«معركة الرقة»... ثمن «الفيدرالية» الكردية

بتحريرها ينحسر «داعش» جغرافياً في سوريا ولا ينتهي آيديولوجياً

«معركة الرقة»... ثمن «الفيدرالية» الكردية
TT

«معركة الرقة»... ثمن «الفيدرالية» الكردية

«معركة الرقة»... ثمن «الفيدرالية» الكردية

تكتسب معركة «تحرير» مدينة الرقّة، بشمال وسط سوريا، أبعاداً سياسية وجيوستراتيجية على أكثر من صعيد. فهي التي ستكون محطة أساسية في تقليص وجود «داعش» جغرافياً، وستشكّل «ورقة» في يد «الفيدراليين» الأكراد الذين سيحجزون بتحريرها «فيدراليتهم» في خريطة سوريا المستقبلية. هذا أمر يزيد من قلق تركيا التي لطالما حذّرت من وصول حزب «الاتحاد الديمقراطي» إلى حدودها وهدّدت بالمواجهة بعد رفض أميركا الانصياع لرغباتها في تولي مهمة المعركة.
وفي اليوم نفسه الذي أعلنت فيه «قوات سوريا الديمقراطية» إطلاق ما وصفتها بـ«المعركة الكبرى» أعلن رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم أن بلاده «ستردّ فوراً» إذا ما شكّلت عملية استعادة الرقة أي تهديدات لها. وأكّد «لن نسمح بأن تتضرر بلادنا من تعاون الولايات المتحدة مع وحدات حماية الشعب الكردية»، لافتاً إلى أن «أميركا تتعاون مع تنظيم إرهابي للقضاء على تنظيم إرهابي آخر، رغم تحذيراتنا».
تعتبر معركة تحرير مدينة في الرقّة من أهم العمليات العسكرية التي تحاول مختلف الأطراف والدول الراعية عبرها كسر الهيمنة الأساسية للتنظيم داخل الأراضي السورية. ويذكر أن المدينة الواقعة على نهر الفرات، والتي كانت منبعاً لأول نشاطاته وحملاته العسكرية و«عاصمة الخلافة» المزعومة، يمكن أن تفضي السيطرة عليها لانسحابات متتالية في المناطق المتبقية له على الأراضي السورية.
في المقابل، فإن انتصارات مسلّحي الأكراد الطامحين إلى الفيدرالية ما زالت تحتاج إلى تمكين، وفق ما يرى محللون، خصوصاً أنهم في حاجة إلى الضمانة الدولية الدائمة كما أنهم يثيرون غضب «الجارة» تركيا.

«داعش» في معركة الرقة وما بعدها
يرى الدكتور سامي نادر، مدير معهد المشرق للبحوث الاستراتيجية في العاصمة اللبنانية بيروت أن «معركة الرقّة هي المعركة ما قبل الأخيرة ضد التنظيم في سوريا»، معتبراً أن معركة مدينة دير الزور هي التي ستكون الحاسمة والأهم. ويشرح نادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» قائلا: «تحرير الرقة قد يؤدي إلى انحسار (داعش) الذي قد ينتهي جغرافياً بخسارته الأرض، أو ما كان يعتبرها عاصمته، إنما لن ينهيه آيديولوجياً، واعتداءات لندن الأخيرة خير دليل على ذلك، في وقت تتطلب مواجهة آيديولوجيته خطة سياسية دقيقة شاملة وأكبر».
من ناحية ثانية، يقول مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن «إذا خسر (داعش) الرقة سينهار في كامل الأراضي السورية». وعلى الرغم من المعلومات التي تشير إلى أن ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) - ذات الغالبية الكردية - تجري مفاوضات مع التنظيم للانسحاب من الرقة، وهو ما سبق أن أكّده وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، يرى عبد الرحمن أن «(داعش) سيقاتل حتى النهاية في الرقة، إلا إذا قرر الانسحاب. وهو بات في مأزق كبير لأن التحالف الدولي يرصد منطقة دير الزور والطائرات الحربية الروسية ترصد البادية السورية». ويضيف «إن هناك أكثر من ألفي مقاتل متحصّنين داخل مدينة الرقة»، معرباً عن خشيته على حياة أكثر من 150 ألف مدني باتوا دروعاً بشرية للتنظيم وهم يتعرّضون لقتل شبه يومي من قبل طائرات التحالف الدولي في ظل غياب أي ممرّات آمنة لخروجهم».
وفي قراءة ثالثة، يتوقع الخبير والباحث السوري أحمد أبا زيد، أن تكون الخطوة المقبلة للتنظيم التموضع وتركيز العمليات على دير الزور والبادية السورية التي تعتبر المعركة الأساسية في المرحلة المقبلة لجميع الأطراف». ويتابع أبا زيد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «أهمية الرقة بالنسبة إلى التنظيم أهمية رمزية وليست عسكرية، على اعتبار أنها كانت المدينة الأولى التي سيطر عليها، لكنها في الحقيقة ليست ذات ثقل عسكري بالنسبة إليه. ذلك أن عاصمته الفعلية ومركز ثقله كانت مدينة الموصل في العراق، والتحشيد العسكري الذي حصل في المرحلة الأخيرة في الرقة كان تحضيراً للمعركة».
جدير بالذكر، أن مدينة الرقة، التي تحوّلت في عام 2014 إلى أبرز معاقل «داعش» في سوريا، تتمتع بموقع استراتيجي في وادي نهر الفرات عند مفترق طرق مهم. وهي قريبة نسبياً من الحدود مع تركيا وتقع على بعد 160 كيلومتراً إلى الشرق من مدينة حلب وعلى بعد أقل من مائتي كلم إلى الغرب من الحدود العراقية. ولقد أسهم بناء سد الفرات على مستوى مدينة الطبقة - الواقعة إلى الغرب منها - في ازدهار مدينة الرقة التي لعبت دوراً مهماً في الاقتصاد السوري بفضل النشاط الزراعي.

