبنى المتحف بسيطاً جداً ويقع في حي المنارة قرب برلمان إقليم كردستان الحالي، وانتقل المتحف في سبعينات القرن الماضي إلى دار أحمد جلبي في قلعة أربيل التاريخية، وفي عام 1985 بدأت أعمال إنشاء مبنى جديد للمتحف في تل قالينج آغا، وانتقل المتحف إلى مبناه الحالي عام 1989، بعد الانتهاء من * أعمال البناء.
بدوره، يقول ريبوار جلال الموظف المختص في مجال آثار متحف أربيل الحضاري، لـ«الشرق الأوسط»: «هذا المتحف له أهمية خاصة، لأنه يحتضن بين أروقته تأريخ ميزوبوتاميا (بلاد ما بين النهرين) بالكامل، بمختلف عصورها التاريخية»، مضيفاً أنّ المتحف يحتاج إلى مبنى أكبر لأن مبنى المتحف الحالي لا يتسع لعرض القطع الأثرية الكثيرة التي تكتشف، وأنّ عدداً منها لم تُعرَض وما زالت في المخازن * لعدم وجود مساحة كافية لعرضها.
وحسب معلومات، فقد اكتمل تصميم مبنى المتحف الوطني في أربيل الذي خططت حكومة الإقليم لبنائه، لكنّ الظروف الاقتصادية التي شهدتها كردستان بسبب الحصار الذي تفرضه بغداد على الإقليم، من أكثر من ثلاث سنوات، والحرب ضد تنظيم داعش، واحتضان الإقليم لأكثر من مليوني نازح عراقي ولاجئ سوري، حالت دون البدء بمشروع بناء المتحف الوطني.



محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر
TT

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر

خلافاً للكثير من القادة الذين عاشوا في الظل طويلا، ولم يفرج عن أسمائهم إلا بعد مقتلهم، يعتبر محمد حيدر، الذي يعتقد أنه المستهدف بالغارة على بيروت فجر السبت، واحداً من قلائل القادة في «حزب الله» الذين خرجوا من العلن إلى الظل.

النائب السابق، والإعلامي السابق، اختفى فجأة عن مسرح العمل السياسي والإعلامي، بعد اغتيال القيادي البارز عماد مغنية عام 2008، فتخلى عن المقعد النيابي واختفت آثاره ليبدأ اسمه يتردد في دوائر الاستخبارات العالمية كواحد من القادة العسكريين الميدانيين، ثم «قائداً جهادياً»، أي عضواً في المجلس الجهادي الذي يقود العمل العسكري للحزب.

ويعتبر حيدر قائداً بارزاً في مجلس الجهاد في الحزب. وتقول تقارير غربية إنه كان يرأس «الوحدة 113»، وكان يدير شبكات «حزب الله» العاملة خارج لبنان وعين قادة من مختلف الوحدات. كان قريباً جداً من مسؤول «حزب الله» العسكري السابق عماد مغنية. كما أنه إحدى الشخصيات الثلاث المعروفة في مجلس الجهاد الخاص بالحزب، مع طلال حمية، وخضر يوسف نادر.

ويعتقد أن حيدر كان المستهدف في عملية تفجير نفذت في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2019، عبر مسيرتين مفخختين انفجرت إحداهما في محلة معوض بضاحية بيروت الجنوبية.

عمال الإنقاذ يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية ضربت منطقة البسطة في قلب بيروت (أ.ب)

ولد حيدر في بلدة قبريخا في جنوب لبنان عام 1959، وهو حاصل على شهادة في التعليم المهني، كما درس سنوات عدة في الحوزة العلمية بين لبنان وإيران، وخضع لدورات تدريبية بينها دورة في «رسم وتدوين الاستراتيجيات العليا والإدارة الإشرافية على الأفراد والمؤسسات والتخطيط الاستراتيجي، وتقنيات ومصطلحات العمل السياسي».

بدأ حيدر عمله إدارياً في شركة «طيران الشرق الأوسط»، الناقل الوطني اللبناني، ومن ثم غادرها للتفرغ للعمل الحزبي حيث تولى مسؤوليات عدة في العمل العسكري أولاً، ليتولى بعدها موقع نائب رئيس المجلس التنفيذي وفي الوقت نفسه عضواً في مجلس التخطيط العام. وبعدها بنحو ثماني سنوات عيّن رئيساً لمجلس إدارة تلفزيون «المنار».

انتخب في العام 2005، نائباً في البرلمان اللبناني عن إحدى دوائر الجنوب.