مقتل قائد عسكري يمني برصاص قناصة في نهم

مقاتل مع الحكومة اليمنية الشرعية في إحدى الجبهات بتعز (رويترز)
مقاتل مع الحكومة اليمنية الشرعية في إحدى الجبهات بتعز (رويترز)
TT

مقتل قائد عسكري يمني برصاص قناصة في نهم

مقاتل مع الحكومة اليمنية الشرعية في إحدى الجبهات بتعز (رويترز)
مقاتل مع الحكومة اليمنية الشرعية في إحدى الجبهات بتعز (رويترز)

قالت مصادر عسكرية يمنية إن قائداً عسكرياً رفيعاً قُتِل خلال المعارك التي تخوضها قوات الجيش الوطني، ضد ميليشيات الحوثي وصالح في نهم شرقي العاصمة صنعاء، أمس، في وقت كثفت فيه مقاتلات تحالف دعم الشرعية في اليمن غاراتها الجوية على مواقع متفرقة في الجبهة.
وفارق العميد حميد التويتي، قائد «اللواء 29 ميكا - العمالقة»، الحياة في المواجهات الدائرة في مديرية نهم بشرق العاصمة صنعاء، عندما كان يتفقد المقاتلين.
وقال صالح القطيبي، عضو المركز الإعلامي لمقاومة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» إن التويتي قتل برصاص قناص حوثي عندما كان موجوداً في جبل الصافح في ميمنة الجبهة بنهم، وبحسب القطيبي، فان القائد العسكري كان في مهمة تفقدية للموقع الاستراتيجي الذي تمكنت قوات الجيش الوطني من استعادة السيطرة عليه خلال معارك أول من أمس (الجمعة).
يأتي ذلك في وقت لا تزال المعارك التي وُصِفت بالأعنف منذ فترة في المديرية، التي تقع في مفترق طرق بين محافظات صنعاء ومأرب والجوف، مستمرة، بالتوازي مع الغارات الجوية المكثفة لمقاتلات التحالف العربي. وكان التويني قائداً لمجموعة ألوية العمالقة في منطقة حرف سفيان في عمران قبل تعيينه قائد للواء اللواء 29 ميكا.
في سياق متصل، كثفت مقاتلات التحالف، غاراتها الجوية العنيفة على مواقع عسكرية وتجمعات للانقلابيين في صنعاء خلال 24 الساعة الماضية. وقالت مصادر عسكرية إن مقاتلات التحالف العربي شنت غارات جوية عنيفة على مواقع وتجمعات الميليشيات في منطقة بني بارق في مديرية نهم، بالتزامن مع الغارات التي طالت مواقع وآليات عسكرية في المدفون.
وكانت قوات الجيش الوطني تمكنت، خلال الساعات الـ48 الماضية، من استعادة السيطرة على جبل الصافح بالكامل ومواقع وتباب في جبال الكحل الاستراتيجي، بعد أن تكبدت الميليشيات خسائر كبيرة في العتاد والأرواح، وفي حين لا تزال المعارك والتقدم الميداني لقوات الجيش الوطني مستمرة.
وفي تعز، تمكنت قوات الجيش خلال الأيام الماضية القليلة من السيطرة على مواقع استراتيجية مهمة كانت خاضعة لسيطرة الميليشيات الانقلابية، وتقترب من السيطرة الكاملة على مدرسة محمد علي عثمان، الثكنة العسكرية المهمة لميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية، شرق المدينة، اشتدت حدة المواجهات العنيفة في جبهة الصلو الريفية، جنوباً، حيث حقق الجيش الوطني تقدما وسيطر على عدد من المواقع والقرى الجديدة، سقط خلالها قتلى وجرحى إضافة إلى سقوط أسرى بيد الجيش.
قال العقيد الركن منصور الحساني، الناطق الرسمي لقيادة محور تعز، لـ«الشرق الأوسط» إن «قوات الجيش الوطني تواصل عملياتها القتالية وتحقق مكاسب ميدانية متسارعة على الأرض، حيث نفذت صباح، أمس السبت، عملية عسكرية شاملة، في الاتجاهين الغربي والجنوبي في تعز وحققت تقدماً كبيراً في كل من جبهة الضباب تبيشعة وجبهات الصلو والأقروض والشقب».
وأكد: «سيطرت قوات الجيش الوطني على عدد من المواقع المهمة التي كانت خاضعة لسيطرة الميليشيات الانقلابية بعد مواجهات عنيفة تكبدت فيها الميليشيات الخسائر الكبيرة في الأرواح والعتاد، وأجبرتها على التراجع والانسحاب، في ظل استمرار العملية العسكرية وتقدم قوات الجيش الوطني».
ومن جانبه، أكد قائد محور تعز، اللواء الركن خالد فاضل «تقدم قوات الجيش الوطني في جبهات الصلو والأقروض، جنوب المدينة، والربيعي غرب المدينة»، وقال خلال إشرافه على سير المعارك في الجبهة الغربية للمدينة، بحسب بيان صادر عن مكتبه، إن «اللواء 35 بقيادة قائد اللواء العميد الركن عدنان الحمادي، تمكنوا من دحر الانقلابيين في جبهتي الصلو والأقروض وهزموهم شر هزيمة وقدموا خمسة قتلى وعدد من الجرحى».
وأضاف أن أفراد «اللواء 17 بقيادة أركان حرب اللواء تمكنوا من دحر الانقلابيين في كثير من المواقع المهمة في الصياحي وأسروا ثلاثة من الميليشيات الانقلابية في تبة الخلوة غرب المدينة».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.