مخاوف من «الفيدرالية» الكردية
على صعيد آخر، يرى الباحث الاستراتيجي اللبناني الدكتور خطار بودياب، أن «الثمن الذي قد يحصل عليه الأكراد سيكون في تكريس سيطرتهم على مناطق ذات غالبية كردية مثل القامشلي والحسكة وغيرها في شمال وشمال شرقي سوريا، إنما ليس الرقّة». ويوضح بودياب لـ«الشرق الأوسط»، أن «وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) التي تشرف على معارك الرقّة عبر التحالف الدولي لن تسلّم هذه المنطقة إلى الأكراد، بل إنها ستشهد الرقة السيناريو نفسه الذي حصل في مدينة منبج (محافظة حلب) التي تسلمها (مجلس منبج المحلي)؛ إذ ستسلّم إلى «مجلس» للرقّة، وهو ما بدأ التحضير له».
وكانت ميليشيا «قسد» قد أعلنت بالفعل تشكيل «مجلس مدني» في أبريل (نيسان) الماضي، لإدارة المدينة وريفها فور استكمال طرد التنظيم منها. وصرحت الناطقة باسم عملية «غضب الفرات» جيهان شيخ أحمد بأن «المجلس المدني الذي انضم إليه أهالي الرقة بكل مكوّناتهم سيتسلم إدارة المدينة بعد تحريرها من (داعش)». وهنا، نشير إلى أنه على الرغم من الغالبية العددية للميليشيات الكردية، فإن ثمة فصيلاً عربياً يشارك حالياً في معركة الرقة، ويتوقّع البعض أنه يكون له دور ما بعد تحرير المدينة، وهو «قوات النخبة السورية» التابعة لـ«تيار الغد» الذي يتزعمه الرئيس السابق للائتلاف الوطني أحمد الجربا.
الدكتور نادر يصف معركة تحرير الرقة بـ«الورقة الجيوستراتيجية» بيد الأكراد «الفيدراليين»، موضحاً أنه «بعدما امتنعت أميركا عن إعطاء هذه الورقة لتركيا لم يعد أمام الأخيرة إلا تكريس نفوذها في الشمال بلعب دور حامي السنة، وبالتالي، إعادة النظر ببعض حساباتها»، وبخاصة مع روسيا بعد القمة العربية الإسلامية الأميركية. ويرى نادر أن «الثمن الذي سيحصل عليه الأكراد هو المزيد من الاستقلالية، وقد يصل الأمر إلى تحقيق حلمهم القديم والوعود التي حصلوا عليها بتأسيس دولتهم»، ويستطرد «وإذا لم يتحقق ذلك بشكل كامل، فإنهم سيحجزون لهم فيدرالية في خريطة سوريا المستقبلية تتمتع عملياً بكل مقوّمات الدولة».
في هذه الأثناء، يرى الدكتور فابريس بالانش، الخبير في الشؤون السورية بمعهد واشنطن في حوار مع وكالة الصحافة الفرنسية (أ.ف.ب) أن الفيدراليين الأكراد «يراهنون على أن السيطرة على الرقة ستضمن لهم دعماً دولياً طويل الأمد يتيح لهم بناء روج - آفا (غرب كردستان)». في حين يرى الخبير في الشؤون السورية في معهد «سانتشوري» سام هيلر للوكالة نفسها، أن «القيادة الكفء والموحدة» فضلاً عن «العداء الحقيقي للتنظيم» الذي تكنه الميليشيا الكردية (وحدات حماية الشعب، ومن ثم «قسد») من الأمور التي أتاحت لها تقديم نفسها على أنها الخيار الأمثل للتحالف الدولي بقيادة واشنطن ضد داعش».
غير أن الدكتور بو دياب يعتقد أن هناك «بعض التناقضات في النظر إلى ما بعد الرقة»، مضيفا: «هناك من يقول: إن أميركا لن تنظر إلى الأكراد وتعود لترتب تحالفها مع تركيا، علما بأن لدى الأكراد علاقاتهم وتنسيقهم مع روسيا وأوروبا أيضا». وهذا من دون أن يستبعد في الوقت عينه «أن تستفيق الرقة» على ما أسماه بـ«خديعة اليوم التالي» عندما «سيكتشف الجميع أن تحريرها لا يعني نهاية الإرهاب ولا تنظيم داعش، إضافة إلى أن الوضع في سوريا اليوم بات كالرمال المتحركة، حيث إن مناطق النفوذ قابلة للتبدل والتغير على وقع استمرار المعارك في عدد من المناطق».
وفي سياق البعد الكردي أيضاً، يرى نوا بونسي، من مجموعة الأزمات الدولية، وفق كلامه لـ«أ.ف.ب» أنه «حتى الآن، منح الدعم الأميركي لوحدات حماية الشعب الكردية بعض الحماية، لكن لا يمكننا افتراض أنه سيكون دعماً دائماً، حتى أنه قد لا يستمر إلى ما بعد العملية الحالية» لاستعادة الرقة. ويرى بونسي أن بين التحديات الأخرى «احتمال أن يسعى النظام إلى السيطرة على المناطق ذات الغالبية الكردية، فضلاً عن التوترات الداخلية في تلك المناطق نتيجة هيمنة حزب الاتحاد الديمقراطي».
ويرى بونسي أنه سيكون على القيادة الكردية «إظهار قدرتها على القبول ببعض التسويات الاستراتيجية التي ستضطر بموجبها إلى التخلي عن بعض طموحاتها لحماية إنجازاتها». ويضيف «إذا كانت قادرة على القيام بتسويات مع القوى الخارجية والتعامل أكثر مع الضغوط الداخلية، سيكون بمقدورها أن تحمي الكثير مما أنجزته».

قوة عسكرية حقيقية
لقد تحول أكراد سوريا «الفيدراليون» خلال سنوات قليلة، من أقلية مهمشة إلى قوة عسكرية حقيقية تقف في صف المواجهة الأول ضد «داعش» وتقود بدعم أميركي معركة طرده من الرقّة. واستغل هؤلاء تصاعد الأزمة وتنامي دورهم، ولا سيما بعد انسحاب قوات نظام دمشق في منتصف 2012 من المناطق ذات الغالبية الكردية محتفظاً ببعض المقار الرسمية، لبناء قوة عسكرية، وباتوا يسيطرون على مناطق واسعة في شمال وشمال شرقي سوريا. وأسسوا عام 2013 «إدارة ذاتية» في «مقاطعاتهم» الثلاث الجزيرة (في محافظة الحسكة)، وعين العرب- كوباني، وعفرين (في ريف حلب) التي أطلقوا عليها اسم «روج - آفا». وعمدوا منذ ذلك الحين إلى التعويض عن عقود من سياسة التهميش الذي اتهموا الحكومات السورية بممارسته، فبدأوا استخدام وتعليم اللغة الكردية وإطلاق أسماء كردية على مناطق سيطرتهم وأحياء تقاليدهم علناً، وبات حزب «الاتحاد الديمقراطي» الانفصالي وميليشياه «وحدات حماية الشعب» الكردية، بمثابة الحكومة والقوى الأمنية في «روج - آفا».
وكما آثار تقدم الميليشيات الكردية ميدانياً توتراً مع الفصائل المعارضة التي اتهمتهم بممارسة «التهجير القسري» بحق السكان العرب، فاقم هذا التقدم مخاوف أنقرة التي تخشى إنشاء حكم ذاتي كردي على حدودها، وتصنف الميليشيا الكردية كمجموعة «إرهابية» وتعتبرها امتداداً لحزب العمال الكردستاني الذي يقود تمرداً مسلحاً ضدها منذ عقود.

الرقة تحت سلطة «داعش»
يذكر أنه منذ سيطرة «داعش» على مدينة الرقة عام 2014 لجأ إلى فرض «قوانينه» الصارمة في المدينة - التي يبلغ عدد سكانها نحو 300 ألف، بينهم نحو 80 ألفا من النازحين خصوصا من منطقة حلب، بالإضافة إلى آلاف المقاتلين مع عائلاتهم، وعاقب كل من يخالفها، منفذاً الإعدامات الجماعية وقطع الرؤوس وعمليات الاغتصاب والسبي والخطف والتطهير العرقي وغيرها من الممارسات الوحشية.
وخلال ثلاث سنوات عانى سكان الرقة من صرامة التنظيم التي منعتهم من ممارسة حياتهم الطبيعية، فبات التعليم خلف الأبواب الموصدة؛ إذ ألغى «داعش» الدراسة بالمنهج الحكومي، فمنع تعليم مواد الفيزياء والكيمياء واقتصرت مدارسه على تدريس الشريعة، وتركز حصص الحساب على الرصاص والقنابل والسلاح.
ويوضح أحد الأساتذة السابقين في الرقة، خلال حديث لـ«أ.ف.ب» أنه «بات درس الرياضيات عبارة عن عمليات حسابية لتعداد البنادق والمسدسات والقنابل والسيارات المفخخة... هناك مادة يطلق عليها العقيدة تشرح العمليات الانتحارية وطرقها ونتائجها». ولذا؛ رفض كثيرون من أهالي المدينة إرسال أبنائهم إلى مدارس تنظيم داعش لحمايتهم من الأفكار المتطرفة والوعود بـ«الجهاد»، وبدأ «التعليم بالسر» في المنازل وخلف الأبواب المغلقة.

محطات المعركة
في بداية أكتوبر (تشرين الأول) 2016، أعلن وزير الدفاع الأميركي (يومذاك) آشتون كارتر، بدء التحضيرات لعزل الرقة بالتزامن مع إطلاق القوات العراقية معركة للسيطرة على مدينة الموصل، معقل «داعش» في العراق. وفي الخامس من الشهر نفسه، أعلنت ميليشيا «قسد» بدء حملة «غضب الفرات» لطرد التنظيم من الرقة بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن.
ووفق مسؤولين أميركيين، كان هدف العملية أولا التركيز على تطويق المدينة وعزلها عبر قطع محاور الاتصال الرئيسية مع الخارج.
وبعد سيطرة «قسد» على مناطق واسعة في ريف محافظة الرقة الشمالي أعلنت يوم 10 ديسمبر (كانون الأول) 2016 بدء المرحلة الثانية من الحملة لـ«تحرير» الريف الغربي حيث تقع مدينة الطبقة الاستراتيجية وسد الفرات. وبالفعل، سيطرت الميليشيا يوم 6 يناير (كانون الثاني) 2017 على قلعة جعبر الأثرية التي تشرف على أكبر سجن يديره «داعش» قرب سد الفرات.
وفي إطار المعركة المستمرة، أعلنت «قسد» في نهاية يناير حصولها للمرة الأولى على مدرّعات أميركية، وتلقيها وعوداً من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب بمزيد من الدعم. كذلك أكدت واشنطن أن المدرّعات من طراز «إس يو في»، وأنها قدّمت إلى «الفصائل العربية» في الميليشيا ذات الغالبية الكردية. ويوم 4 فبراير (شباط)، أعلنت «قسد» بدء المرحلة الثالثة من حملة طرد «داعش» من ريف الرقة الشرقي.
ثم، بعد نحو أسبوعين، أعلنت «البنتاغون» أن قادة التنظيم بدأوا بمغادرة الرقة على وقع تقدم «قسد»، ويوم 6 مارس (آذار) قطعت الميليشيا طريق الإمداد الرئيسي لـ«داعش» بين الرقة ومحافظة دير الزور شرقاً والواقعة بالكامل تحت سيطرة التنظيم المتطرف.
بعد ذلك، في منتصف الشهر نفسه، أفاد مسؤول في «البنتاغون» بأن واشنطن تفكر في إرسال ألف جندي إضافي من أجل هجوم الرقة لتضاعف بذلك عدد العسكريين الأميركيين المنشورين في سوريا، البالغ عددهم حاليا ما بين 800 و900 عنصر. وفي 22 مارس، أعلن أن قوات أميركية وفرت دعماً نارياً وإسناداً جوياً لعملية عسكرية نفذتها «قسد» لاستعادة السيطرة على سد الفرات. وتحدثت «قسد» عن عملية إنزال جوي «ناجحة» نفذتها قوات أميركية وعناصر من «قسد» جنوب نهر الفرات تمهيدا لهجوم على مدينة الطبقة ومطارها العسكرية وسد الفرات.
وفي 26 مارس، استعادت «قسد» مطار الطبقة العسكري الذي كان يسيطر عليه «داعش» منذ أغسطس (آب) 2014 على بعد 50 كلم غربي الرقة.
في 10 مايو (أيار) 2017، سيطرت «قسد» على مدينة الطبقة وسدها، وإن وُجّهت إليها اتهامات في حينه «بالاتفاق» مع «داعش» على الانسحاب. وخلال يومين، يوم 12 مايو 2017، أعلنت الميليشيا أن الهجوم النهائي نحو الرقة سيكون على الأرجح في يونيو (حزيران)، لتعود بعدها وتعلن يوم 6 يونيو بدء «المعركة الكبرى» للسيطرة على الرقة، ودخلت بعد ساعات الجهة الشرقية من المدينة.
وللعلم، فإن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ومصادر عدّة أعلنوا أن هناك مفاوضات بين «قسد» و«داعش» تجري لانسحاب التنظيم من الرقة، وقال «تجمع الرقة تذبح بصمت» إن انسحاب التنظيم من الطرف الغربي ولا سيما سدّ البعث وبلدتي المنصورة وهنيدة تم نتيجة اتفاق بين الطرفين، وهو ما سيمهّد لتطبيق الاتفاق نفسه على مدينة الرقة في وقت لاحق وإخلائها من «داعش»، الأمر الذي ينفيه قياديون في «قسد» نفيا تاما ويؤكدون على الاستمرار في المعركة.

الرقة... من ازدهار العصر العباسي إلى احتلال «داعش»
* بلغت مدينة الرقة أوج ازدهارها في عهد الخلافة العباسية. ففي عام 722، أمر الخليفة المنصور ببناء مدينة الرافقة على مقربة من مدينة الرقة الحالية، واندمجت المدينتان في وقت لاحق.
وبين عامي 796 و809، جعل الخليفة هارون الرشيد الرقة عاصمة ثانية له بجانب بغداد، لوقوعها على مفترق طرق بين بيزنطية ودمشق وبلاد ما بين النهرين. وبنى فيها قصورا ومساجد... في عام 1258، دمر المغول مدينتي الرافقة والرقة على غرار ما فعلوا ببغداد.
في الرابع من مارس 2013 وبعد عامين من بدء حركة الاحتجاجات ضد النظام السوري، تمكن مقاتلو المعارضة من السيطرة على مدينة الرقة فباتت أول عاصمة محافظة في سوريا تخرج عن سلطة النظام. ويومها اعتقل مقاتلو المعارضة المحافظ وسيطروا على مقر المخابرات العسكرية في المدينة، أحد أسوأ مراكز الاعتقال في المحافظة، بحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان». كما جرى تدمير تمثال في المدينة للرئيس السابق حافظ الأسد، والد الرئيس الحالي.
إلا أن معارك عنيفة اندلعت بين «داعش» ومقاتلي المعارضة بينهم «جبهة النصرة» في بداية يناير عام 2014، وانتهت بسيطرة التنظيم على كامل مدينة الرقة يوم 14 من الشهر ذاته. ثم في يونيو 2014، أعلن «داعش» تأسيس «الخلافة» انطلاقاً من مساحة واسعة من الأراضي التي سيطر عليها في العراق وسوريا.
في 24 أغسطس من العام نفسه بات التنظيم يسيطر بشكل كامل على محافظة الرقة بعد انتزاع مطار الطبقة من قوات النظام.
وفي يونيو عام 2015، خسر «داعش» بعض البلدات في ريف المحافظة، أبرزها تل أبيض وعين عيسى التي سيطرت عليها ميليشيا «وحدات حماية الشعب» الكردية. ومن ثم تمكنت ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» – التي تشكل «وحدات حماية الشعب» عمودها الفقري - خلال الأشهر الماضية من إحراز تقدم نحو المدينة وقطعت طرق الإمداد الرئيسية للتنظيم من الجهات الشمالية والغربية والشرقية.



كريستيان ليندنر... الزعيم الليبرالي الذي أسقط عزله الحكومة الألمانية

ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين
ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين
TT

كريستيان ليندنر... الزعيم الليبرالي الذي أسقط عزله الحكومة الألمانية

ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين
ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين

رجل واحد حمله المستشار الألماني أولاف شولتس مسؤولية انهيار حكومته، وما نتج عن ذلك من فوضى سياسية دخلت فيها ألمانيا بينما هي بأمس الحاجة للاستقرار وتهدئة اقتصادها المتدهور. رجل وصفه المستشار بأنه «أناني»، وشن عليه هجوماً شخصياً نادراً ما يصدر عن شولتس المعروف بتحفظه وهدوئه. ذلك الرجل كان وزير ماليته كريستيان ليندنر، زعيم «الحزب الديمقراطي الحر» الذي كان شريكاً في الحكومة الائتلافية الثلاثية منذ عام 2021، برئاسة «الحزب الديمقراطي الاجتماعي» (الاشتراكي)، ومشاركة حزب «الخضر». ولقد طرده شولتس من الحكومة بعد خلافات حول ميزانية سنة 2025، ما تسبب بخروج الوزراء المتبقين من «الحزب الديمقراطي الحر»، ليبقى المستشار يقود حكومة أقلية حتى إجراء الانتخابات المبكرة في 23 فبراير المقبل. ثم إن شولتس تعرض لانتقادات كثيرة لهجومه الشخصي على ليندنر، خاصة من المستشارة السابقة أنجيلا ميركل التي وصفته بأنه كان «خارجاً عن السيطرة». لكن مع ذلك، فإن الصورة التي رسمها المستشار عن وزيره قد تحمل شيئاً من الواقع؛ إذ خرجت انتقادات من أوساط الديمقراطيين الأحرار لليندنر و«تصرفه بشكل أحادي» في دفع المستشار لإقالته. وقبل ذلك طالته انتقادات بعدما أصبح «الوجه الأوحد» لـ«الحزب الديمقراطي الحر» إبان الانتخابات الماضية عام 2021 وقبلها عام 2017. ولعل الحزب تسامح مع تصرفات ليندنر «الأنانية» تلك لنجاحه بإعادة الحزب إلى الخارطة السياسية بعد انهياره تقريباً عام 2013 وفشله بدخول البرلمان للمرة الأولى في تاريخه. إلا أن مستقبل الرجل الذي أعاد حزبه إلى الحياة... هو نفسه في خطر. فهل يستمر ليندنر بالبناء على تاريخه حتى اليوم للنهوض مجدداً؟

قد يكون كريستيان ليندنر أصغر زعيم انتُخب ليرأس حزبه «الديمقراطي الحر»، عن عمر 34 سنة فقط عام 2013، بيد أنه لم يكن ناجحاً على الدوام. وبعكس حياته السياسية وصعوده السريع إلى القمة، فشل ليندنر في مشاريع أعمال أطلقها عندما كانت السياسة ما زالت هواية بالنسبة إليه. واعترف لاحقاً بإخفاقاته تلك، مستعيناً بعبارة «المشاكل هي مجرد فرص شائكة» لكي يدفع نفسه إلى الأمام.

وبين عامَي 1997 و2001 أسس شركات خاصة مع أصدقاء له، انتهت بالفشل آخرها شركة «موماكس» التي انهارت وأفلست بعد أقل من سنة على إطلاقها.

هذه «الإخفاقات» التي طبعت مغامراته التجارية وهو في مطلع العشرينات قد تكون دفعته للتوجه إلى السياسة بجدية أكبر. وبالفعل، نجح عام 2001 بدخول البرلمان المحلي في ولايته شمال الراين-وستفاليا وهو ابن 21 سنة ليغدو أصغر نائب يدخل برلمان الولاية. ولصغر سنه وقسمات وجهه الخجولة كسب ليندنر آنذاك لقب «بامبي» بين أعضاء الحزب نسبة للغزال الصغير عند «ديزني».

«بامبي» في «البوندستاغ»

في عام 2009، فاز ليندنر بمقعد في البرلمان الفيدرالي (البوندستاغ) ليعود عام 2012 إلى ولايته أميناً عاماً للحزب في الولاية ونائباً محلياً مرة أخرى.

وبعدها ساعدت إخفاقات الديمقراطيين الأحرار في الانتخابات العامة عام 2013 بتسليط الضوء على ليندنر، الشاب الكاريزماتي الطموح الذي وجد فرصة سانحة أمامه للصعود داخل الحزب. ويومذاك فشل الحزب بتخطي عتبة الـ5 في المائة من أصوات الناخبين التي يحددها القانون شرطاً لدخول «البوندتساغ». وعقد أعضاؤه اجتماعاً خاصاً لمناقشة النتائج الكارثية التي لم يسبق للحزب أن سجلها في تاريخه، وانتخب ليندنر، وهو في سن الـ34، زعيماً للحزب مكلفاً بتأهيله وإعادته للحياة... وبذلك بات أصغر زعيم ينتخب لـ«الحزب الديمقراطي الحر».

شاب أنيق وجذّاب

شكّل سن ليندنر وأناقته وشخصيته عاملاً جاذباً للناخبين الشباب خاصة. وقاد حملة مبنية على أساس جذب الشباب ونفض صورة الحزب القديم التقليدي عنه، كما ساعده حضوره على وسائل التواصل الاجتماعي في التواصل مع مستخدميها من الشباب وتقريبهم إلى الحزب.

وغالباً ما نُشرت له صور من حياته الشخصية على «إنستغرام»، منها صورة لإجازة مع فرانكا ليهفيلدت، زوجته الصحافية التي كانت تعمل في قناة «دي فيلت»، ولقد عقدا قرانهما وهو في الحكومة عام 2022 في حفل ضخم وباذخ بجزيرة سيلت حضره عدد كبير من السياسيين. وينتظر الزوجان مولودهما الأول في الربيع المقبل.

للعلم، كان ليندر متزوجاً قبل ذلك من صحافية أخرى كانت نائبة رئيس تحرير «دي فيلت» أيضاً، هي داغمار روزنفلت، التي تكبره سناً ولم ينجبا أطفالاً معاً. لكنهما ظلا متزوجين من 2011 وحتى 2018 عندما أعلن طلاقهما وكشف عن علاقته مع ليهفيلدت.

أيضاً، لا يخفي ليندنر حبه للسيارات السريعة، وكان قال غير مرة قبل دخوله الحكومة مع حزب «الخضر» بأنه يهوى السيارات القديمة ويملك سيارة بورشه قديمة ومعها يملك رخصة للسباقات. وبجانب هذه الهواية يحب اليخوت ويملك رخصة للإبحار الرياضي وأخرى للصيد.

صورة شبابية عصرية

هذه الصورة التي رسمها ليندنر لنفسه، صورة الرجل الأنيق الذي يهتم بمظهره (لدرجة أنه خضع لزرع شعر) ويمارس هوايات عصرية، ساعدته على اجتذاب ناخبين من الشباب خاصة، وجعلته ينجح بإعادة حزبه إلى البرلمان عام 2017 بحصوله على نسبة أصوات قاربت 11 في المائة.

في حينه دخل في مفاوضات لتشكيل حكومة ائتلافية مع المستشارة أنجيلا ميركل التي فاز حزبها بالانتخابات، وكانت تبحث عن شركاء للحكم إثر حصولها على 33 في المائة من الأصوات. وفعلاً، بدأت ميركل مفاوضات مع الديمقراطيين الأحرار و«الخضر»، لكن ليندنر انسحب فجأة من المفاوضات بعد 4 أسابيع، ليعلن: «أفضل عدم الحكم من الحكم بشكل خاطئ».

ليندنر كان يختلف آنذاك مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين قبل سنتين. ويومها واجه الانتقاد لتفويته على حزبه فرصة الحكم، وهي فرصة خشي بعض الحزبيين ألا تُتاح مُجدداً.

ائتلاف مع اليسار

غير أن الفرصة أتيحت مرة أخرى في الانتخابات التالية عام 2021 عندما حقق «الحزب الديمقراطي الحر» نتائج أفضل من الانتخابات السابقة، حاصلاً على نسبة 11.5 في المائة من الأصوات. ومع أن «الحزب الديمقراطي الحر» حزب وسطي ليبرالي يؤيد الحريات الاقتصادية، ويعدّ شريكاً طبيعياً لحزب «الاتحاد الديمقراطي المسيحي» (يمين معتدل)، قرر ليندنر عام 2021 الدخول في ائتلاف حاكم مع الاشتراكيين و«الخضر»؛ ذلك أن الأخير يعتبر نقيضاً فكرياً للديمقراطيين الأحرار الذين يرون سياساته البيئية مكلفة وكابحة للتقدم الاقتصادي.

وهكذا تسلم ليندنر إحدى أهم الوزرات؛ إذ عُيّن وزيراً للمالية وثاني نائب للمستشار. وحقق بذلك حلمه الذي غالباً ما كرره خلال الحملات الانتخابية بأنه يريد أن يصبح وزيراً للمالية، وحتى إنه عرّف نفسه في إحدى الحملات ممازحاً: «تعرّفوا على وزير ماليتكم المقبل!».

خلفيته العلمية والفكرية

اهتمام ليندنر بالسياسة الاقتصادية ينبع من اهتماماته منذ تخرّجه من الجامعة؛ حيث درس العلوم السياسية ثم القانون والفلسفة في جامعة بون المرموقة (واسمها الرسمي جامعة راينيشه فريدريش - فيلهامز).

ثم إنه لم ينضم فور مغادرته المدرسة للخدمة العسكرية التي كانت إجبارية آنذاك، وأجّلها للدراسة وإكمال مغامراته التجارية، لكنه عاد لاحقاً وانضم إلى جنود الاحتياط ووصل لرتبة رائد. ورغم فشل مغامراته التجارية، بقيت اهتماماته السياسية منصبّة على الجانب المالي، ومن هنا جاء طموحه بأن يصبح وزيراً للمالية في الحكومة الفيدرالية.

وفكرياً، يؤمن ليندنر وحزبه بتقليص الإنفاق العام وخفض الضرائب وفتح الأسواق أمام الشركات الخاصة. ودائماً عارض خططاً عدّها متطرفة يدعمها «الخضر» لاستثمارات أكبر في الطاقة النظيفة بحجة تكلفتها العالية وتأثيرها على الشركات والأعمال. وكانت المفارقة أنه تسلّم حكومة كانت مسؤولة عن تطبيق سياسات تروّج للطاقة البديلة وتزيد من النفقات الاجتماعية وترفع من الضرائب.

هذا الأمر كان صعباً عليه تقبّله. ورغم وجود اتفاق حكومي حدّدت الأحزاب الثلاثة على أساسه العمل خلال السنوات الأربع من عمرها، عانى عمل الحكومات من الخلافات منذ اليوم الأول. وطبعاً لم تساعد الحكومة الأزمات المتتالية التي اضطرت لمواجهتها وكانت لها تأثيرات مباشرة على الاقتصاد، بدءاً بجائحة كوفيد-19 إلى الحرب الأوكرانية.

ولذا كان شولتس غالباً ما يعقد خلوات مع ليندنر وزعيم «الخضر»، روبرت هابيك، ويطول النقاش لساعات بأمل التوصل لحلول وسط يمكن للحكومة أن تكمل فيها عملها. وفي النهاية، كان من أبرز نقاط الخلاف التي رفض ليندنر المساومة فيها هي ما يُعرف في ألمانيا بـ«مكابح الدَّين العام»؛ إذ يرفض الدستور الألماني الاستدانة إلا في حالات الطوارئ، ولقد استخدمت الحكومة كوفيد-19 كطارئ للتخلي عن «مكابح الدَّين العام»، وبالتالي، الاستدانة والإنفاق للمساعدة عجلة الاقتصاد.

وأراد شولتس تمديد العمل بحالة الطوارئ كي تتمكن حكومته من الاستدانة وتمويل الحرب في أوكرانيا من دون الاقتطاع من الخدمات العامة، لكن ليندنر رفض مقترحاً تخفيض الإنفاق العام في المقابل، الأمر الذي اعتبره شولتس «خطاً أحمر».

تهم وشكوك

وحقاً، اتُّهم ليندنر بعد طرده بأنه كان يخطط للانسحاب من الحكومة منذ فترة، وبأنه وضع خطة لذلك بعدما وجد أن حزبه منهار في استطلاعات الرأي وأن نسبة تأييده عادت لتنخفض إلى ما دون عتبة الـ5 في المائة.

أيضاً، كُشف بعد انهيار الحكومة عن «وثيقة داخلية» أعدّها ليندنر وتداولها مع نفر من المقرّبين منه داخل الحزب، تحضّر للانسحاب من الحكومة بانتظار الفرصة المناسبة. وقيل إنه بدأ يخشى البقاء في حكومة فقدت الكثير من شعبيتها بسبب المشاكل الاقتصادية وارتفاع التضخّم خلال السنوات الثلاث الماضية، ما أثر على القدرة الشرائية للألمان. وبناءً عليه، خطّط ليندنر للخروج منها قبل موعد الانتخابات واستخدام ذلك انتخابياً لإعادة رفع حظوظ حزبه الذي يبدو الأكثر تأثراً من الأحزاب المشاركة في الحكومة، بخسارة الأصوات. وطرحت «الوثيقة» التي كُشف عنها مشكلة أخرى بالنسبة لليندنر - داخل حزبه هذه المرة - فواجه اتهامات بالتفرّد بالقرارات وحتى دعوات لإقالته.

طامح لمواصلة القيادة

حتى الآن، يبدو كريستيان ليندنر مصراً على قيادة حزبه في انتخابات فبراير (شباط)، وما زال لم يفقد الأمل العودة حتى إلى الحكومة المقبلة وزيراً للمالية في حكومة يقودها زعيم الديمقراطيين المسيحيين، فريدريش ميرتز، الذي يتقدّم حزبه في استطلاعات الرأي ومن المرجح أن يتولى المستشارية. وللعلم، ميرتز نفسه أبدى انفتاحاً على ضم ليندنر إلى حكومته المحتملة، وشوهد الرجلان بعد أيام من إقالة ليندنر يتهامسان بتفاهم ظاهر داخل «البوندستاغ».

ولكن عودة ليندنر للحكومة ستتطلب منه بدايةً تخطي عقبتين: الأولى أن يبقى على رأس حزبه لقيادته للانتخابات. والثانية أن ينجح بإقناع الناخبين بمنح الحزب أصواتاً كافية لتخطي عتبة الـ5 في المائة الضرورية لدخول البرلمان.